أصداء

عاشقة روفائيل و العشاق العروبيون

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

مقطع من فلم"روفائيل الفاسق"الذي شاهدته في حقبة السبعينات، مازلت متأثرا به للعمق العاطفي ـ الانساني الذي کان يتضمنه، إذ کانت إحدى الاميرات تعشق روفائيل الذي کان زير نساء فريد من نوعه، ولما أدرک الاخير مدى حب الاميرة له و تعلقها غير الطبيعي به، طفق يتصنع الحجج و الاعذار المتباينة کي يتهرب منها، لکن هذه المتولهة بنار الحب لم تستسلم لذلک وضلت تلاحقه و تتابعه حتى علمت بإرتياده المستمر للمواخير، فذهبت الى إحدى المواخير التي يرتادها روفائيل بشکل مستمر وهناک لبست و تزينت مثل بائعات الهوى، وحين أطل روفائيل الى الماخور، أخبرته صاحبة الماخور"التي لم تکن تعلم شيئا عن أصل تلک الفتاة ولا عن علاقتها بروفائيل" بأن هناک غانية فائقة الحسن بإنتظاره، ولما دخل روفائيل الى غرفتها و نيران الشهوة تکوي جوانحه، کانت المفاجأة حين أبصر الاميرة في شکل مومس! و حين سألها لماذا فعلت ذلک، أجابته تلک الاجابة العميقة في معانيها الانسانية حين قالت: أنا أحب کل شئ أنت تحبه، وطالما تعشق الغواني فإني إکراما لک سأصبح غانية!


هذا المقطع الطويل نسبيا تذکرته وأنا أرى ذلک الوله غير العادي للعديد من الکتاب العروبيين الذين باتوا يتباکون على علم "العروبة الشوفينية"الذي لم يخفق فوق أية أرض عربية سليبة وإنما کان خاصا بالرفرفة على أراضي شعوب العراق، يوما في کوردستان إبان حملات الابادة الجماعية للشعب الکوردي، ويوما في الجنوب أثناء عمليات القمع الوحشية للشيعة أيام قيام رافع الراية"حينها"بأشنع جريمة ضد البيئة حين أمر بتجفيف الاهوار.


علم کانوا يذبحون شعبا بأکمله تحت ظلاله الداکنة وهم يسعون من خلال تلک العبارة التي سطرها الرئيس"المريض نفسيا"عليها بإضفاء قدسية مزيفة عليه ومثلما کانت غاية رافعي المصاحف على الرماح في معرکة صفين، فإن تعبير"الله اکبر"لم يکن في حقيقته إلا کلمة حق يراد بها باطل، وإن رجلا کصدام حسين لم يکن طيلة حياته ولو للحظة مؤمنا بالله و لا حتى بأبسط القيم الانسانية وکما يقول جبران خليل جبران:(لاتقل إن الله في قلب العاشقين، بل قل أن العاشقين في قلب الله)، من کان مؤمنا بالله و داعيا الى سبله فإنه قطعا لن يکون بصورة ذلک الجزار الذي لم يبق بقعة من أرض بلاده إلا وحفر فيها قبرا لضحاياه.
إن الهوى و العشق بأعنف صوره السادية لذلک العلم البائس يتجسد في کل کلمة يسطرها العروبيون وهم يبکون و ينوحون على أطلاله کبکاء النساء الثکالى، وإنهم لاشک لن يکونوا مثل صاحبة روفائيل مجسدين لمعاني إنسانية نبيلة إطلاقا، وإنما يمثلون کل معاني الشر و الباطل و القبح وکل إناء بالذي فيه ينضح!

نزار جاف
nezarjaff@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف