عجيب أمر.. غريب قضية!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ليعذرنى الأخوة النحاة فى العنوان, ولكن عندما يندهش الإنسان فإنه يلخبط فى قواعد اللغة من شدة العجب, وفى هذه الحالة تكون التعبيرات الشعبية أفصح كثيرا حتى وإن أحزنت سيبويه! وعندما لا يندهش الإنسان مما يدعو فعلا للعجب, فإنه يكون قد وصل لمرحلة متأخرة جدا من بلادة الإحساس بما يفقده سمة من سمات البشر! ومن مظاهر إفتقاد الدهشة شيوع الظلم وتقبله وكأنه شىء معتاد بل كأنه هو الأصل ويصير العدل هو الإستثناء الذى قد ستوجب الدهشة!
ومنذ سنوات ومباشرة بعد تحرير العراق من الدكتاتور, وعندما كانت تظهر بعض الدعوات التى تدعوا لرد الحقوق ليهود العراق الذين هجروا نتيجة ما سمى "بالفرهود", كانت تلك الدعوات تقابل بالإستنكار ويتبع ذلك تصريحات من المسؤلين العراقيين الجدد بنفى ذلك الأمر وتعلن أنه ليس محل بحث! كثيرون إندهشوا من تلك الدعوة العادلة, وللأسف لم يندهشوا من قرارات تتضمن إستمرار الإستيلاء على حقوق فئة من العراقيين بسبب ديانتهم!
كثيرين من الأعراب ليس فقط لا يندهشون, بل يشجعون إستقلال البوسنة والشيشان وحتى إقليم إيجور الصينى الذى تسكنه أكثرية مسلمة, أما ما يبعث فيهم الدهشة والإستغراب والشجب والتهديد بالحرب فهو مطالبة الكرد العراقيين والسودانيين الأفارقة - عن حق- ببعض الإعتراف بالإختلاف العرقى والثقافى. ولا أعرف لماذا يكاد يموت العرب رعبا من مجرد فكرة إستقلال الكرد بدولة خاصة بهم! لقد وجد الكرد فى العراق من قبل وجود العرب وإستمروا فى التواجد من بعد "الفتح" العربى, وكانت أيديهم مكسورة ولسانهم عاجز عن المطالبة بدولة خاصة بهم, فهل تتقادم حقوق الكرد ولا تتقادم حقوق عرب العراق وعرب الأهواز مثلا؟
أيضا لم يندهش الأعراب من أن "كوكبة" من المجرمين قامت بالهجوم على المدنيين فى أمريكا وبريطانيا وبالى ومصر بل والسعودية أيضا. الذى أدهش المتأسلمين هو خبر ظهور فئة ضالة موارية إنجليزية الأصل, تتوعد بذبح المسلمين إن تعرض بريطانيون للإرهاب المتأسلم! وكأن الفئة الضالة ومؤيدوها يظنون أن الإجرام وقطع رؤوس المختلفين عنهم هو حق حصرى لهم فقط!
قريب مما سبق الدهشة من إقتحام رجال الأمن فى بلدان مختلفة أوروبية أو عربية من بينها العراق للمساجد من أجل التفتيش عما يهدد الأمن القومى لتلك البلاد أو للقبض على الإرهابيين المحتمين فيها. لا يدهش القومجية والمتأسلمون الأعراب أن تتحول تلك الديار لأوكار قتل وتعذيب وإرهاب وتآمر, ولكن يستنكرون على قوات حماية أمن المواطنين إقتحامها!
أما عن موضوع التبشير المزعوم فحدث ولا حرج. ليست فقط المساجد هى التى تبنى فى الخارج بل مراكز دعوية للإسلام, هكذا صراحة ودون مواربة, وتتلقى تلك المساجد والمراكز الدعوية كل دعم معنوى وإعلامى ومادى من الدول المضيفة, وهذا مطلوب ومقبول وأمر ليس فيه أية غرابة. أما أن يقوم شخص فرد أو هيئة معونة بالإعلان عن عقيدة مخالفة لعقيدة الإسلام, أو توزيع بضعة كتيبات لشرح ذلك المعتقد, فهذه ثالثة الأثافى لدى الأعراب على إختلاف مواطنهم, وأيا كانت درجاتهم العلمية! وتتعالى الصيحات والتحذيرات من هذا الشخص أو تلك الهيئة لكى يحذر العرب وينتبهوا فهناك تبشير بعقيدة مخالفة للإسلام! وكأن الإسلام سيسقط صريع عدة محاولات للتبشير بعقائد مخالفة! العجيب أن هؤلاء الغوغائيون لا يساءلون أنفسهم عن كيف أن المسلمين الذين يعيشون فى الغرب لا زالوا معتزين بإسلامهم! ولا يستحون من أنهم بفزعهم ذاك إنما يصورون الإسلام هشا يكفى لنقضه مجرد دعوة لفكر مخالف! وبالأكثر لا يستحون أن يمارسوا فى بلاد الغير ما يمنعون ممارسته على أرضهم... وهم فى كل هذا لا يندهشون!
نيويورك
Adel.hazeen@gmail.com
أمور أخرى عجيبة ولكنها لا تدهش البعض وقد نشرت سابقا فى إيلاف.
https://elaph.com/amp/ElaphWeb/AsdaElaph/2006/1/117108.htm
https://elaph.com/amp/ElaphWeb/AsdaElaph/2006/1/117611.htm