ارهاب من نوع آخر في العاصمة الاردنية وفي لندن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الارهاب ليس فقط قطع رؤوس الابرياء أمام كاميرات الفيديو او التفجير في صفوف الابرياء في بغداد او السياح في شرم الشيخ او فنادق عمان.
الاضطهاد الفكري هو احد اشكال الارهاب الحديث في الدول العربية والاسلامية. الجماعات الدينية المتطرفة تقصي الآخر وترفض الرأي الآخر وتقتل الآخر أيضا.
هناك ارهاب اعلامي كما يحدث في ليبيا عندما يجد الحاضرون ان عليهم سماع ساعتين او أكثر من الهراء والكلام الفارغ والشعارات الجوفاء من قائد يعاني من مرض العظمة (بفتح العين والظاء والميم) والخلل الذهني. يجب ان لا ننسى ارهاب النظام الليبي ضد الشعب الليبي لمدة 40 عاما تقريبا الذي شمل اعدامات بالجملة والتعذيب والاختفاء والقتل والاهانة والتجويع والاضطهاد وهذا النوع من الارهاب لا يزال مستمرا.
هناك ارهاب في مكان العمل. قد يكون الارهابي دكتاتور صاحب شركة او مصلحة يعامل الموظفين بفظاظة ولا يدفع الرواتب بانتظام ومن يجرؤ ان يشتكي يتم طرده.
هذا الدكتاتور قد يكون مديرا ويستغل منصبه لمطاردة العاملات والضغط عليهن للقبول بعلاقة غير اخلاقية او يبتز من الموظفين. والارهاب موجود في البيت حيث أن أب جاهل يفرض ارادته ومعتقداته بالقوة على اولاده وبناته.
أليس القتل باسم شرف العائلة ارهابا والضحية عادة فتاة بريئة مظلومة.
الاجبار والاكراه على الزواج من شخص معين هو ارهابا. ومن الأمثلة الحديثة حكمت محمكة بريطانية على رجل باكستاني وزوجته بالسجن والسبب هو انهما كذبا على ابنتهما التي هي في السن السابعة عشرة من عمرها وقالا لها بعد ان اجتازت الامتحانات الثانوية انهما سيأخذونها على رحلة (هوليدى) الى الباكستان كمكافأة. وفي الباكستان مورست الضغوط عليها للزواج من رجل لا تعرفه ولم تراه من قبل. ورفضت،
ثم قال لها والدها أنه سيقتل نفسه اذا لم تقبل الزواج من ذلك الرجل الذي لا تعرفه ولا تحبه. وكررت أمها نفس النص التهديدي وانصاعت البنت في النهاية واكتشفت فيما بعد أن الذي تزوجها كان له هدف آخر وهو الهجرة الى بريطانيا، والزواج من هذه الفتاة التي تحمل الجنسية البريطانية هو جواز السفر للوصول الى بريطانيا.
وعندما وصل الى بريطانيا طلّقها. أليس هذا ارهابا.
ولكن هناك ارهابا آخر ومن نوع آخر واستشهد بمثلين واحد من لندن والآخر من عمّان الاردن.
المشهد الأول في لندن
قبل عدة سنوات طلب مني أن أحضر اجتماعا بين طرف من دولة اسلامية يتألف من اربعة رجال والطرف الآخر يمثل شركة بريطانية. جلست مع الاربعة رجال ننتطر الطرف لآخر الذي كان يتألف من رجلين وسيدة جميلة. عندما وصل الطرف الآخر مكان الاجتماع قمت وسلّمت على الرجلين والسيدة التي ترافقهما، ثم قام الزملاء من الدولة الاسلامية بالسلام اليدوي على الرجلين وتجاهلوا المرأة تجاهلا كليا رغم أنها هي صاحبة القرار النهائي في الموضوع الذي كان تحت البحث. لا استطيع أن أصف بالكلمات الحرج الشدد الذي شعرت به. واضطررت بعد الاجتماع ان اتصل بالسيدة واعتذر وأوضحت لها سبب الموقف الغبي لذي اتخذه هؤلاء الاربعة. هذا ارهاب من نوع جديد ولكنه ليس المشهد الوحيد.
المشهد الثاني في عمّان-الأردن
قبل ثلاث أوأربع أعوام كنت اتابع من لندن محطة الاردن الفضائية يوم العيد وكان الملك عبدالله يستقبل طابورا طويلا من المهنئين بالعيد من رجالات جيش ودين اسلامي ومسيحي ونساء وشيوخ ومواطنين عاديين. وكان الملك يسلم عليهم فردا فردا ويبتسم ويقول كلمات شكر ولكن المتابع على التلفزيون لا يسمع هذه الكلمات وكان بعضهم يترك ورقة او رسالة مع الملك ويمررها الملك لأحد المرافقين (اتخيل ان الورقة هي طلب بمساعدة في موضوع ما او شكوى الخ) وكان الطابور يسير سيرا حثيثا حتى فجأة ظهرت سيدة تلبس حجابا على رأسها وعندما اقتربت من الملك مدّ يده لمصافحتها كما فعل مع المئات من قبلها وبعدها ولكنها امتنعت عن ذلك. هذا المشهد المؤلم استغرق 3 او 4 ثواني ولكن تأثيره السلبي استغرق معي 3 أو 4 سنوات. وبرباطة جأش هاشمية معهودة ابتسم الملك وواصل المهمة في قبول التهاني ومصافحة الضيوف رغم التصرف الجاهل من هذه المتطفلة.
انتابني الغضب الشديد وتساءلت هل من الصعب على المسؤولين عن ترتيب هذه الأمور ان يتأكدوا أن الذي يأتي ليهنيء الملك لديه او لديها استعداد على المصافحة والا ما هي الفائدة من القدوم والالتحاق بالطابور. ومن لها تحفظات تمنعها من المصافحة لأسباب دينية يجب استثناؤها من المراسيم ومنعها من الالتحاق بالطابور.
كم غضبت من تصرف هذه السيدة الجاهلة وعندما تحدثت مع صديق اعلامي اردني معروف وعبّرت له عن سخطي قال لي "هذا هو الارهاب بعينه". وكل ما يأتي العيد أتذكر تلك المرأة البائسة وكلمات الصديق.
نهاد اسماعيل
لندن
nehad ismail - London، UK