أصداء

فيللا عادل عبد المهدي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

طلبت من شقيقي، على الهاتف، أن يعتذر لي من صديق الطفولة والصبا والشباب " ن. س " لأنني وعدته باتصال قريب، وأخلفت، ونادرا ً ما أفعل. قال : لا تبتئس. فالمهندس النشيط غارق إلى أذنيه في مقاولة هامة ؛ إنشاء فيللا لعادل عبد المهدي، في ناحية النصر بذي قار الجنوبية.
حتى العام 1985، لم أكن سمعت بعد باسم السيد عادل عبد المهدي نائب رئيس جمهورية العراق الحالي. في يوم ما، من ذلك العام، سألت الزميل " ن. ح " وهو كاتب معروف الآن، وكان حينذاك رئيسا ً لتحرير إحدى صحف المعارضة العراقية السابقة : " من هذا ؟ "، مشيرا ً إلى صورة غائمة في إحدى صحف المجلس الأعلى العراقي للثورة، لشخص يبدو غارقا ً في مقعده، لقصر قامته أو لتعب لا سمح الله. قال الزميل : " بل قل شنو هذا " !
فيما بعد، لم أتفق مع زميلي. فالسيد عادل هو نجل شخصية سياسية جنوبية على قدر كبير من الشهرة، أي السيد عبد المهدي المنتفكي وزير المعارف في بدايات تأسيس الدولة العراقية. والسيد عادل ذاته، رجل مثقف من طراز متقدم، وباحث اقتصادي ذو باع طويل في مجاله والمجالات القريبة منه. لكن ربما أراد الصحفي الزميل الغمز من قناة المجلس الأعلى العراقي ( الذي كان يومذاك قد أفلح في تأليب السلطات الإيرانية على جريدتنا بطهران فأغلقتها أربعة أشهر جزاء ً وفاقا ً على مقال أدبي ساخر بقلم الدكتور " هاء. حاء. حاء " تحت عنوان " حديث الهراوة " زعم مكتب " البشتيباني " الإيراني الذي كان يدير المجلس أنه يتهكم على السيد محسن الحكيم ) أقول ربما، فالزميل أدرى بنيته. لكن من الواضح أن السيد عادل بنى مجده المعاصر، من خلال التحاقه بالمجلس، لا من خلال تاريخ العائلة المجيد.
السيد عادل عبد المهدي شخص نافع، في المجلس العراقي الأعلى وفي السلطة أيضا ً. يفكر بالآخرين حتى قبل أن يفكر بنفسه. قبل أشهر، سأ ل الصديق " ر. ج. ت " و هو شخص مبدئي، لم يغيـٍّر انتماءه السياسي والمرجعي عدة مرات، إلا لخاطر عيون الإسلام والمسلمين، وإن جلب له هذا التغيير منافع شتى عرضيا ً، من قبيل راتب الجمعية الوطنية الأبدي، وعضوية مجلس النواب، وأشياء بسيطة أخرى. سأله : لماذا لا تأتي بابنك " أليف " إلى بغداد ؟ جىء به وسنعينه مستشارا ً... خسران خسارة ؟
دقيق جدا ً، وحذر، وبالتعبير الفقهي " محتاط " هو السيد عادل عبد المهدي. فبعد أن تيقن من أن أغلب العراقيين، إن لم أقل كلهم، أتمـّوا بناء فللهم. و المدارس الهرمة استعادت رونقها القديم وتم تجديد أبنيتها، ثم فرشت بالسجاد الإيراني، بعد ما كان التلاميذ يفترشون التراب، في العهود البائدة لما قبل صدام وبوش. وأن البنات تزوجن والأولاد توظفوا. و المفصولين السياسيين والمفصولات تبحبحوا. والشوارع تنظفت، والشطآن تطهرت، والأنهار تعمقت، والمشاكل المالية انتهت، والديون رفعت، والاحتلال انتهى، والمتعددات رحلت، و شمس الشمـّوسة يا محلا نورها طلعت، والرجال كبـّرت، والنساء زغردت، والقلوب تصافت، أحس نائب رئيس جمهوريتنا أن الشيء الوحيد المتبقي في الأجندة، هو بناء الفيللا، والاسترخاء في البانيو حتى آخر العمر المديد.
وحتى يمتزج التراث بالمعاصرة، والتجديد بالأصالة، أقترح على صديقي المهندس الحاذق أن " يستورد " بالطرق الفيدرالية الرسمية، من النجف الأشرف، خريطة أو تصميم " فيللا " علي بن أبي طالب، المشرئبة إلى عنان السماء، إلى جانب أطلال قصر الإمارة بالكوفة...


عيون الكلام : علي بن أبي طالب : ليس يضبط العدد َ الكثير َ من لا يضبط نفسه الواحدة. ( سجع الحمام في حـِكـَم الإمام )

علاء الزيدي

alaalzeidi@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف