أصداء

تيفوئيد بن لادن و الحمى الامريکية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لا يزال أسامة بن لادن حي يرزق، هذا ماصرح به وزير الخارجية الفرنسي في مقابلة تلفزيونية لکي يضع حدا للجدل الذي أثارته صحيفة فرنسية بنشرها خبر حول وفاة زعيم تنظيم القاعدة بمرض التيفوئيد إستنادا لمعلومات إستخبارية فرنسية.
نبأ موت بن لادن إقترن بخبرين آخرين تناقلتهما وکالات الانباء العالمية بخصوص إلقاء القبض على قائد تنظيم"أنصار السنة" في العراق وهو من أکبر و أکثر التنظيمات الارهابية فعالية و نشاطا في بلاد الرافدين، والخبر الآخر کان إعتقال قائد کتائب ثورة العشرين وهو أيضا من التنظيمات الارهابية ذات الاثر الواضح على الساحة العراقية. وإذا ماکانت العمليتان الآنفتان إستخباريتان ونفذتا طبقا لجهد إستخباري امريکي لا غبار عليه، فإن التقرير الذي بنت عليه الصحيفة الفرنسية خبرها الخاص بموت بن لادن، کان هو الاخر إستخباريا بحتا، وعلى الرغم من ان البعض قد عزا نشر مضمون هذا التقرير الى مناورة من قبل ال"CIA"للکشف عن مخبأ زعيم تنظيم القاعدة تمهيدا للقبض عليه، فإنه من الارجح أن يکون هذا التقرير ثمرة جهد إستخباري دؤوب إستطاع أن يصل الى قنوات مقربة من أسامة بن لادن، سيما وأن نشر هذا التقرير هو مجرد غيض من فيض إستخباري مستمر بخصوص العمل على کشف بن لادن و القبض عليه"حيا أم ميتا".
أسامة بن لادن الذي بدأ حياته الجهادية تحت هداية و إشراف ال"CIA"، قد عاد لينقلب عليها بعد أن وضعت الحرب في أفغانستان مع السوفيت أوزارها، ويصبح واحدا من أکبر و أهم و أخطر أعداء الولايات المتحدة الامريکية خصوصا و الغرب عموما. وتزامن نشر هذا النبأ مع ذلک الوعد الذي قطعه الرئيس جورج بوش قبل مدة بخصوص إلقاء القبض على أسامة بن لادن، کما هو يتزامن مع بث مجموعة أنباء أخرى تتعلق کلها بطريقة أو بأخرى بتنظيم القاعدة أو زعيمه و المصادر المستقاة منها تلک الانباء جلها أمريکية أو تتغذى من مصادر أمريکية، والذي قد يکون سببا مهما و فاعلا في توقيت نشر خبر وفاة بن لادن بعد خبري إلقاء القبض على قائدي تنظيمين إرهابيين يرتبط احدهما بالقاعدة بشکل وثيق، هو إننا مازلنا في شهر ايلول"سبتمبر"الذي نفذت فيها القاعدة واحدة من أکبر عملياتها ضد الولايات المتحدة الامريکية في عقر دارها، وليس من المستبعد أن يکون نشر هذا التقرير وفي هذا الوقت بالذات محاولة لتسلية الانفس الامريکية المفجوعة في11سبتمبر2001، ومنحها الامل من أن المرتکبين الحقيقيين مازالوا مطاردين و إن القضية مازالت مستمرة.
بن لادن الذي أتعب الدوائر الاستخبارية الاقليمية و العالمية بالبحث عنه، من المؤکد أن المکان الذي إتخذه أو اسلوب التنقل الذي يتبعه، قد صار أفضل وسيلة للحفاظ على حياته و حريته بعيدا عن أعين و أيدي الاجهزة الاستخبارية التي تنثر الاموال هنا و هناک من دون جدوى، غير أن جدوى هذا الامر بالنسبة لإبن لادن قد لا يکون مفيدا على طول الخط سيما إذا ماعلمنا بأن عملية البحث الاستخبارية لن تهدأ لها بال حتى تصل الى نتيجة حاسمة و موثوقة، وإذا ماحاولنا سحب سيناريو تصفية أبو مصعب الزرقاوي على أسامة بن لادن، فإن التقارير الاستخبارية تؤکد أن الحزام البشري الذي يلتف حول زعيم القاعدة عقائدي الى درجة ليس بالامکان حتى مجرد التفکير في شراء ذممها مما قد يدعو الى السعي للأدنى من ذلک وهو بلا شک أمر تتحسب له القاعدة و تتخذ الحيطة و الحذر من إحتمالاته لکنه سيظل الخيار الافضل الذي من اللمکن النفوذ من خلاله لعرين بن لادن. لکن وعلى الجانب الاخر، فإن الدوائر الاستخبارية تتبع هي الاخرى اسلوبا يتميز بدقة متناهية في الکتمان سيما بخصوص طريقة و اسلوب البحث و الصيغ التي تتبعها لصيد الانباء الخاصة بزعيم القاعدة أو الرجال المقربون منه، وقد تکون هناک حالات إقتراب لها من صيد بن لادن لکن وفي اللحظة الاخيرة يتسبب خلل أو طارئ ما في إفشال العملية و نجاة بن لادن الى حين. والحق أن طرفي الصراع برغم التفاوت التقني و المادي الکبير بينهما، فإنهما يکادان يتساويان قوة في الوقوف بوجه بعضيهما و إدامة عملية الصراع لفترات قد لا تکون"وفق أفضل المعطيات"قصيرة. إن المشکلة تکمن في نقطة جوهرية مهمة و حساسة، وهي إن أسامة بن لادن له خبرة بخصوص کيفية تعاطي الاستخبارات الامريکية المرکزية مع عملائها و کيف تقوم بتصفيتهم لو إنتفت الحاجة إليهم، وهو يعيش في حذر دائم بل أن حياة بن لادن عبارة عن حرب مستمرة لاتنتهي بالنسبة له حتى بموته ذلک إنه يدري يقينا بأن عملية"الجهاد"ضد واشنطن و الغرب سوف تستمر الى حين تغير الولايات المتحدة من نهجها السياسي الموالي لإسرائيل و تخذ سياسة محايدة في المنطقة وهو أمر بعيد الاحتمال حاليا و حتى في المسقبل البعيد أيضا.

نزار جاف
nezarjaff@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف