إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لا إعتراض على قضاء الله وقدره، ولكن إن يعدم قائد وزعيم عربي ومسلم وبيده مصحف وفي أول أيام عيد ماذا لو أن محاكمة صدام إتسمت بالعدل والتأني والدقة والشفافية؟، هل كان ذلك سيسهم في جبر بعض ما دمره نظام حكمه والغزو؟، وهل إعدامه ومحاكمته سيمهد لحكم القانون أم حكم الطائفية لبلد مزقته عقود من الحقد الاستبدادي، وهل ذلك سيعزز الوحدة الوطنية؟الأضحى "العاشر من ذي الحجة عام 1427هـ، وأمام ملايين المسلمين، وهم يؤدون شعائرهم الدينية تقرباً الى الله ليتقبل منهم أعمالهم الصالحات وفي الساعة السادسة صباحاً إستعداد الملايين منهم لصلاة العيد فهذه كلها مواقيت ومسائل فيها نظر.
أطاح غزو قادته أمريكا في أبريل /نيسان عام 2003م، بصدام حسين الذي أُدين في نوفمبر/ تشرين الثاني بارتكاب جرائم في حق الإنسانية بسبب قتل 148 شيعياً من قرية الدجيل بعد محاولة فاشلة لإغتياله في عام 1982م، وهذا يعني أن تنفيذ الحكم تم بعد 55 يوم من إقرار المحكمة بالحكم.
كثيراً ما نسمع عن صدور أحكام بالإعدام ولكن لم يتم التنفيذ في مناسبة دينية عظيمة على المسلمين ومناسبة أعياد الميلاد وهذا شيء لم يمر في التاريخ الإسلامي وهو الإعدام الذي تم منفرداً لزعيم وقائد أمة، وكثيراً مانسمع عن المناشدات التي يطلقها الغرب عموماً لتخفيف الحكم الصادر بحق أبنائهم المحتجزين لدى العرب وكثيراً مايلغى هذا الحكم.
ولانريد أن ندخل في جدل مع أحد سواء كان قانوني أو مسلم أو غير مسلم ولكن نريد أن نتساءل وفي عجالة قصيرة عن ماهي الدلالات المرتبطة بالتوقيت الذي أعدم فيه الرئيس العراقي السابق صدام حسين من حيث الساعة واليوم والتاريخ؟
ونريد أن نتساءل أيضاً ماهي الدلالات المرتبطة بالإعدام من حيث المكان وآلة الإعدام وشخصيات الحضور ونوعية جلاديه المقنعين؟ ثم ماهي الكلمات التي خرجت من أفواههم وبثتها القنوات الفضائية؟، ولماذا أيدت محكمة استئناف حكم الإعدام؟ ولماذا أحاطت الحكومة العراقية تفصيلات خططها لتنفيذ الإعدام بسرية تامة وسط مخاوف من احتمال أن تثير رد فعل عنيف من جانب أنصاره السابقين؟
ولماذا رحب الرئيس الأمريكي جورج بوش بقرار إدانة صدام حسين وإعتبره إنتصاراً للديمقراطية التي وعد بتعزيزها في العراق بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003م؟، ومن هو بوش هذا الذي يريد أن يحقق الديموقراطية والعدالة بالغزو وكيف ستكون نهايته؟.
وكم عدد القتلى والجرحى في صفوف القوات الأمريكية عند لحظة إعدام الرئيس العراقي السابق؟ هل عدد القتلى وصلى الى ثلاثة آلاف وعدد الجرحى وصل الى أكثر من ثلاثين ألف أم أن العدد يزيد عن ذلك بكثير؟ وكم عدد الضحايا العراقيين أثناء حكم صدام وجراء الغزو وماتبعه من أحداث حتى لحظة الإعدام؟ هل وصل العدد الى ثلاثة ملايين أم أكثر من ذلك بكثير؟.
وهل حكم الإعدام سيعقد الوضع على الساحة العراقية؟ أم سينهي الإنقسامات الطائفية العراقية وتزداد أعمال العنف عن نطاق السيطرة وتهديدها بإغراق البلاد كلها في حرب أهلية كاملة؟
لقد نطق بوش بالقول : "إعدام صدام نقطة تحول مهمة في تاريخ العراق" وهذا صحيح ولكن هل هذا التحول الى الأحسن أم الى القادم الأسوأ؟ وهل سيضع الإعدام نهاية للعنف في العراق؟ أم سيزيد الأمور تعقيداً؟
هل إسقاط صدام خلق عراقاً أفضل أم إعدامه؟، ولماذا هذا الإندفاع نحو شنق صدام حسين؟. وهل حوسب صدام بطريقة تبعث على الأمل في مستقبل أفضل؟ أم أن ذلك سيكرس الطائفية البغيضة بكل أشكالها؟.
ماذا لو أن محاكمة صدام إتسمت بالعدل والتأني والدقة والشفافية؟، هل كان ذلك سيسهم في جبر بعض ما دمره نظام حكمه والغزو؟، وهل إعدامه ومحاكمته سيمهد لحكم القانون أم حكم الطائفية لبلد مزقته عقود من الحقد الاستبدادي، وهل ذلك سيعزز الوحدة الوطنية؟ أم سيبقى عراق ظل لفترة طويلة ضحية التلاعب عبر الانقسامات الدينية والإثنية والإستعمارية والحروب الصليبية وحكم الديكتاتورية والطائفية؟.
هل محاكمة صدام وأعوانه كانت مسيسة ومليئة بالعيوب ومفرقة للقلوب وهي التي إنتهت بالحكم عليه شنقاً حتى الموت؟.
كان بالإمكان جعلها مفصلية؟ ولكنها أضحت مجرد فرصة ضائعة أخرى في يوم النحر وهو من أعظم الأيام عند الله.
مصطفى الغريب