لماذا إستعداء الشيعة العراقيين؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الحملة الغريبة من نوعها و حجمها المتباکية على دکتاتور العراق السابق، تؤکد مرة أخرى ضحالة لقد کان الاولى بالاعلام العربي أن يميز وبشکل واضح بين الاتجاه السياسي السائد و بين الواقع الشعبي المعاش فبين الامرين بون شاسع لا يردمه الکذب و الادعاء الباطل، فقد أجرم الرئيس العراقي السابق بحق الشعب العراقي عموما وبحق شرائح محددة ومنها الشيعة و الکورد بشکل خاصالاعلام العربي في تناوله لواقع و جوهر الامور المطروحة بعيدا عن کل أنواع التعصب و الإنغلاق.
وعلى الرغم من ان المرء يدرک و يقدر الحملة الدولية على عملية إعدام الرئيس العراقي السابق، لکنه حين يطالع المواقف"الإنفعالية" و"المقصودة" الصادرة من "أقطاب"رئيسية و فاعلة في الاعلام العربي بخصوص المسألة ذاتها، يدرک جليا بأن هناک بونا شاسعا بين الموقفين، ذلک إن الموقف العالمي ينبع أساسا من إعتبارات إنسانية بحتة وليست لها أية علاقة بسياقات سياسية أو طائفية معينة کما هو حال الاعلام العربي الذي يظهر في واقع حاله وکأنه أقام حملة عزاء"طائفية مشبوهة جدا"لأجل الرئيس"الشهيد"!!!
وفي السياق التضليلي غير الواقعي للإعلام العربي، تتم عملية تعرض مشبوهة و غير مسبوقة بحق الشيعة العراقيين و تصويرهم وکأنهم مجرد قطعان خراف تابعة للفرس"الصفويين"يسيرونهم حيثما أرادوا، حتى أصبح الامر وکأنه عملية إستلاب و حرف تأريخية أخرى بعد الامويين بحق الشيعة، فترى قنوات تلفزيونية و إذاعية عديدة تخصص برامجها للنيل و الإنتقاص من الشيعة وکإنها طائفة غريبة على الدين الاسلامي أو کإنها تأسست على يد الفرس"المجوس الصفويين"، ولعمري أن کل ذلک محض إفتراء و ضحک مفضوح على ذقون العرب أنفسهم، ذلک إن الشيعة العراقيين و بشهادة العديد من المراجع التأريخية قد أثبتوا صدق ولائهم للدين الاسلامي و لوطنهم وإنهم کانوا دوما فوق الشبهات و ماأثير و يثار حولهم لايزيد أطلاقا على حلقة جديدة أخرى من حلقات"الصراع الطائفي المقيت".
لقد کان الاولى بالاعلام العربي أن يميز وبشکل واضح بين الاتجاه السياسي السائد و بين الواقع الشعبي المعاش فبين الامرين بون شاسع لا يردمه الکذب و الادعاء الباطل، فقد أجرم الرئيس العراقي السابق بحق الشعب العراقي عموما وبحق شرائح محددة ومنها الشيعة و الکورد بشکل خاص، وإن السعي لرفع أو تغيير سياق هذا الاجرام تحت مظلة"أعذار واهية"تتجلى أهمها في إعدام الدکتاتور السابق عشية عيد الاضحى المبارک، هو سعي باطل و لاطائل من ورائه سوى حرف الحقيقة عن سياقها الواقعي، ومهما يحاول الانسان فإنه ليس بمقدوره أن يجعل الحق باطلا أو العکس، کما ليس بوسعه أن يجعل من النبيل وضيعا، غير أن الاعلام العربي وبشکل غير عادي يسعى جاهدا لجعل الدکتاتور المهزوم و السفاح بطلا و أسطورة و"أبا للشهداء" و"مظلوم عصره و زمانه"، ولعمري ان هذا المنطق هو نفس منطق الرئيس المعدوم حين کان يفرض رؤيته المفروضة على العراقيين لمختلف الامور.
إنهم يزعقون في عمان و الاراضي الفلسطينية و يقيمون مجالس عزاء و مئاتم في أرجاء عديدة من العالم العربي حزنا على"فقيد الامة" و"فارسها المغوار"الذي إغتالته قوى"الشر و العدوان"، وهذه المظاهر تختفي تماما حين يتعلق الامر بواقع حالهم، إنهم يبحثون جاهدين عن ظاهرة"البطل" و"الاسطورة"وقد وجدوا في إعدام دکتاتور العراق"متنفسا"و"مخرجا"لمحنتهم النفسية فصبوا جام غضبهم على شيعة العراق المظلومين، لکن هذه الوضعية البائسة سوف تؤکد مرة أخرى على أن رجال"نکسة الخامس من حزيران"مازالوا يسيرون الامور في العالم العربي وإن منطق الخيال و أحلام اليقظة مازال طاغيا على الشارع العربي الذي هو بأشد الحاجة لمنقذ حقيقي وليس وهمي من أمثال صدام حسين.
إن بضعة أوراق من کتاب"فلسفتنا"أو"إقتصادنا"أو"المدرسة القرآنية"للشهيد الکبير محمد باقر الصدر الذي أعدمه الدکتاتور الراحل ظلما و عدوانا تساوي کل النظام السياسي الذي بناه البعث المقبور طوال أکثر من ثلاثة عقود وأقرأوا فيما خلف هذا الرجل العظيم وفيما خلفه ذلک الدعي الافاق الذي کان فتنة في موته مثلما کان فتنة في حياته لترون الفرق بين الثريا و الثرى.
نزار جاف
nezarjaff@gmail.com