هل يمكنني ان اتعاطف مع صدام؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
اعتقد جازما ان المسؤوليين العراقيين الكبار وذو الصلطة والجاه ايام صدام، لم يعقدوا مؤتمرا صحافيا في عمرهم خارج العراق، لانهم حتما داخل العراق كان يمكنهم ان يعقدوا ما شاؤا من المؤتمرات وكانت في عام 1990 قام النظام بغزو الكويت مما الحق ببلدنا وشعبنا المزيد والمزيد من التدمير الذي لم يبقي اقتصاديا او قتلى من ابناء الشعب بل وصل التدمير الى القيم الاجتماعية وشيوع الظواهر المرضية من الرشوة وسرقة المال العام والتذلل والنميمة وسوء وتخلف المستوى الدراسي وعودة ارتفاع مستوى الامية وفرض قوانين جائرةتصريحاتهم تخرج في الصحف مرتبة ومنظمة، ولذا فنحن العراقيين ما كنا نعرف حقا ضحالة مستوى سياسينا من صدام وانت نازل، الا انني حقا اندهشت واصابني الذهول وانا اسمع حسين كامل يتحدث في المؤتمر الصحفي عندما خرج الى الاردن بحجة الرغبة في احداث تغيير في النظام، فقد بدا للجميع غبيا لا يفقه من الامور الا ترديد اقامة نظام ديمقراطي بين الحين والاخر، فمثل هذا المسؤول حتما لا يمكنه ان يطرح رايا واحدا لتطوير الوضع، فشخص مثل حسين كامل كان حقا لا يمتلك من الدنيا شيئا، لا علم ولا تجاراب ولا علاقات الا قدرته على قيادة الدراجات النارية وهذه ايضا تعلمها عندما كان نائب عريف في الجيش العراقي، كان يتقلد اهم المناصب الوزارية وكان يستحوذ على نصف ميزانية العراق او اكثر، قادونا من الوضع المسئ الى الاسواء.
منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي قامت الحكومة العراقية بحملة كبيرة لتدمير الكثير من قرى اقليم كردستان حتى بلغت المدمرة اكثر من اربعة الاف قرية بما تظمه من جهد الانسان لالاف السنين قي تصليح الاراضي وبما يحمله الانسان من عبق الذاكرة ودفئها، وبما تحمله هذه القرى من الكنائس والمساجد والاديرة المدمرة والكثير من هذه المباني تاريخية حقا تعود في تاريخها الى اكثر من الف عام، وبما تعنيه للانسان من المعاني والعواطف والذكريات الحنونة والمرتبطة بالشعائر التي اقيمت فيها مثل العماد والزواج والقداديس في الاعياد او في باعوثة نينوى، فاجدادي ووالدي ووالدي عمدوا وتزوجوا في كنيسة قريتنا وكنت انا ايضا قد عمدت فيها وكان من المفترض ان اتزوج وان اعمد اطفالي فيها دلالة على الاستمرارية والارتباط، هذه القرى التي لم يتح لها صدام وامثال صدام من العروبيون من ان تتطور او ان تراكم ثرواتها لبناء مستقبل افضل، فكل عقد من السنين كانت موجة هوجاء تأتي لتدمر كل شئ ولتبداء المسيرة من جديد من الصفر.
صدام الذي اتى على ظهر دبابة واستمر بالسيف والقتل والتنكيل، بدء من رفاقه ومرورا بمعارضيه وكل من شك في ولائه، هل كان من المنتظر ان يتغيير من خلال صناديق الاقتراع، فكل جريمة جديدة من جرائمه جعلته يتشبث اكثر واكثر بالشلطة كطوق الحماية الاخير.
في تشرين الاول من عام 1987 سحب والدي من مقر عمله للعمل سخرة (اي العمل جبرا) في احدى المنشاءات العسكرية وليحمل الصواريخ بواسطة الرافعة الثقيلة، ولم يخرج والدي الا جثة في تابوت محظور على اهلي فتجها او رؤية ماذا حل بوالدي الذي كان في الثامنة والخمسين وكتب في شهادة وفاته سبب الوفات الشيخوخة؟ وستجدون مثل هذه القصص العائلية في العراق منتشرة من اقصى شماله الى اقصى جنوبه.
في عام 1977 اجبر جميع ابناء شعبي على تسجيل انفسهم في الاحصاء كعرب، اي لم يسمح لهم لعيبروا حتى عن انتمائهم القومي.
في عام 1976 تم منع اي نشاط طلابي اشوري مستقل.
في عام 1979 تم منع النشاطات الشبابية في الكنائس الشرقية الاشورية.
ومنذ عام 1979 لم يعد لاي تنظيم سياسي علني اخر وجود.
فية عام 1980 بدء النظام حربه الشعواء ضد الجارة ايران والتي دمرت البنى التحتية للاقتصاد الوطني وراح ضحيتها مليون قتيل وجريح بينهم حوالي خمسون الف من ابناء شعبنا الاشوري، وبما يعنية انه تم حرمان شعبنا من احتمالية تأسيس خمسون الف اسرة، وما كان سعقبها من ابناء هذه الاسر.
منذ الثمانينات بدء في تدمير بنية الاهوار وتدمير البيئة.
منذ السبعينات تم العمل من اجل ترحيل الاف العوائل الشيعية (العربية والكردية) والاشورية وما تبقى من اليهودية وتم حجز اموالهم المنقولة والغير المنقولة.
في حملة الانفال تم قتل اكثر من مائة وثمانون الف كردي عراقي لا لسبب الا لكونهم من الكورد، وبضمنهم اكثر من مائة وخمسون مابين طفل وامراء ة وشيخ من الاشوريين المتبقون في القرى او الذين سلموا انفسهم للسلطات العراقية وثوقا منهم بوعودها.
في عام 1990 قام النظام بغزو الكويت مما الحق ببلدنا وشعبنا المزيد والمزيد من التدمير الذي لم يبقي اقتصاديا او قتلى من ابناء الشعب بل وصل التدمير الى القيم الاجتماعية وشيوع الظواهر المرضية من الرشوة وسرقة المال العام والتذلل والنميمة وسوء وتخلف المستوى الدراسي وعودة ارتفاع مستوى الامية وفرض قوانين جائرة، من القتل والاعدامات لاسباب تافهة مع استلا م ثمن طلقات الاعدام لوكان المعدوم من الجيش.
في انتفاضة شعبية في ربيع عام 1992 قام النظام بانتهاك كل المحرمات (وبالحقيقة انه لم يعرف في يوم ما المحرمات) وكان يقصف المزارات والمساجد والبيوت الاهلة بالسكان وقتل الالاف من ابناء الشعب لا لسبب الا لادراك النظام ان الناس ما عادت تتحمله.
ومنذ ذالك الحين والنظام يخطط ليوم يرحل من سدة الحكم لتحقيق ما كان قد نادى به، الا وهو انه لن يسلم العراق الا خرابا.
رغم نفوري من عقوبة الاعدام، لاتني اعتقد ان الحياة هبة من الله ولا يجب ان يزهقها اي انسان، الا ان تنفيذ حكم الاعدام بصدام رأيتها عقوبة اكثر من عادلة، لا بل قد تصبح امثولة لامثال صدام، الذين منوا النفس بان يكون مصيرهم كمصير بنوشيت، الا انهم قد عادوا ويفكروا بان مصيرهم قد يكون مماثلا لمصير صدام، وهذا انتصار لكل شعوب المنطقة ان وعت وادركت.
ولكن كل هذه الجرائم معلومة ومعروفة ويبقى السؤال اذا لماذا يبكي العرب صداما، اليس في هذا البكاء وفي اقامة مجالس العزاء او في استنكار اعدامه وهم كلهم يثبتون في انظمتهم حكم الاعدام ويمارسونه بسهولة اكثر، الا يشي كل هذا باهانة مقصودة لمشالعر غالبية العراقيين، وهذا ينطبق على العراقيين ممن بكاه وممن حمل صورته او ممن قال انه من اتباعه.
برغم من كل هذا ايضا اقول ما كان ضروريا نشر صوره او تصويرها بالهاتف النقال او بترديد الشعارات فهذا يجب ان لا يكون فرهبة الموت يجب ان تنسينا نشوة الانتقام، بل اقول ان من مارس تصوير عملية الاعدام ليس لغرض التوثيق ومن ردد الشعارات ليس ببعيد عن معتقدات صدام، عندما كان يجبر العراقيين لكي يتجمعوا ويشاهدوا اعدام العراقيين الهاربين من الخدمة العسكرية او ممن كان يشك في ولاءهم، ويبلد مشاعرهم تجاه الموت ورهبة اللحظة في عملية لجحعل القتل مسألة سهلة وبسيطة و ولاشاعة الرعب والرعب المتبادل بين مكونات المجتمع.
تيري بطرس
betkanno@web.de