أصداء

بين الشهادة والشماتة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

مازالت عاصفة العواطف بشأن إعدام الرئيس السابق صدام حسين تجتاح الأمة العربية مؤدية لمزيد من التطرف والتطرف المقابل في التعبير عن هذه العاطفة سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي... بين من يعتبره طاغية وظالما مستبدا مخلدا في جهنم وبئس المصير ومن ينظر إليه باعتباره زعيما عربيا وقوميا فريدا بل وشهيدا......
ومنذ 26 عاما وقبل عيد الأضحى -في ذلك العام- بيومين اغتيل الرئيس المصري أنور السادات وتباينت المشاعر بين من اعتبره خائنا عميلا ومن اعتبره زعيما شهيدا... وكما كانت نهاية صدام على يد الأمريكان أولا ثم باسم محكمة شكلت من أبناء الشعب العراقي كانت نهاية السادات -وكما يتداول بين المصريين- بمعرفة أو بتواطؤ (على الأقل) من المخابرات الأمريكية بعد أن انتهى الدور المحدد له وأيضا على يد أفراد من الشعب المصري بعد أن شكلوا له محاكمة في الجماعة الإسلامية أفتت بوجوب قتله وتم تنفيذ الحكم بيد الاسلامبولي ورفاقه في 6/10/1981......
وبعد اغتيال السادات -وكما حدث بعد إعدام صدام- اختلفت ردود الفعل فمنهم من أوصله لمرتبة الشهادة ومنهم من أبقاه في دائرة الخيانة..... وسيغضب البعض من أحباء السادات لمقارنته بصدام الظالم الطاغية وسيعترض بعض أتباع صدام (أو أيتامه كما يحلو لفريق الشماته تسميتهم) من مساواته بالسادات الخائن.... وفي الحقيقة لا يهمني ولا يعنيني ما يعتقده هؤلاء أو يظنه أولئك ولا مقارنة صدام بالسادات وبعده أو قربه منه.... فما يعنيني أولا وأخيرا هو المواطن العربي البسيط... المواطن العربي الذي شعر - وكما أوضحت في مقالي السابق- بفقده النهائي للانتماء العربي.... المواطن العربي الذي يرى وطنه يتمزق في فلسطين ولبنان بينما الجميع حوله من حكام وكتاب وسياسيين يختلفون ويتناقشون ويعبثون حول صدام وإعدامه...!!!!!
هل هو شهيد فنقيم له تمثال؟؟!! أم ظالم مستبد فنلاحقه بالدعوات إلى أبواب جهنم؟؟!! تماما كما كان الحال بعد اغتيال السادات ونتذكر جميعا كيف استغلت إسرائيل حال الاختلاف والتشرذم والفرقة العربية واجتاحت لبنان واستعمرته لعقدين من الزمان....
فهل بلغ السفه العربي والحقد العربي إلى هذه الدرجة؟؟ هل يمكن أن يصل الخلاف حول صدام وإعدامه إلى الدرجة التي تنسينا مصائبنا وكوارثنا التي بين ظهرانينا لنتقاتل ونختلف حول إعدام صدام..؟؟!!
لقد استمعت إلى خطبة الجمعة الماضية التي ألقاها فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي وفاجأني أنها كانت -كلها تقريبا- حول صدام وإعدامه ولم يتطرق للحديث عن الخلاف بين فتح وحماس وكيف يمكن حله....ولم يتحدث عن الوضع في لبنان وحملات التصعيد المتوازية والتي تبكي كل عربي... فهل لاترى -يا مولانا- لكل هذا أية أهمية مقابل الحديث عن صدام وإعدامه..!!!! ما هذا العبث والسفه العربي.............
الحكام والساسة العرب يتحدثون الآن حول صدام وإعدامه ومحاكمته وهل كانت قانونية أم لا؟؟ ومن حضر إعدامه؟؟ وما هي صفته التي سمحت له بالحضور؟؟ الآن يتحدثون وبعد أن انتهى كل شئ...!! ويتركون الاقتتال الفلسطيني ويتركون أزمة لبنان..
ما هذا هل نترك أنفسنا حيارى بين من يشمت في صدام ومن يدافع عنه غير مدركين أننا بعد وقت قصير جدا سيشمت فينا الجميع ولن نجد من يدافع عنا
ياسادة
تريدون اعتباره شهيدا فليكن شهيدا فالمبطون شهيد والمطعون شهيد وصاحب الهدم شهيد (كما قال رسولنا الكريم) ولكن هل هي شهادة من قتل في سبيل الله..!! شهادة من قتل دفاعا عن دينه وعرضه!!!
تريدون اعتباره ظالما مستبدا وكافرا فليكن كافرا وزنديقا ولكنكم لا تملكون قذفه في جهنم فأبوابها دونكم موصدة والله وحده من يحاسبه...
ما كل هذا الهراء يا حكام العرب... أفيقوا وانتبهوا وليكن صدام من يكون وتخلصوا من خلافاتكم المستمرة والعقيمة فالكوارث محيطة بنا والمصائب مقبلة علينا وأنتم تتفرجون وتختلفون وتعبثون.............. حسبي الله ونعم الوكيل

د/محمد لطفـــي

كاتب وطبيب مصري
mmlotfy56@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف