ترکيا تهاجم.. ترکيا لاتهاجم!!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ليس هناک من شک ان التصعيد الترکي"الاعلامي ـ السياسي ـ العسکري"الاخير، هو أوضح تعبير يصدر من ترکيا بسبب من الإهمال و الإبطاء الامريکيين بخصوص مساعدة أنقرة في تصفية ملف حزب إن الولايات المتحدة الامريکية سوف لاترحب أبدا بأي خطوة عسکرية ترکية تقود الى مواجهة بينها و بين القوات الکوردية وقد تجد في ذلک نوعا من التحدي الصريح لإرادتها و مصالحها وقد تسلک واشنطن سبلا مختلفة لا لجم هذا الهجوم العسکري"إن وقع"وإنما لوضع ترکيا داخل دائرة قد لا تکون أبدا"فيما بعد" بالسعة الحاليةالعمال الکوردستاني. وعلى الرغم من أن النبرة التصعيدية الاخيرة لترکيا، قد تجاوزت الحدود التقليدية السابقة و وصلت الى مستويات غير مسبوقة من حيث التأکيد على منح ترکيا"حقوق جيرة"تتميز و تختلف عن سائر الدول الاخرى المجاورة للعراق، وهي بذلک قد همشت و بشکل واضح و مقصود دول أخرى مهمة مثل السعودية و الاردن و إيران و سوريا و الکويت و إعتبرتهم لايمثلون شيئا مهما يذکر قياسا الى"الجيرة الترکية"للعراق، وهي نبرة قد لاتکون مستساغة من قبل معظم دول الجوار العراقي.
کما ان التصعيد الترکي الاخير، قد تضمن نقطة مهمة أخرى وهي دعوة ترکيا لطرح قضية کرکوک على المحافل الدولية وصولا الى حل يضمن"عراقية"کرکوک و حفظها من أن تکون تابعة لأية جهة عرقية أو دينيةما، هذا إذا وضعنا جانبا نقاط مهمة و حساسة أخرى مثل دعوة الحکومة الترکية سفرائها في دول الجوار لبحث الوضع في العراق و الخروج "بخطى سياسية واضحة إزاء مايجري في العراق"، أو تلک الجلسة السرية للبرلمان الترکي لبحث الوضع في"کرکوک:والعراق، والتي حرصوا على جعل محاضر جلساتها سرية جدا و لاتنشر إلا بعد مرور عشرة أعوام، کل ذلک يجري وفق سياق يبدو خلاله واضحا أن أنقرة تضرب الرئيس الامريکي"الضعيف"سياسيا تحت الحزام لکي تشکل هي الاخرى"فرعونا"آخرا يخيم بظلاله الکئيبة على الرئيس الامريکي.
وفي الوقت الذي وصلت طلائع قوات"البيشمرکة"الکوردية الى بغداد للمشارکة في الخطة الامنية الجديدة لبغداد والتي هي بالاحرى إمتداد لإستراتيجية بوش الاخيرة بشأن العراق، فإن القلق داخل الاقليم الکوردي يتصاعد من ذهاب تلک القوات الى جبهة"غير مأمونة العواقب"في ظل تهديدات ترکية في منتهى الجدية موجهة ضد التجربة السياسية الکوردية و ما تشکله من خطر"إستراتيجي"بعيد المدى على"الجمهورية الترکية"، بل وأن العديد من الاصوات بدأت تطرح و بکل صراحة هل إن بإستطاعة الکورد"القتال"على جبهتين، في إشارة قوية الى حتمية المواجهة مع الجيش الترکي. إلا أن بعض المصادر المطلعة تؤکد من أن الزعماء الکورد قد حصلوا فعلا على تطمينات أمريکية بعدم السماح لأية "جهة إقليمية"بالتعرض لإقليم کوردستان. ومع أن هناک العديد من المشاکل و الازمات و الاختلافات المتعددة داخل البيت الکوردي، غير ان الجميع يبدون متفقين تماما على ضرورة و حتمية مواجهة"التهديد الترکي"، بل وإن التحشدات العسکرية الترکية الاخيرة على الحدود الترکية المتاخمة للإقليم قد کان حافزا قويا لإثارة موجة من الحماس و الإندفاع الوطني غير المسبوق من نوعه منذ سقوط النظام العراقي عام2003، وحتى أن البعض من المراقبين الکورد يرون في القتال مع الجيش الترکي بداية فعلية لحل جذري أمثل للقضية الکوردية في المنطقة بشکل عام مثلما يرون أن هذه الخطوة"العسکرية"لترکيا سوف تکون بمثابة"حماقة"فريدة من نوعها عندما ستجد اللهب يتصاعد من جبهاتها الخلفية في الشمال الکوردستاني و هي منهمکة بالمواجهة في الجنوب الکوردستاني. بيد أن کل ذلک لا يمنع من أن ذهاب القوات الکوردية الى بغداد يعني فيما يعني أن الاقليم الکوردي قد بدأ في تفعيل"خياره"العراقي وان مشارکته بالخطة الامنية الجديدة لبغداد، تأکيد على إلتزامها بوحدة التراب العراقي، ولعل ترکيا التي دائما سعت للتحذير من"الخطر الکوردي"المحدق بالدول ذات العلاقة بالشأن الکوردي، قد لاتجد نفسها سعيدة بإنسجام"عربي ـ کوردي"داخل البيت العراقي ولأجل ذلک لم تجد فرصة أفضل من الفرصة الحالية مواتية لممارسة سياستها"الابتزازية"ضد کل الاطراف.
إن الولايات المتحدة الامريکية سوف لاترحب أبدا بأي خطوة عسکرية ترکية تقود الى مواجهة بينها و بين القوات الکوردية وقد تجد في ذلک نوعا من التحدي الصريح لإرادتها و مصالحها وقد تسلک واشنطن سبلا مختلفة لا لجم هذا الهجوم العسکري"إن وقع"وإنما لوضع ترکيا داخل دائرة قد لا تکون أبدا"فيما بعد" بالسعة الحالية، سيما وان واشنطن قد وضعت النقاط على الحروف فيما يخص مستقبل علاقاتها مع طهران والذي يتجه فعليا للتصعيد غير المسبوق فيما تسعى أنقرة على العکس من ذلک تماما للمزيد من الاقتراب من طهران وحتى المراهنة عليهم أحيانا، وإن التصعيد الامريکي مع طهران والذي سوف نشهد له صولات و جولات مستقبلية قادمة أخرى لها وعلى أکثر من صعيد، قد يحتاج فيما يحتاج الى لعب الورقة الکوردية في إيران والتي لن تکون فعالة و مفيدة لواشنطن فيما لو سحقت بني جلدتهم في ترکيا.
کما ان الاتحاد الاوربي سوف لن يکون"ساکتا"إزاء حملة دموية ترکية تستهدف هضم حقوق الشعب الکوردي قبل أي شئ آخر و ان دول الاتحاد سيما"المناوئة لترکيا"سوف تحرص على تصعيد نبرتها و خطواتها العملية ضد أنقرة سيما على صعيد سعيها لدخول الاتحاد.
ولايبدو واضحا أن ترکيا في ظل أزماتها العميقة التي تعاني منها على أکثر من صعيد، سوف تکون جادة بما يکفي لشن هجومها العسکري الذي تعد له منذ مدة رغم ان البعض يرى في هذه الازمات سببا وجيها يدفع أنقرة نحو جبهات الحرب تماما کما فعل صدام حسين حين إشتدت به الضائقة بعد حربه مع إيران، وإن ما تدعيه أنقرة بخصوص تواجد قواعد حزب العمال الکوردستاني داخل الاقليم الکوردي و شن هجمات عسکرية من هناك ضدها، هو أمر ترى فيه العديد من الاوساط"بما فيها أوساط ترکية"إنه أمر فيه الکثير من البالغة و التهويل. وفي کل الاحوال، قد تکون الاستعدادات الترکية السياسية ـ العسکرية بمثابة فزروة أو لغز قد لا يعلم حتى ساسة الترک کيفية حل طلاسمه!
ان الامر الذي لاتستطيع العقلية السياسية الترکية أن تستوعبه أبدا هو کون التجربة السياسية الکوردية قد صارت أمرا واقعا وهي تحاول"أي ترکيا" بکل ماأوتيت من قوة للجم هذه التجربة و تحجيمها تحت مختلف الذرائع الواهية والتي أوهنها و أکثرها إثارة للسخرية إدعائها بالدفاع عن الترکمان الذين کانت المناجل البعثية تحصدهم في زمن الرئيس الراحل من دون أن تنبس أنقرة ببنت شفة فيما تملأ اليوم الدنيا ضجيجا من "إظطهاد"الکورد لهم، وفي کل الاحوال، فإن المغامرة الجديدة التي تعد لها ترکيا سوف تساهم في طرح القضية الکوردية بشکل أوسع على بساط البحث الدولي و سوف تعطي مناوئيها الکثير من نقاط ضعف جديدة تکاد تکون بأمس الحاجة لإخفاءها!
نزار جاف
nezrajaff@gmail.com