أصداء

هل يقدر السنيورة على ما عجز عنه سابقوه؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

بحسب بعض القادة اللبنانيين فإن ما يجري في لبنان هو خطوات مبرمجة يراد بها الانقلاب على النظام اللبناني وفق ما تؤمر به المعارضة من دمشق وطهران. وهي معارضة تريد الانقلاب لأنها تريد إنقاذ دمشق من المحكمة الدولية وإنقاذ طهران من الضغط الدولي.

بالتأكيد تورطت أحزاب المعارضة وخاصة حزب الله أكثر من مرة في المستنقع اللبناني ويبدو أن المعارضة تقود الوضع الآن نحو مزيد من التدهور لن ينتج إلا حربا أهلية يبدو تفاديها في غاية الصعوبة في ظل الظروف الإقليمية والمحلية.

عندما يبيع السياسي نفسه فان الثمن في بعض الأحيان لا يكون باهظا. أي أن السياسي قد يبيع نفسه بثمن بخس. وهذا ما فعله ويفعله بعض قادة الأحزاب اللبنانية.

عندما نشاهد المحطات الفضائية ونستمع إلى مقابلات السياسيين اللبنانيين فيها نحتار فيما كان يجب أن نضحك أم نبكي أم على الأقل نتأمل. كيف يبيع سياسيون أنفسهم إلى دمشق بثمن بخص ومن اجل ماذا؟ هل هي مصالح تجارية أم حزبية أم خوفا من فضائح ما زالت مستورة؟

منذ اشهر عديدة كانت هناك تحذيرات مما يجري الآن. كان هناك تحذيرات من الاعتصامات والاضرابات والمظاهرات والمندسين الأمر الذي سيقود إلى ما يخشى منه اللبنانيون.

أما وقد بدا السيناريو بالاعتصامات والاضرابات والاشتباكات المحدودة اليوم، فان الحكومة الشرعية في لبنان الآن أمام خيار صعب. قبل فترة كتبت عن تشابه الأوضاع بين ما يجري الآن في غزة وما جرى في الأردن عام سبعين وكيف كان لا بد من قرار حاسم وحازم رغم الدماء القليلة التي سالت وكانت قربانا من اجل الأمن الذي ننعم به في الأردن هذه الأيام.

في لبنان لا بد من قرار حاسم وحازم لضرب الفتنة في مهدها والقضاء على العناصر المشاغبة التي لا تريد خيرا للبنان.

كان يمكن للبنان أن يكون في نعيم الأمن والازدهار لو أن الجيش اللبناني استطاع أن يفرض الأمن وهيبة الدولة في بداية الانفلات الأمني في أوائل السبعينات. لو انه فعل ذلك لكان لبنان قد استغنى عن كل الدم الذي سال بعد ذلك. لكن الحكم في لبنان في ذلك الوقت، آثر أن يبقي الجيش بعيدا على أمل أن يتم حل الإشكالات وديا أو سياسيا. ولست هنا لادعي الحكمة بأثر رجعي وأقول أن الحكومة اللبنانية في ذلك الوقت كان عليها أن تعرف حسنات وفضائل استخدام الجيش في فرض الأمن عندما يكون هناك ميليشيات مسلحة في البلد. فهي بالتأكيد كانت تعرف تلك الحكمة. لكنها استسلمت للحلول السياسية الأقل تكلفة في الظاهر لكنها في الحقيقة كانت باهظة التكاليف فعليا.

الآن الرئيس فؤاد السنيورة أمام خيار صعب جدا. طبعا العقلية الأمنية التي تسيطر علينا نحن أهل المشرق تجعلنا نرى أن الحل يكمن في الجراحة العسكرية من خلال القوات المسلحة التي عادة ما يدخرها الوطن، أي وطن، لمثل هذه الظروف.

ولكن هل يضمن الرئيس السنيورة ولاء الجيش بالكامل؟. فالذي كان يخشاه الحكم اللبناني في السبعينات وقع برغم عدم استخدام الجيش. حيث تدخلت سورية وضربت القوى الإسلامية واليسارية لصالح القوى اليمينية والمسيحية. ومن ثم تخلصت من كل القادة الذين عارضوها سرا أو علانية. سطوة الاغتيال وقسوة المعاملة تجاه القادة اللبنانيين جعلت معظم هؤلاء القادة أدوات بيد دمشق. وكل من حاول الخروج عن الطوق كان يلقى المصير نفسه. ولعل الأمر يتكرر اليوم حيث قادة الأحزاب الصغيرة يخضعون لدمشق لأسباب تختلف عن خضوع قادة الأحزاب الكبيرة. لكن في النهاية كله خضوع والنتيجة ستكون الاحتراب الداخلي.

أمر مؤسف أن تقوم الأحزاب اللبنانية التي باعت نفسها لحزب البعث السوري بتخريب وطنها بناء على تعليمات وأوامر من الخارج. ما رأيناه في بيروت يندي له الجبين. والتراشق اللفظي بين القيادات اللبنانية أمر مؤسف حقا. فمن العيب أن ينزل القادة إلى هذا المستوى.

أما القادة الكبار، الرؤساء الثلاثة الكبار، لحود وبري والسنيورة، فان ما ينتظرهم يبدو صعبا ومريرا. فالرئيس لحود يتعامل مع الوطن اللبناني كما يتعامل طفل صغير مع دمية لا يفهم كيف يشغلها. والرئيس بري يتعامل مع الوطن من باب المناكفات وكأنه متورط لا يعلم ماذا يفعل للخلاص بنفسه وبجماعته. أما الرئيس السنيورة فهو في حال يرثى لها ولكن لا يحسد عليها. بالتأكيد هو يتمنى لو يملك الجرأة الكافية ليكلف الجيش بفرض الأمن وعادة هيبة الدولة. لكنه ينأى بنفسه عن قرار كبير كهذا ويفضل أن يلعب دور الأب الحنون الذي يوفر الغذاء لأولاده اتقاء لشرهم على أمل أن يعودوا إلى رشدهم.

أما القادة الآخرون، فهم أيضا متقطعون بين ولاءاتهم الطائفية الضيقة ومصالحهم مع حلفائهم. ريما كانوا يتمنون لو يستطيعون الانفكاك من تحالفاتهم والعودة إلى قواعدهم الشعبية في طوائفهم. لكنها السياسة. يتحدثون عن التعايش ولا يعرفون كيف يتعايشون. يطالبون بالحوار لكن حوارهم مثل حوار الطرشان.

بعد أن اختلف أقطاب الحكم اللبناني حول استخدام الجيش لفرض الأمن والهيبة في لبنان عام ثلاثة وسبعين خرجت إحدى الصحف اللبنانية في افتتاحية جريئة بعنوان: أعيرونا الملك حسين! وقصدت أعيرونا باسه وحزمه وقراره الحاسم باستخدام الجيش لإعادة الأمن إلى مملكته التي كادت الفصائل المسلحة والفوضى أن تمزقها وتجعلها في خبر كان.

فهل للبنان من رجل حاسم حازم وقوي جريء يتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب ويخلص لبنان مرة واحدة والى الأبد من هذه الفوضى التي تدب في أوصاله وتكاد تمزقه وتجعله في خبر كان!

حسين عبدالله نورالدين
H_a_noureddine@yahoo.com
كاتب صحفي ـ عمان الأردن

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف