أصداء

سؤال إيراني و إجابة أميرکية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

المشهدان التراجيديان المشرئبان بالاحتقان و کل أسباب الدمار في العراق و لبنان واللذان لن يدفع فواتيرهما إلا الشعبين العراقي و اللبناني اللذين باتا يمران بمرحلة حساسة و دقيقة من تأريخهما المعاصر، مرحلة بات کل العالم"وليس الشعبين الآنفين فقط"يدرک إستخدام النفوذ"العقائدي"و"السياسي"لدول محددة في هذين البلدين والآفاق المکفهرة بغيوم داکنة قد لا يکون مطرها إلا وابلا من الکوارث و المآسي التي ستعيد لا الشعبين المظلومين فقط الى الوراء لعقود أخرى وإنما سوف تساهم في إنزلاق أقدام دول أخرى باتت تجد في سياسة"إذکاء"النيران منفذا للهروب بجلدها من دفعها لأثمان أخطاء إستراتيجية إرتکبتها بحق شعوبها.


بالامس القريب جدا، شاهد العالم کله کيف أن الرئيس الليبي الذي قام بهدر المليارات من ثروة الشعب الليبي على برامج تسليحية مدمرة و خطط إرهابية يغلبها طابع صبياني مشرئب بالطيش و التهور لا تستهدف سوى الابرياء العزل، يعود الى رشده مجبرا لا طواعية"بجرة قلم" و يدفع مبالغ أخرى من جيوب شعبه المسکين إرضاءا لمن قام بمعاداتهم ولم يکن أساسا"أهلا"لذلک کما بانت الحقيقة في النهاية، واليوم، نجد الاصابع الايرانية ـ السورية تعبث على قدم وساق في العراق و لبنان و فلسطين وهاهي الاوضاع تمر بفترة إستثنائية بعد تلک المشاهد المسرحية التي نفذها المخرج اللبناني السيد"حسن نصرالله" و"المخرج العراقي السيد"مقتدى الصدر"لنصوص تم إعدادها سلفا في طهران وهي من النصوص التي لايملک المخرج فيها من خيار سوى التنفيذ الحرفي لما أملاه المعد، هذه المشاهد التي لفتت أنظار الرأي العام العالمي الى هذين البلدين و الکوارث التي تنتظر شعبيهما من أجل تمرير أجندة سياسية ـ أمنية لمحور طهران ـ دمشق، باتت تسير في سياقات قد يفلت فيها الزمام في لحظة ما من يد "المخرجين"الشابين، و يصبحان مجرد"أسمين"في ذمة تأريخ قد لايذکرهما بالخير أبدا.


بالامس أيضا، تابع العالم کله مجريات المؤتمر الدولي المنعقد في باريس بحضور الرئيس الفرنسي جاک شيراک والذي تم خلاله تخصيص عدة مليارات من الدولارات من أجل إعادة إعمار لبنان، فرنسا"الصليبية الحاقدة"کما يصفها الاسلام السياسي في أدبياته، تقدم هکذا جهد من أجل لبنان و شعب لبنان، أما بالنسبة للعراق، فإن الکثير من دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريکية قد قدمت مساعدات مالية و إنسانية کثيرة أجزلت في العديد منها العطاء، لکن مناجل"الوزراء الفاسدين" و "معاول"الارهابيين" التي تستمد قوتها من أقبية و دهاليز المخابرات التابعة لدول تجاور العراق کانت بالمرصاد، فوقفت مجتمعة کسد أمام الجهود المبذولة لإعادة إعمار العراق.


المفارقة الکبيرة في الامر، إنه مع تسرب الانباء الخاصة بإعتزام طهران أن تطلق قمرا صناعيا إيرانيا في الفضاء، فإن السيناريوهات الايرانية في لبنان و العراق تسيران بصيغتين قد تختلفان شکلا لکنهما تتفقان في المضمون، ففي لبنان يقوم السيد حسن نصرالله بالتصعيد من خلال الحديث عن "المرحلة"القادمة و مايحمله في جعبته من سلاح يستخدمه ضد لبنان و مستقبل شعبه، فيما يقوم السيد"مقتدى الصدر"بدور الحمل الوديع من خلال التأکيد على دعمهم لحکومة السيد نوري المالکي وعودة وزراء و نواب الکتلة الصدرية للعمل بعد القطيعة"التي فرضت قسرا من طهران"التي أعلنتها عقب اللقاء الذي أجراه السيد رئيس وزراء العراق مع الرئيس الامريکي في عمان، لکن هناک ثمة إختلاف نوعي في الامر أيضا يجدر الاشارة إليه، وهو ان ميليشيا"جيش المهدي"باتت تتعرض لحملات مداهمة و إعتقال وحتى قتل في بعض الاحيان وبحسب المعلومات المسربة من مصادر مطلعة فإن الاوامر الصادرة من "طهران" الى هذه الميليشيا هو أن لا تقوم بأي رد فعل سلبي تجاه هذه الحملة التي شملت"رؤوس"کبيرة من التيار الصدري والتي"ثبت"تورطها بعمليات (التطهير الطائفي)، و السبب الکامن وراء هذا"التعقل"المفاجئ لميليشيا الصدر ومن خلفها إيران أيضا، هو علمهم بمدى"الاصرار و الجدية و الحزم"الذي بات الرئيس الامريکي يبديه حيال تصديه للملف العراقي وإن الايرانيين يدرکون أن إستمرارهم في التصعيد عراقيا سوف يقود في النهاية الى مرکز التصعيد والذي هو قطعا في طهران، ولذلک لم تجد الجمهورية الاسلامية الايرانية بدا سوى في"کظمها لغيظها"وأن تصبر وفي"العين قذى و في الحلق شجى" خصوصا وهي تشهد بأم عينيها إعتقال قادة کبار من"قوات القدس"الخاصة بتصدير الارهاب و الفوضى الى دول الجوار تحت يافطة محاربة أمريکا!


الهجوم الايراني لبنانيا عبر بوابة حزب الله، هو في الواقع لإحداث نوع من التوازن في المعادلة التي إختلت بعض الشئ عراقيا و هو سعي"فوضوي" للوقوف بوجه جهد عقلاني للإستقرار في العراق بات يتقدم بخطى حثيثة و حذرة صوب مستقبل قد يکون زاهرا أکثر لو إستمر التراجع"الايراني"على هذه الوتيرة. لکن السؤال الذي لابد من طرحه هو: الى متى ستستمر طهران بلعبة "العسکر و الحرامية" مع واشنطن وهل ان الرئيس الامريکي يسمح خلال ماتبقى من فترة رئاسته بإستمرار هذه اللعبة؟ سؤال إيراني، قد تکون الإجراءات العسکرية ـ الامنية الاخيرة بحق عناصر أمنية إيرانية"مهمة" في بغداد و أربيل، فقرة أولية مهمة من أجابة أمريکية شاملة قادمة قد تنهي حيرة و قلق العديد من دول المنطقة.

نزار جاف
nezarjaff@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف