أصداء

الأيقونة التي احتجبت

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

رحل د. ايزاك فانوس رائد "كتاب" الأيقونات القبطية الحديثة. ففن الأيقونة هو في حقيقة الأمر كتابة قصة على قطعة من الخشب، rsquo;يختزل فيها عامل الزمن وrsquo;يغض الطرف عن بعض المقاييس الواقعية كطول الأطراف وحجم الجسم.


الأيقونة هي من أجمل معالم الفنون المسيحية. لها بعد روحي، إذ أن أساس فن الأيقونة هو التجسد: ... أخذ صورة إنسان.. غير الملموس صار ملموسا يمكن رؤيته وتصويره. وبسبب هذا البعد الروحي تستخدم الأيقونات بعد تدشينها في الطقوس الكنسية.


كما أن للأيقونة بعدا تاريخيا، فهي قراءة تاريخية للكتاب المقدس. وهي لغة إنسانية عالمية، بوسع أي إنسان بغض النظر عن جنسه أو عقيدته أن يقرأ هذا العمل الفني الروحي حتى لو لم يكن يعرف القراءة والكتابة.


وتختلف الأيقونة القبطية في خصائصها عن البيزنطية (كأيقونات دير سانت كاترين) وعن الروسية. ملامح الأيقونات القبطية لا تخطأها العين: البعدين، الوجوه في وضع المواجهة (ما عدا من حاد عن الطريق القويم كيهوذا)، الرأس كبير نسبيا دليل الحكمة، الفم صغير إشارة إلى الصمت، الأعين واسعة علامة البصيرة، وناظرة إلى ما وراء العالم المادي المحسوس.


وقد ازدهر فن الأيقونات في مصر وإثيوبيا ما بين القرنين الثالث والثالث عشر، أما خلال الفترة التالية فقد كانت الأيقونات مجرد تقليد لما قبلها، وأوشك هذا الفن البديع على أن يتجمد ويموت حتى عاد الوعي بأهمية إحيائه في منتصف القرن العشرين على يد فناني الأيقونات المعاصرين وعلى رأسهم ايزاك فانوس.


استطاع فانوس أن يبعث وأن يطور أسلوب عمل الأيقونة، ولم يبخل بأسرار عبقريته الفنية على الأجيال الجديدة، فتخرج على يديه العديد من التلاميذ النجباء (أتباع المدرسة الفانوسية). ورصعت أعماله الجميلة الكنائس والمتاحف في مشارق الأرض ومغاربها. فهاهي أيقونة هرب العائلة المقدسة إلى مصر تزين الفاتيكان. وها هي قصص ومعجزات الكتاب المقدس تتجسد في كنائس الأقباط ابتداء من مصر وانتهاء باستراليا مرورا بكندا ولوس أنجلوس ولندن، تشع بألوانها الناطقة بالمعاني: الذهبى للقداسة.. الأبيض للنقاء.. الأحمر للفداء.. والأزرق للحياة الأبدية.


وستظل الصحوة المعاصرة لإبداعات الأيقونات القبطية شاهدا على إنجازات هذا الفنان المصري الأصيل الذي كان إيمانه القلبي محركا لأنامله.


ايزاك فانوس اسم سيذكره التاريخ إلى جانب راغب مفتاح: حافظ الموسيقي والألحان القبطية، مرقس سميكة: rsquo;منشأ المتحف القبطي، عزيز سوريال: الراعي لدائرة المعارف القبطية، ايريس حبيب المصري: مؤرخة الكنيسة، بالإضافة إلى مؤسسي معهد الدراسات القبطية: مراد كامل، سامي جبره، راغب مفتاح، عزيز سوريال، وغيرهم وغيرهم من العلمانيين العظام الذين لعبوا أدوارا محورية في تخليد التراث القبطي الباهر.

ليلي فريد

بريطانيا

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف