الأقباط فى الأمثال الشعبية 3
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
"عشمان حنا يُخش الجنة "
أنها واحدة من المأثورات الشعبية التى دآب اخواتنا المسلمين - كثر الله من خيرهم - على إطلاقها علينا نحن المسيحيين بأستخفاف شامت وبثقة يقينية مطلقة إمعاناً فى تذكيرنا بأن لا أمل يُرجى فى خلاصنا وإننا هالكون لا محالة وان جهنم هى المصير المنطقي والطبيعي لأمثالنا من الزنادقة الكفار وتهكماً بالطبع على بئس محاولاتنا بالتظاهر بالصلاح والتقوى والورع
والقارىء الأريب لذلك المثل المأثور لابد وان يتتبع النهج البحثي المتفحص والمُستقصى كي ما يتسنى له ان يدرك مرمى المثل ومكنونته الفياضة
ولنا ان نلاحظ فى بداية الأمر ان صيغة المثل تشبة كثيراً صياغة مثل ( ده عشم ابليس فى الجنة ) ذلك المثل الذى ورد فى عدد لا بأس به من موسوعات ومعاجم الأمثال الشعبية ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر
( موسوعة الأمثال الشعبية الفلسطينية ) للأستاذ / فوزي حمد قديح وقد قال عنه وفيه
" عشم: إرادة.. ويضرب هذا المثل لمن يتمنى شيء وهو يعرف انه لن يحصل عليه مهما طال الزمن لأنه لم يعد العدة لذلك وكما ان ابليس لا يمكن ان يدخل الجنة فهو كذلك لن ينال ما يتمنى وهذا كناية عن صعوبة المنال وطلب المحال ويضرب للأستحالة فى الحصول على شيء
وما بين ( عشم ابليس فى الجنة ) و ( عشم حنا فى ذات الجنة ) تقف علامة تعجب شامخة تدعوك للتفكير ملياً فى من ( حنا ) هذا؟ الذى صار قرينا لأبليس ومساوياً له فى كل شىء ما خلا التسمية وحدها
إن حنا هذا وقد تتبعنا النهج البحثى فى ذلك إما ان يكون شخص ذو شأن أو حتى شخص بلا شأن عاش فى حقبة زمنية ما وذاع صيته وصيت أعمالة الرديئة إلى الحد الذى صار معه مضرب المثل فى الشر وقرينا لأبليس فى العشم الوهمي بالجنة وإما ان يكون حنا هذا ممثلاً للمسيحية جمعاء وقد تم اختياره دون سواه من الأسماء ليعطى للمثل رنيناً وانطباعاً سجعياً ( حنا وجنة ) وهو فى الحقيقة الأحتمال الأكثر
إن المثل هنا بصدقه المطلق وصراحته المُجحفة انما يعبر عن قيمة ثقافية سائدة ومُعتقد راسخ فى عقول وانفس أخواتنا المسلمين..
انه فقه الصحراء وثقافة نفى الأخر وتلك القاعدة النرجسية التى تحكم عقلية البعض وتتحكم فى توجهاته والتى لخصها الكاتب " العفيف الأخضر" بما جاء فى كتاب " التوحيد " لكاتبه " محمد بن عبد الوهاب " - الدرس الثالث عشر/ طبع وزارة التعليم السعودية /الرياض -
1- الأديان التى يتبعها الناس كثيرة لكن الدين الحق واحد وهو دين الإسلام أما بقية الأديان الأخرى فهي باطلة
2- الأديان الأخرى مهلكة لصاحبها
3- الإسلام ليس مستقبل البشرية المحتوم وحسب بل مستقبل الجن أيضاً. العالم كله من أنس وجن يجب عليه أن يدخل فى الإسلام ويترك أديانه الباطلة وألا فأن مصيره النار
أو ما عبر عنه د. محمد عمارة أخيراً فى كتابه ( فتنة التكفير ) وما نقله عن حُجة الإسلام أبى حامد الغزالي وكتابه ( فيصل التفرقة بين الإسلام والزنادقة )
" كل من كذب محمد فهو كافر أي مُخلد في النار بعد الموت ومُستباح الدم والمال في الحياة"
ولا اريد هنا فى الحقيقة الخوض فى قناعات راسخة ولا حقائق ومعتقدات ثابتة.. الكل ههنا يظن انه امتلك زمام ولجام الحقيقة المطلقة وان الأخر لابد وانه هالك لا محالة لأنه استكبر وعاند فختم الله على قلبه واغلق فى وجهه باب الرحمة وفتح ابواب الجحيم على مصراعيها
لكنني أرى - والرؤية حق مشروع لكل إنسان - انه لا يوجد ظلم افدح من تلك المماثلة ما بين حنا ( المسيحية والمسيحيين ) وإبليس
يحق لنا ان نقول ( ده عشم ابليس فى الجنة ) ولدينا فى معتقدتنا المسيحى ما يؤيد ذلك لكن لا يحق لكم ان تقولوا ( ده عشم حنا فى الجنة )
وما بين ( حنا ) و( ابليس ) أقدم هذا الطرح الأستفهامى المبسط علنا ندرك الهوة العظيمة ما بين هذا وذاك
لقد طرح القمص بيشوى عبد المسيح فى كتابه الشيق ( ابليس كبير الأرواح ) تساؤلاً منطقياً
لماذا لم يغفر الله لإبليس وجنودة وأعطاهم فرصة للتوبة؟
ولماذا منع عنهم مراحمة؟
ولماذا لم يسعى لخلاصهم مثلما سعى لخلاص جنس البشر؟ والإجابة على هذة التساؤلات تتلخص فى الآتي:
1- إن الله لو كان يعلم بسابق علمه ومعرفتة أن الشيطان وملائكتة الأشرار أهلٌ للرحمة والمغفرة لكان رتّب لهم ذلك لكنه تعالى رأى فيهم إصراراً وتعمداً وعناداً وتجديفاً. وإنه لما مرت بخاطر الشيطان نوازع شره وأفكار إثمه التى ساقتة أن يكفر بخالقة ويجدف عليه دون ما عودة للصواب أو مراجعة أو محاسبة للنفس فيما نزع إليه أو فكر فيه، لم يجد الله بداً وقد عز على الشيطان أن يرجع عن غرورة وكبريائه إلا أن يلفظة ويسقطه ويطردة ويحكم عليه بالهلاك.
2- ربما كان هناك بعض الأمل فى توبة الشيطان لو أنه لم يتمادى فى صلافتة ومكابرته. فهو لم يكتف فقط بمخاطرتة الذاتية أن يتعالى إلى فوق ويكون ندّاً لله ويرفع كرسية ويصير مثل العلى [ انظر أش 14: 13، 14 ] ولكنه أزاغ وراءه جمهرة كبيرة من الملائكة يبلغون الملايين ظناً أنه بكثرة أتباعه ووفرة جيوشة يستطيع ان يطاول الله بحسب تعبير يوحنا الرائى [ رؤ 12: 4 ] وهكذا حجب الله رحمتة عن الشياطين لأنه لم يرحم نفسه ولا غيره، اثبت بفعلتة هذة أنه مجدف ومضل ومقاوم وغير تائب ولا يستحق أدنى رحمة.
ولعلنا نرى حتى الآن أن الشيطان مازال ينصب شباكه للكثيرين من سكان هذا العالم ويغوى الملايين بغية إهلاكهم والتسيد عليهم فهكذا يحلوا للشيطان أن يستمر رئيساً بل ( رئيس هذا العالم ) [ يو 12: 31 ] بعد لأن سقط من رتبته وفقد رياسته فى السماء.
3- لو كان الشيطان وأتباعه يرغبون فى التوبة لكانت لهم الفرصة وذلك قبل أن يحل بهم الحكم وقبل أن يهبطوا من مسكنهم فى السماء.لكن وقد مرت بهم هذة الفرصة إلى حين طردهم وطرحهم من السماء ولم يقدموا فيها توبة وإستغفار، فإنهم وقد وضح أنهم لم يشاءوا التوبة كان هلاكهم فى محله واستحقوا دينونتهم الأبدية وانقطع رجاؤهم فى ان يتوبوا ويخلصوا.
4- إن الشيطان وملاتكته كانت لهم بطبيعتهم المخلوقين عليها، مقومات الطهارة والقداسة والحكمة وعلو الفهم والكمال. ولآن هذة الصفات كانت تتأكد يوماً فيوماً وتتدعم بمرأى الله ومعاينته والمثول أمام جلاله والالتصاق به، فلم يكن للشيطان وأتباعه عذر فيما آلوا على انفسهم ان يصيروا اليه معتقدين وفاقدين كل هذه الصفات العالية لغير سبب معقول سوى الكبرياء. وقد كانوا يدركون تماماً أنهم خلائق وليسوا آلهة وما كان يمكن للمخلوق أن يرتفع بأكثر مما هو عليه من صنع الله له.
5- إن الله خلق الملائكة أرواحا بغير أجساد كثيفة. فكيف وهم أجسام روحانية غير ترابية يميلون للأرضيات والترابيات؟ إن للإنسان جسداً ترابياً كثيفاً هو الذى يجذبه إلى الخطية ولو اضطره الأمر فى ذلك أن يتعارك مع الروح. والإنسان إذاً له ثمة أو بعض عذر فيما لو أخطأ.أما الملاك الروح الذى تخفف من جسد الخطية الذى ورثه الإنسان عن ادم أبيه الأول فكيف له أن يخطئ؟ الإنسان ضعيف بطبعه وبحكم تكوينه. أما الملاك فقوى لأنه روح شفاف وطاهر وكان الجدير به أن يستمر هكذا طاهراً... )
مماثلة ظالمة بالطبع ولا تحتاج منا إلى تعليق مُطول او حتى مُقصر ولا اجد فى الحقيقة أفضل من كلمات الأستاذ أبراهيم عبد القادر والتى صاغ اياها فى مقال عنوانه بـ ( كلهم فى النار ) وقد قال فيه
" قرأت في القدس العربي بتاريخ 15/9/2006 تحقيقاً بعنوان "علماء دين عرب يختلفون حول دخول منفذي 11 سبتمبر الجنة أم النار" وأوضح التحقيق اختلاف آراء العلماء حول منفذي جريمة 11 سبتمبر، فشيخ الأزهر اعتبرهم مخربين، والشيخ العبيكان عضو مجلس الشورى السعودي رفض الحكم عليهم، أما إخوان الأردن فرأوا أن الحكم يحتاج إلى دراسة، أما مفتى سوريا فرفض المبدأ... "
واخذ الرجل يفند راى هذا وذاك منتقداً ذلك الفكر الذى يحاول ان يحكم ويدين ويعطى جواباً نهائياً بشأن من فى الجنة ومن فى النار وكأن إفتاء هذا أو راى ذاك هو فيصل الحكم وان لا اله فى السماء يحكم ويدين المسكونة بالعدل خصوصاً والأمر يتعلق بمنفذى جريمة راح ضحيتها الالاف
واستشهد بقول الشاعر
هل جاءنا أحد بخبر انه في جنة من مات أم في نار؟،
وأنهى الأستاذ / ابراهيم عبد القادر مقاله هذا بطرفه أجدها الفيصل فى موضوعنا هذا
" وأنا أكتب هذا المقال ورد على فكري حديث طريف دار بيني وبين د. مفيد زوج الدكتورة وفاء سلطان عندما إلتقيت بهما في مؤتمر الأقباط الذي انعقد في زيورخ في مارس الماضي، حيث قال لي:
"الإخوان المتأسلمون يقولون أن الغرب كافر وسيدخل أهله جميعاً النار،أما المتأسلمون فسيدخلون جميعاً الجنة، ولقد تخيلنا أن القيامة قامت، ودخل الغرب(الكافر) كله في النار فعلاً، ودخل المتأسلمون الجنة فعلاً، وبعد فترة وجيزة وجد الحرس شيئاً غريباً، حيث عم السكون والهدوء أهل النار، وزاد الضجيج عند أهل الجنة،فقرر الحرس أن يفتحوا الأبواب لمعرفة ما يحدث في الداخل، فوجدوا أن أهل النار(الكفرة) قد حولوا النار بالعلم والعمل إلى جنة وعاشوا في هدوء وسلام، وأن المتأسلمين قد حولوا الجنة بالجهل والتجهيل إلى فوضي عارمة. "
لا انا بل نعمة الله التى معى