نداء للكريمين: مروّه وهاشم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
من أجل خلاص البشرية من عذاباتها المؤلمة أبداً، من أجل شغيلة العالم وكادحية وجوع أطفالهم للخبز أولاً قبل الصحة والعليم، من أجل كل المعذبين في الأرض، من أجل المضطهدين والمساكين، من أجل الجياع والفقراء، من أجل كل هؤلاء نتوجه بنداء استغاثة للكريمين العربيين، كريم مروّة وكريم هاشم نناشدهما التوقف نهائياً عن تضليل العامة من خلال تقديم الماركسية بغير ما هي عليه، التوقف نهائياً عن الكتابة في الماركسية قبل أن يدرك كلاهما أبجدية الماركسية الأولى. هذان " الكريمان " هما أخطر من مختلف صنوف الرجعية على مسيرة التقدم للبشرية بقيادة الطبقة العاملة. عليهما أن يعلما ذلك فالرجعية تناطح الماركسية وجهاً بوجه وقرناً بقرن أم التحريفيون من أمثالهما فإنما يزرعون المرض وفطريات التآكل في جسم الماركسية. عليهما أن يعيا ذلك ويتوقفا، وإلا ترتّب علينا أن نكيل لهما ضربات في العظم تكشف كل الخبث في دعاويهم.
ما يستثير من لا يستثار هو نداء كريم مروّه بالأمس من على شاشة أحد التلفلزة إلى الشباب الشيوعي طالباً إليهم إن يستفيدوا من تجربته، وهي تجربة الخيبة كما وصفها هو نفسه، والردّة التي انتهت إلى اعتبار فلاديمير لينين مجرماً تتوجب محاكمته (!!) واعتبار ماركس إصلاحياً في الجوهر واقترف أخطاءً كثيرة كلما تجاوز الإصلاح. أما كريم الآخر، كريم هاشم، فحاول أن يغطي انحرافه إلى يمين مروّه بدعاوى فلسفية يخمّن أنها ستجلب إليه بعض المتثاقفين من البورجوازية الوضيعة. كلا الكريمين لا يفهمان محاور أساسية في الماركسية ومع كل جهلهما الفاضح يتجرآن على تقمص دور المعلم وهم الأكثر حاجة إلى التعلّم.
يقول " المعلم " كريم مروّه أن جوهر الماركسية هو العدالة الإجتماعية أو العدالة في توزيع الثروة؛ ويضيف كريم هاشم إلى ذلك أن هم ماركس الأول كان حرية الإنسان. الكريمان يعتقدان أن الماركسية نظرية غائية بينما ألفباء البحث العلمي تقول أن الغاية تفسد النظرية فلا يجوز للباحث أن يعيّن غاية البحث ثم يطفق في البحث بعدئذٍ لتحقيق هذه الغاية. فماذا لو أن البحث خلص لنتيجة معاكسة للغاية؟! وإليك ما يقوله كريم هاشم.. "الماركسية قد عنت بالأساس بإلغاء كل الإرتهانات التي تستلب وتشيئ الإنسان وفق منظور تاريخي ومنهج علمي وصولاً إلى الحرية الكاملة " !! صحيح أن ماركس الشاب انتصر للطبقة العاملة وهذا ما ساعده على امتلاك النظرة الموضوعية وهي العامل الأساس في اكتشاف كل القوانين الموضوعية في التطور التاريخي، لكنه لم يكتشف قوانين " المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية " كي يساعد الإنسان على التحرر كما يعتقد خطأً كريم هاشم. نقول اكتشف ولا نقول وضع لأن القوانين الديالكتيكية والتاريخية كانت عاملة ونافذة قبل ماركس وقبل التاريخ. التاريخ لا يتطور لتحقيق تحرير الإنسان وليس أدل على ذلك من أن النظام الرأسمالي الذي عقب النظام العبودي ونظام الإقطاع جاء أكثر الأنظمة استعباداً للإنسان كما أشار ماركس. التاريخ يتطور بلا غاية. التاريخ يتطور بفعل الصراع في موضوع كفاءة وسائل الإنتاج وتطوير أدواتها باتجاه زيادة الإنتاج.
من المعيب تماماً بل الفاضح كليّاً أن يقول الكريمان بأن " العدالة الإجتماعية " كانت هاجس ماركس الأول. لقد سخر ماركس سخرية لاذعة من فكرة " العدالة الإجتماعية " ولم تسكنه مثل هذه الفكرة البورجوازية الوضيعة على الإطلاق. لم تخامر الإقتصادي الأكبر كارل ماركس فكرة العدالة في توزيع الثروة أو الإنتاج لأن ألفباء علم الإقتصاد تقول أن شكل التوزيع يقرره شكل الإنتاج وأي تدخل في آلية هذه العملية من شأنه أن يعطل قوى الإنتاج. الإنتاج الرأسمالي يقتضي بالضرورة توزيعاً رأسمالياً سواء كان عادلاً أم غير عادل، والإنتاج الإشتراكي يقتضي توزيعاً اشتراكياً، كما أن الإنتاج الشيوعي يقتضي توزيعاً شيوعياً الذي هو في الحقيقة "لا توزيع" حيث يكون قد أصبح مشاعاً.
الجهالة الكبرى التي تستولي على الكريمين تنعكس بجلاء في جهلهم بطبيعة الدولة. الدولة في العلوم الماركسية هي دائماً وأبداً جهاز القمع الذي تمتلكه الطبقة الحاكمة والموظف في حماية عملية الإنتاج السائدة وعناصرها العديدة. تنبه كريم هاشم لهذه الحقيقة التي من شأنها أن تنسف كل تنظيراته السفسطائية من جذورها فراح يتفلسف في فلسفة فاسدة حول المصالح الكلية والمصالح الجزئية وما يقع بين بين هو الدولة. بهذا الفهم الهيجلي تقوم الدولة التي لا تنتمي لأي طبقة. نعم هناك دولة لا تنتمي لأي طبقة وتظهر فقط عندما لا يكون في المجتمع من طبقات ذات شأن في الإنتاج كالإقتصادات الريعية حيث تقوم دولة " الدائرة المغلقة/ Closed Circle " أي دولة العصابة. أما في دول المجتمعات المتبلورة في طبقات لها قسمها من العمل الإجتماعي فليس ثمة من دولة لا تنتمي لطبقة بعينها من الطبقات الغارقة في العملية الإنتاجية. لكن كريم مروّه لا يوافق على هذا ويقول أن خطيئة ماركس المميتة هي قوله بدكتاتورية البروليتاريا !! لعل مروّه معذور في هذا فهو لا يعلم أن " لا اشتراكية بدون دكتاتورية البروليتاريا ". تلك حقيقة أكد عليها ماركس وأكد عليها إنجلز وأكد عليها لينين وأكد عليها ستالين، لكن كريم مروّه لا يقول ذلك، فأيهم نصدق نحن الشيوعيين؟!!
كل تحريفات الكريمين تنهار تماماً إذا ما كانت الدولة السوفياتية منذ العام 1917 وحتى العام 1953 هي دولة تنتمي إلى طبقة وتمثلها في حماية نمطها من الإنتاج. الكريمان المنحرفان يقولان بأن الدولة السوفياتية لم تكن تمثل طبقة إنتاجية بل كانت تمثل طبقة البيروقراطية !! مثل هذا القول لا يثير إلا الضحك وعلى الكريمين أن يخجلا به إذ يلحق بهما الخزي والعار. نعود لنسألهما مرة أخرى.. هل البيروقراطية نمط من الإنتاج؟ وما هي أدوات إنتاجها؟ وما هو إنتاجها؟ وكيف لدولة البيروقراطية أن تعود بمجمل الإنتاج العام في الإتحاد السوفياتي إلى ما كان علية في روسيا القيصرية عام 1913 قبل الحرب خلال 3 سنوات فقط 1923 ـ 1926 علماً بأن الشعوب السوفياتية كانت " تبيت على الطوى " بتعبير لينين عام 1922. وكيف لهذه الدولة البيروقراطية تضاعف الإنتاج القومي عدة مرات في عشر سنوات 1928 ـ 1938 وهو ما مكنها من سحق جيوش النازية الجرارة المدعمة بكل موارد القارة الأوروبية المادية والبشرية وتحرر العالم مثلما نراه اليوم؟؟ ـ وهذا من بين آثار كبيرة وعميقة خلفها مشروع لينين على العكس تماماً مما يدعي الكريمان. وكيف لهذه الدولة البيروقراطية أن تعيد إعمار البلاد السوفياتية لأفضل مما كانت عليه قبل الحرب خلال سنوات قليلة 1946 ـ 1950 في حين فشلت الحكومات " الديموقراطية الحرة " في أوروبا الغربية أن تقوم بالمثل رغم المساعدات الأميركية ومشروع مارشال؟؟ لئن كان مثل هذه الدولة هي دولة الطبقة البيروقراطية فيترتب على سائر المجتمعات أن تخلق طبقة بيروقراطية وتحضها على إقامة دولتها!! ـ الحقائق والأرقام أيها الكريمان لا تساعدكما بتوفير أي غطاء لأكاذيبكما.
لنر كيف يتجه كريم هاشم إلى درك لم يصله أحط أعداء الإشتراكية إذ يقول.. " الحزب البولشفي ذو الطبيعة المنفصلة شبه التآمرية؛ لقد كان هذا الحزب نتاجاً للقمع القيصري الذي لا حدود له وللتخلف، تخلف الطبقة العاملة وشيوع الوعي المشوّه لديها ". وهنا لا يسع الشخص العاقل إلا أن يتساءل.. هل يدرك المدعو كريم هاشم ما يقول؟ لا أعتقد ذلك. كل العالم بما في ذلك أعداء لينين من مثل بليخانوف وكاوتسكي كانوا يعرفون أن لينين شعلة من الذكاء الحاد وأنه ثوري طليعي إلا كريم هاشم الذي يقول أن لينين متخلف (!!) ومن طبيعة تآمرية ووعي مشوّه (!!). كريم هاشم مجهول الاسم والهوية لا يسب فلاديمير لينين فقط بل ويسب كل الذين تبنوا موقف لينين، موقف البلاشفة، وهم ملايين المثقفين والعلماء والبروليتاريا الطلائعية. كل هؤلاء من المتخلفين ما عدا كريم هاشم !! من يصدق مثل هذه الفرية المخزية؟!
ولنره أيضاً كيف (يتشلبك ببعضه) كما يقول العامة.. يهاجم بقوة الإرادوية في العمل السياسي الثوري لكنه مع ذلك يطالب بالتدخل في احتساب التطورات الكمية بكل دقة حتى الوصول إلى التغير النوعي أو الثورة!! لئن خضع مثل هذا التدخل لحساب عداد مثل عداد السيارة فلا لوم في ذلك أما إن لم يخضع لعداد مرقّم فالإرادة الإنسانية تقوم بتقرير مثل هذا الإحتساب ولا مناص عندئذٍ من تقرير إرادوي !
في غفلة منه يقول كريم هاشم أنه.. " يؤسس للخبرة اللازمة للحل الإشتراكي، مما يحد من فرص البورجوازية لاحتواء وإسقاط النظام الإشتراكي كما حدث لثورة أكتوبر في الإتحاد السوفياتي " ونحن هنا ننادي : " دمت غافلاً يا كريم " فها أنت تعترف بأن ما كان في الإتحاد السوفياتي هو اشتراكية وليس " رأسمالية الدولة " كما زعمت وأن ما أسقط الإشتراكية هو البورجوازية. وهذا ما نقوله نحن وأن البورجوازية التي قضت على الدولة الاشتراكية، دكتاتورية البروليتاريا، إنما هي بورجوازية الطبقة الوسطى وكانت بعرض طبقة العمال في الإتحاد السوفياتي.
كثيرون هم من يدعي بأن النظام السوفيتي لم يتجاوز رأسمالية الدولة. من يدعي بمثل هذه الدعاوى، كالكريمين، يجب أن يدرك أنه لا يحق له أن يدلي بآراء على هذا المستوى. فمثل هذا الإدعاء يكشف صاحبه على أنه لا يفهم شيئاً من أدوات وميكانزمات النظام الرأسمالي. فمفاصل الرأسمالية الأساسية هي السوق والنقد والإنتاج البضاعي في العرض والطلب وكل هذه من مواد قانون القيمة الرأسمالي. لم يتوفر في الإقتصاد السوفياتي أي من هذه المفاصل. لم يكن هناك سوق ولم يكن هناك عرض للبضائع بل إن السلع الاستهلاكية لم ترتدي صفة البضاعة كما أن النقد الذي كانت تستبل به لم يكن أكثر من قسائم للإستهلاك دون أن يكون له من قيمة أخرى كأن يستبدل بعملات أخرى ـ قبل الستينيات. كما أن قانون القيمة لم يكن يعمل إلا في أغراض التخطيط الإقتصادي. ثم بالإضافة إلى كل هذا وهو أكثر من كافٍ فعلى المتقولين برأسمالية الدولة في الإتحاد السوفياتي أن يبينوا لنا بالحد الأدنى الأوجه التي كان يصرف بها فائض الإنتاج ! أنا أعلم تماماً أن قادة الدولة قبل الستينيات كانوا يعيشون على الكفاف ولنا في ستالين مثال على ذلك. كان فائض الإنتاج يصرف كليّاً على تطوير أدوات الإنتاج كماً ونوعاً. كانت تتوالى خطط التنمية الخماسية بنجاح فائق ولدى انتهاء كل خطة تقرر الدولة زيادة الأجور وخفض الأسعار بذات الوقت. هل ثمة رأسمالية تقوم بذلك؟ هل كان فائض الإنتاج يصرف لصالح "البيروقراطيا" الحاكمة؟ كل الذين يقولون برأسمالية الدولة السوفياتية عليهم أن يدركوا أنهم بمثل هذا القول إنما يكشفون عن فقر فكري مدقع لديهم تلزم معالجته قبل التزويد بتنظيرات خنفشارية.
ما يكشف عن الفقر المدقع في الفكر الماركسي لدى كريم هاشم خصوصاً هو تعليله قيام ما سماه بالثورات الإشتراكية في البلدان الأكثر فقراً وعزا ذلك إلى " الفشل الفاضح في بناء رأسمالية متقدمة ". أفكار كهذه تقول أن السيد هاشم لا يعرف " قانون القطيعة الرأسمالية "، كما لا يدرك مبررات ومقاصد المشروع اللينيني في الثورة الإشتراكية العالمية ومكانته في التاريخ. عندما نادى لينين شعوب الدول المستعمرة والتابعة للنهوض من أجل الإستقلال وفك روابطها مع دول المتروبول الإمبريالية، إنما كان يهدف إلى تفكيك النظام الرأسمالي العالمي الذي هو الشرط الأول لنجاح الثورة الإشتراكية في العالم كله. الدولة الفقيرة التي كانت تعلن اشتراكيتها إنما كانت تعلن إنضمامها لمسيرة المعسكر الإشتراكي، مسيرة لينين بالأساس. وعصابة خروشتشوف هي من أطلق صفة اللارأسمالية على مثل تلك الأنظمة. واليوم يزعم كريم هاشم بأن الاشتراكية أقرب إلى التطبيق مما كانت قبلاً، ومثل هذا الرأي لا يجروء على القول به من لدية إلمام بأبسط حقائق الثورة الاشتراكية. اختلف البلاشفة عام 1921 حول إمكانية بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي وهو بسعة قارة فأين ينوي هاشم بناء اشتراكيته وبدون بروليتاريا؟ يا للفقر الفكري المدقع!!
وفي النهاية نتوجه مرة أخرى باسترحام إلى الكريمين فنرجوهما بحرارة أن يرحمانا فيسكتا عن كل كلامهما فاقد الدلالة في النقد الماركسي، وهو ليس أكثر من لغو وثرثرة بلا معنى. ولئن شعرا بأن عليهما أن يخدما نفسيهما خدمة ذات شأن فليعودا لدراسة ماركس من جديد وأنصحهما بحرارة أن يدرسا الجزء الأول من كتاب رأس المال، إذ لا يجوز لأحدهم أن يدّعي بأنه ماركسي أو أنه ناقد لماركس بغير دراسة هذا الكتاب النفيس. ولئن إحتاجا إلى معلم، وأظنهما يحتاجان، فإنني على استعداد لأن أوفر لهما مثل هذا المعلم.
فـؤاد النمري
www.geocities.com/fuadnimri01