الإخوان المسلمون مذاهب شتى أم ضحك على الذقون؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الإخوان المسلمون: مذاهب شتى أم ضحك على الذقون؟
عرض المفكر المصري السيد ياسين في مقال أخير (بعنوان: الحركة الإسلامية بين الرؤية المغلقة و المرجعية المنفتحة! )، للتنوع الذي تشهده حركة الإخوان المسلمين في كل من مصر و سوريا و الأردن، بناء على ما توصلت إليه دراسة البروفيسور "بيري روبن" المنشور في مجلة "جلوبل بوليتيشن "، و الذي يمكن الرجوع إلى نصه الأصلي باللغة الانجليزية على الرابط أدناه (*). و بالمناسبة البروفيسور "بيري روبن" ليس " احد الباحثين الأمريكيين الثقات "، كما جاء في مقال السيد ياسين، بل هو باحث إسرائيلي مختص في الشؤون العربية و يدير مركزا بحثيا في القضايا الدولية (مركز "جلوريا")، و هم حاليا زائر لمركز واشنطن لدراسات الشرق الأدنى.
أما النتيجة النهائية التي خلص إليها الباحث و ركز عليها مقال السيد ياسين فهي: " ان الحركة الإسلامية في هذه البلاد تتبنى أيديولوجية واحدة هي السعي لتأسيس دول دينية تطبق الشريعة الإسلامية و لكنها اتبعت في سبيل ذلك مذاهب سياسية شتى، اختلفت وفق وضعها في كل بلد من هذه البلاد." و من المهم التنويه بان ما يعنيه البروفيسور روبن بالمذاهب هو مجموع السياسات و العلاقات و مناهج و طرق العمل
( (politics، interrelations، and methods. فهل تنظيمات الإخوان تختلف حقا في هذه المسائل، أم إن اختلافها الظاهري مرده تكتيكات و خدع هدفها تضليل العامة؟
يقول السيد ياسين: ldquo; أما الإخوان المسلمون في الأردن فهي جماعة قانونية تستخدم أساليب سلمية في الدعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية. وهي جماعة دينية لها حزب سياسي يعبر عنها هو حزب "جبهة العمل الإسلامي" الذي يشارك في الانتخابات باسمها." لكن استعمال الأساليب السلمية من طرف تنظيم ذي فكر أصولي، إقصائي و منحرف هو فقط من باب "مكره أخاك لا بطل"، و من الوهم حقيقة اعتباره ذلك مؤشرا على ديمقراطية و سلمية الحركة. فزعيم الحزب النازي في ألمانيا، على سبيل المثال، حلف، في نهاية العشرينات من القرن الماضي - و بأغلظ الإيمان -بالتباعه الوسائل السلمية للوصول إلى السلطة، بعد إن فشلت محاولته الانقلابية و انتهى أمره إلى السجن، قبل ذلك. كما ادعت حماس (فرع الإخوان المسلمين في غزة ) العمل بالوسائل الديمقراطية اثر نجاحها في الانتخابات التشريعية الأخيرة. لكن هذا لم يمنعها من السطو على السلطة بعد ذلك، و بالطرق البشعة التي وصلت إلى حد سحل مناضلي فتح في الشوارع و الإلقاء بهم إحياء من طوابق البنايات، و هي البشاعات التي صنفتها "هيومن رايتس واتش " ضمن جرائم الحرب.
يواصل السيد ياسين مقاله بقوله: " بالدراسة المقارنة للمنطلقات والممارسات يمكن القول إن فرعي جماعة الإخوان المسلمين في كل من الأردن ومصر تتبنيان رؤية مغلقة في مجال الدعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية بحذافيرها في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة كما ظهر من ممارسة أعضاء الإخوان المسلمين الذين شاركوا في بعض الوزارات الأردنية. كما أن ذلك ظهر واضحاً في البرنامج السياسي لحزب الإخوان المسلمين المقترح في مصر، والذي يؤسس لحكومة دينية تقوم على تشكيل مجلس أعلى للفقهاء يراقب قرارات المجالس النيابية وقرارات رئيس الجمهورية التي يصدرها بقانون في غيبة البرلمان."
إذا لم يتبقى لنا إلا تعليق ما تبقى لدينا من وهم على مشروع الإخوان في سوريا. و هنا كتب السيد ياسين: " غير أن الإخوان المسلمين في سوريا لهم مشروع مختلف أصدروه بعنوان "المشروع السياسي لسوريا المستقبل: رؤية جماعة الإخوان المسلمين في سوريا"... الذي يقوم على أن "الشريعة الإسلامية في مصدريها الخالدين: الكتاب والسُّنة هي مصدر رؤيتنا لصياغة مشروع حضاري يتصدى لتحديات الواقع... "، دون أن يحدد لنا نص المشروع أو السيد ياسين المقصود من العبارة المبهمة "حمالة الأوجه": "مشروع حضاري يتصدى لتحديات الواقع ".
أما في شان "مرتكزات الدولة الحديثة" لنفس البرنامج. يحذرنا السيد ياسين نفسه: " إن الدولة الإسلامية المبتغاة هي بعبارات المشروع (ص 24) "دولة مدنية تتميز بمرجعيتها الإسلامية المنفتحة"، مع إضافة الكاتب:" و السؤال الرئيسي هنا هو: ما هي سمات وملامح هذه الدولة المقترحة؟ و يأتي الجواب بالرجوع لنص البرنامج الاخواني:" إنها دولة ذات مرجعية، ودولة تعاقدية، ودولة مواطنة، ودولة تمثيلية، ودولة تعددية، ودولة تداولية، ودولة مؤسساتية، ودولة قانونية. " و بما أن كل هذا هو مجرد جعجعة بلا طحن، ينتهي الأمر بالسيد ياسين للتأكيد:" و لعل السمة الأولى للدولة الإسلامية التي يسعى إليها المشروع هي أنها دولة ذات مرجعية. ومسألة المرجعية مسألة إشكالية لأن فروع الإخوان المسلمين في بلاد متعددة، وما تفرع عنها من حركات أو أحزاب تستخدم مفهوم المرجعية استخدامات شتى وبدرجات متفاوتة من الوضوح والغموض. الإخوان المسلمون في مصر يفهمون المرجعية على أنها إقامة الحكومة الدينية أي حكومة الفقهاء الذين من خلال مجلس تتشكل أعضاؤه من رجال الدين وينتخب انتخاباً مباشراً يراقبون قرارات البرلمان وقرارات رئيس الجمهورية التي يصدرها في غيبة البرلمان... غير أنه بالنسبة للمشروع السوري هناك عرض واضح لما يقصده بالمرجعية وهي كما يقرر "في حديثنا عن المكون العقائدي والثقافي لمرجعيتنا، تبرز خصوصيتنا الإسلامية، التي تشكل المصدر الأساسي والمتميز والمهيمن للمرجعية العليا التي ندعو إليها، ونعتبرها أساس مشروعنا الحضاري". فأين "وضوح العرض" في كل هذه الخبطة المقصودة يا سيد ياسين؟؟؟
بعد كل هذا يعود الكاتب ليختم مقاله كالتالي: " و لكن تقديرنا للخصوصية الإسلامية لا يجوز من الناحية المنهجية أن يحشرنا في إطار الدولة (الثيوقراطية) ". و هنا يعود الكاتب إلى المربع الأول، على اعتبار أن الاختلافات الظاهرية لحركات الإخوان من دولة إلى أخرى ما هي إلا أكاذيب و خدع، و محاولات لــ "لانحناء أمام العاصفة" كما نصحهم بذلك مرارا زعيمهم الروحي الشيخ يوسف القرظاوى. فالمسالة هي إذا مجرد ضحك على الذقون، إذ لا وجود لأية اختلافات جوهرية بين هذه الحركات في شان الهدف النهائي ألا و هو فرض ما تعتبره "حاكمية الله " بالقوة، كما لا وجود لخلافات جوهرية بينها بخصوص الاستعداد لاستعمال القوة و تبرير ذلك شرعيا، و كل هذا يتناقض و أسس الدولة الحديثة و الديمقراطية، التي يعود فيها التشريع و تطبيق القوانين للمؤسسات الوضعية المنتخبة لا غير.
____________________________________
(*) يمكن الرجوع لمقال البروفيسور بيري روبن على الرابط التالي:
meria.idc.ac.il/journal/2007/issue2/jv11no2a8.html
Abuk1010@hotmail.com
د. أبو خولة