أصداء

الاختلاف الفكري يستدعي تبني النظام الفيدرالي في العراق

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


المتابع لردود الفعل العراقية المتباينة حول قرار مجلس الشيوخ الامريكي لتفعيل حل الثلاث فيدراليات في العراق والتمهيد للانسحاب الامريكي يستطيع ادراك حقيقة عمق الأختلاف الفكري بين مكونات المجتمع العراقي الرئيسية الثلاثة وهذا الاختلاف هو ما يدعونا للاعتقاد في ان الحل يكمن في الفصل بين المكونات الاجتماعية الرئيسية المتنازعة اذ ليس باستطاعة اي قوة في العالم فرض تعايشا سلميا بين مجاميع بشرية لاتؤمن بالمساواة بل لازالت سلوكياتها تنبع من فلسفة هيغلية في سيكولوجية "السيد والعبد".

العراقيون العرب السنة

هناك مسلمات وثوابت تميز الخطاب السني هي تماما بعكس تلك التي تميز الخطاب الشيعي الذي يقترب من الخطاب الكوردي لكنه اقل وضوحا منه.
الخطاب السياسي العراقي السني يحتوي على او يشير بشكل مباشر او غير مباشر الى مفاهيم اصبحت مشتركة عند عامة العراقيين العرب السنة سواءا كانوا عشائريين او قوميين او اسلاميين او علمانيين منها: احتكار الوطنية اي المزايدة على الآخرين والادعاء انهم وحدهم (أي السنة) المواطنون الاصليون وعليه فهم فوق كل الشبهات وهم من يقرر او يحدد المفاهيم الوطنية والسياسية والاجتماعية، والعراق هو ملكهم وارتباطه بالجامعة العربية يوفر لهم الدعم القومي والديني وهو كذلك الامتداد الاجتماعي الذي يحولهم الى اغلبية وانسحاب العراق من الجامعة العربية وفصل العراق عن المحيط العربي سوف يبعدهم عن احتكار مهنة السياسة وبالتالي يحرمهم من امتيازات مزمنة ولذلك فان ممثليهم لم يدخروا جهدا لتثبيت الانتماء العربي بالدستور العراقي الدائم ولاغرابة اذن حين يكون ولاء العراقي العربي السني للعربي السني غير العراقي اكثر من ولاءه للشيعي او الكوردي او التركماني العراقي. وهو لاينكر هذا بل بالعكس يبرره على انه الصواب وكل من يعارضه فهو على خطا وتتوالى عليه اتهامات العمالة للخارج وخيانة الوطن والدليل ان المقيمين المصريين او الفلسطينين المتواجدين في اقليم الاغلبية السنية كانوا محميين ولم يتعرضوا الى اي اذى ولكن الاقليات الشيعية والكوردية كادت تنتهي في تلك المناطق ذبحا او تهجيرا. اختزل الشخص العراقي العربي السني الوطن بشخصه فكل ما يتعارض مع افكاره ورغباته هو غير وطني ولايصدر الا من خونة وعملاء وهذه اصبحت ظاهرة متجذرة في اللاوعي الجمعي لسنة العراق العرب. يستهجن السني العراقي الولاء للطائفة على الشيعي (وليس لنا اعتراض على هذا) ويدعو الى الولاء للقومية بدلا عنه والسبب واضح هو لان الانتماء القومي (هو ايضا طائفي لايعترف بعروبة الشيعة) يوفر له الامتداد الاجتماعي وبالتالي الضغط الكافي لوضع السياسات والقوانين التي ستحافظ له على امتيازاته الطائفية والقومية والسياسية. فالتطرف الطائفي مرفوض ولكن التطرف القومي مقبول بالنسبة له وهذا مايفسر الضجة التي تحصل في الاوساط السنية عندما يزور مسؤولا او شخصية سياسية شيعية ايران او اذا صرح احد الساسة الايرانيين تصريحا يفهم على انه تدخلا بالشؤون الداخلية
(لااعتراض لدينا في هذا) ولكنه في نفس الوقت يدعو الى تدخل اكبر للجامعة العربية ويبارك كل زيارة او تقارب للحكومة العراقية مع الدول العربية حتى وان كانت تلك الدول "شعبيا" تدعم حملات التبرع بالمال والتطوع لقتل الشيعة وتدمير مراقدهم ولم يشجب اي تصريح لسياسي عربي يطعن في وطنية شيعة العراق ويتهمهم بالولاء لايران.
اثبت التاريخ العراقي ان الشخصية العراقية العربية السنية لاتريد التخلص من عقدة الاستعلاء بل على العكس فهي تحاول جاهدة اقناع من حولها بالاعتراف بدونيتهم ولذلك فان الخطاب السني يخلو تماما من الاعتراف بالخطأ بل هو تماما مكرس لمهاجمة ضحايا الحكومات السنية المتعاقبة على حكم العراق وهذه الظاهرة السيكولوجية في الدفاع عن السلوك الخاطيْ اسماها "سيجموند فرويد" الآلية الدفاعية (Defense Mechanism).
والحقيقة لايجب ان يقع اللوم على الاجيال المعاصرة وحدها في شيوع هذه الظاهرة لانها كرّست عبر قرون طويلة وساعد على تجذرها عوامل دينية واجتماعية وجغرافية فاصبحت ثقافة اجتماعية تستند الى تراكم تاريخي معرفي كبير.
العراقي العربي السني "واعتمادا على عقدة الافضلية" يعتبر المساواة والتمثيل السياسي الذي يتناسب مع حجم طائفته يعتبره الظلم والجورالذي فرضه عليه واقع مابعد 2003 وقد يكون لهذه الظاهرة بعدا دينيا ايضا لان السنة يعترفون فقط بمذاهبهم الاربعة ولم تعترف مراجعهم ومؤسساتهم الدينية بالمذهب الشيعي لحد هذه اللحظة وعليه فان الشخص الذي اعتنق المذهب الشيعي هو ليست بمسلم او مسلم كافر على الاقل وبالتالي فليس من العدل ان تساويه القوانين مع الشخص المسلم (اي الذي اعتنق احد المذاهب السنية الاربعة) وهذه النظرة الدونية هي التي تمنع العرب السنة من اعتبار ماارتكب بحق الشيعة ايام حكم البعث جرائم بحق الانسانية.

العراقيون العرب الشيعة

وعلى الجانب الآخر فان العراقيين العرب الشيعة فقدوا الثقة تماما بالتعايش مع ابناء السنة لان الاضطهاد السني لهم كان اهم ماميز الدولة الاسلامية والمجد الذي جناه القادة المسلمون كان نتيجة لوحشيتهم وبطشهم الشديد بالشيعة، فمعاوية بن ابي سفيان وعبيد الله بن زياد والحجاج بن يوسف الثقفي والمأمون وصلاح الدين الايوبي نزولا الى صدام حسين ليسو الا امثلة حية على مانقول.

وصل الظلم والاضطهاد للشيعة في الدولة الاسلامية حدا لايطاق وما "فقه التقيّة" الشيعي الا انعكاسا حقيقيا لما كان يعانيه الشيعة من جرّاء الاجهار بمعتقداتهم.
تولدت لدى الفرد الشيعي عبر قرون من الزمن عقدة وهذه هي "عقدة المظلومية" فراح يسلي النفس ويصبرها على الضيم بِسِير الائمة ومظلوميتهم وينبش في التراث الاسلامي بحثا عن اقوال وادبيات يمكن الاتكاء عليها مثل (المؤمن مبتلى، اللهم اجعلني من المظلومين ولاتجعلني من الظالمين، لو دامت لغيرك ماوصلت اليك، ودوام الحال من المحال.....الخ) وهذا ايضا ما يفسراعتزال ائمتهم الحياة واعتكافهم في صومعات العبادة فبرعوا في آدب "الادعية".
لم يستطع اي من ائمة الشيعة بعد استشهاد الامام على(ع) من التخلص من ملاحقة الوالي السني له حتى وان لم يطلب السلطة لان مجرد وجوده وكونه منحدرا من سلالة الرسول الاعظم (ص) كانت كافية لالتفاف الناس حوله وهذا بحد ذاته يشكل تهديدا للحكم، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من هرب ومنهم من اختفى او "احتجب".

استدرك بعض الائمة المتأخرين المسالة مدفوعا بحب الحياة ولكي يتملص من تحمل مسؤولياته في قيادة الجماهير والاصطدام بالسلطة السنية القوية دائما فشرعن تأجيل ممارسة بعض الطقوس والعبادات حتى ظهورالمهدي "صاحب الزمان".
أخذت سيكولوجية المظلومية من اتباع المذهب الجعفري مأخذا فبدا الشيعة لايرون في التاريخ الاسلامي شيئا عدا مظلوميتهم ولايرون في ائمتهم غير صفة المظلومية والاضطهاد الذي عانوا منه على ايدي الولاة الامويين والعباسيين (فصوروا الامام الحسين (ع) على انه مظلوما كان توسل عمر بن سعد الّا يقتله، وطلب ارساله الى يزيد بن معاوية لاعطائه البيعة فرفض عمربن سعد طلبه، وكان استجدى عطف جيش عمر بن سعد وطلب ماءا لابنه الرضيع عبد الله لكنهم نحروه قبل ان يرى الماء. يتم احياء مراسيم واقعة الطف سنويا فتضج النساء والرجال بالعويل والبكاء وتشج الرؤوس وتلطم الصدوروتنحر النذور. ورغم تأكيد رجال المؤسسة الدينية الشيعية على ان هذه العادات هي امور مستحبة وليست واجبة لكنها بدات تطغي على الامور الدينية الواجبة والدافع قد يكون سياسي سيكولوجي فلو توقف الخطاب الديني السني عن مهاجمة هذه الظاهرة الشيعية لاندثرت بمرور الوقت).
وماهذه الطقوس الا تجسيدا لعقدة المظلومية التي ادمنها الشيعة واتخذوا منها عزاءا لما عانوه فنقاعسوا واستكانوا وفشلوا في رفع حيف مئات السنين عنهم ومنعتهم قرائتهم الخاطئة لواقعة الطف من رؤية الصفات البطولية في الايمان والرجولة والفروسية عند الامام الحسين(ع) الذي لم يثنه 10000 مقاتل عن عقيدته وواجه الموت واستقبل السيوف باسما شامخا).

كوابيس تاريخ مئات السنين من الظلم السني الذي لم يتوقف الا قبل اربع سنوات فقط ولّد لدى الشيعة العراقيين رهابا نفسيا"فوبيا" جعلهم يشكون بنوايا كل عراقي عربي سني ولايرون فيه الا صورة ليزيد بن معاوية او الحجاج بن يوسف اوصدام حسين.

مقاومة العراقيين السنة للوضع السياسي الجديد في العراق اكد شكوك ومخاوف الشيعة من عودة وضع ماقبل 2003 حيث لم ير زعماء الشيعة في قبول تخلي العراقيين العرب السنة عن بعض الامتيازات الا مناورة مؤقتة لتخديرهم حتى تنسحب قوات التحالف فيتم الاستنجاد بالدول العربية المحيطة للاتقضاض على الحكومة. ويعتقد السياسيون الشيعة ان عداء السنة للنظام الفيدرالي آت من حقيقة ان هذا النظام سوف يغلق آخر باب من ابواب الامل القومي العربي في ترتيب انقلاب"أبيض" والغاء كل قوانين وتشريعات العملية السياسية العراقية بحجة انها شرعت تحت الاحتلال الامريكي وهذا ماتؤكده المطاليب السنية المتكررة.

الكورد في كردستان العراق

الكورد ينتمون الى قومية هندوأوربية لاتمت للقومية العربية باية صلة والذي جمعهم مع العرب الدين الاسلامي فقط وحتى هذا الدين طرأ عليهم بعد اجتياح القبائل العربية للمنطقة مبشرة بدين محمد(ص) حفزتها "الانفال" قبل الايمان. كان الكورد كاغلب الهندواوربيين يدينون بالزرادشتية (لازالوا يحتفلون بعيد النوروز الزرادشتي). وهم سكنة الجبال والغابات ومنابع الماء الصافي والذين ساعدت البيئة على اختلاف حياتهم وطرق معيشتهم اختلافا جذريا عن البدو"العرب" سكان الصحاري الجافة التي ينقصها اسباب الحياة كالماء والزرع وهذا النقص الشديد في مصادر العيش هوالذي جعل الغزو المهنة الاولى ومصدر الرزق عند العرب فاصبحت طريقة حياة ساعدت البدوي على ان يكون مقاتلا متمرسا وكانت شرعنة الغزو وتبديل تسميته الى"فتح" هي من اهم اسباب الانتشار السريع للاسلام.

الكورد "هم ايضا" اقوام مقاتلة عنيدة لم تستسلم لقوى الاستبداد،وكانت كافأتهم الدولة العثمانية بتاسيس 16 امارة تتمتع بالحكم الذاتي التام بعد ان قاتلت القبائل الكوردية الى جانب العثمانيين ضد الفرس الصفويين في معركة "جالديران" عام 1514. فتمتع كورد الدولة العثمانية (تركيا والعراق وسوريا حاليا) بحكم ذاتي منذ عام 1639 عندما رسمت الامبراطوريتان التركية والفارسية الحدود بينهما.

في بداية القرن العشرين وتحديدا بعد هزيمة دول المحور في الحرب العالمية الاولى تقهقرت الدولة العثمانية فتبعها الحلفاء الى دارها.
حاول العثمانيون استمالة الزعيم الكوردي محمود الحفيد البرزنجي لضم كردستان العراق(الموصل اربيل كركوك والسليمانية) الى تركيا لكنه رفض واتصل بالبريطانيين بصورة سرية وسيطر على الحامية العثمانية في السليمانية وسلمها للبريطابيين عام 1918 مقابل وعدا بالاستقلال.

ساءت علاقة الحفيد مع البريطابيين فثار عليهم واعلن الدولة الكردية المستقلة في السليمانية واعلن نفسه ملكا عليها عام 1919 (هذا يعني ان الدولة الكردية اعلنت قبل تاسيس الدولة العراقية عام 1921). تم نفي الحفيد الى الهند بعد ان استعاد البريطانيون السليمانية ومن ثم ضمها الى العراق. تولى بعد الحفيد الاخوان احمد وملة مصطفى البرزاني قيادة حركة التحرر الكوردي.

خضعت الحكومة العراقية البعثية لشروط الثوار الكورد للحكم الذاتي وتم توقيع معاهدة 11 أذار 1971 بين المشنوق صدام حسين والمرحوم ملة مصطفى البرزاني ولكن التفت حكومة البعث عليها فنشبت الحرب بين حكومة المركزالبعثية والكورد عام 1974 انتهت بتوقيع صدام معاهدة الجزائر عام 1975 والتخلي عن اراض عراقية ونصف شط العرب لشاه ايران محمد رضا بهلوي مقابل ايقاف الدعم للحركة الكردية.

واخيرا تحقق الحلم الكوردي بعد حرب الخليج الثانية عام1991 في الحكم الذاتي. لكن سوف لن يتوقف الحلم الكوردي عند هذا الحد بل سيتعداه للعمل على تحقيق الهدف الاكبر الا وهو تاسيس الدولة الكردية الكبرى على اراض تركية-ايرانية-سورية-عراقية وهذا ما يفسر تسمية الكورد العراقيين لاقليم كردستان العراق ب "كردستان الجنوبية") وهو،من وجهة نظري، طموح مشروع.

لم يكن الكورد في تركيا وسوريا وايران بافضل حالا من اخوانهم الذين اصبحوا من حصة العراق
ففي تركيا اضطهدتهم وتضطهدهم الحكومات التركية المتوالية منذ تاسيس دولة كمال اتاتورك المسخ فمنعوا من التحدث بلغتهم اوتعليمها لابنائهم ومنعوا حتى من سماع موسيقاهم واطلق عليهم اتراك الجبل كجزء من حملة اذابتهم القسرية في القومية التركية ونجحت تركيا من خلال عضويتها بحلف الNATO من وضع منظماتهم التحررية،ظلما، على لوائح منظمات الارهاب الدولي.

وفي ايران فقد نجح الكورد في تأسيس دولتهم في الشمال الغربي من ايران بدعم من الاتحاد السوفياتي عام 1946 وكانت عاصمتهم مهاباد، ترأسها القاضي محمد لكنها لم تدم طويلا حيث اسقطها الجيش الايراني حال انسحاب السوفيت والقي القبض على افراد حكومتها واعدم القاضي محمد ووزراءه عام 1947.

اما كورد سوريا فطبّق عليهم البعث السوري نفس سياسات البعث العراقي (باستثناء استعمال اسلحة الدمار الشامل) في الاضطهاد المنظم والحرمان من ابسط الحقوق. فتم تجريد حوالي 120000 كوردي سوري من جنسياتهم عام 1962 ولم يشفع منصب توفيق نظام الدين (رئيس الاركان السوري الاسبق) له فجرد هو ايضا من جنسيته وصادرت السلطة عشرات الآلاف من هكتارات الاراضي الكوردية الصالحة للزراعة ووزعتها على عوائل عربية استقدمت من محافظتي حلب والرقة كجزء من حملة منظمة لتغيير ديموغرافيا المنطقة (تماما مثلما حصل في مدينة كركوك ومناطق عراقية اخرى).هذا اضافة الى الحملة التي شنتها وتشنها حكومة البعث السورية لتعريب اسماء الاشخاص والمحلات والقصبات والمدن الكوردية.

تتحمل القوميات الثلات "العرب والفرس والاتراك" المسؤولية القانونية والاخلاقية لما حصل ويحصل من جرائم تطهير عرقي وعقوبات جماعية ومصادرة املاك وهضم حقوق الكورد الذين هم اكبر قومية في العالم بدون وطن قومي ( يتجاوزنفوس الكورد 35 مليون نسمة تقريبا).

لدوافع قومية لاانسانية اتخذ العرب والجامعة العربية موقفا سلبيا من القضية الكردية العراقية وساعدوا في قمع الكورد( في المقابل اهدت الحكومة العراقية البعثية بعض الفتيات الكورديات السبايا في معركة الانفال الى بعض القادة العرب).

لاينظر الكورد باطمئنان الى العرب لان الكثير منهم شارك في عمليات التطهير والتهجيرسواءا كانوا شيعة ام سنة لكنهم يتعاطفون مع الشيعة لانهم ضحايا النظام السياسي القومي العربي كذلك، ويتذكرون موقف الحوزة الدينية الشيعية ايام المرحوم السيد محسن الحكيم عندما وقفت ضد حملات تطهيرالكورد.
رباط القومية عند الكورد المعاصرين اقوى من رباط الدين. وقد تكون اسباب ذالك هي ان الدول التي اقتسمتهم دول اسلامية،لم يمنعها الدين من ارتكاب المجازر ضدهم بل استعمل بعضها الاسلام كذريعة لحملات التطهيرالقومية فاستعارمفردات دينية اسلامية لحملات الابادة (الانفال مثالا) ثم ان هناك اقليات كوردية تدين بديانات غير الاسلام.
هذا من جانب ومن الجانب الآخر فان الدول الاوربية غير المسلمة (وامريكا الآن) هو من يقف معهم لدوافع انسانية "او مصلحية" ضد ذباحيهم من اخوتهم في الدين في الدول الاربعة المذكورة (شاهدت مرة على شاشة التلفزيون مشهد احراق العلم العراقي من قبل الشباب الكوردي في كردستان ولم يمنعهم من ذلك عبارة "الله اكبر" المكتوبة عليه). الكورد في كردستان العراق هم اقرب واكثر ولاءا ل وتعاطفا مع ابناء جلدتهم في الدول المجاورة من العرب الذين يشتركون معهم قسرا في الوطن العراقي.

الخاتمة

يقول الكاتب خير الله خير الله في مقاله "طرح التقسيم في العراق هل هو ظاهرة صحية" المنشور في عدد ايلاف ليوم 6/10/2007 "العراق الذي عرفناه لم يعد قائما وان الموضوع ليس موضوع تقسيم بمقدار ما انه مرتبط بسؤال مباشروصريح هو الآتي: هل في الامكان اعادة تركيب العراق باي صيغة من الصيغ تؤدي الى حقن مزيدا من الدماء ام لابد من الانتظارلمعرفة كيف ستنتهي معركة بغداد المستمرة منذ ما يزيد على اربع سنوات؟".

للاسباب التي ذكرنا في اعلاه فان العراق الواحد الموحد لم يعد احدى الخيارات الملقاة على طاولة النقاش فهل من حلول أخرى لدى المعترضين على المشروع الامريكي افضل من حل الثلاث فيدراليات لحقن ما تبقى من الدم العراقي؟ ام ان وحدة تراب الوطن"الارض" اهم عندهم من حياة المواطن"الانسان"؟
رفعت بعض الاحزاب السياسية العراقية المعارِضة لافتة "لا للحرب ولا للدكتاتورية" قبل اسقاط النظام البعثي من قبل قوات التحالف لكن ماان اسقطت قوات التحالف نظام صدام حتى كان قادتهم اول من تربع على عرش الرئاسة. أخشى ان ترفع نفس الاحزاب لافتة جديدة تقول " لا للتقسيم و لا للانسحاب الامريكي". هؤلاء هم اصحاب اللاحل او اصحاب حلول مايطلق عليها السياسيون"نصف الحامل"فهل تعلموا الدرس؟.
حياة الملايين تفرض على صناع القرار العراقيين ايجاد حلا سريعا يحقن دمائهم ليس بالضرورة ان يكون حلا مثاليا، فهل هم فاعلون ام سيستمر الجدل البيزنطي حول تعريف الوطني والعميل من انصار الوحدة أوالتقسيم؟


نعيم مرواني
Marwan1997@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف