العراق مقسم حاليا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
كثرت فى هذه الأيام الكتابات مع أو ضد التقسيم والفيدرالية. الواقع يقول ان العراق هو مقسم حاليا الى: دولة كردية فى الشمال تسيطر عليها عوائل متنافسة على السلطة وستنهار كبيت من الورق حالما تنفصل رسميا، ودويلات فى الوسط والجنوب (وبصورة خاصة فى الجنوب) المقتسم بين طوائف المعممين وعصابات اللصوص والقتلة والمختطفين من كل الأنواع والأشكال. البعض منهم له اتصالات فى الخارج مع منظمات دينية وسياسية وعصابات المافيا التى برزت الى الوجود، بسبب ضعف الحكومة، وسنحت لهم الفرص لتهريب الكميات الهائلة من النفط وحصلوا من ذلك على ثروات لاتصدق. أما الذى يصدرعلنا من النفط فان نسبة كبيرة من ايراداته تذهب الى جيوب اولى الأمر من بعض ضعاف النفوس من أعضاء الحكومة والنواب والمحافظين والمدراء العامين وصولا الى أصغر موظف فى الدولة، ولا أستثنى الجيش والشرطة المخترقين من قبل الطوائف والعصابات.
القلة القليلة فى الدولة من المخلصين الشرفاء لا حول لهم ولا قوة امام التيار الجارف لعصابات النهب والقتل الاجرامية التى سيطرت على الشارع تحت شعارات كاذبة ما بين دينية وقومية وطائفية، ويتبعهم الجهلاء ومن عضهم الجوع بأنيابه ومن شردوا من بيوتهم ويعيشون فى العراء آملين ان يحصلوا على قوت يومهم مما يرميه اليهم المجرمون من فتات موائدهم.
أغلبية الشعب العراقي المسالمة تراقب ما يجرى ولا حول لهم ولا قوة ولا رأي، بل يعيشون حياتهم يوما بيوم فى الفاقة والجوع والعطش والمرض فى البلد الغني العائم على الذهب الأسود، وأصبح حالهم كما قال الشاعر: كالعيس فى البيدا يقتلها الظما والماء على ظهورها محمول. لم يعد واحدهم يفكر بغده بل يكتفى بعودته سالما اذا عاد فى يومه الى بيته، واذا عاد اولاده واطفاله الى بيتهم سالمين. يقضى معظم لياليه مسهدا بسبب ازيز الرصاص وانفجارات القنابل، واذا اصابه العطش يشرب من ماء آسن، واذا جاع يكون محظوظا اذا حصل على كسرة خبز يتبلغ بها، واذا مرض يخشى الذهاب الى المستشفى، واذا غامرو ذهب الى المستشفى يستقبله الموظفون باسطين أيديهم لالتقاط نقوده، واذا لم يدفع يطرد، واذا وصل الى الطبيب وأعطاه وصفة لايجد الدواء، واذا وجد الدواء وتيسرت لديه النقود لشرائه يجد ان الدواء الذى اشتراه قد انتهى مفعوله.
الأطفال انقطعوا عن الدراسة خوفا من القتل والاختطاف، ولنفس السبب قلة من المدرسين يغامرون بالذهاب للتدريس. الموظفون يصيبهم الرعب من ساعة خروجهم من بيوتهم الى دوائرهم حتى رجوعهم. أصحاب الحوانيت والخبازين والحلاقين والبقالين وأصحاب المطاعم والمهن الأخرى يراقبون كل سيارة تمر أو تتوقف خوفا من الرمي أو التفجير.
من أعضاء الحكومة من يتعاون مع او يقود الارهابيين، وأعضاء مجلس النواب معظمهم لا يداومون ولايحصل النصاب الا ما ندر، ويترقبون دعوات رسمية من خارج البلد لينعموا بشيء من الراحة الوقتية هم وعوائلهم على حساب الشعب الجائع، وهاهم قد بدأوا يسجلون اسماءهم ضمن الحجاج للموسم القادم، وكأنهم قد قاموا بواجباتهم كاملة تجاه أبناء الشعب الذين خاطروا بأرواحهم يوم ذهبوا لانتخابهم، متجاهلين ان الحجة لا تقبل من انسان مديون، وهم مديونين لشعبهم.
ومن بين السياسيين ومشايخ الدين من استرق بهم المقام خارج البلد ويتصلون بالأجانب لجمع المال والسلاح للآرهابيين باسم القومية اوالدين والاثنين منهم براء. من اخواننا فى الدين من يدفع لهم المبالغ الطائلة طمعا فى جنة الخلد التى يواعدوهم بها، فان الدين يفرض على المسلم الجهاد بالمال أو النفس، فيدفعون الأموال -وهى الأرخص- لشراء الجنة، الأموال تصل الى الجهلة فيجيئون الى البلد ويفجرون أجسامهم النتنة بين البريئين بدون تمييز ليحصلوا على الجنة الموعودة أيضا.
ومن الحكام فى الخارج من أخواننا فى الدين من أصابه الرعب من ديموقراطية توهموا انها ستحصل فى العراق وتزلزلت تحتهم كراسيهم فاندفعوا يفعلون كل شيء لاقناع أمريكا من خطر الشيعة والهلال الشيعي الموهوم، ويشجعوهم على ضرب ايران ولا يهمهم ان يصبح العراق المدمر ساحة قتال ولا يدركون ان حربا على ايران ستدمرما بقي من العراق و المنطقة بأكملها. ولكن ماذا يهمهم فان طائراتهم الخاصة والعامة ستنقلهم بعيدا الى حيث الأمن و الأمان فى الوقت المناسب ويتركون شعوبهم تعانى مثلما يعانى شعب العراق.
كل هذا والجيران والغرباء داخلون فى جدل لا أول له ولا آخر حول تقسيم العراق او وحدته، وكيف يقسم وكيف يوزع ؛ كانما هم يتحدثون عن قطعة أرض مات عنها اصحابها فخولوا انفسهم حق التصرف المطلق فيها. العراقيون الآن لا يهمهم شيء مثل ما يهمهم الأمان الذى فقدوه منذ سنين طويلة وبالنسبة اليهم ان الأمان هو كل ما يفكرون ويحلمون به اليوم وكل شيء ماعداه فهو فى ظهر الغيب.
عاطف العزي