ماجدة الرومي...الجزائر...بغداد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
نحن ندرك ان الغناء يشفي جراح المتعبين،ويلملم حطامهم...ونعلم جيدا..ان المطرب اذا لم يكن صاحب موقف وقضية وسيد في الأخلاق لن يكون ذا حضور جماهيري يستحق الذكر....
فيروز تصدح في بيوت كل العراقيين منذ الصباح لتبلسم جروحهم،وتشترك معنا في ان توقظ الأطفال من نشوة النوم الصباحية،فتتحول البيوت إلى غابة لرقصهم ومرحهم....
والكبرياء ماجدة الرومي عند غروب الشمس تدعو المحبين إلى أن يوقدوا نار محبتهم وهي تنشد بكلماتها العذبة...
هل ثمة فرق بينهما....!
لا وجه للمقارنة....
السيدة فيروز صباحُنا....وماجدة الرومي مساءُ بغداد.....مساء دجلة الخير...وحزن الفرات
وما بينهما حب ومرح ورقص وبكاء....
الله يا وطني...بين قمتين تزدهر وتنمو وتكبر....
الأصوات العذبة كماء الفرات غذاء الروح....وعطر للضحايا...والكلمات دواء للذات الجريحة الخارجة من غبار المفخخات.
دخلت ماجدة الرومي الجزائر عام 1997، رغبة منها إطفاء نار الموت الذي يلتهم جسد الإنسان،في اللحظة التي يشتعل الموت بين أهلها، ولقد منحها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وسام استحقاق رسمي،وهو موقف يحسب له ألف حساب،ولقد سجلت في تأريخها الشخصي كلمة نبيلة بحق شعب له رغبة بالحياة...
أحبها الجزائريون حينما راحت تؤكد بأن الحرب بشاعة وموت لروح الإنسان،ومقولتها (لكننا لم نكن إنسانيين. فكــونوا إنسانيين أكثر منا). زاد من حبهم لها وللحياة،أضف إلى مقولتها الأخرى "ستنتصر الجزائر وستطوى صفحة الدموع والدم... سنتـــــحدث في المرة المقبلة عن هذه المأساة كتأريخ مضى..."
في هذه الأيام والأيام التي مضت كم تمنيت ان تتجه السيدة ماجدة نحو بغداد بباقة من زهورها لتطفئ محنة ما يمر به الشعب العراقي.
ان تجددي عذوبة صوتك على المسرح الوطني في بغداد...
ربما أغنية طوق الياسمين أو كلمات....تعيد للعراقيين روحهم الفتية...سننتظرك يا عصفورة الوادي العميق..ويا روشة لبنان..
استقبلني العام الجديد،وأنا ادخل الصف الخامس الابتدائي في مدرسة الإعلام بهدية من الرب،حيث دخلت صفنا مدرسة رشيقة وجميلة وشعرها طويل...أتذكر جيدا....إنها قالت:
-أنا الست هند...مدرسة التأريخ
وستظل الست هند تلاحقني في كل حياتي حينما اسمع وأشاهد أغاني السيدة ماجدة الرومي...
كانت مادة التأريخ تدور حول حياة الرسول (ص)...بداية الدعوة الإسلامية..موقفهم من قريش...وهلم جرّا..وأنا بين الحرب والدعوة مسافر مع شعر معلمتي...
ارفع يدي يوميا واستعد بفتوة طالب لاستقبال درسها.
كنت اصرخ في محاضرتها..حينما تسألنا:
-ست....ست....ست
وهي تجيب...أثير على مهلك...
تفضل...:
-أجيبها..
-المعركة الأولى بدر...والمعركة..احد..الخندق......
تبتسم ثم تقول لي:
-أحسنت...على مهلك
وبعد معارك عدة....غابت الست هند كالأغنية التي نحبها والتي توشك على الانتهاء..ولم تحضر..لا اعرف السبب..
ذهبت عصرا إلى بيتها الذي يقع بالقرب من بيتنا..خجلت من طرق بابها..فرجعت إلى بيتنا حزينا..جلست أمام التلفاز فظهرت الأسطورة ماجدة وهي ترتقي كالمحبة (لأنك عينيّ عيني )....
بكيت...
ومن ذالك الوقت غابت الست هند وبقيت ماجدة معي في ذاكرتي،ولقد أحببتك يا ماجدة..أحببت الست هند....ربما هناك الكثير من العراقيين من لديه ست غابت عنه.....تكونين أنت(يا ماجدة) معلمته....
د.أثير محمد شهاب