التهديدات التركية للسلم في المنطقة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
قضية حزب العمال الكوردستاني، ليست جديده في المنطقة وبخاصة في تركيا و كوردستان، وانما هي من المشكلات القديمة و المعقده وتستنزف الارواح والاموال من الجانب التركي و الكوردي كما يؤثر استمرار التوتر هذا على أمن دول الجوار واستقرارها. ونعتقد ان جوهر المشكلة تكمن في وجود شعب محروم من حقوقه الاساسية رغم انه يعيش على أرضه منذ الاف السنين. ولذلك فان تواجد حزب العمال الكوردستاني لا يمكن ان يحل بالقوة، لان القوة التي استعملتها القوات التركية طوال ثلاث عقود لم تستطع القضاء على حزب العمال الكوردستاني ولم تجلب الامن ولا الاستقرار للمنطقة وقد جربت تركيا لغة السلاح في مرات متعدده واجتاحت كوردستان العراق في اوقات مختلفة، منذ توقيع الاتفاقية بين نظام البعث السابق في مطلع الثمانينات اي مع بدايات الحرب العراقية - الايرانية وحتى لحظة التهديدات الاخيرة التي نسمع بها بين الحين والاخر هذه الايام.
واذا كان نظام البعث المقبور قد فرط بالسيادة الوطنية وسمح للقوات التركية بالدخول للاراضي العراقية في كوردستان مسافة 25 كم بحجة مطاردة حزب العمال الكوردستاني، بينما دخلت القوات التركية مرات كثيرة الى ابعد من هذه المسافة، فان ما يثير الريبة قيام السيد جواد البولاني (وزير الداخلية في الحكومة الفيدرالية ببغداد) بتوقيع اتفاق امني مع الجانب التركي قبل ايام دون علم السلطات في حكومة اقليم كوردستان ودون حضور اي ممثل عنها في هكذا اتفاق حيوي و مهم يمس السيادة الداخلية لاقليم كوردستان الثابتة دستوريا.
وهذا الاتفاق الذي ابرمه البولاني مع السلطات التركية عمل مخالف للدستور لانه يهدد سلامة واستقلال وسيادة ونظام الدولة العراقية الاتحادية الديمقراطية (المادة 109 من الدستور). اذ ان من اولويات السلطة الاتحادية في بغداد ان تصون السيادة الخارجية وتحافظ عليها من اي تهديد خارجي وان تعزز الاستقلال للدولة العراقية لاسيما وان اقليم كوردستان جزء من الدولة الفيدرالية العراقية وفقا للدستور العراقي وسلامته من سلامة العراق، وأمن العراق من أمن أقليم كوردستان..
ان حزب العمال الكوردستاني وقواته المسلحة ليست موجودة في المدن الكوردستانية كما يذكر البعض من اصحاب النوايا السيئة ، وهذا الحزب لا يتلقى دعما لوجستيا ولا عسكريا ولا ماليا من حكومة اقليم كوردستان ونعتقد ان حكومة الاقليم تريد حل هذه المشكلة بالحوار وليس من خلال القوة لاسيما وان قوات حزب العمال الكوردستاني موجودة في اعالي الجبال وليس من الممكن القضاء على الحزب ومسلحيه الذين يستخدمون طرق حرب العصابات في مواجهة قوات نظامية من الجيش التركي مما يوجب اللجوء للخيار السلمي في حل هذا النزاع لاسيما وان لغة التهديد باستعمال القوة لن تحصد الا الفشل والمزيد من التوتر والكراهية والدفاع ضد وحشية القوات التركية التي نشرت مواقعها على الانترنيت قيام الجنود الاتراك بقطع رؤوس بعض مقاتلي حزب العمال الكوردستاني بصورة همجية وهو يشكل جريمة دولية وقد ادانت هذا العمل منظمات حقوق الانسان العالمية ومنظمة العفو الدولية..
ولعل خير بداية لذلك هو ان تقوم الحكومة التركية باصدار عفو عام عن جميع مقاتلي حزب العمال الكوردستاني بهدف ضم الحزب المذكور الى العملية السياسية في تركيا مع ضرورة الاعتراف بحقوق الشعب الكوردي ونبذ سياسة التمييز ضدهم و بخطوات جرئية لنزع فتيل الازمة وهذا سيجعل تركيا تقترب من بوابة الاتحاد الاوربي التي تسعى اليها لاسيما بعد صدور قرار البرلمان الفرنسي وكذلك من مجلس الشيوخ الامريكي يشير الى مسوؤلية الدولة العثمانية عن مذابح الارمن في عام 1915 ابان الحرب العالمية الاولى وارتكابها لجريمة ابادة الجنس البشري.
كما ان هذه الهدنة والعفو العام عن حزب العمال الكوردستاني يحتاج لرعاية دولية وتدخل من اطراف فاعلة مثل الاتحاد الاوربي وصولا للسلام ومنعا للانتهاكات من هذا الطرف او ذلك. كما لايصح اطلاق وصف المنظمة الارهابية على حزب العمال الكوردستاني لآنه وصف غير دقيق طبقا لقواعد القانون الدولي مما يوجب اعادة النظر بهذا التوصيف الى جانب اصدار العفو العام المشار اليه..لانهما سيشكلان الارضية المناسبة لحل جميع المشكلات وفقا لمبدأ حسن النية.
وعلى الصعيد السياسي فان الناطق الرسمي للحكومة الامريكية صرح بكل وضوح بان استعمال القوة من الجيش التركي ضد حزب العمال الكوردستاني ليس حلا للمشكلة في هذا الظرف المعقد حيث يعاني الوضع العراقي من الارهاب وكذلك عدم الاستقرار في عموم المنطقة والى هذا الاتجاه ذهب السيد سولانا في مقر الاتحاد الاوربي من بروكسل. أما الحكومة التركية فانها تسعى للحصول على قرار مجلس النواب التركي للسماح لها بتدخل الجيش في قتال حزب العمال الكوردستاني واستخدام القوات العسكرية المحتشدة على حدود كوردستان العراق لاجتياح المنطقة حيث يتحصن حزب العمال في مناطق جبلية وعرة ، وقد صرح السيد رجب طيب اردوغان من احدى القنوات الفضائية التركية يوم الخميس 11 اكتوبر بان قواته العسكرية اذا دخلت ستبقى مدة سنة قابلة للتجديد وحسب الظروف.
ان ما يحرك الولايات المتحدة الامريكية هي مصالحها اولا واخيرا وان الحكومة العراقية الفيدرالية مسلوبة الارادة الى حد كبير وان المؤسسة العسكرية التركية تنتظر الفرصة لآجتياح المنطقة ومطاردة حزب العمال الكوردستاني وان بعض دول الجوار ستستفيد من اي تدخل عسكري في كوردستان ، الا ان مشكلات المنطقة لن تتحمل المزيد من التوتر والصراع المسلح مما يوجب على المجتمع الدولي ان يتحمل مسؤولياته في بناء السلام ويتحرك بسرعة.
نحن نستغرب من صمت الحكومة العراقية ومن السكوت غير المبرر من المثقفين العراقيين عموما ومن المثقفين العرب ايضا عن هذه التهديدات التركية الخطرة مما يوجب الوقوف صفا واحدا ضد هذه التهديدات التركية الخطرة لان لغة القوة لن تحل مشاكل الشعوب التي تسعى للحرية.
لقد اعلن المسؤولون الكورد في كوردستان العراق في مناسبات عديدة بانهم مستعدون للتعاون لحل هذه المشكلة بطريق سلمي يحقق السلام في المنطقة وبأن لغة التهديد والقوة لم تجد نفعا لاسيما وان المنطقة مليئة بالتوتر. ومن جهة اخرى فان حق الدفاع عن النفس والارض انما هو حق مشروع غير ان اي عمل عسكري من الجانب التركي سيجلب الكارثة على كوردستان وعلى تركيا وعلى دول الجوار ايضا ومن هنا يقع على كل الاطراف المحبة للسلام اللجوء الى صوت العقل والتسامح والحوار واحترام حقوق الانسان ومنها حقوق الشعوب... فطريق السلام صعب ومعلوم و اللجوء للحرب سهل ومجهول كما ان المجازر ضد الشعوب مهما طال الزمان عليها لابد ان يأتي يوم يحاسب المسؤولون عنها فتجارب التاريخ خير شاهد على ما نقول ومن ذلك مثلا جرائم النازية وجرائم حزب البعث وصدام في العراق ومذابح الارمن التي ارتكبتها الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى..وغيرها.
الدكتور منذر الفضل نائب سابق في الجمعية الوطنية العراقية / عضو لجنة كتابة الدستور العراقي
مسشتار قانوني - السويد
alfadhal@hotmail.com