أصداء

سنوات.. زوجة!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

هل صحيح أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين، حيث البث التلفزيوني والإلكتروني المباشر من أبعد إلى أصغر بقعة في هذه القرية الكونية الصغيرة، أم أننا ما زلنا نعيش في جاهلية مؤسفة، كل ما فيها مضحك وسخيف؟
وهل صحيح أيضاً أن منظمات حقوق الإنسان ما زالت تعمل بانتظام، أم ضربها الصدأ، واهترأت أوراقها، وراحت تجر أثمال مقرراتها، وتجتر خطاباتها ومقابلاتها.. وادعاءاتها الكاذبة؟
فقد لا يمر يوم إلا ونقرأ خبراً يجعلنا، رغم فظاعته وقباحته، نقع على الأرض من شدة القهقهة، وكأننا نعيش في عصر غير هذا العصر، وبين أناس لا تريد أن تتعرف عليهم الانسانية. فاسمعوا وعوا:
في أفغانستان، مسقط رأس الرئيس حميد كرزاي وحركة طالبان، تمت خطبة الطفلة (سنام) ابنة الثلاثة أعوام، على قريبها (نعيم) ابن السبعة أعوام، وسط زغاريد الأهل والأصدقاء، دون أن يهتز جفن، أو تتأفف عين، أو يرتعب قلب.
وبالطبع، فطفلتنا (سنام)، لم تحترف النطق بعد، لتشتم أباها وأمها وكل من رماها في هذه الورطة، التي قد تؤدي بها الى الانتحار متى كبرت، تماماً كما حصل مع العديد من بنات جنسها اللواتي فضلن الموت على مجامعة رجال ربطوهن بهم قسراً، وما من مناص للتخلص من ذلك الرباط المجحف سوى الموت. فمنذ مدة قصيرة أطلقت فتاة، في الثامنة عشر من عمرها، النار على نفسها لأن أهلها رفضوا فسخ خطبتها من مدمن على المخدرات، كما اوردت وكالة الانباء "باجوك" الافغانية.
لست أدري لماذا يتناسى الأهل أن فتاتهم متى بلغت سن الرشد قد ترى الأمور بمنظار يختلف تماماً عن منظارهم، فترفض ما يقبلون وترضى بما يرفضون، فتقع الكارثة. من منا يقدر أن يكفل أن (سنام) متى كبرت، وبانت أنوثتها، ستعجب بخطيبها (نعيم)، وسترضى به زوجاً، ورفيق عمر؟ ومن منا أيضاً سيوقع على ورقة بيضاء تكفل ان (نعيماً) متى أينعت رجولته وبانت شعيرات ذقنه، سيتيّم بقريبته (سنام)، لدرجة الاقتران بها، مهما كانت دوافع النسب، ومهما تمتعت بجمال وجه وعينين وتسريحة شعر وقد ميّاس؟
من أبسط حقوقنا البشرية والدينية أن يختار الواحد منا زوجه، بعد إعجاب فحب، دون تدخل من أهل أو قريب.. إذ أن كل زيجة تتم تحت ضغط ما، يفسخها الدين والقانون، حتى في أكثر البلدان تخلفاً، فكم بالحري إذا تمت، والزوجان يرضعان من أثداء الأمهات!

يقولون أن الآلاف من الأهل يزوجون أبناءهم وبناتهم وهم أجنة في البطون، أي قبل أن تنعم البشرية بطلتهم، أو أن يعرفوا إذا كان الجنين ذكراً أم أنثى!

ويقولون أيضاً إن هذه الجرائم تحصل بسبب الفقر؟ وكلنا يعلم أن الفقير المؤمن والمثقف، مهما شح زيته، وقل غذاؤه، لن يظلم أطفاله، بل سيعد لهم حياة أفضل، ملؤها الحب والقناعة.
إنه الجهل إذن، الذي يرمي صاحبه بموبقات شتى.. ويجعله يتصرف بدكتاتورية مقرفة، توزع الاستبداد والظلم على كل من حولها، يشجعه على ذلك قانون مدني رديء، لا يضرب بسوطه الموجع كل من تسوّل له نفسه تزويج ابنته أو ابنه، وهما طفلان يانعان.
أتمنى أن تعامل بعض الشعوب أطفالها، كما يعامل الأستراليون كلابهم وقططهم، ليشعر هؤلاء الصغار بحنان آبائهم وأمهاتهم، وليتنعموا بدفء عائلي لن ينعموا به ما لم تقتص العدالة من كل من يتلاعب بمستقبلهم، ويعرضهم للضياع والألم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف