أصداء

أيروتيكا الجنوب العراقي [1].. قصة العباس بن علي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

منذ أم كنت صغير علمتني النجوم التي كنت أتأملها لساعات طويلة أن أتفحص كل ما حولي بدقة شاكا بكل شيء حتى في ثوابت لا يمكن لبشر أن يصلها أو يتعدى عليها بحثا عن حقيقة مفقودة وبحثا عن أله حقيقي بين كومة خرافات كنت قد ورثتها من البيئة المحيطة فبدأت ديكارتيا (شكيا) وانتهيت بالكانتية (الإدراك المتعالي) على رغم من قسوة البيئة المحيطة التي رفضتني ورفضت كل أفكاري.. تلك البيئة هي الجنوب العراقي، الجنوب العراقي الشيعي المقسم مابين بساطة وطيبة ونفاق وتناقض لأربعة أبعاد تعطيه نكهته الخاصة الرائعة، الجنوب العراقي هو المنطقة التي تقع جنوب مدينة بغداد (المدينة التي روت من خمر زناها باقي المدن) حتى شاطيء الخليج الفارسي (العربي)، هناك العديد من العوامل المشتركة بين سكان الجنوب التي تؤهلهم ليكونوا أمة حقيقية بعد عشرين ألف سنة أنشاء العزيز الجليل (!!!) ومن تلك العوامل هي (اللغة، النسب الواحد، التقاليد الإجتماعية المتشابهة.. الخ) يتفق معي باحثو ا علم الاجتماع حول تلك العوامل وقد يزيدوا فوقها الكثير ولكن هناك عاملين أخريين قد يثيرا جدلا لا ينتهي.. العامليين هما (التاريخ الذي يبدأ وينتهي بكربلاء) والعامل الثاني هو (التراث الشعبي الذي هو عصارة من واقعة الطف وأبطاله الأسطوريين)، سأترك العامل الأول لمقالة قادمة لمناقشته بتفصيل أكثر وبصراحة لن أقول أنشاء الله ولكن أقول أنشاء مزاجي البرتقالي (!!)، ولكن العامل الثاني عامل الرموز الأسطورية الجمعية (حسب تعبير كارل غوستاف يونغ في نضريته حول اللاشعور الجمعي) التي هي مسؤلة عن تصرفات مجموعة بشرية معينة كعوامل لاشعورية أولية أو بمعنى أخر كدوافع محركة أولية لمجموعة بشرية معينة ، والتعبيران مترادفان في الأشارة إلى أن الرمز الأسطوري الموروث يشترك في تحمل مسؤلية رسم البنية الداخلية (التحتية) للمجتمع،سأتطرق هنا لبعض الأمثلة لتقريب ما أقصد، هناك معتقد يتفق عليه أغلبية سكان الشرق الأوسط في أن وقت الغروب لايصح فيه الأحتفال أو الأستماع للموسيقى ويحب الأستماع للقرأن أو للدعاء، وقت الغروب من الناحية الميثولوجية هو الوقت الذي تنطلق فيه الأرواح الشريرة لممارسة نشاطها الذي يكون غالبا ليلا فقد نصت أساطير أغلب الشعوب بأن الظلام هو بيئة تلك الأرواح التي تمارس فيه فعاليتها ولهذا بقى المعتقد متداول لحد الأن فالإنسان الحديث لا يؤمن بالأرواح الشريرة كما في السابق ولكن خوفه من الظلام بقى.. ومثال أخر هو رجل الدين الذي يمتلك مفاتيح شخصية أي إنسان يشكو له هذا بالأضافة لكونه يمتلك القدرة على شفاء الأمراض هذا في حياة رجل الدين ولكن في مماته تكون قابلياته أكبر من خلال مرقده الشريف، ميثولوجيا رجل الدين هو وارث بقايا سلطة كهنة المعابد القديمة والكاهن هو وسيلة الأتصال بين الإنسان وبين الأله الذي يقف وراء تحقيق أمنيته أو يزيل الخوف عنه..ومثال أخر الكآبة في يوم الجمعة التي يعاني منها الغالبية بشكل لا شعوري وسأترك لكم تحليلها والتوصل لشفرتها الأولى (؟؟) وهناك أمثلة أخرى عديدة لا سبيل لحصرها هنا لقصر المقالة - أؤمن بنظرية ما قل ودل - من جانب ومن جانب أخر حتى لا أفقد موضوع المقالة الأصلي وهو تحليل شخصية العباس بن علي بطل كربلاء المغوار والسر الذي يقف وراء كون مصابه أشد من مصاب أخيه الحسين في قلوب الشيعة فأذا كان الحسين يذرفون له دمعتين فالعباس عشرة دموع، هذه الملاحظة هي من واقع عملي أحتك به مع ما محيط بي يوميا، قد يكون الحسين عنوان للمأساة بشكل كلي ولكن العباس فصل في تلك المأساة الكبيرة وما سأتنناقش به الأن هو خصوصية هذا الفصل دون غيره من الفصول الأخرى..
من هو العباس (؟؟)
- الأسم: العباس بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب.
- الكنية: أبو الفضل.
- أسم الأم: فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية.
- التولد: 4 / شعبان / 26 هجرية.
- الوفاة: قتل (أستشهد) سنة 61 هجرية عن عمر 34 عام.
يعتبر العباس بن علي الأكتر وسامة بين قريش كلها حيث أشتهر بجمال الوجه وحسن الملامح حتى دعوه أحيانا بـ (قمر بني هاشم) وأتصف بميزة أخرى وهي طول القامة فقد كانت رجلاه تخطان للأرض حين يركب الفرس وعرف أيضا بحسن خلقه وورعه، وكانت نهايته المأساوية في واقعة الطف حيث قطعوه أطرافه حيا بجانب نهر الفرات.. هذا بأختصار ماروته لنا كتب التاريخ عن هذه الشخصية ولكن اليوم نجد عباساً أخر غير القديم فقد أعيد تصنيعه وأعيد أنتاجه تراثيا فهو اليوم (أبو الدم الحار) كما في اللغة العراقية الدارجة حيث مرقده يعتبر مكانا جيدا للقسم فالمتهم يؤخذ أمام مرقده للحلف وتنص الأسطورة بأن لا أحد يسلم من لعنة الحلف الكاذب، لأن الحلف بالله العزيز الجليل لاينفع وغير معمول به في الدستور الأجتماعي لسكان الجنوب العراق (!!)، ونجد العباس في موضع أخر موضع يقع في أعمق نقطة عند أي سيدة فهو الملهم لها ولأحزانها (!!) ففي ذكرى ليلة مقتله كل سنة في محرم تقطع النساء وجوههن باللطم مع صراخ وعويل لا ينتهي حتى الصباح، مالذي عند العباس حتى يحرق بهذه الدرجة قلوب بنات حواء (؟؟) هل لطول القامة علاقة (؟؟) طول القامة تعني طول القضيب وبالتالي فهو الشافي لجرح النساء الملتهب، عقدة الجنس المكبوت وعقدة اللذة الغير متحققة (هنا أنتقل من نضرية يونغ إلى نضرية فرويد).. العباس في حقيقته شخصية تستحق الاحترام إذ تروى عنه قصة مشهورة هي أنه حين وصل لنهر الفرات لكي يجلب الماء لأهله العطشى، لم يشرب أولا لكنه جعل حصانه يشرب أولا ومن ثم حمل الماء إلى المخيمات وأجل شربه للماء بعد أن يعطيه لأهله وفي الطريق حاصرته أحدى عصابات عمر بن سعد والي العراق الذي أمره يزيد بقتل الحسين، القصة وما فيها من مضامين تؤكد الجانب الروحاني الفائق لتلك الشخصية التي ورثت روحانيتها من أبيه الأمام الأكبر علي بن أبي طالب ذاك الزاهد العابد التقي.
قد لايتفق القاريء العزيز مع ما أكتبه هنا وفي غيرها من المقالات ولكن الوقت حان لكي نكسر الأصنام كل الأصنام التي صنعناها من خيبتنا وعارنا التاريخي وفشلنا في أن نكون بشرا لنا مكانا في خارطة العالم المعاصر.. صحيح أن أسلوبي في تكسير الأصنام أسلوب سيريالي وحاد وقد يكون مجنونا بالنسبة لأشخاص يتسمون الوداعة والهدوء، ولكنه أسلوب الخاص الذي سأباهي به الخلق يوم القيامة..
شكرا.. شكرا لكم


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف