أصداء

البارزاني وأوجلان، كتفاً بكتف!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

رئيس اقليم كردستان الجنوبية (كردستان العراق) مسعود البارزاني رفض وسم حزب العمال الكردستاني بالإرهاب، وطالب، في اجتماع ضمه مع الرئيس العراقي وسكرتير الإتحاد الوطني الكردستاني جلال الطالباني، تركيا بضرورة حل القضية الكردية لديها باسلوب سياسي بعيداً عن الحرب وفكرة "الحسم العسكري" التي فشلت طيلة 25 عاماً في إلحاق الهزيمة بمقاتلي حزب العمال الكردستاني.

البارزاني كرر موقف الإقليم الكردي برفض قتال العمال الكردستاني نيابة عن الجيش التركي. ومن جانبه دعى الطالباني انقرة لإيجاد حل سياسي مع اكراد"ها"، مؤكداً في الوقت نفسه بان الجانب الكردي غير ملزم بالبحث عن قادة العمال الكردستاني وتسليمهم للدولة التركية، حيث " ان هؤلاء يتواجدون في مناطق جبلية بعيدة وعصية" و " الجيش التركي نفسه عجز عن الإمساك بهم"، بينما عد الطالباني المطاليب التركية في تسليم قياديين كرد عراقيين بانها "ضرب من الأحلام التي لن تتحق ابداً". مشيراً بان القيادات الكردية "لن تسلم ولو حتى قطة كردية للجانب التركي".

وجاءت هذه التصريحات المشتركة بموازاة الضربة النوعيّة الأخيرة التي سددها مقاتلو قوات حماية الشعب ( الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني) للجيش التركي والتي اسفرت عن مقتل 40 جندياً تركياً وجرح العشرات وأسر 8 آخرين وفق مصادر الحزب. وادت الضربة الكردية الى اثارة الجانب التركي، واستدعت من مسؤولي الدولة التركيا الكبار عقد "مؤتمر ازمة" عاجل لتدارس سبل الرد التي من بينها توغل عسكري في اقليم كردستان. وهرع رئيس اركان الجيش التركي يشار بويوكانيت الى مكان الإجتماع قاطعاً زيارته الى العاصمة الإيطالية روما.

والحال ان قرار مجلس النواب التركي الذي صدر في 17/10/2007 واجاز لقوات الجيش بالتوغل في اراضي اقليم كردستان و" القيام بعملية عسكرية خارج الحدود" اشعل الضوء الأخضر لتحرك تركي مكثف وتعبئة شعبية ضد الكرد في تركيا وكردستان العراق. والساحة التركية تشهد الآن تعبئة جماهيرية كبيرة وحملات تبرع بملايين الدولارات للجيش بغية استنهاض هممه للتوغل في اقليم كردستان و"ضرب قوات حزب العمال الكردستاني والمضي قدماً لتخريب الحكومة الكردية الإقليمية واحتلال كركوك"!!.

وتشارك في هذه الحملة جهات عديدة ومراكز قوى متطرفة ونافذة في الدولة التركية، لعل من اهمها حزب الشعب الجمهوري (المتمثل في البرلمان ب 112 نائب) وحزب الحركة الوطنية المتطرف (المتمثل في االبرلمان ب 70 برلماني). فضلاً عن فرق واجنحة الحرب والإغتيالات ومجموعات التحريض المرتبطة مباشرة بهيئة اركان الجيش التركي.

الحملة تهدف الى شحن الرأي العام التركي ودفعه الى اتخاذ التشدد إتجاهاً والضغط على الحكومة للسماح للجيش بغزو اقليم كردستان العراق. ويتزامن كل ذلك مع تكثيف الضغوط على حزب المجتمع الديمقراطي( المقرب من العمال الكردستاني والمتمثل ب23 نائباً في البرلمان) حيث شهد الإسبوعان الماضييان اعتقال العديد من قادته وهجمات بالقنابل الحارقة على ممثلياته في المدن التركية.

وتأتي تصريحات البارزاني والطالباني، الى جانب الهجوم الصاعق الذي اوقع خسائراً فادحة في الجانب التركي، كرد كردي قوي ومنظم ضد تهديدات الدولة التركية. وتخوفت بعض المصادر التركية من ان اي غزو تركي قد يؤدي الى ايقاع المقاتلين الكرد في العمال الكردستاني لخسائر فادحة في القوات التركية المهاجمة. وتساءلوا: لو ان البداية هكذا فكيف إذن لو وقع الزحف التركي وسقط مئات الجنود الأتراك في الكمائن التي نصبها المقاتلون الكرد في منطقة حدودية تمتد لمئات الكيلومترات، وتقع كلها تحت سيطرتهم؟.

وكان حزب العمال الكردستاني قد اكد انه مستعد لمواجهة القوات التركية الغازية وانزال خسائر كبيرة بها، فيما هدد المسؤول الأول فيه مراد قره يلان باستهداف انابيب النفط المارة في الأراضي التركية لأنها تساهم في "رفد آلة الحرب التركية في كردستان". كما صعدّ الحزب من عمليات الرد العسكرية ضد مفارز الجيش التركي في ولايات كردستان تركيا، واستهدف مقاتلوه مراكز الشرطة في دياربكر، و"مصالحاً" تعود لمتنفذين محليين في حزب العدالة والتنمية الحاكم.

الرأي العام الكردي متماسك وموحد خلف القيادية الكردية في العراق والتي يمثلها البارزاني. وهناك تقارب كردي يحدث لأول مرة منذ عشرات السنين بهذا الشكل. ثمّة رفض كردي قاطع، شعبي ورسمي، للتوغل التركي في اقليم كردستان العراق وتعاطف كبير مع موقف حزب العمال الكردستاني ومقاتليه. عشرات الآلاف تظاهروا في مدن كردستان للتنديد بالتهديدات التركية وللتعبير عن تضامنهم مع المقاتلين الكرد. والرأي العام الكردي يطالب الآن بصياغة موقف موحد بين الأحزاب الكردية الرئيسية لتشكيل موقف موحد حيال سياسة الجيش التركي.

القيادة الكردية في اقليم كردستان العراق تدرك جدياً بان تركيا تستهدف التجربة الكردية في المقام الأول. وان وجود مراكز العمال الكردستاني ماهي الا حجة للتدخل والغزو التركي. ولم ينف يشار بويوكانيت قائد الجيش التركي هذا الأمر عندما قال بان "الهدف هو ازالة الخطر الذي يشكله الكيان الكردي على امن تركيا". ومجلس الأمن القومي التركي(MGK) يشير دائماً إلى "ان الإقليم الكردي الشبه مستقل هو الخطر الإستراتيجي الأكبر على امن تركيا". لذك فليس من المستغرب ان نشهد هذا التقارب الكبير بين القوى الكردية ورفض بعضها وصف البعض الآخر بالإرهاب رضوخاً للعقلية الإنكارية التركية.

الكرد مستعدون للدفاع عن مكتسباتهم وثورتهم، واذما فضلت الولايات المتحدة الأميركية تركيا على الأكراد في النهاية، كما يرغب الكثيرون من العرب، فإن الأكراد يملكون امكانيات تدخل كل منطقة الشرق الأوسط في دوامة كبيرة وتجعل من "بعض الإستقرار" الذي تتحدث عنه واشنطن الآن ضرباً من ضروب الماضي. فمسعود البارزاني وعبد الله اوجلان( زعيم حزب العمال الكردستاني الأسير في تركيا، ورمز القضية الكردية فيها) يعني في المعادلة الكردية حرق مراحل كبيرة باتجاه الحلم الكردي الكبير في الإستقلال، ويعني في المعادلة التركية موقفاً نوعياً ومتطوراً يهدد بنهاية سياساتها الإستعمارية ضد الكرد، ويدفعها بشكل جدي للتفكير في حل سلمي للقضية الكردية لديها واقامة علاقات متوازنة مع الإقليم الكردي الفيدرالي، والإعتراف به بالتالي....

tariqhemo@hotmail.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف