حكومة السيد المالكي.. الى متى؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يتفق الكثير من العراقيين بمختلف اتجاهاتهم على نزاهة السيد نوري المالكي الشخصيه، والذي جاء من صلب المعارضه الوطنيه العراقيه للدكتاتوريه، بكل ماجسدته تلك المعارضه من تضحيات والام ومأسي، ولكن الامر لا يتعلق بالنزاهة فقط رغم كونها عمله نادره هذه الايام، فالسيد المالكي لم يفشل فقط في معالجة الازمات الحاده التي تحيط بالدوله ومرافقها من كل الجهات، وإنما فشل حتى في إدارة الدوله نفسها بالشكل الذي يمكنها من إداء المهام الاعتياديه المنوطة بها والمتعلقه بحياة المواطنين اليوميه.
اكثر من نصف الوزراء منسحبين او مستقيلين ووزاراتهم شبه مشلوله ان لم تكن مشلوله بالكامل، والمالكي يقف عاجزا تماما عن إشغال الفراغات حتى شكليا، هذا بالإضافه الى عجز الحكومه عن تحقيق اي تقدم حقيقي يذكر في معالجة ملفات الأمن والمصالحه الوطنيه وقانوني النفط والاداره الفيدراليه وترسيم الحدود مع الجاره ايران وحل مشكلة كركوك التي رحلت الى عام قادم وربما الى اعوام قادمه، ويبدو الرجل والبقيه الباقيه من حكومته، وكأنهم مصممون على الإحتفاظ بكراسي السلطه مهما كلف الأمر دون اي تقدير لتطلعات الشعب العراقي وحقه المشروع في ان تكون له حكومه قادره على توفير الامن والاستقرار والحياة الكريمه، حكومه تلملم جراحات المجتمع العراقي وتعمل على تكريس ثقافة التسامح والمصالحة مع الذات واحترام الاخر، تتخلص من الطائفيه المقيته وتحقق مصالحه وطنيه شامله، حكومه قادره على مكافحة التضخم والبطاله والهجره الجماعيه لمئات الالوف من العراقيين، حكومه تعيد بناء البنى التحتيه اللازمه لانعاش الاقتصاد العراقي الذي يكاد يلفظ انفاسه الاخيره، حكومه قادره على حل مشكلة كركوك وفق الضوابط الدستوريه المتفق عليها وبإجماع وطني قبل ان تؤدي الى اتفاقية جزائر ثانيه.
نعم المجتمع العراقي بحاجه الى حكومه حقيقيه قادره على التصدي بحزم لمشاكل البلاد المستفحله غير الحكومة الحاليه التي دخلت التأريخ كنموذج للفشل اللامحدود على كافة الاصعده، اللهم الا في مجال التطبيل الاعلامي الحكومي لنجاحات خياليه لا اساس لها في دنيا الواقع ويعرف حقيقتها كل مواطن عراقي.
السؤال الذي يفرض نفسه هو : مالذي يهدف اليه التحالف الرباعي، المجلس الاسلامي وحزب الدعوه والحزبين الكرديين، من وراء الاصرار على بقاء هذه الحكومه ؟ وهل لم يبقى لدى الاحزاب الاربعه، التي تتباهى بقوتها، كادرا قياديا واحدا يصلح لأن يكون رئيسا للوزراء ويمنح الصلاحيات الكافيه لتشكيل حكومه حقيقيه، حتى ولو من لون واحد، غير خيال الماتا الحالي ؟ ناهيك عن خيار اللجوء الى البرلمان لتشكيل حكومه جديده والتنازل عن حلاوة السلطه ومكاسبها لصالح الشعب العراقي؟ أم ان الامر هو السير بإتجاه إقامة دكتاتوريه الأقليه المدعومه والمستقويه بالحاكم الفعلي الامريكي !! خاصة والحكومه الحاليه وفقا للدستور (العلماديني) الذي اخترعته وصاغته وباركته رباعية بغداد والانتخابات التي طبختها على نار النفط المهرب للجاره ايران، لم تعد تحظى بالشرعيه القانونيه والدستوريه، بعد خروج حزب الفضيله والتيار الصدري من الإتلاف الحكومي ووقوف العديد من اعضاء البرلمان المحسوبين على التيار الحاكم ضد بقاء الحكومة الحاليه.
هل وراء هذا الاصرار قناعه كامله بأن الرباعيه لم تعد مرغوبه ومقبوله من المجتمع العراقي، الذي يرى فيها خروجا عن الاجماع الوطني في هذه المرحله الحرجه من تأريخ البلاد، وانها بمجرد ان تلجأ الى الشرعيه القانونيه والدستوريه لتشكيل حكومه جديده فانها قد لا تحصل على التأييد اللازم، إلا إذا لجأت للوسيله التي عينت بها وزيرين قبل ايام والتي قوبلة باستهجان كبير، خاصة مع تنامي الوعي الوطني بضرورة الوقوف بوجه المشاريع الطائفيه المتخلفه والتي أثبتت الايام مدى عقمها وأتت على البقيه الباقيه من هيبة واستقلالية الدوله العراقيه، كما حدث ابان أزمة التهديد بالاجتياح المقرر من قبل الجاره تركيا.
إن نظره سريعه فقط لتركيبة ديوان رئاسة الوزراء العراقي الذي يشكل قمة هرم السلطه واداتها التنفيذيه الرئيسه، والذي تحول الى ديوان رئاسة حزب السيد المالكي، كافيه لمعرفة نوعية الفكر الذي يقود البلاد، وفيما إذا كان هناك اقل امل في أن يقود هذا الفكر المتزمت الى مصالحه وطنيه حقيقيه، حجر الزاويه في أي محاوله جاده لإشاعة الامن والإستقرار وإعادة الحياة لمشاريع الإعمار والتنميه التي يحلم بها المواطن العراقي.
لقد ان الاوان للسيد المالكي شخصيا وهو الوطني القادم من صفوف المعارضه للدكتاتوريه، أن يختار بين العوده الى القيم والمباديء التي دفعت به وبزملائه، سنوات طويله مريره، للوقوف بوجه اعتى دكتاتوريه، وبين التمسك بكرسي السلطه ليتحول الى دكتاتور صغير لا حول ولا قوة له بين أيدي جهات لاهم لها الا تحقيق مصالحها الذاتيه والتي من بينها إصدار وتنفيذ القوانين التي تتعارض كليا ومصالح الشعب العراقي الاستراتيجيه، وإذا كان هذا الطريق محفوفا بالمخاطر ويؤدي حتما الى المزيد من الدماء والدموع والماسي والى نهب ثروات العراق وتدمير البقيه الباقيه من بناه التحتيه والإجتماعيه، فان الطريق السليم والصحيح هو في العوده الى المرجعيه الشرعيه والقانونيه المتمثله بإرادة الشعب العراقي من خلال إنتخابات مبكره تجري على اساس الترشيح الفردي الذي يمكن المواطن من معرفة مرشحه وبرنامجه الإنتخابي، لا على أساس القوائم الحزبيه التي إستغلت وببشاعه لا نظير لها، براءة المواطن العراقي وحبه اللامحدود للحريه والعداله والديموقراطيه، وإحترامه الشديد للمراجع الدينيه.
الطريق السليم هو انتخابات جديده، بعد إحصاء سكاني حقيقي، وتحت انظار العالم ومؤسساته القانونيه والحقوقيه الدوليه، لإنتخاب برلمان يمثل شعب العراق بكل مكوناته وغنائه االأثني والديني، قادر على تشكيل حكومة وطنيه بعيده عن المحاصصه الطائفية والعرقية الكريهه، تنقذ البلاد من الوضع المأساوي الحالي.
إن سد الأبواب أمام الشعب العراقي وقواه الوطنيه للحصول بالطرق السلميه والديموقراطيه على حكومة جديرة به، يتعارض ومصالح كل الاطراف المعنيه وسيؤدي بلا شك، عاجلا أم اجلا، الى المزيد من العنف والدماء والدموع.
سربست بامرني