أصداء

معركة احد أولها نصر وآخرها هزيمة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


الأخبار المتضاربة
عندما كتبت على معركة بدر الكبرى وعدت القراء الكرام بالتطرق الى معركة احد، وقد تأخرت عن ذلك لعدة أسباب منها او اهمها الاختلافات الكبيرة بين من أرخوا لها وكتبوا عنها حتى يحار المرء فى معرفة الصادق من الكاذب و المبالغ من المقلل من المؤرخين. نعيش الآن فى عصر الكومبيوتر والمواصلات التى تأتينا بالأخبار بسرعة الضوء، فنقف حيارى امام سيول المعلومات المتناقضة. الطبيعة البشرية على ما هى عليه فالناس يصدقون ما يهوون ويكذبون ما يكرهون. فكيف الحال مع معلومات عن معركة وقعت قبل اربعة عشر قرنا مر المسلمون بعدها فى ادوار كثيرة متناقضة بدأت بوفاة الرسول (ص) ونشوب الخلاف على من هو الأحق بالخلافة.

فبعد حكم الراشدين اغتصب معاوية بن ابى سفيان الخلافة فاستولى الأمويون على الحكم وتبعهم العباسيون، والاثنان كانا معاديين للعلويين فمن البديهي ان طمس هذان الحكمان على محاسن العلويين و بالغا فى اخطائهم. الامويون هم بنى عبد شمس، والعلويون والعباسيون من بنى هاشم ومنهم الرسول (ص)، ولم يدخل معظم الأمويون الاسلام الا بعد فتح مكة فضاع مجدهم وضاعت سلطتهم مؤقتا لحين اغتصاب معاوية الحكم من علي بن ابى طالب رابع الخلفاء الراشدين، وأصبحت تحت تصرف الأمويين مبالغ هائلة من الأموال من الجزية والزكاة وغيرها من الضرائب بالاضافة الى الغنائم التى حصلوا عليها من البيزنطيين والعراقيين وأهل الشام والمصريين واشتروا بها الضمائر واشتروا بها الأقلام لمدحهم وتلفيق الأحاديث النبوية لصالحهم. وفعل العباسيون الشيء نفسه وزادوا عليه.


الاستعداد للقتال
ظلت قريش ولأكثر من شهر تبكى وتنوح على ابطالها الذين قتلوا فى بدر الكبرى وبدأوا يفكرون فى طريقة للأنتقام، فأرسلوا رسلهم الى العرب وعلى رأسهم عمرو بن العاص، وتجهزت قريش وحلفاؤها وخرجوا بقيادة ابى سفيان وقد بلغوا مع حلفائهم ثلاثة آلاف مقاتل مجهزون أحسن تجهيز. ولما علم الرسول بقوتهم وعدتهم قال: (حسبنا الله ونعم الوكيل اللهم بك أحول وبك أصول)، وكان رأيه ان لا يخرج من المدينة ولكن أصحابه ألحوا على الخروج فوافق وهو كاره على رأي الأكثرية وهيأ ألف مقاتل. ولما أصبح الصباح انسحب عبد الله بن ابي ومن معه من المنافقين وهم ثلاثمائة مقات ل، فبقي سبعمائة مع الرسول فقط. جعل الرسول الزبيربن العوام على الخيل ومعه المقداد بن الأسود الكندي وجعل الرماة خلف المعسكر على الجبل وكانوا خمسين رجلا يقودهم عبد الله بن جبير وقال له الرسول ان يرمى خيل المشركين بالنبل اذا ما حاولوا الألتفاف خلف المسلمين وان يثبت مع جماعته ان غلب المسلمون او انكسروا.

ولى ابو سفيان خالد بن الوليد الميمنة، والميسرة قادها عكرمة بن ابى جهل، وعلى الخيل عمر بن العاص. كان خالد يراقب الرماة المسلمين فوق الجبل ولم يحرك ساكنا الا بعد ان انحدر معظمهم من مواقعهم طمعا فى اسلاب المشركين الذين بدوا وكانهم يفرون من المعركة.

قامت هند (زوجة ابى سفيان ام معاوية) ومن معها من المشركات تضربن بالدفوف والطبول تحرضن قريش على القتال والثأر. وكانت هند قد وعدت الغلام الحبشي (وحشي) الذى يتقن الرماية بأن تعطيه المال وتعتقه ان قتل الحمزة عم النبي. واستطاع وحشي اغتيال الحمزة فى أوج المعركة، فانقضت هند على جثته وشقت بطنه وأخرجت كبده ولاكته فى فمها تشفيا لمقتل ابيها عتبة الذى قتله الحمزة فى معركة بدر الكبرى.


المعركة
اقترب الطرفان بعضهم من بعض وخرج صاحب لواء المشركين يطلب المبارزة فخرج له علي بن ابى طالب وصرعه بضربة سيف فلقت هامته، وخرج آخر فقتله الزبير بن العوام، وخرج ثالث قتله سعد بن ابى وقاص، فكبر الرسول وتبعه المسلمون بالتكبير وحملوا على المشركين وفرقوا صفوفهم وسددوا نبالهم التى اصابت خيل اهل مكة الذين اضطربوا وبدأوا بالتخلى عن تروسهم ودروعهم تخفيفا واستعدادا للهرب (وربما لاغراء الرماة فوق الجبل)، وبدأ المسلمون بجمع الغنائم وشاهدهم الرماة الذين وضعهم الرسول على الجبل فصاحوا (الغنيمة الغنيمة) ونزل 40 منهم يلهثون وراء الغنيمة وتركوا خلفهم العشرة الباقين وقائدهم ابن جبير، واغتنم خالد بن الوليد الفرصة فانقض عليهم وقتلهم وهاجم بجنده مؤخرة المسلمين الذين عاد اليهم عكرمة بن ابى جهل بجنده بعدما شاهد هجوم خالد وأطبق الاثنان على المسلمين الذين ذهلوا وصاروا يقتلون بعضهم بعضا فقتل منهم 70 رجلا على الأقل وتفرقوا فى كل وجه وتركوا ما استولوا عليه من اموال وما اخذوا من الأسرى.

وتمكن بعض جنود ابى سفيان من الوصول الى الرسول الذى تفرق عنه أصحابه وهو يناديهم وتمكن احدهم من كسر خوذة الرسول وآخر جرحه فى جبهته وثالث كسر انفه ورباعيته فغطت الدماء وجهه، وشاهد ابو دجانة ما يحدث فألقى بنفسه على الرسول ووقع النبل على ظهره، وثبت معه علي بن ابى طالب وسهل بن حنيف يدفعون عن الرسول السهام والنبال، وكان الرسول يرمى بالسهام والنبال حتى نفدت ثم اغمي عليه لكثرة ما أصابه من جراح ووقع فى حفرة فأخذ علي بيده ورفعه طلحة بن عبيد الله وعاونهما مالك بن سنان وابو عبيدة بن الجراح حتى استوى قائما. وروى مسلم ان الرسول قال عندما انفض عنه اصحابه (ما أنصفنا أصحابنا).


دور الصحابة
ونادى مناد (والبعض يقول انه الشيطان!) بأن النبي قد قتل. وقال الطبري: (وتفرق عن رسول الله أصحابه ودخل بعضهم المدينة وانطلق بعضهم الى صخرة فوق الجبل فقاموا عليها، وفر عثمان بن عفان ومعه جماعة من الأنصار الى جبل جلعب بناحية المدينة وأقاموا به ثلاثة ايام ثم عادوا الى المدينة بعد ان عاد الرسول اليها)، وحسبما جاء فى الآية 155 من سورة آل عمران فان الله تعالى قد عفا عنهم. وفى تفسير ابن كثير ذكر: قال ابن اسحق حدثنى القاسم بن عبد الرحمن بن رافع قال: انتهى انس بن النضير الى عمر بن الخطاب فى رجال من المهاجرين والأنصار وقد ألقوا ما بأيديهم فقال: ما يخليكم؟ فقالوا قتل رسول الله. قال فما تصنعون بالحياة من بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه، ثم استقبل القوم وقاتل حتى قتل.

ونادى المنادى: يا معشر المسلمين ابشروا هذا رسول الله، ورفع النبي البيضة عن رأسه وجعل ينادى المنهزمين من أصحابه: الي يا عباد الله ان الله قد وعدنى النصر فالى اين الفرار؟ وكان المسلمون المنهزمون يسمعون نداءه ولا يلوون على شيء وكرر نداءه حتى رجع اليه ثلاثون من اصحابه وفيهم ابوبكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن ابى وقاص وطلحة والزبير وسعد بن معاذ وقتادة فنهضوا فيه ونهض معهم نحو الشعاب. وأصعد رسول الله فى الجبل مع جماعة من أصحابه وفيهم علي بن ابى طالب.

نهاية المعركة
وعند مغيب الشمس انتهت المعركة ويئس المشركون من القضاء على المسلمين فقرروا العودة الى مكة واخذوا معهم 70 اسيرا مسلما، وتركوا 23 جثة من مقاتليهم على ارض المعركة، مع 70 جثة من المسلمين.
ولما انصرف ابو سفيان وجماعته فرغ الناس لقتلاهم واحتملوهم الى المدينة، وسأل النبي عن عمه الحمزة فقيل له بأنه قتل، فخرج بنفسه حتى وقف عليه ببطن الوادى قد بقر بطنه عن كبده ومثل به فجدع انفه وأذناه. فلما رأى الرسول ذلك بكى وقال (ما وقفت موقفا أغيظ علي من هذا الموقف). وحزن عليه حزنا شديدا، ولعل هذا ما دفع الرسول الى ان يبعث فيما بعد عمر بن امية الضمري الى مكة مع احد الأنصار وأمرهما بقتل ابى سفيان غير ان الخطة لم تنجح.

الآيات التى نزلت عن أحد
وهذه هى بعض الآيات التى نزلت حول المعركة فى سورة آل عمران:
آية 140: (ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس)
آية 142: (ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين)
آية 144: (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين)
آية 153: (اذ تصعدون ولا تلوون على احد والرسول يدعوكم فى اخراكم فأثابكم غما بغمم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون)
آية 155: (ان الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان انما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم ان الله غفور حليم)


الخلاصة
هذه المعركة التى انتهت بانتصار المشركين لم تشترك فيها الملائكة كما اشتركت فى موقعة بدر، فكان قتالا بين المسلمين والمشركين، وانتصر المشركون لأنهم كانوا أكثر عددا وأحسن تجهيزا، وخسر المسلمون لأنهم كانوا أقل عددا وأسوأ تجهيزا وخالفوا تعاليم الرسول وتركوا موقعهم فوق الجبل بعد ان غرهم الطمع بالغنائم والأسلاب. المؤرخون للمعركة اختلفوا بين فريق بالغ فى دورعلي بن ابى طالب وقلل من دور بعض الصحابة وابرز هروب عثمان ابن عفان، بينما الفريق الآخر بالغ فى دور الصحابة و لم يذكروا دورا لعلي بن ابى طالب و ذكروا فقط صبه الماء على وجه الرسول لغسل الدماء عن وجهه، وساعدته فاطمة بنت الرسول على ذلك.

العامل الانساني تجلى بوضوح فى هذه المعركة، فلعبت العواطف البشرية دورها فى نفسيات المقاتلين بين خوف من القتل او طمعا فى الجنة، ومنهم من كان يفكر بالمغانم وآخرون يفكرون بالثأروغير ذلك من العوامل الأنسانية فى مثل هذه الأحوال. ويقول بعض المحللين ان المسلمين هم الذين انتصروا فى هذه المعركة لأن قريشا لم تستطع القضاء عليهم ولا على الرسالة.


عاطف العزي

كندا


مقالة بدر الكبري

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الامور بخواتيمها
اوس العربي -

معركة احد لاهي نصر ولا هي هزيمة بعكس معركة بدر الكبرى ، لما تخلف المؤمنون علن امر رسول الله بعد الانتصار الاول وترك بعضهم مواقعهم انتبه الى ذلك خالد ابن الوليد سيف الله المسلول قبل اسلامه وانعطف عليهم بالنهاية استجمع المسلمون اشتاتهم وقاتلوا بدليل ان الكفار و المشركين يئسوا ورضوا من المعركة بما حصل والامور بالنهاية بخواتيمها فقد انتصر الاسلام في مواقع عدة وانتشر رغم ضعف اتباعه في القارات الخمس وهو الدين الخالد الى قيام الساعة .

الحفرة
نزار -

دائما نسمع عن الحفر عند العرب والمسلمين فيبدو انها طريقة جيدة للتمويه والفلتان

الملائكه و الحرب
amaar -

ان السبب الرئيسي من هذه المعارك هو الغنائم و ليس الله او الدين و اذا حدث هذا مع المسلمين الاوائل فكيف مع الاخرين في الحروب او الفتوحات الاسلامية و اقول حروب لانها للغنائم و السيطرة و ثم نشر الدين و من المستغرب هنا مساعدة الله الرحمن للحرب بارسال الملائكه للقتال و مع مساعدة الملائكه لقد استشهد عدد من المسلمين و هل معناه ان المشركين اقوى من الملائكة و هل سيساعد الله ناس يتقاتلون على الغنائم و من مقال السيد العزي نفهم ايضا انه لا يصدق موضوع الملائكة و هذا شي كبير اذا صح قول الكاتب و اما معركة احد فقتل فقط 23 من قريش في كل المعركة و من 3000 فهل سيهرب جيش قوي و معهم قادة كبار امثال خالد بن الوليد بمقتل عدد صغير منهم و هل هذه خسارة و لكن هنا لم يعطي السيد العزي رايه الواضح ليقول ان قريش لم تخسر المعركة لا في البداية و لا في النهاية و قريش جاءت لا لتقتل كل المسلمين و انما لانتقام من معركة بدر و الذي تعلمناه ايضا في مدارسنا في دولنا الاسلامية ان قريش لم تدخل المدينة المنورة لعدم تخديش اهلها و كم كنا نتمنى ان تكون الدعوة الاسلامية من البداية دعوة حوار و سلم و ليس تاريخ كله حروب و غنائم

amaar أتفق لرده
كركوك أوغلوا -

وشكرا للكاتب لتحليله الموضوعي , والثأر كما يبدو (هند وحمزة مثالا), السبب الرئيسي للمعركة لأنهم لم يدخلوا المدينة ؟؟!!00

خسارة
ابو ايمان -

اذا كانت معركة احد بدأت بنصر وانتهت بهزيمهفمعاركنا اليوم تبدأ بخساره وتنتهي بخسارة اكبر . والسبب لاننا خسرنا انفسنا عندما ولينا علينا------------. حجروا على عقولنا وارهبونا من عدوا وهمي اصطنعوه لنا كالشيوعيه يوما والامبرياليه والصهيونيه يوما اخر وابقونا نراوح في مكاننا ليعطف علينا القردة والخنازير بالطعام والادويه والادوات .

السيد ammar
حامد الخزرجي -

مقالة معلوماتية ممتازة. حبذا لو زادنا الكاتب منها. وتعليق السيد عمار مهم جدا، ولكنه يقول ان السيد العزي لم يوضح رأيه فى نتيجة المعركة. ان عنوان المقالة: معركة احد اولها نصر وآخرها هزيمة.