أصداء

اعلان المبادئ واتفاق الأمد الطويل بين بغداد وواشنطن

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

اعلان المبادئ واتفاق الأمد الطويل بين بغداد وواشنطن يفرض وصاية على الارادات الاقتصادية والسياسية والامنية العراقية

وقع رئيس الوزراء نوري المالكي والرئيس الاميركي جورج بوش يوم2007/11/26 على وثيقة مبادئ (اعلان النوايا) التي تمهد لاتفاقية ستراتيجية طويلة الأمد بين العراق والولايات المتحدة، وقد ركزت الوثيقة على الجوانب الاقتصادية والسياسية والامنية.

وقد سبق لنا ان اشرنا في ايلول الماضي الى المساعي الامريكية لربط العراق باتفاقية من هذا القبيل وبينا رأينا فيها، ولكن الاعلان الرسمي عن توقيع ماسمي بأعلان مبادئ علاقة التعاون والصداقة طويلة الأمد بين بغداد وواشنطن يستدعي منا المناقشة وابداء بعض الملاحظات على بنود هذه الوثيقة وذلك لاهميتها على الاوضاع الحالية والمستقبلية للعراق.
ويمكن الاشارة الى أن الاعلان يتضمن ثلاثة محاور رئيسة:

الاول/ المجال الاقتصادي
الذي اشار الى دعم جمهورية العراق و(مساعدتها) في الانتقال الى اقتصاد السوق والاندماج في المؤسسات المالية والاقتصادية والاقليمية والدولية و(دعمها) للحصول على ظروف تشجيعية وتفضيلية تجعلها من الدول الاولى المشمولة بالرعاية في السوق العالمية، من قبل الولايات المتحدة الاميركية بالاضافة الى (مساعدتها) في الانضمام الى منظمة التجارة الدولية
وبأعتقادنا أن البنود الواردة في هذا المحور مهمة وخطيرة جداً وتستدعي الانتباه والحذر، فمن المعروف ان العراق يعتمد على النفط الذي يشكل95% من ايرادات موازنته المالية، بما يجعل ارتباطه في جميع مراحله بالدولة مهم جداً للسيطرة على الايرادات وأوجه الانفاق في المجالين الاستثماري والاستهلاكي واطفاء الديون الخارجية، كما ان البنى التحتية للبلاد محطمة وتحتاج الى انشاء الجديد وادامة واصلاح القديم، ناهيك عن انتشار البطالة وارتفاع معدلات التضخم في ظل غياب وانعدام الخدمات الرئيسة المقدمة للمواطن كالكهرباء والنقل والاتصالات والمياه والبيئة، مع تفاقم الفقر وتراجع فيمستويات التربية والتعليم والثقافة بمختلف مراحلهما وصورهما.
أن هذه الصورة المؤلمة التي تعيشها البلاد تؤشر الى دور الدولة الرئيس في تحقيق الاصلاح والتقدم في جميع هذه المجالات، ومع تأكيدنا على ضرورة تشجيع دور القطاع الخاص، بيد اننا لابد وان نعترف بان هذا القطاع غير قادر بحكم امكاناته المحدودة على الاضطلاع بهذه المهام الاستراتيجية، لذلك فاذا ماجرى الاتجاه نحو الخصخصة واقتصاد السوق، فأنه لن يبقى لدينا شيء يمكن اصلاحه بشكل حقيقي لضخامة الاموال والخبرات المطلوبة لانجاز مثل هذه المهمات، وفي الحالة العراقية لا يتوفر ذلك إلا لدى الدولة فقط بحكم امكاناتها الاقتصادية والمالية الكبيرة نتيجة ارتفاع العائدات المالية المستحصلة من تصدير النفط والعمل على زيادة معدلات انتاجه. كما تجدر الاشارة الى ضرورة ان تبقى الدولة في ظروفنا الراهنة ملتزمة بملكية وادارة المؤسسات الانتاجية التي لها علاقة بحياة المواطن مثل معامل الادوية ومعداتها التي يجب ان تقدم الادوية الى المواطنين باسعار رخيصة وتوفيرها في المؤسسات الصحية بعيداً عن الاستغلال والمتاجرة.
أما قضية الاندماج في المؤسسات الدولية وتشجيع الاستثمار الاجنبي وخاصة الاميركي والانضمام الى مؤسسة التجارة الدولية، فأننا نشير الى ان معالجة الاوضاع الاقتصادية ليس في حث الخطى من اجل ادماج الاقتصاد العراقي بالاقتصاد الراسمالي العالمي وخصخصة كل القطاعات، من دون اتخاذ أية تدابير من شأنها ان تحمي المصالح الوطنية وتحد من الآثار الاجتماعية السلبية.. ونحن نعتقد انه لابد من الاخذ بنظر الاعتبار الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد والضائقة المعيشية التي يعاني منها الناس، كما أن نهج الاصلاح والتحديث يجب ان يكون مدروساً وتدريجياً ويترافق مع تصحيح العملية السياسية وبناء الدولة على أسس وطنية.
وربما يكون من المفيد الاشارة هنا الى أن الدولة العراقية ليست جابياً للضرائب من المواطنين خصوصاً في الظروف الاقتصادية والخدمية السيئة التي تعيشها البلاد، فعلى العكس من ذلك فإن المطلوب في ظل الاوضاع الحالية هو العمل على قيام دولة الحماية التي تقدم الرعاية الاجتماعية والخدمات وتوفر سبل المعيشة للناس، وهذا يتطلب من هذه الدولة أن تقود العملية الاقتصادية من مواردها العالية وأن لا تقلد، وهي فاقدة لابسط البنى التحتية، أي نظام موجود في هذه الدولة أو تلك لخصوصية أوضاعنا واحتياجاتنا الوطنية.

الثاني/ المجال السياسي
لقد نصت وثيقة الاتفاق على قيام الولايات المتحدة الاميركية بدعم الحكومة العراقية من اجل "حماية النظام الديمقراطي من الاخطار التي تواجهه داخلياً وخارجياً واحترام الدستور ودعم جهود الحكومة في سعيها لتحقيق المصالحة الوطنية ".
وبأعتقادنا أن هذه المهمة مسؤولية وطنية عراقية بحتة مكفولة للقوى والتيارات السياسية التي تمثل مجموع مكونات الشعب العراقي، فهي التي ينبغي عليها توفير التوافق بينها على برنامج عمل وطني مشترك وفق منهج مدروس يتفق عليه الجميع يمكن الوصول الى عملية بناء الدولة الحديثة التي تستطيع حماية نظامها الديمقراطي واحترام دستورها وتحقيق العدالة والمساواة بين جميع ابناء الشعب العراقي بمختلف اتجاهاتهم وطوائفهم وانتماءاتهم. إن الجانب السياسي مرهون بارادة الشعب العراقي وجميع مكوناته، وان احترام الدول الاخرى له واقامة العلاقات المتوازنة معه يعتمد على قيام الدولة ومؤسساتها بالالتزام بالدستور والقوانين، بما يعكس ارادة الجميع ضمن كيان
عراقي اتحادي ديمقراطي موحد. ونحن نستغرب ان تقوم دولة أخرى بتحديد وجهة ومسار العراق.. ونتساءل هل أن الاطراف والقوى السياسية العراقية متوافقة على هذا التوجه الاقتصادي والسياسي في وثيقة التعاون؟

الثالثً/ الجانب الامني
وقد تضمن الاعلان الاشارات السابقة نفسها في التوصل الى اتفاقية تؤكد حق العراق بالطلب من مجلس الامن الدولي قبل 31 تموز 2008تمديد ولاية (القوات متعددة الجنسيات) للمرة الاخيرة وماينتج عن ذلك من انهاء تصرف مجلس الامن بشأن الحالة في العراق على وفق الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة الذي يبيح استخدام القوة ضد العراق اذا لم يذعن لقرارت المجلس، وبما يعيده الى وضعه الدولي والقانوني السابق لصدور قرار مجلس الامن الدولي رقم 1661 الصادر في آب 1990
من الواضح ان الاشارة الى ذلك تعني وجود النية الى تقليص القوات الاجنبية الموجودة في العراق، ووضع خطط لسحبها من الشوارع والمدن الى قواعد معدة مسبقاً ضمن اتفاق ستراتجي طويل الامد يعقد بين العراق والولايات المتحدة الاميركية..
اننا نؤكد على أن أية اتفاقية طويلة الامد لابد وأن تحظى بموافقة المجلس النيابي العراقي لأنها تكبل العراق بالتزامات لابد من الوقوف عندها وتمحيصها واتخاذ القرار اللازم حولها بما يكفل حقوق العراق وشعبه وسيادته. إن الارادة الوطنية العراقية تقتضي ان يكون الوجود العسكري الاجنبي في العراق مؤقت ومرتبط بسقف زمني لبقائه، لأن هذا الوجود لا يحظى بتأييد غالبية العراقيين لما يمثله من انتهاك لسيادة العراق، وان انهائه وفق جدول زمني لابد وأن يترافق مع تنامي القوات العسكرية والامنية العراقية وقدرتها على فرض الامن والاستقرار وصيانتهما. وهنا لابد من التذكير بأن مايراد فرضه على العراق بموجب (وثيقة التعاون) يشابه الى حد ما ما فرض على اليابان والمانيا بعد هزيمتهما في الحرب العالمية الثانية، وان العراق ليس على استعداد لرهن ارادته في جميع المجالات بدولة أجنبية مهما كانت مبررات ذلك.

عبد الاله النصراوي
الامين العام للحركة الاشتراكية العربية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
العراق الجديد
عراقي -

لقد ولى عهد الجلادي ورجعت بغداد الى حضن الاهل والاحفادي هذا العراق الجديد المنفتح على العالم باسره العراقيين يتطلعون الى علاقات مع كل العالم 35 عام والعراقي محبوس والبلد دمر من عصابه استفزازيه لاتعرف غير لغة القتل والبطش والاعتداء والحقد والضغائن على الشعب والجار نؤيد هذه الحكومه التي انتخبها الشعب على فتح علاقات مع العالم باسره في مجال العلم والانترنت والطب والسفر والاتصالات وان تجعل العراق في مصاف الدول الراقيه والمتقدمه بعد ان كان في عهد العربنجيه البعثيه في مصاف موريتانيا وجيبوتي مليء بالاسلحه الكيمياوي ورموز لاتعرف قيمة هذا البلد وشعبه ولهذا فرح الناس يوم سحقهم المحتل الامريكي

امريكا ليست عدو
محمد البغدادي -

امريكا وهبت العراق حريته و ساعدته للخروج من مستنقع الحرب الاهليه و هي المؤهل الوحيد لحمايه ثاني احتياطي بترولي في العالم

تداعيات الاتفاقية
حسنين كامل -

مما لاشك فيه ان الدولة العراقية الجديدة تحتاج بل هي بامس الحاجة الى الدعم والاسناد الدولي وبالتالي فان تويع العراق الاتفاقية مع واشنطن لها مردودات ايجابية على جميع الاصعدة السياسية والاقتصادية والامنية ولكن لابد من الالتفات الى شيء في غاية الاهمية هو كيفية شرعنة هذه الاتفاقية شعبيا فلا بد من اطلاع المواطن العراقي على تفاصيل هذه الاتفاقية وان يجرى عليها تصويت في مجلس النواب بعد دراستها دراسة مفصلة وانا كمواطن عراقي اولا لابد ان اطلع على تفاصيل هذه الاتفاقية لانها قد تجعل العراق تابع الى دولة اجنبية عبر سلسلة من التقييدات الاقتصادية والسياسية في المستقبل .لذا نطلب من النواب العراقيين ان يتمعنوا بدقة على بنود الاتفاقية لانها ستحدد مسار العلاقات العراقية الامريكية المستقبلية وكذلك ستبين مكانة العراق في المجتمع الدولي على كافة الاصعدة