الجزائر في دائرة العنف مجددّا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أجمعت القوى السياسية الجزائرية بما في ذلك الجبهة الإسلامية للإنقاذ على لسان زعيمها الدكتور عبّاسي مدني على إدانة العمليات الإرهابية التي عصفت بمنطقتي حيدرة و إبن عكنون في قلب العاصمة الجزائرية و التي أودت بحياة ثلاثين مواطنا جزائريّا و إصابة عشرات الجرحى بما في ذلك تلاميذ المدارس الذين كانوا متواجدين في المنطقة عند حدوث التفجيرات، و قد سارع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إلى تبني هاتين العمليتين اللتين شكلتا حسب المراقبين في الجزائر العاصمة تطورا نوعيا في أسلوب هذا التنظيم الذي بدأ يلجأ إلى العمليات الإستعراضية التي تذكّر بأحداث العراق للحصول على الصدى الإعلامي المرجو عادة من مثل هذه العمليات..
وقد حدثت هذه العملية بعد زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى الجزائر كما تزامنت مع ذكرى الحادي عشر من ديسمبر التي يحتفل بها الجزائريون كل سنة، و هي الذكرى التي تخلّد خروج سكان الجزائر العاصمة إلى الشوارع وإعتصامهم بها ومطالبتهم فرنسا بمنحهم الإستقلال، و هي المظاهرات التي جعلت ديغول يقّر بوجود مشكلة فرنسية حقيقية في الجزائر و أبدى إقتناعه برغبة الجزائريين الملحّة للحصول على الإستقلال وهو ما تحققّ بعد أشهر من هذه التظاهرات في الخامس من تموز - يوليو 1962.
و تأتي هذه العمليات الأخيرة التي كانت الجزائر العاصمة الجزائرية مسرحا لها لتؤكّد أنّ العنف في الجزائر لم ينته بل تطورّ ليسلك أساليب مغايرة و أداءا مختلفا عن السابق، فعلى مدى عشر سنوات أي منذ بداية الفتنة الجزائرية سنة 1992 كان الصراع الدائر بين الجماعات المسلحة و الجيش الجزائري محصورا في مناطق جبلية وعرة أو عبر إغتيالات و إغتيالات مضادة، وعندما طرح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مشروع الوئام المدني ثمّ مشروع المصالحة الوطنية إستجابت بعض الجماعات المسلحة لهذا المشروع وقررّت التخلي عن العمل المسلح ومنها الجيش الإسلامي للإنقاذ بقيادة مدني مزراق و عناصر من الجماعة الإسلامية المسلحة و الجماعة السلفية للدعوة والقتال. غير أنّ هذا لم يتمكن من تطويق الفجوات الأمنية والقضاء النهائي على الجماعات المسلحة.
فالجماعة السلفية للدعوة و القتال قررّت تغيير عنوانها لتصبح تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي و هذا أهم وأبرز تطورّ في المشهد الأمني الجزائري إذ قبل ذلك كانت كل الجماعات المسلحة الجزائرية تملك أجندة جزائرية ضمن الحدود الجزائرية و هذا ما كان يتيح التفاهم و حتى التواصل معها، لكن بعد تحول الجماعة السلفية للدعوة والقتال إلى جزء لا يتجزأ من تنظيم القاعدة أصبحت خاضعة لأجندة تنظيم القاعدة على الصعيد العالمي و أصبحت ميدانيا تأتمر بما تفرزه قيادة القاعدة من أوامر وقرارات و هذا ما يفسّر إستهداف مقرّ مفوضية شؤون اللاجئين في العملية الأخيرة في الجزائر العاصمة و المفوضية فرع من فروع جمعية الأمم المتحدة و بالتالي إختار تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تدويل حربه في الجزائر بعد أن كانت محصورة بمقاتلة عناصر الجيش الجزائري و ضبّاط الأمن..
و حسب المعلومات المتوفرّة فإنّ تنظيم القاعدة يريد أن يحوّل الجزائر إلى قاعدة خلفية له ينطلق منها لتفعيل إستراتيجيته فيما لو أخفق بشكل كامل في العراق وأفغانستان، فالجزائر تتمتّع بمناطق جبلية وعرة و يصعب السيطرة على تضاريسها الجغرافية بالإضافة إلى وجود إستعداد لدى كثير من شبابها لتبني فكر القاعدة نتيجة إخفاق السلطة في معالجة مواضيع البطالة و الفقر و التهميش الأمر الذي حمل العديد من الشباب الجزائريين إلى تبنّي الفكر الإنتحاري، و حسب المعلومات أيضا فإنّ تنظيم القاعدة نجح في تهريب مئات العناصر من العراق وليبيا وتونس و أفغانستان و أوروبا إلى الجزائر عبر الحدود الصحراوية الواسعة والتي يسهل التسللّ عبرها، و قد باتت هذه العناصر في عهدة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في إستراتيجية تهدف إلى تقوية هذا التنظيم الفرعي للقاعدة و ضخّ الحياة فيه عبر قدرات عسكرية قادرة على تلغيم السيارات و حتى صناعة الأسلحة الخفيفة و المتوسطة.
و إذا كانت السلطات الجزائرية قد نجحت سابقا في التعاطي مع ملف الجماعات الإسلامية المسلحة الجزائرية لأنّ كل خيوطها جزائرية فإنها ستلاقي عشرات المشاكل مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بإعتبار أنّ خيوط هذا التنظيم متشابكة بين عواصم عدة و أجندات متعددّة.
و تشير بعض المعلومات الدقيقة أنّ الجزائر باتت في دائرة أجندة دولية تهدف إلى بثّ الذعر و هزّ إستقرار الجزائر و جرّها إلى مزيد من الإبتزاز السياسي و الإقتصادي خصوصا و أنّ عيون بعض الإرادات الدولية على النفط الجزائر الذي يتعاظم شأنه في الأسواق الدولية...و ما لم تبادر السلطة الجزائرية إلى تفعيل مسعى المصالحة الشاملة و الكاملة فإنّ الجزائر مرشحة لمزيد من هذه العمليات التي يشمّ منها روائح بغداد وكابول و بيروت.
ففي سنة 1992 وعندما إندلعت الفتنة الجزائرية، كان بعض الرسميين يستهينون بها معتبرين إياها ثقوبا صغيرة في الجدار الأمني الجزائري سرعان ما تسدّ، لكن هذه الثقوب تحولت إلى فوهات بركانية تطلبّ الكثير من الجزائر لتجاوز قطوعها.
و إذا كانت الأزمة محلية تاريخئذ و أمكن التحكم في بعض أطرافها، فإنّ القاعدة اليوم تريد تحويل الجزائر إلى ساحة مواجهة لأطراف دولية، و يبدو أنّ بعض الجهات الدولية و الإقليمية تستحسن فكرة نقل الصراع إلى الدائرة الجغرافية الخلفية في الجزائر، لتخفيف العبئ عنها في دوائر المشرق العربي.
و الحل الأمني قد لا يفضي إلى وضع حدّ لإستراتيجيات هذا التنظيم، بل الحلّ يكمن في إحقاق إجماع سياسي و مصالحة وطنية شاملة و هو وحده الكفيل بنزع الغطاء السياسي عمن يخططّ لإرجاع الجزائر إلى درجة ما قبل الصفر وهذه المرة من الخارج.
يحي أبوزكريا
التعليقات
لم يتطرق احد للسبب
fatima -تابعت معظم التحليلات حول اسباب استمرار العمليات الارهابية في الجزائر ولم ارىاحد اشار للسبب الحقيقي او المنبع الذي يستمد الارهابيون منه غذائهم بل وجدت ان دماء الابرياء اصبحت وكانها فرصة حتي يصفي الساسيين خصوماتهم مع بعضهم فمنهم ما رمى السبب على السلطة ومنهم من اتهم جبهة الانقاذ وفي هذا تضييع للحق وهذا مانهى عنه الرسول قائلا (لعن الله قوما اضاعواالحق بينهم) والمتسبب الرئيسي هو من نشر الفكر الارهابي السلفي الذي ويوجدالمبررالشرعي لهم وهو من صنع الالاف والمتسبب الثاني هو سكوت علماء المسلمين عما يجري من ابادة للابرياء في العراق وطبعا تنقل هذه الابادة علىالهواء وتصورها الجزيرة واخواتها من انها بطولة فلماذا لايقلدهم الجزائريون سيماوقدوضع بيدهم ---------بقاعدةالتترس ان قوما يحرفون دينهم ويجعلونه منه شرعة للافاقين كي يسرقون ويقتلون ثم يقولون (شو المشكلة) كما قالها الفلسطيني الذي ترك ارضه -----الصهاينة ويذهب كي يعلم العراقيين تفخيخ السيارات ويسرق اموالهم ويضع للسرقة اميرا يسميه امير الغنائم كما اظهرته قناةالعربية هو المسؤل الاول والاخير في استمرار هذاالارهاب والسلام
نسيت امرين يازكريا
muhammadl. -اتفق مع معظم ماجاء في مقالةالكاتب ابوزكريا لكنه نسي امران مهمان وهما الجالية الجزائرية والمغاربية المليونية في المهجر والذين انتشرت في اوساطهم العقيدة السلفية التكفيرية وازلام القاعدة حيث يسهل عليهم التحرك والتجنيد في اوساط تلك الجاليات وبعكس الدول العربية ولهذا راينا ان العدد الثاني من بعد - الذين جندتهم القاعدة لقتل العراقيين ياتون من ليبيا والجزائر وتو نس والمغرب وللاسف هذه الحكومات تركت جالياتها للافاقين وبعكس الاتراك الذين لايسمحون لاي متطفل ان يرتقي مساجدهم في المهجر والامر الثاني هو تفرج الاجهزة الامنية وتشجيع المثقفين لمواطنيهم الذين ابادوا العراقيين بالعمليات الانتحارية وبالتالي انشرت الطريقة العراقية وثقافتها وردت تلك البضاعة الى بلد المنشأ بعد ان تدربوا على التفخيخ والتعود على رؤية انهار الدماءومن اعان ظلما سلطه الله عليه كما قال المصطفى وامراخر وهو سماح السلطات الجزائرية وبعكس المغرب بتداول الكتب السلفية التكفرية بكثافة في الجزائر
جريمة الثلاثاء !
فؤاد شباكا -بعض الجزائريين وهم قلة بالطبع كانوا كلما سمعوا نشرات انفجارات العراق، وعن الأفكار الارهابية وبأجندتها الاجرامية استقبلوها بابتهاجات وأفراح عامرة، بصرف النظر عن عدد الضحايا المدنيين فى أرض الرافدين - ما شعورهم اليوم بعد جريمة الثلاثاء الشنعاء ؟ والتى ارتكبها تتار القاعدة، بعد أن فروا من العراق أمام الضربات الموجعة التي زلزلت الارض تحت أقدام هؤلاء الجبناء، وأعادتهم القهقري من قبل بواسل اللواء الخامس للجيش العراقي ومعهم قوات التحالف .. الأستاذ زكريا هوسنا فى مقالاته السابقة عن البؤساء التكفيريين، وحشرهم في زاوية الشهداء، وبأنهم يذودون عن شرف الأمة، وأيضا ربط الجريمة بزيارة الرئيس ساركوزى ـ يا ترى ما رد فعله بعد الجريمة؟ / فؤاد شباكا