أصداء

شرف الفتاة في القاموسين الإجتماعي و الأخلاقي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

ماذا تعني كلمة شرف في القاموس الإجتماعي و الأخلاقي؟ لماذا يرتبط مفهوم الشرف بالفتاة و عفتها و في نظر المجتمع؟ لماذا يترتب على فقدان الفتاة غشاء بكارتها فقدان محيطها الأسري سمعتهم و شرفهم؟ بكلمات أخرى لماذا يمثل غشاء البكارة عنوان شرف الفتاة و الذي يعكس نظرة المجتمع من خلاله إلى شرف والد الفتاة و أخوها و الرجال المقربين لها؟ لماذا بتمزق غشاء بكارة الفتاة يحكم على الفتاة بالموت؟ و لماذا تتدخل المجتمعات الإسلامية و الشرقية المتخلفة في أدق تفاصيل و خصوصيات الفتاة حتى عذريتها بحيث تربطها مع مفاهيم أخرى مثل الشرف و العفة والطهارة؟ لماذا تقترن سمعة العوائل و الأفراد في المجتمعات الشرقية ذات الأصول الدينية الإسلامية تحديداً بمدى حفاظ الفتاة على عذريتها حتى وقت الزواج؟ لماذا لا ترتقي المجتمعات الشرقية و الأسلامية بفهمها لمفهوم الشرف إلى أرقى و أسمى من ربطها بعذرية الفتاة؟

هذه الأسئلة و غيرها من السئلة التي تتبادر إلى الذهن حين سماعنا بخبر قتل فتاة غسلاً للعار، و أكثر جرائم القتل في الشرق المتوسط المتخلف، التي الدافع من وراءها غسل العار يكون سببها الممراسة الجنسية التي أحلتها المجتمعات الشرق أوسطية المتخلفة للرجل و حرمتها على المرأة، في حين أن حتى الرجل الذي يمارس الجنس و لا يحاسب عليه تكون المرأة هي الجانب الآخر من فعلته، غير أن الرجل لا يحاسب و لا يخضع لنفس العقاب الذي تخضع له المرأة.. أو إما يكون فقدان غشاء البكارة قبل الزواج أحد أسباب قتل الفتاة غسلاً للعار دون التأكد من حسن أخلاقها و إستقامتها.. فلماذا فقدان غشاء البكارة يعتبر عاراً على رجال المجتمع، و يكون العقاب هو الموت، في حين أننا لم نسمع عن عائلة حكمت على إبن لها شاذ جنسياً أي مارس (المثلية) مع قرين له.. و كم سمعنا قصص عن خيانات رجال لزوجاتهم، غير أننا لم نسمع عن رجل قتل على يد عشيرته بدافع غسل العار، في حين أننا نسمع مئات القصص التي تحكي عن آباء أو أزواج قتلوا الفتاة في أول ليلة الزواج، ليس لأنها لم تكن عذراء و إنما لأن غشاء بكارتها كان من النوع المطاط الذي لا يزال بسهولة، لكن الجهل أعماهم عن أن يتأكدوا فكان القرار هو قتل الفتاة..

كم من الشباب يمارس الجنس قبل الزواج و حتى المثليين منهم و ملأ إرادته دون أن يتعرض للمسائلة و العقاب كما يحدث مع فتاة يشك أهلها أنها تحدثت مع شاب بالصدفة على قارعة الطريق العام.. و لم نسمع عن فتاة طالبت مجرد المطالبة بالطلاق من رجل إكتشفت أنه كان على علاقة حب مع غيرها قبل الزواج و مارس معها الجنس.. لكننا نسمع مئات القصص عن فتيات تعرضن للقتل، و في أفضل الحالات إلى الطلاق إذا ما إكتشف زوجها أنها كانت على علاقة من رجل آخر قبل زواجها منه..

مع تقدم البشرية إلى الأمام، خصوصاً في البلدان المتقدة و إنشغال البشرية بقضايا مصيرية تندرج تحت خانة المصلحة الإنسانية و رفاهية بني البشر و تطوير العقل البشري في مختلف مجالات الحياة و على كل الأصعدة، تتراجع مثل هذه المسائل إلى الوراء لأن الحياة تأخذ شكلاً آخر، خصوصاً مع التطور الهائل الذي جلبته التكنلوجيا.. فهي وضعت البشرية أمام الكثير من التعقيدات، و الكثير من القضايا التي تساعده على التخلي عن التفكير التقليدي في أمور مثل الشرف.. فالفتاة التي تشك أنها قد تتعرض إلى القتل في حال لو أقامت علاقة حب مع شاب، ستلجأ إلى جهاز الكومبيوتر الذي يوفر لها الأمان بعيداً عن أعين أهلها و تلجأ إلى إقامة علاقات من وراء شاشة الكومبيوتر و حتى يصل بها الحال إلى ممارسة الجنس من خلال الإنترنت، كما حدثتني إحدى الفتيات حين قالت: (بسبب الضغوط التي أتعرض لها من جانب أهلي و محاسبتهم لي على كل صغيرة و كبيرة و على كل تصرفاتي الحسنة و غير الحسنة و، و بسبب أنهم يقيسون كل شيء يبدر مني بمقياس واحد و هو الشرف، مما أثر على نفسيتي و ترك لدي ردة فعل سايكولوجية سلبية إزاء كل شيء من جانب أهلي و جعلني أعاني من عزلة قاسية، لأنهم يمنعونني حتى من إقامة علاقات خاصة مع بنات من سني، صرت أقضي معظم وقتي بحجة الدراسة و القراءة و المتابعة أمام شاشة جهاز الكومبيوتر، فهو صار سلوتي، بحيث الآن لدي علاقات من خلال المحادثة في غرف المحادثة على الإنترنت، و حتى أنني أمارس الجنس مع أكثر من شاب أثناء التواصل معهم..) هذه هي إحدى النتائج التي تخلفها المعاملة القاسية و القائمة على اساس التفرقة بين الذكر و الأنثى، و التي من شأنها أن تلعب دورها السلبي في المستقبل على الفتاة في علاقتها مع الرجل الذي ستقترن به..

التخلف الإجتماعي و الذي تعاني منه منطقة الشرق، و الشرق الإسلامي على وجه التحديد، مقارنة مع سرعة وصول التطور التكنلوجي و إنفتاح آفاق التطور و المتابعة من خلال عالم الإنترنت، و بالمقارنة مع نسبة التخلف، نجد أن هذا التضاد و هذا التناقض بين ماهو إجتماعي تقليدي و ديني، مع ماهو علمي تكنلوجي و سريع سرعة الصاروخ و متغلل في تفاصيل حياتنا، كل هذا يخلف دمار أخلاقي لدى شبابنا و شاباتنا، و عدم تقبل الأهالي لضرورة مواكبة التطور العلمي و إبتكار طرق و أساليب حضارية في التعامل مع الفتيات و عصرنة الفكر الإسلامي المتغلغل في أدق تفاصيل الحياة اليومية. و محاولة فك عقدة العادات الإجتماعية التي تستمد قوتها من النصوص الدينية، و تبني عليها إجتهادات تسيء إلى كينونة المرأة و إنسانيتها..

إضافة إلى عدم وجود وعي الأجهزة الخدمية لدى الدولة التي لها علاقة بتربية الشباب و الشابات، و عدم إلمامهم بسلبيات و مساويء التربية التقليدية و وفق مفاهيم تربوية باتت في حكم التأريخ و بطل مفعولها.. و أيضاً تغاضي الأجهزة الحكومية المعنية عن الجرائم التي ترتكب في حق المرأة تحت ذريعة غسل العار، كل هذا يؤدي هذا في مجمله إلى خلق حالة من عدم التوازن و عدم الإستقرار الأخلاقي لدى النشأ الجديد.. و بالتالي يترك آثاره الأخلاقية في نظرة النشأ الجديد للدين و إبتعادهم عنه و نفورهم من تعاليمه، فكل فكر لا يتم تجديده و عصرنته و جعله منسجماً مع روح العصر من غير الممكن إقناع الجيل الجديد بإتباعه و الإيمان به و بضمنه الأديان..

و هنا أعود و أسأل من المسؤول عن الحفاظ على الشرف سواء لدى الرجل أم لدى المرأة؟ عن نفسي لدي قناعة تامة أن الفتاة و المرأة هي المسؤول الأول و الأوحد عن الحفاظ على شرفها، و هي صاحبة القرار في كيفية الحفاظ عليه و الوسائل التي من شأنها أن تحفظ لها على شرفها و كرامتها و ليس المجتمع.. ثم أين هو الشرف الذي يجب أن تحافظ عليه؟ هل هو يوجد في غشاء البكارة؟ أم أنه يوجد في الضمير الإنساني؟ ما الفرق بين فقد غشاء البكارة و جريمة السرقة؟ هل سمع أحدهم أن رجلاً كان أم إمرأة جرى لأنها سرقت شيئاً من شخص؟ في حين أنها تعاقب بالموت لأنها تفقد غشاء البكارة الذي هو ملكها و هي التي تقرر كيف تحافظ عليه و كيف تفقده..

من هنا كان لزاماً على العالم الشرقي المتخلف أن يعيد نظره في المفاهيم التي تتبناها فقط من أجل إذلال المرأة التي هي نصف المتجتع و هم بذلك يهينون الإنسانية بأكملها.. و أن ما ينقذ المجتمع الشرقي المتخلف هي عملية إصلاح شاملة تبداً من الإصلاح الإجتماعي و الديني و أنسنة الدين و فصله عن السلطة السياسية و عزله عن القيم الإجتماعية و جعله مقتصراً على متبعيه فقط..

و إلى الأمام نحو المزيد من الكرامة التي أهدرها أصحاف العقول الضيقة و تعويض المرأة عن كرامتها المسلوبة و ضمان المزيد من الحقوق لها و ذلك بسن قوانين جديدة تتناسب مع العصر و التقدم و التطور التكنلوجي و عالم الحاسوب الآلي و الإنترنت الذي يربط بين جميع أجزاء الكرة الأرضية بحيث لم يعد هناك مفر من الإنضمام إلى منظومة العولمة الجديدة و إلا فإن نهاية التخلف و العقل المتحجر هو على يد التكنلوجيا المعلومات و النظام العالمي الجديد القائم على مفاهيم أخرى من خارج ما جائت به الأديان السماوية..

فينوس فائق

venusfaiq@gmil.com
www.venusfaiq.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مقال جيد .. لكن
تموز -

اولا تحية لك .. و احيي فيك عمق و سلاسة السرد و الحبكة المتناغمة في تناولك الموضوع ،،، و لكن يا سيدتي العزيزة .. و طبعا قبل ان ادلي بشيء ارجو ان لاتتفهمي كلامي من منطلق اني احاجج او اصد الحقيقة بلغة رجل شرقي .. فينوس اسم يحمل الكثير من الدلالات الجميلة التي تخدم هدف الموضوع ... و انا معك فيما طرحته ، الا انني الومك لانك لم توضحي مباشرة ما المسموح للفتاة و هل يصل الامر حد ان تماثل الرجل و تفعل كما يفعل بعض الرجال العرب .. (الان .. و هنا ) ، الاجدر ان ندعو طبعا للفكر الحر الراقي و لكن ايضا ان نسمي و نوصف ماهيته لا ان نترك الامور مطلقة ، فالفتاة ، وانا اقول ذلك ليس من منطلق تحجر او انغلاق ، ما يجملها اضافة لتحررها و قدرتها على الخوض فيما تريد ، هو عقلانية غوصها في تجربة الحب و ادراكها ان الجنس فعلا ليس الا جزئية مكونة ....شكرا لك tamuoz2002@yahoo.com

امر غريب
ابو يوسف -

انه حقا امر غريب اصرار بعض الناس على اجترار موضوعات اكل عليها الدهر وشرب،ما هو الجديد في كل الكلام الذي اتت عليه هذه السيدة؟ايها الايلافيون ارحمونا واحمونا من هذه الموضوعات التي ماد يناقش فيها احد حتى في عراق عبد العزيز الحكيم ومسعود البرزاني

العقل المتخلف
عدنان رجيب -

مقالتك، فينوس، وقفة جريئة أخرى لصد القهر والتخلف في مجتمعاتنا. ما أعنيه هو إن كلا الجنسين الذكور والأناث هم المجتمع الإنساني، وتحديد حرية نصف المجتمع هو تعطيل لنصف المجتمع. إن العفة، كما ذكرت أنت، ليست في غشاء البكارة إنما في السلوك والتصرف الحسن والذي يجعل من المرأة وفية لمن تحب أو لمن تتزوج والأمر كذلك يتوجب أن يكون في عفة الرجل وسلوكه الإنساني الحسن مع من يحب أو يتزوج. أما إعطاء الحق للرجل بممارسة الحب مع الكثيرات فهو أمر مضر بالمجتمع وهو سلوك مشين يجب إدانته، بالضبط كما يجب إدانة المرأة التي تنحرف في مثل هذه التصرفات المشينة. ثم إن الرجل عندما يمارس الجنس فإنه يمارسه مع أمرأة، عادة’ فإن قبل المجتمع، المتخلف، سلوك الرجل هذا فعلى المجتمع، المتخلف، أن يقبل بسلوك محظية الرجل، وهي المرأة، فلا يجب الكيل بمكيالين. إن التصدي لهذه المظاهر المريضة هي من واجبات المرأة والرجل على السواء لكي نأمل أن يكون المجتمع سويا في المستقبل. ودعواتك، فينوس، ودعوات غيرك مهمة جدا للإنتصار لحقوق المرأة.

عقة الرجل مهمة ايضا
د. رأفت جندي -

ارجوا ان يكون هدف المقال هو اهمية عفة الرجل ايضا وليس عدم اهمية عفة الفتاه. في عملي كطبيب تعرضت لبضع حالات من طلب الكشف عن البكارة من شرقيين لاسباب اجتماعية وليست جنائية, ورفضت المبدأ قائلا للرجل انا لا استطيع ان اعلم ايضا مدي عفتك.

تعليق
عصام -

في الغرب ان الفتاه التي تصل سن الرشد وهي ما زالت عذراء وليس لها صديق تعتبر معقّده ومريضه نفسيا ويرسلها اهلها الى الطبيب النفسي

تعقيب
almuaser2000 -

عزيزتي الكاتبة الجميلة الرائعة فينوس..طرحك بخصوص حبس الفتاة وحرمانها أكثر من رائع خصوصا نحن في بغداد ومع عدم التعميم بالطبع نجد أن الخطورة تأتي دائما من (بنات المنازل) التاركات لدراستهن بسبب منطق العفة والشرف فأمسين حبيسات البيوت..وبذلك يكونن فريسة سهلة للاصطياد الكترونيا أو هاتفيا أو من خلال سطح المنزل خلال تعليق الغسيل..أماالفتاة الجامعية أو العاملة تكون واعية ومثقفة ومدركة لما حولها ومطلعة وبذلك تكون صعبة الاصطياد الا أن يقع قلبها فيمن تحب وتجده مؤهلا..ولكن بالنسبة للطرح الاول فأنني اخالفك الرأي فالمرأة التي تمارس الجنس تكون عليها عقبات أكثر من الرجل..من باب الحمل أو ماشابه بينما فعلة الرجل تذهب في غياهب النسيان ولاتترتب عليها أية آثار جانبية..