و تذکر الشيخ القرضاوي الکورد!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
هناک العديد من الوجوه الثقافية و الدينية البارزة في المنطقة ممن نأت بنفسها جانبا کلما سعت أجهزة الاعلام الى إستجلاء آراءها و مواقفها بشأن القضية الکوردية، لکنني أجزم وبکل إطمئنان بأنه لم تکن أي من تلک الوجوه بذکاء و دهاء الشيخ يوسف القرضاوي عندما کان يجد نفسه قبالة سؤال يستردجه الى طرح موقفه"الصريح"من القضية الکوردية. وقد لفت أنظار المثقفين الکورد کثيرا عندما کان يرواغ و يحاول "القفز" على روح و جوهر الاسئلة الموجهة إليه بخصوص بيان مواقفه کعالم إسلامي بارز من قضايا مهمة و حساسة نظير قضية الانفال و القصف الکيمياوي لمدينة حلبجة، لقد کان يسعى دوما و بکل ماکانت في جعبته من"حيل شرعية"و حتى غير شرعية للتملص من تلک الاسئلة الثقيلة على نفسه و روحه وقد بدا الامتعاض والاحساس بالضيق واضحان على تقاسيم وجهه.
الشيخ القرضاوي، الذي کان و لايزال له باع طويل و قصب السبق في کل موضوع يتعلق بالمسلمين في أقصى أرجاء المعمورة، هو نفسه الذي يجد"حرجا"و"ضيقا"في کل أمر يتعلق بالکورد و الشيعة وفي الوقت الذي تجد سرعة بديهة غير اعتيادية لديه عندما تسأله عن ما يدور في الاراضي الفلسطينية أو حتى عن الذي يدور في جزيرة الواق واق، فإن التلعثم و التلکأ يطغيان عليه عندما تسأله عن حق الشعب الکوردي في تقرير المصير مثلا أو عندما تسأله عن الظلم الذي لحق بالشيعة على مر التأريخ.
بالامس القريب، أطل الشيخ القرضاوي بعد طول سکوت بموقف جديد بخصوص المشهد العراقي، موقف بصيغة مبادرة لحقن دماء"السنة و الشيعة"في العراق من خلال وساطة کوردية بهذا الخصوص، وقد أفتى"مولانا"القرضاوي بأنه وفي حالة عدم إذعان أي من الطرفين لوساطة الکورد، فإنه يجب على الطرف الکوردي أن يبادر بالاتفاق مع الطرف المذعن في الهجوم على الطرف "غير المذعن"للوساطة الکوردية وبذلک يتم حسم الملف العراقي و ينتهي کل شئ!! الامر الملفت للنظر ان هناک ثمة أطراف کوردية قد راقت لها دعوة الشيخ المثير للجدل و بدت وکأنها قد وقعت في شباکه "الشرعية"خصوصا وأنه قد هول من أمر الوساطة الکوردية حتى جعلها بمثابة"الحکم و الخصم"، لکن القضية قد لا تکون أبدا بتلک الصورة التي خطتها ريشة القرضاوي، إذ انها أعقد و أعمق و أکثر حساسية و خطورة من ذلک بکثير، فالکورد هم أساسا من الطائفة السنية لکنهم وفي نفس الوقت حلفاء إستراتيجيون للشيعة و لهم علاقات أکثر من وثيقة مع واشنطن و ليس بالامکان أبدا خلخلة هذه المعادلة أو التلاعب بها، وقد يکون من المفيد جدا أن أجزم بأن القوى السنية سوف تأخذ في الاعتبار الوضع السياسي للکورد و مايمليه ذلک عليهم من إعتبارات محددة مثلما أن الشيعة أيضا سوف لن يجدون أبدا من مناص في عدم الاصغاء لکل مالايتفق مع مصالحهم"البعيدة المدى"، وخلاصة الامر، فإن قيام الکورد بهکذا وساطة و في هکذا فترة حرجة و حساسة هو خطأ فادح لن يکون في صالحهم أبدا، بل وانني لست أجد ما يکفي من"نقاءوخلوص" النية في تلک المبادرة من أساسها وانها لو ترجمت على أرض الواقع فسوف لاتزيد الطين إلا بلة و تساهم في تأزيم و تعقيد الوضع بصورة أکثر خطورة مما هو عليه الان.
الامر الذي يجب أن ينتبه إليه مولانا الشيخ هو أن الکورد قد قاموا من تلقاء أنفسهم بهکذا وساطة و لازالوا ساعين فيها، لکنها من دون"إملاءات"و"تنظيرات"سياسية أو طائفية، والاجدر بالشيخ الجليل وهو العالم و الفقيه والادرى بدقائق أمور المسلمين أن يبادر بنفسه للقيام بهکذا دور، إذ هل من المعقول أن يبادر الشيخ القرضاوي لحل مشکلة تتعلق بتماثيل بوذية في أفغانستان و لايبادر لحقن دماء مسلمة تسال بطريقة أقل مايقال عنها غير شرعية و بعيدة کل البعد عن کل المعاني الانسانية؟!
نزار جاف
nezarjaff@gmail.com