أصداء

الدور العربي في العراق حضور وغياب سلبي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يعد الدور العربي في العراق من مواضيع " الحاجة عند الطلب " بمعنى أدق كلما أشتدت بعض الامور تذكر بعضنا الدور العربي المفقود في العراق. وحقيقة لاارى غياب لهذا الدور في العراق بل هو حاضر وبشكل قوي وكبير ومؤثر. لكن السوال ماهي مساحة حضوره؟. و الجواب بالتاكيد هي مساحة سلبية ومؤذية بكل معنى لهذه الكلمة. فمجرد غياب الدور الرسمي العربي بهذا الشكل الغريب في العراق هو حضورآ مميزآ في خانة السلبيات، وايضآ مجرد حضور الارهابين من بعض حملة الجنسيات العربية الذين يستهدفون باجسادهم المملؤة حقدآ ومتفجرات لبعض الفئات العراقية هو حضور اخر سلبي وبامتياز. وهو هدية دموية يعيش مفرداتها العراقيين كل صباح يوم جديد. فمن قال ان العرب غائبين عن اشقائهم في العراق!! بل ان لهم حضور اخر اكثر تميزآ ووضوحآ وذلك من خلال بعض الحملات الاعلامية الفضائية والمكتوبة والتي تقدر يوميآ بمئات الساعات لغرض التحريض وقلب بعض الحقائق على الغالبية السكانية الساحقة التي يمثلها شيعة العراق من العرب الاقحاح، حيث يضعوهم كل يوم في حفل مزاد مفتوح للتبرع بهم الى القومية الفارسية او الصفويين او كما يحلو لبعض العراقيين تسمية " العجم " واذا كان ممكن تفهم بعض المواقف اذا كانت تصدر من مواطن بسيط تاخذه مشاعره الطائفية والمذهبية الى حيث لايدري، فان الغريب أن كتاب وصحفيين واعلاميين معروفين وشخصيات اكاديمية تدخل في هذه الحلبة بكل قوتها وهي تعرف مسبقآ ان النتيجة هي الخسارة للجميع عرب ومسلمين سنة وشيعة، لذلك فان حسن النية بمثل هولاء ليس لها وجود في مثل هكذا ميدان خطير.

ان التصريح الصحفي للسيد مختار لماني ممثل الجامعة العربية لصحيفة الشرق الاوسط يحمل اشارات غاية في الخطورة عن اي دور ممكن ان تقوم به الدول العربية مستقبلآ في العراق، فهو يقول نصآ ( اخشى أن يكون الوجود العربي هناك لمجرد مجابهة الطرف الاخر!! ) وهي قراءة للرجل في غاية الدقة والحكمة، وهي مثلآ رد صريح وسريع بقصد او بدونه على مطالبة الشيخ السامرائي رئيس الوقف السني في العراق من الامارات العربية المتحدة ( لبعض الدول العربية ارسال قواتها لحماية ا لمناطق السنية!!) لكن لم يوضح السامرائي من يحمي الشيعة في المقابل. افترض وحسب الجو العام ان الشيعة يكونون بحماية ايران اي اننا نتبرع باكثر من 65% من الشعب العراقي من الشيعة العرب الى ايران هكذا كهدية معلبة وبدون أدنى تردد او حساب!!

اذا كان سنة العراق يخافون من فرق الارهاب التي يطلقون عليها فرق الموت فان هذه الفرق هي تقتل من الشيعة والسنة على حد سواء وايضآ القتل المتبادل والموجود الان في بعض المناطق هو ظهر للوجود بعد احداث تفجير سامراء التاريخي والفاصل بكثير من الامور. اما قبل ذلك ولحوالي ثلاث اعوام كان قتل الشيعة وضرب مقدساتهم علني وبشكل يومي ولم يسلم مرقد مقدس واحد من القصف والتفجيرات وهذه الامور موثقة ومصورة في كل وسائل الاعلام. وبعيدآ عن هذا التداخل السوال يطرح نفسة من يحمي الشيعة من المفخخات وبهائم الشر الانتحارية التي تستهدفهم كل يوم وحتى العاشر من محرم قبل ايام معدودة حيث استهداف الحسينات ومواكب عاشوراء على طول العراق وعرضه.. فمن اين جاؤا هولاء!! اذا كانت اجابتنا واضحة وصريحة على كل انواع الارهاب الذي يحيط بكل العراقيين حينها سيكون الامل كبير وعظيم لعودة الامور الى نصابها الانساني الحقيقي.

اما الموقف العربي الرسمي ففيه الكثير من الهفوات التي سحبت البساط من تحت اقدامهم بايديهم في العراق. ويكفي ان نشير ونذكر بتصريحات ملك الاردن حول التحذير من " الهلال الشيعي " وتصريحات الرئيس المصري حول " ولاء الشيعة الى ايران وليس الى اوطانهم " وتصريحات الامير فيصل وزير خارجية المملكة السعودية حول " ترك العراق الى ايران " ناهيك عن الفتوى العلنية لبعض مشايخ الدين مثل القرضاوي او ابن جبرين او تلك الفتوى التي وقع عليها اكثر من ستة وثلاثين عالم وشيخ ورجل دين سعودي والتي دعت لمحاربة الروافض في العراق وبشكل علني وصريح!! اذن ماذا بقي من دور ايجابي متوقع ممكن ان تقوم به الدول العربية. وكيف يمكن تصور أن المواطن الشيعي العراقي العربي والذي يشكل النسبة الاكبر في تعداد السكان ممكن ان يتقبل قوات عربية تدخل الى بلده تسبقها مثل هذه التصريحات والمواقف!! هذه هي جوهر المشكلة في الموقف العربي وهذه هي ايضآ اهمية تصريحات السيد مختار لماني حول الخشية من مواجهة الاخر في العراق. وايضآ يجب ان يكون واضحآ ان العراقيين ليس بحاجة ولن يقبلوا بطائف عراقي. بل بحاجة الى دعم عربي واضح الى العملية الديمقراطية ونتائج صندوق الانتخابات والى الوقوف بنفس المسافة مع كل العراقيين بالفعل وليس بالتصريحات فقط.

يحتاج العمل العربي الشعبي والرسمي والاعلامي الكثير من الجهد المخلص والامين ليعدل مساره في العراق. وكم كنت اتمنى مثلآ ان تاتي الاخبار بخبر تبرع دول الخليج العربي باعادة اعمار محافظات مثل البصرة واربيل والرمادي في وقت واحد. وكم كنت اتمنى ان نصحى يومآ والاخبار تنقل لنا ان الدول العربية كلفت الجامعة العربية بالاشراف على تعمير مرقدي الامامين الهادي والعسكري كتبرع من العرب الى اشقائهم العراقيين. رغم ان العراق ليس بلد فقير وليس بحاجة الى المساعدات، لكن مثل هكذا تصرفات ستترك الاثر الايجابي الكبير والمؤثر وستعيد الامور الى نصابها الحقيقي على الاقل شعبيآ في العراق. لكن كل ذلك وغيره الكثير غائب والحاضر فقط التباكي أن ايران احتلت العراق وان البصرة والنجف الاشرف تتكلم فارسي بدلآ عن العربي!! وفات عليهم ان البصرة هي عاصمة الفقه واللغة العربية وهي حاضرة العروبة ومدينة الفرزدق وجرير وابن الهيثم والسياب ومظفر النواب. وان النجف عاصمة امير المؤمنين علي بن ابي طالب "ع" وحتى مقبرتها في دار السلام التي تعد الاكبر في العالم تتكلم عربي وبالفصيح. فمن اين جئتم باضغاث الاحلام هذه. ولماذا هذا الاصرار على الغياب والحضور السلبي على حد سواء!!

محمد الوادي

Al-wadi@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف