عاجل جدا.. صدام حي يرزق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لست من عشاق كتابة المقال رغم تفرغي للعمل الصحفي وهروبي من المحاماة قبل أكثر من عشر سنوات، وأجد ان رخصة كتابة المقال يجب ان تصرف عند الضرورة بالنسبة للصحافي وغير الصحفي وعند وجود فكرة دسمة، خلافا لكثير من كتاب المقالات -مع الإحترام- اللذين لايفهم القارئ من مقالاتهم شيئا ومع هذا يصرون على الكتابة يوميا بفكرة أو بدونها.. دافعي الى الكتابة اليوم هو السؤال العريض الذي يملأ الأجواء في الأردن وغير الأردن من الدول التي تعاني شعوبها من التبعية والعبودية لرئيس النظام العراقي السابق صدام حسين الذي أعدم في اليوم (364) من العام الماضي 2006.. السؤال هو هل أعدم صدام حسين حقا في ذلك اليوم؟! هذا السؤال انتشر بسرعة البرق بين مريدي الرئيس العراقي حال تداول كتاب لمؤلف مصري يزعم فيه ان لديه 142 دليلا على ان صدام لم يعدم وكذلك ولديه من قبل لم يقتلا!! سذاجة الكاتب انطلت على مريدي صدام وأصبح الإلحاح في السؤال ينتقل تدريجيا الى المكان الذي قد يكون صدام نقل إليه مع ولديه، وعما اذا كان هؤلاء المغرر بهم جائزا لهم اقامة أربعينية صدام أم لا؟!.
الكتاب الذي ألفه أنيس الدغيدي حول الأدلة على عدم اعدام صدام يمكن ابطاله بطريقة واحدة لاأكثر وهي ان نطلب من المؤلف ان يحضر لنا صورة شخصية له قبل 15 عاما وأخرى حديثة هذه الأيام ونطلب من خبراء الصور ايجاد فروقات بين الصورتين، وهنا سيظهر بشكل أو بآخر نوع من التشكيك بأن الصورتين تعودان لشخص واحد.. لماذا؟ بالضرورة لأن خبراء الصور يسقطون من حساباتهم التغيرات الجسمانية التي يحدثها التقدم بالعمر.. الكاتب الدغيدي يقارن في كتابه بين صور التقطت لصدام في مساحة زمنية هائلة تقدر بأربع عقود.. وضروري للغاية ان تكون هناك فروقات هائلة في هذه الصور.. ولايمكن ان نسقط من الحسابات بأن هذه الصور تعود لرئيس ربما أجرى سرا عمليات تجميلية لإزالة وشمة هنا أو ندبة هناك.
هل هذا كل شئ أردت قوله.. لا طبعا.
رغم يقيني الكامل بأن صدام قد أعدم وشبع موت إلا كثيرين لايريدون ان يستوعبوا هذه الحقيقة ومعهم حق في ذلك لأن الولايات المتحدة الأميركية الأولى سياسيا وأمنيا وعسكريا واقتصاديا.. بل وإعلاميا تصر اصرارا على ان تهدينا العناصر المكونة أو المكملة لنظرية المؤامرة التي يعج بها العقل والإعلام العربيين.. كيف حدث ذلك؟! بعد مقتل عدي وقصي ابنا صدام التقطت لهما صورة مباشرة كانت تفتقر بشدة الى أي مصداقية بأن القتيلين هما عدي وصدام اللذان يظهران اعلاميا وبالتالي يعرفهما الجمهور جيدا وفي اليوم التالي بثت صور جديدة لعدي وقصي بوجوه شمعية أعطت الإنطباع بأن أميركا ألبست جثتين عاديتين قناعين لوجوه عدي وقصي -كما يحدث بأفلام السينما- لتقنع العالم العربي بمقتلهما.. فظهر تساؤل فوري هل قتل عدي وقصي حقا؟؟.
بعد ذلك بشهور تقول القوات الأميركية بأنها اعتقلت صدام الذي ظهر بصور مقززة جدا لايكون القاطن بالأدغال على الحالة التي ظهر بها ومع ذلك بدا مستسلما ومذعورا ومتعاونا مع الأميركيين بل وشارد الذهن ومكسور الخاطر وهو يمسد لحيته الطويلة قبل حلقها الى درجة دفعت أصحاب النكتة الى القول بأن وزير اعلام صدام (الصحاف) ينفي بأن هذا صدام ويتهم الملا عمر قائد طالبان بانتحال شخصية صدام.. بعد عام تبدأ محاكمة صدام ويظهر خلالها شخص آخر يهدد ويتحدى ويحمل القرآن ويؤدي الصلاة في قفصه ويقول للقاضي "والله لولا الأميركان لاتقدر لاإنت ولاأبوك تجيبوني لهذا المكان".. تستمر المحاكمة قرابة الثلاث سنوات رغم ان التهم مثبتة والحكم جاهز نال خلالها صدام أكبر شحن ممكن لإعادة شعبيته حتى في أوساط العراقيين اللذين أعدم صدام الكثير من شبابهم واغتصب عدي الكثير من نسائهم.
نأتي الى اليوم التاسع والعشرين من ديسمبر من الفترة الممتدة خلال الساعات من العصر الى منتصف الليل تتوارد الأنباء كالتالي: احتمال اعدام صدام غدا- نقل صدام الى سجن عراقي- تسليم مقتنيات صدام الى محاميه- رغد تناشد اليمن دفنه فيها- الحكومة العراقية تؤكد اعدام صدام غدا، وصولا الى اللحظة التي أعدم فيها صدام.. يتم جر صدام الى مقصلة الإعدام متحديا صلبا قوي البنية مرفوع الهامة يرفض وضع الكيس على وجهه يتلاسن مع المليشيات الشيعية ويهتزي بها ويتشهد ثم يتدلى، بعد ذلك تظهر صور لصدام وفي رقبته جرحا غائرا قيل ان المليشيات نحرته بعد الإعدام.
أولم يكن الأجدر بمستشاري الحكومة العراقية من الأميركان انتقاء ظروف وترتيبات أفضل لإعدام صدام تلافيا لكل الشكوك التي رافقت عملية اعدامه من تثوير لمشاعر الطائفة السنية رغم ان الشيعة بمن في ذلك اللذين استفزوا صدام لم يأتوا بالإساءة للسنة.. ألم يكن الأجدر بأن تتم عملية اعدام صدام في ميدان عام وتنقلها الفضائيات على الهواء مباشرة حتى لحظة مفارقته الحياة ونقله الى التابوت وتسليمه الى ذويه، لماذا اجتزاء اللقطات اذا وتسريبها لاحقا.. لماذا أصرت واشنطن خلال ثلاث سنوات على مشهدين متناقضين لصدام الأول مذعورا وذليلا والثاني منتصرا يواجه الموت وأي موت صلبا لاترف له عين.. هذا مااقترفته أميركا.
هل انتهيت.. لا بالطبع.
قريبا جدا ولأسباب تتعلق بالتشابه بين بني البشر سيظهر آدمي في مكان ما من العالم يحمل ملامح صدام ليس مهما اسمه قبل ان تنهال عليه الكاميرات والصحفيين وتقطع قناة الجزيرة بثها لتعلن في شريط أحمر تحت خبر عاجل: صدام حي يرزق!!.
الآدمي تعيس الحظ الذي جمعه الشبه بصدام قد يكون كمبوديا أو نيكاراجويا أو دومنيكانيا وقد لايعرف الفرق بين القيمر ومرطب النيفيا أو بين الصفيحة الشامية أو السمك المسقوف لكن الإعلام العربي الذي لايزال منساقا لصدام سيصر على ان هذا الآدمي هو صدام الذي انتصر على الأميركان.. صدقوني هذا ليس تهكم أو تكهن بل سترونه وستسمعونه في غضون سنوات قليلة.. العقلاء والمعتدلين سينساقون ايضا ويركبون الموجة لكن عناوينهم ستكون على صيغة هل أعدم صدام في 2006م كل ذلك سببه نظرية المؤامرة المنشأة بتوابل أميركية مع سبق الإصرار والترصد.. ووقتها ياخوفي من أنيس الدغيدي الذي سيكون نجما تستعطفه كل الفضائيات للظهور ولو لثوان للحديث عن أدلته الـ142.
اذا تجهزوا للخبر العاجل جدا: صدام حي يرزق!!
بالمناسبة هل أعدم صدام؟؟ سؤال برسم الإجابة
عامر مخيمر الحنتولي
اعلامي أردني
a_hantoli77@hotmail.com