أصداء

الأقباط فى الأمثال الشعبية 4

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ما رأيكم فى ان نرفه عن انفسنا قليلاً.. ونلقى عن كاهلنا - ولو لحلقة واحدة - تلك الصراعات الجدلية التى جاثمت على انفسنا وساقتنا بعيداً عن الهدف الأساسى من تلك السلسلة التى هى بمثابة السبق البحثى عن الأقباط فى الأمثال الشعبية والتى هى نقطة انطلاقة دراسية وبحثية ستمدد ان شاء الرب وعشنا لتشمل كافة الأمثال الشعبية المسيحية فى ربوع الوطن العربى واعود لأكرر ان الهدف من هذه الدراسة البحثية هو الحصول على قدر لا بأس به من الحقائق المعرفية المُوثقة بشهادات الأولين عن حال واحوال الأقباط فى العصور الغابرة فعن طريق الأمثال الشعبية تستطيع ان تستقصى قيم الأقباط الأجتماعية والثقافية والدينية وعن طريقها ايضاً تستطيع ان تستشف التوجه العام لسلوك المجتمع نحو الأقباط.. وكما سبق وقلنا ان الأمثال تقوم بدور الموجه العام للسلوك ونضيف هنا انها غالباً ما تتخذ احكاماً مُسبقة تُسير حياة الكثيرين من العوام طبقاً لدلالة هذا المثل او ذاك والشىء الأدعى والأهم من ذاك وتلك هو ما تستشعره فى المثل الشعبى من صراحة مُجحفة وتلقائية ساذجة إلى الحد الذى يُعينك - وانت مطمئن البال والقلب والخاطر - على وضع تحليلاً اجتماعياً مُوغلاً فى العمق لأوضاع المجتمع القبطى.

لكن وكما قلت سنكون اليوم مع القليل من الترفيه دون ان نبتعد بالطبع عن الشأن المسيحى وإن ابتعدنا قليلاً عن الشأن القبطى فلقاءنا اليوم سيكون عن نصارى بغداد وبعضاً من الأمثال الشعبية العراقية ولا نجد افضل من كتاب الدكتور ( محمد صادق زلزلة ).. " قصص الأمثال العامية (كتاب أمثال وقصص ووعظات وعبر وفكاهة وأدب)... " وما ورد فيه من امثال قال عنها مؤلفها وجامعها بأنها "مما سمعه من الأفواه، لا مما قرأه من كتب الأمثال " وإذا كانت هذه الأمثال عامية في لغتها، - كما اورد الناشر - فلأنها تمتاز بالواقعية المنتزعة من صميم حياة بغداد دونما تكلف واصطناع، وقد استطاع الدكتور محمد صادق زلزلة أن يسكبها بديباجته البديعة، وإطلاعه الواسع، وثقافته الأدبية والتراثية الجمة، وروح النكتة اللاذعة التي تتخلل قصصها، رونقاً وماءً، فاستحقت الأمثال أن تقرأ وتستعاد قصصها في كشفها عن بعض أسرار النفس الإنسانية في خضم صراعها مع ظروف الحياة ومفارقاتها المتباينة الكثيرة!

كثيرة هى الأمثال التى تمُس الشأن المسيحى فى العراق وقد وردت فى هذه الموسوعة عدد كبير منها وسنعرض هنا لبعضها على ان نعود كل فترة لنعرض ما تبقى منها دون الأخلال بهدفنا الأساسى من السلسة الا وهو الأقباط فى الأمثال الشعبية اترككم اذن مع الدكتور ( محمد صادق زلزلة ) على ان اعاود بالمداخلة - إن سمحتم لى - كلما شعرت ان الأمر فى حاجة إلى ذلك

** ( مثل لكلك الكنيسة.. ما ينعرف دينه شُنو )

يضرب للرجل يعمل من الأعمال ما يناقض بعضها بعضاً ويسلك سلوكاً لا يمكن تفسير كنهه ومعرفة غاياته ومراميه غفلة منه وحماقة وجهلاً...
وال ( لكلك ) هو اللقلق وهو طائر معروف من الطيور المهاجرة و( لكلك الكنيسة ) هنا اسم علم يطلق على اللقلق الوارد ذكره فى قصة هذا المثل...
و ( ما بينعرف دينه شنو ): اى لا يُعرف دينه ومُعتقده...
واصله:
ان لقلقاً كان يأتى - فى موسم الهجرة من كل سنه - إلى إحدى الكنائس فى بغداد فيبنى عشه فى اعلى موقع فيها وهو برج الناقوس وكان خادم الكنائس يلاقى الأمرين من هذا اللقلق ومن عشه وذلك لما يلقى من فضلات واوساخ تقع على الناقوس وكان الخادم يقوم بتنظيف الناقوس فى كل يوم وهو غاضب اشد الغضب يتمنى لو انه يستطيع ان يمنع ذلك اللقلق من المجىء إلى الكنيسة وبناء عشه فى هذا الموضع
وبعد جهد جهيد هداه تفكيره ذات يوم إلى خطة سديدة للقبض على ذلك اللقلق اللعين فجاء بإناء وضع فيه بعض الخمر وإناء اخر وضع فيه شيئاً من لحم البعير ووضع الأناءين قرب الناقوس فجاء اللقلق فأكل لحم البعير وشرب ما فى الأناء من خمر فتخدر جسمه واختل وعيه ودارت به الدنيا فسقط على الأرض فاقد الوعى!
فأسرع الخادم إليه وامسك رقبته وقال له " انى اريد ان اسألك سؤال واحد: بس كول لى: انت دينك شنو؟.. إذا انت مُسلم أشلون تشرب خمر؟.. وإذا إنت نصرانى إشلون تظرك عالناقوس؟ وإذا انت يهودى.. إشلون تأكل لحم بعير؟.. "
ثم أخذه فنتف بعض ريشه والقى به بعيد عن الكنيسة فذاع ذلك الأمر بين الناس فتمثلوا به بقولهم ( مثل لكلك الكنيسة.. ما ينعرف دينه شُنو ) وعجبوا من احتيال خادم الكنيسة فى القبض على اللقلق واستظرفوا قوله له وذهب ذلك القول مثلاً

** ( عورتن؟.... بلشتن! )

يضرب للرجل يتورط فى امر يكرهه فلا يجد له منه مخرجاً ولا يرى منه خلاصا.... ً
وعورتن: اى عوراء بلهجة بعض نصارى بغداد ( فاقدة لعذرويتها )....
وبلشتن: اى تورطت ولا خلاص لك من ( بلشة وهى لفظة عامية ) اى: ورطة...
واصله: ان رجلاً نصرانياً أراد ان يتزوج وكان ينتمى إلى بعض فرق النصارى التى تحرم الطلاق إلا فى حالات خاصة وبموافقة جهات كهنوتية عليا فراح يبحث عن زوجة صالحة يعيش معها بسعادة وهناء ثم انه دل على فتاه من عائلة طيبة فخطبها من اهلها ولكنه لم يرها ولم يضمه واياها مجلس ثم اعدت معدات العرس وزفت العروس إلى عريسها وفى ليلة الدخلة دخل الرجل على عروسه فوجدها عوراء! فأصابه الذهول والدهش وشعر بخيبة امل عظيمه المته وهزت كيانه فصاح ثائراً غاضباً ( عورتن؟ ): اى هل انتى عوراء؟ فأجابته على الفور ( بلشتن! ) اى انك تورطت فى الأمر وليس لك مفر منه فشعر الرجل بحرج موقفه فسلم امره إلى الله تعالى ورضى بما قسمه الله له ثم علم الناس بذلك الأمر فقالوا فيه ( عورتن؟.... بلشتن! )
ورثوا لحال ذلك الرجل المسكين واسفوا لما حصل له وذهب ذلك القول مثلاً
وإن كان لنا ان نورد تعليقاً مبسطاً على هذا المثل نقول.. " انه وعلى الرغم من عدم وجود طلاق المسيحية الا لعلة الزنا وان - وكما تقول فاطمة قنديل والدة الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى - النصارى ياولدى ما بيطلقوش.. اللى خدها هى اللى خدها.. هية اللى هتتشعلق فى رقبته طول العمر.. زعلوا من بعض.. أتقندلوا.. راحو.. جُم.. أخرتها لبعض عشان معندهمش طلاق.. فأحنا بنتمنى للواد والبت اللى هيتجوزوا أن جوازهم يبقى ( جيزة نصارى ) يعنى جواز دايم علطول مايتكسرش ولافيش حاجة تعطله..
الا ان ثمة حالة تقضى فيها الكنيسة ببطلان الزواج ومنها بحسب ما جاء فى الأحوال الشخصية لطائفة الأقباط الأرثوذوكس
يكون الزواج باطلا فى الحالات الاتية:
1- اذا لم يتوفر فيه رضاء الزوجين رضاءا صحيحا.
2- اذا لم يتم بالمراسيم الدينية علنا بحضور شاهدين مسيحيين على الاقل.
3- اذا لم يبلغ الزوجان السن القانونية للزواج المنصوص عليها فى القانون.
4- اذا قام بأحد الزوجين مانع من موانع قرابة الدم او المصاهرة او التبنى
5- اذا كان احد طرفيه وقت انعقاده مرتبطا بزواج صحيح قائم.
6- اذا تزوج القاتل عمدا او شريكه بزوج قتيله متى ثبت ان القتل كان بالتواطؤ بينهما بقصد الزواج.
7- اذا تزوج المسيحى بمن ينتمى الى دين او مدهب اخر غير مسيحى.
8- اذا قام لدى احد الزوجين مانع من الموانع المنصوص عليها فى المادة 25 من هده القانون بشرط ان يكون ذلك قبل الزواج فى الاحوال الاتية

* اذا كان لدى احد طالبى الزواج مانع طبيعى او مرضى لا يُرجى زواله ويمنعه من الاتصال الجنسى كالعنة والخنوثة والخصاء.
* اذا كان احدهما مجنونا.
* اذا كان احد الطرفين مصابا بمرض قتال يجعله غير صالح للحياة الزوجية ولم يكن الطرف الاخر يعلم به وقت الزواج.
9- اذا كان احد الزوجين سبق تطليقه لعله زناه.
وقد اكد قداسة البابا شنودة الثالث على ذلك بقوله ان الطلاق فى المسيحية لا يتم الا بعلة الزنا او لتغير الدين ولايوجد اسباب اخرى وقد اورد الكتاب المقدس اربع ايات تؤكد ان الطلاق لعلة الزنا وهى
* فى (مت19-9) (و اقول لكم ان من طلق امراتة الا بسبب الزنا و تزوج باخرى يزنى و الذى تزوج بمطلقة يزنى )
* فى (مت 5-32) (واما انا فا اقول لكم ان من طلق امراتة الا لعلة الزنا يجعلها تزنى ومن تزوج مطلقة فهو يزنى )
* فى (مر10-11) (فقال لهم من طلق امراتة و تزوج باخرى يزنى عليها )
* فى (لو 16-18) (كل من يطلق امراتة و يتزوج باخرى يزنى وكل من يتزوج بمطلقة من رجل يزنى )
و فى كورنثوس الاولى الاصحاح السابع يذكر الطلاق لتغير الدين
اما بطلان الزواج و هو يعتبر ان الزواج كانة لم يكن فلة أيضا أسباب و هى
* ان يتم الزواج بطريقة خاطئة غير شرعية
* ان يتم الزواج دون إرادة احد الطرفين
* اذا كان احد الزوجين مجنون او مصاب بدرجة معينة من الجنون يحصل بطلان زواج
* و اخيرا اذا قام قام هذا الزوج بطريقة الغش و بالاخص فى الامور الجوهرية مثل ان يتم الزواج على أساس ان الزوجة بكر او يظهر ان الرجل سبق لة الزواج
والنقطة الأخيرة على الأخص تثبت ان الرجل موضع اصل المثل لم يكن فى ( بلشة ) اى ورطة وكون انه اكتشف ان زوجته عوراء اى ليست بكراً وفاقدة لعذرويتها يبطل الزواج من اساسه

** ( عيسى انتجل على موسى... وضاعت الجاموسة!! )

يضرب للرجل يودع عمله إلى اشخاص متعددين ولا يودعه إلى شخص واحد فيتكل اولئك الأشخاص على بعض فيضيع العمل ويذهب انجازه...
وعيسى وموسى بحسب ما جاء فى المثل -وبحسب ماورد الدكتور محمد صادق زلزلة - هما النبيان عيسى وموسى عليهما السلام
وانتجل: اى اتكل...
واصله:
ان احد القرويين كان له بقرة حلوب يرتزق من لبنها ويتعيش منها وكانت البقرة ترعى فى مرعى قريب من بيت القروى فتذهب إليه فى الصباح وتعود فى المساء وحدها من غير ان يتكلف احد فى الذهاب او العودة بها وكان القروى يودعها كل يوم بقوله
( روحى وردى محروسة بأسم النبى محمد! )
فتذهب البقرة فترعى ثم تعود إليه ظهر ذلك اليوم وبقى الأمر هكذا زمناً طويلاً
وفى ذات يوم اراد القروى الذهاب إلى المدينة لشراء بعض ما يحتاج إليه فدعى ابنه إليه وكان اسمه ( جويسم )
- وجويسم لم لا يعلم مصغر جاسم وجاسم اصلها قاسم ابدل فيها القاف جيماً كعادة اهل العراق فى تلفظ هذه الكلمة
قال الأب لأبنه " بوية جويسم.. كل يوم الصبح لما تروح الجاموسة ترعى ودعها بأسم النبى ولا تنسى " فوعده ولده خيراً
وفى صباح اليوم التالى اطلق الولد الجاموسة لتذهب إلى المرعى وقال لها ( روحى مُودعة بأسم محمد وعيسى وموسى! ) فذهبت الجاموسة كعادتها فى كل يوم وفى أثناء عودتها اغار عليها اسد جائع وكان يسكن فى تلك النواحى فقتلها وافترسها
وعاد الأب من رحلته فسأل ابنه جويسم عن البقرة فأخبره بأن الأسد قد افترسها فسأله ابوه الم يودعها بأسم النبى ليحرسها فأخبره انه قد ودعها بأسم النبى محمد والنبيين عيسى وموسى فغضب الرجل من قول ولده وقال له ( معلوم ياكلها السبع لأن النبى يا عدل عينى كان مسلمها وحارسها ولمن شاف وياه اتنين طلعها من عهدته وجر نفسه عنها وموسى انتجل على موسى.. وضاعت الجاموسة. ثم ذاع ذلك الحديث بين الناس فضحكوا من قول القروى وعجبوا من غفلته وغبائة وقله عقله وذهب ذلك القول مثلاً

واعد ان لنا عودة بالتأكيد مع الأمثال الشعبية العراقية التى تُمس بصورة او بأخرى الشأن المسيحى وهذا بالطبع ان شاء الرب وعشنا

لا انا بل نعمة الله التى معى


جورج شكرى

George02002@gmail.com
Lg1712006Lg@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف