الإخوان المسلمون السوريون ديماغوجية بلاحدود
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
" الإخوان المسلمون " السوريون، وحالتهم بالمناسبة هي حال معظم الحركات الأيديولجية الدينية والدنيوية، عجيبة من عجائب الدنيا التي يعجز المرء عن كنهها. لا شيء يشبهها إلا الزئبق ؛ بل حتى الزئبق نفسه يمكن أن تحصره في وعاء وتعرف حدوده وحجمه ومجال حركته وتكوينه. أما هم، فمن المحال أن تنجح معهم في ذلك.
على مدار الأشهر الماضية شن هؤلاء، بمعية حليفهم المافيوزي عبد الحليم خدام، حملة لها أول وليس لها آخر ضد التسهيلات التي يمنحها النظام السوري لأشقائنا العراقيين الهاربين من جحيم " الديمقراطية الطائفية " في بلاد الرافدين. لم يتركوا تهمة أو كذبة تتعلق بهذه القضية إلا وألصقوها بالنظام. اتهموه بأنه يستقدم الشيعة إلى سوريا لتغيير بنيتها الديمغرافية، وبأن ما يحصل مؤامرة دولية للقضاء على السنة في سوريا ينفذها النظام السوري، وبأن تدفق العراقيين على سورية يحرم المواطنين السوريين من ثرواتهم وأرزاقهم... إلخ. ووصل الأمر بمواقعهم الرسمية وشبه الرسمية، مثل" أخبار الشرق " و " مركز الشرق العربي " و " إخوان سوريا "، إلى حد الترويج لأكاذيب من صنع وسائل إعلام " زرقاوية "، أو من صنعهم هم، تدعي أن النظام السوري يقوم بتجنيس الشيعة العراقيين. وعجزوا، بالطبع، أن يأتوا بدليل واحد أو قرينة مادية أو وثيقة واحدة تؤكد هذه الأكذوبة التجارية الرخيصة!
لم ينتبهوا، وهذا من ميزات ملفقي الأخبار لغايات المناكدة والدسيسة وممارسي السياسة بدافع الكراهية لا أكثر، أن العراقيين الشيعة الهاربين إلى سورية لا يشكلون إلا أقلية بين مجموع أقليات يشكلها العراقيون الهاربون الآخرون. فالجميع يعرف أن التمركز الأساسي لشيعة العراق هو الجنوب العراقي الذي يعتبر " آمنا " بالقياس إلى المحافظات العراقية الأخرى. وأن هؤلاء ليسوا بحاجة للهرب. ومن هرب منهم إلى سوريا، إنما هرب في ظل صدام حسين بالدرجة الأولى وليس في ظل دولة الاحتلال ـ الديمقراطية! أما المناطق التي تشكل " منبع " اللاجئين الأساسي فهي الأنبار، في الغرب، بالدرجة الأولى، وبغداد وضواحيها بالدرجة الثانية، كونهما منطقتي المواجهات العسكرية والقمع الرئيستين. ومن المعروف أن منطقة الأنبار تكاد تكون " سنية صافية ". أما بغداد فتتقارب فيها نسبة المواطنين المنتمين للمذهبين. وغني عن البيان أن معظم الهاربين هم من الأنبار التي تحازي امتداد الحدود السورية، فضلا عن أن معظم هؤلاء ينتمون للعشائر العربية السنية نفسها التي تقيم غربي الحدود ( في سوريا ). هذا ناهيك عن المسيحيين الآشوريين والكلدانيين ( الذين لا يتحدث عنهم أحد!)، والذين هربوا إلى سوريا بعشرات، وربما مئات، الألوف!
لم تتوقف الحملة عند المقالات والأخبار التي نشرتها هذه المواقع، ومعها موقع " سوريا الحرة " الناطق باسم آل كابوني الجدد، وإلا لكنا اعتبرنا الأمر مجرد " وجهة نظر " لا تلزم أصحابها سياسيا. لقد وصلت حملتهم إلى حد إصدار البيانات والتصريحات الرسمية، سواء باسم " الإخوان " أنفسهم، أو باسم " جبهة خلاصهم الخدامية " ( والخلاص باللهجة الحموية يعني : الطِرح.. بكسر الحاء!)، تدعو إلى ما يشبه النفير العام لمواجهة الخطر الداهم الذي يحيق بالمسلمين السنة في سورية على أيدي زنادقة النظام العلوي! وكان هذا آخر سهم يطلقه تاجر شنطة أيديولوجية مفلس، اسمه عبد الحليم خدام، يجر خلفه ذيلا من النضال القومي في حزب " علماني " طوله نصف قرن : اللعب على الورقة الطائفية والمذهبية! وتبين بعد ذلك، بالوقائع والأرقام التي أظهرتها دراسة ممولة من جهاز" ديبلوماسي ـ أمني " في دولة أوربية كبيرة أن عملية التشييع في سوريا تطال العلويين بالدرجة الأولى، والاسماعيليين بالدرجة الثانية، والشيعة " المتناسين" أصولهم الشيعية بالدرجة الثالثة ؛ وأن مجموع من تشيعوا في سوريا من السنة على مدى عشرين عاما لا يتجاوز واحدا بالمئة من إجمالي المتشيعين. وما عدا ذلك لا يعدو أن يكون مظاهر طقسية. وإذا كان الظهور الشيعي " نافرا" وسط اللاجئين العراقيين، فلهذا السبب بالذات! أعني الجانب الطقسي الذي يحييه الشيعة، كعاشوراء والمواكب الحسينية، والاهتمام بـ " مقامات " وأضرحة الأولياء القدامى وإحياء الدوارس منها، فضلا عن الزي الخاص الذي يميزهم ( تمايز الحجاب الشيعي، الشادور، عن الحجاب السني من حيث " الموضة " فقط ). وهذا كله يفرض ـ كما الطقوس الصوفية ـ حضورا " نافرا "، وأحيانا : منفرا، في الحياة اليومية يلفت الانتباه أكثر من غيره.
قبل ذلك بعدة أشهر، وحين قررت وزارة التربية في سورية إعادة تنظيم المدارس الإعدادية الشرعية وتحديثها، أطلقوا حملة مشابهة من الأكاذيب، مستعينين هذه المرة بـ " زرقاويي " النظام أنفسهم، مثل محمد سعيد رمضان البوطي ـ مفتي المخابرات الشهير. ادعوا أن النظام يريد القضاء على التعليم الديني، وأن النظام العلوي يريد أن يجرد طلابنا من دينهم، وأن الأمر لا يعدو أن يكون جزءا من مؤامرة صليبية ـ يهودية ـ بعثية ـ شيعية هدفها استئصال الاسلام من بلاد الشام. وتبين بعدئذ للناس، باستثناء العميان والعوران والمنافقين من أمثالهم، أن تنظيم المدارس الإعدادية الشرعية لايتجاوز حدود إدخال مناهج تعليم " دنيوية " إلى جانب المناهج الدينية التي يدرسها الطلاب. وكانت خطوة الدولة،وقد أحبطتها حملتهم الزرقاوية على أي حال، خطوة حميدة حتى وإن جاءت من نظام على هذه الشاكلة، رغم أن المطلوب هو اقتلاع التعليم الديني الرسمي، يشقيه الاسلامي والمسيحي، من جذوره. لأن الطالب الذي يتخرج من هذه المدراس لا يعرف شيئا من الدنيا خارج حدود ما قرأه فيكتب الشعوذةالصفراء التي درسها.
وبسبب تاريخهم القائم على الكذب والتزوير والدجل والتنكر للحقائق التي تفقأ العين، مثلهم في ذلك مثل أي حركة أيديولوجية أخرى، دينية أو دنيوية، أسقطوا من حسابهم أن هذا النظام العلوي ـ اليهودي ـ الشيعي ـ البعثي هو الذي أعاد للإسلام الأصولي سطوته في سوريا بعد خمسين عاما من الاندحار أمام البرجوازية الوطنية اللبرالية التقليدية ( لا برجوازية رامي مخلوف المافياوية!) وقوى اليسار والعلمانية والتقدم ؛ وأن هذا النظام، وتحديدا رأسه الراحل حافظ الأسد، هو من أشرف على أكبر حملة بناء للمساجد في تاريخ " الأمة الإسلامية " منذ العصر الأموي حتى الآن، قياسا بعدد سكان سورية ومساحتها. لقد أسقطوا من حسابهم أن من بين الـ 12 ألف مسجد وجامع الموجودة الآن في سوريا ثمة أكثر من ثمانية آلاف منها، أي 75 بالمئة، بني بتوجيه حافظ الأسد وإشرافه الشخصي، وبأموال الدولة ودافعي الضرائب. تناسوا أن هذا النظام، وتحديدا رأسه الراحل، هو من وقف وراء أكبر مشروع لتفريخ الفكر الاًصولي في سوريا، وأعني " معاهد الأسد لتحفيظ القرآن " التي فاق عددها المئتي معهد، بعض خريجيها ضبطوا لاحقا وهم يذبحون الناس بالسكاكين في أفغانستان والجزائر والعراق واليمن!
ديماغوجيتهم لا حدود لها. فالآن، وبمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لمذابح حماة، بدأوا ( كما يفعلون كل عام ) حملة من الأكاذيب الرهيبة لتضليل من نجا من تضليلهم حتى الآن. فالنظام لم يبق سلاحا في العالم من دبابات وطائرات وصواريخ ومدفعية إلا واستخدمها لدك المدينة على رؤوس الأبرياء فيها، كما كتب أحد مزوريهم قبل يومين. والنظام ارتكب في حماة " أكبر مجزرة في القرن العشرين " ( كذا حرفيا!) كما كتب المزور نفسه! ودائما ما يتجنبون، كأي ديماغوجي كذاب، الإشارة للنصف الآخر من الكأس!
أنا ابنة حي طلعة الدباغة في حماة. وأعرف ما حصل فيها، ربما أكثر مما يعرفه الآخرون. صحيح أنني أنحدر من عائلة مسيحية ( عائلة دبج التي تنحدر من سلالات العرب الغساسنة والتدمريين وقبيلة بني تغلب ) ؛ وصحيح أنني غادرت المدينة وأنا في الرابعة عشرة من عمري، يوم بدأوا حملة اغتيالاتهم الإجرامية، وقبل أن تحصل المجازر الصغرى والكبرى بعامين، لكني أعرف ما حصل بدقة، قبل ذلك وبعده. قبل ذلك كشاهدة عيان، وبعد ذلك من خلال الاتصال مع الأقارب والأصدقاء من إيطاليا يوميا لعدة مرات لنطمئن عليهم.
ليس عندي شك في أن النظام ارتكب الفظاعات في المدينة، كما في مدن وبلدات سورية أخرى. وليس عندي شك في أن بيوتا هدمت على رؤوس أصحابها، وأن محلات تجارية نهبت من قبل انكشارية النظام، وأن نساء وأطفالا وأبرياء آخرين سلبت أموالهم و زهقت أرواحهم دون وجه حق. ولكن هذا ليس إلا نصف الكأس. فهل لدى " الإخوان " شجاعة أخلاقية تسمح لهم بالحديث عن نصفها الآخر!؟ بالتأكيد لا. ولهذا أنا سأتحدث عنه.
أول طلقة أطلقت في تلك المرحلة هم من أطلقها عندما اغتالوا في العام 1976 رئيس فرع أمن الدولة في المدينة الرائد محمد غرة. ولا يبرر منصبه الأمني لنا أن نغتاله، حتى وإن كان إرهابيا، لأننا ضد الاغتيال ضد أي شخص كائنا من كان. وهم من اغتال الأطباء ( كجراح العيون يوسف عيد في جامعة حلب، وجراح الأعصاب محمود شحادة خليل من مشفى تشرين العسكري). وهم مناغتال المحامين ( مثل الشيوعي نزيه الجمالي في حمص ). وهم من اغتال المهندسين ورجال العلم. وكان ذنب هؤلاء الوحيد أنهم بعثيون أو علويون أو اسماعيليون أو شيوعيون أو مسيحيون، أو سنة برفضون موالاتهم وإنشاء دولة أصولية إسلامية على أنقاض دولة أصولية قومية بعثية. كل من رفضهم ونبذهم أو تلكأ في تقديم المساعدة الإخبارية أو المالية لهم اعتبروه " كافرا وعميلا للنظام العلوي وجب أن يقيموا عليه الحد ". إجرامهم وصل بهم إلى حد اغتيال رجال دين معتدلين، لم يوافقوهم على مشروعهم الإجرامي، ورمي جثثهم في مناطق أحياء مسيحية أو اسماعيلية في المدينة، أو في الضواحي العلوية، لتسعير الفتنة وتحريض الناس مذهبيا وطائفيا. وتقتضي الجرأة الأخلاقية أن نقول إن السلطة لجأت إلى ممارسات من هذا النوع قد تكون أكثر إجراما. وإجرام السلطة " المميز " هنا ينبع أولا وأخيرا من كونها سلطة ودولة. فالسلطة والدولة يفترض أن تمثل الشعب والمجتمع، وليس مقبولا أن تمارسا نفس الممارسات التي تمارسها الميليشيات والعصابات الإرهابية.
حين حصرتهم أجهزة السلطة في الزاوية، جمعوا فلولهم الإجرامية كلها، أو ما تبقى منها، من جميع أنحاء سوريا، وأحضروها إلى حماة.. استعدادا لمعركتهم الفاصلة. احتلوا المساجد والجوامع والأماكن الرسمية، وحتى الكنائس الأربعة في المدينة، وأعلنوا الثورة وإسقاط " دولة البعث العلوي " وقيام السلطة الإسلامية من مكبرات الصوت. بقيت المدينة تحت سيطرتهم المطلقة حوالي أسبوع. الدولة كانت غائبة تماما خلالها. وخلال هذا الأسبوع فعلوا في المدينة كما فعل بطلهم الإسلامي الصنديد صلاح الدين الأيوبي في مدينة المعز لدين الله الفاطمي يوم دخلها. لم يتركوا بعثيا أو شيوعيا أو تقدميا مستقلا، سواء أكان علويا أو اسماعيليا أو حتى سنيا، إلا وطاردوه ونكلوا به أو قتلوه إذا وقع بين أيديهم. اقتحموا حتى مراكز الدفاع المدني في المدينة وقتلوا موظيفها وسرقوا أسلحتهم قبل أن يقتلوهم. اقتحموا المشافي ونهبوا كل ما فيها من أدوات صحية وأدوية استعدادا لمعركتهم الكبرى. خطفوا حتى ابن المحافظ اللواء محمود قوشجي رهينة، وكان طالب مدرسة. واللواء محمود قوشجي، بالمناسبة، ابن واحدة من أكبر العائلات السنية في المدينة، وليس علويا أو اسماعيليا أو مسيحيا!!
دبت الفوضى في المدينة التي أصبحت مستباحة لمجرميهم. وأمام وضع كهذا أصبح وجود الدولة نفسه، وليس السلطة فقط، موضع شك ومهددا تماما. ولم يكن أمام الدولة أن تفعل إلا كما تفعل أي دولة أخرى في مثل هذه الأحوال. أرسلت الجيش وحاصرت المدينة، بعد أن تركت مسربا مفتوحا للأهالي الذين يريدون اللجوء إلى الضواحي قبل الهجوم. وحين دخلها الجيش فوجىء بأنهم احتلوا المساجد والكنائس والمراكز الرسمية وحولوها إلى تحصينات. أصبحت مآذن الجوامع وأبراج أجراس الكنائس منصات للقنص وإطلاق النار. ومن يرض بأن يحول " بيوت الله " إلى ثكنات ودشم عسكرية، عليه أن يتقبل تدميرها من قبل الخصم. ولم يفعل الخليفة المجرم الحجاج بن يوسف الثقفي أكثر مما فعله أحفاده من أمثال رفعت الأسد وعلي ديب ويحي نيوف. ذاك دمر الكعبة بالمنجنيق حين اعتصم فيها خصومه، وهؤلاء دمروا المساجد حين حولها خصومهم إلى ثكنات عسكرية. وليس مقبولا أن نقول عن الحجاج " رضي الله عنه "، وهو من هدم " بيت الله "، وأن نقول عن أحفاده " لعنهم الله " وهم من دك المساجد بالمدافع!
ديماغوجيتهم العجائبية لا حدود لها. فبعد حملات التشهير والتضليل والتحريض المذهبي والطائفي التي شنوها خلال الأشهر الماضية بسبب اللاجئين العراقيين، ها هم يتهيأون لشن حملة مضادة.. في الاتجاه المعاكس! الآن بدأوا يعدون العدة للتشهير بالنظام... لأنه اتخذ إجراءات تحد من تدفق العراقيين. فلا تستغربوا! اقرأوا معي ما يقوله أحد قادتهم ومفكريهم ومنظريهم السيد زهير سالم في مقال نشر خلال الساعات القليلة الماضية في موقعهم شبه الرسمي " أخبار الشرق " :
" نستنكر أن تحسب الأم العراقية والفتى العراقي غريبا أو أجنبيا أو لاجئا على أرض الشام!! ونطالب ان يفسح المجال له في المجلي، وأن يوسع له في الإقامة، وأن تسهل عليه شروط الحياة، وقسوة البعد عن الدائرة الصغيرة (...)في محنة العراق، وفي مصابه الأليم الذي هو مصابنا جميعاً لتكن سورية، كما كانت دائماً، صدراً حانياً وحضناً دافئاً، ودار فيئة يستريح إليها المتعبون من لأواء المحنة، النائون بأنفسهم عن نار الفتنة (...)العراقيون في وطنهم سورية.. ليسوا غرباء، ولا أجانب، ولا لاجئين.. إنهم أهلنا "!!
كذا حرفيا!
لماذا إذن أقمتم الدنيا ولم تقعدوها على " مؤامرة النظام العلوي " لتغيير البنية السكانية السنية لسوريا!؟ لماذا تنافختم شرفا دفاعا عن السنة السوريين الذين يبتلعهم الشيعة العراقيون الوافدون بمؤامرة بعثية ـ يهودية ـ أميركية!؟ لماذا لم توفروا منبرا إعلاميا، من " جزيرة شمعون بيريز " في قطر حتى " مستقبل" أوري لوبراني في بيروت، لشن حملتكم الديماغوجية التي لا حدود لها!؟ ما الذي تريدونه إذن؟ هل تريدون، الآن، أن يقيم النظام " فلاتر طائفية " على الحدود لتدقق في الهوية المذهبية للاجئين، فتسمح بدخول السني وترد الشيعي والمسيحي على أعقابهما إلى.. محارق المالكي وعبد العزيز الحكيم ومقتدى الصدر وحارث الضاري وجورج بوش!؟ لماذا لا تثبتون على موقف مرة واحدة!؟ من حقنا، ومن حق أي مواطن سوري، أن يعرف إن كان النظام متورطا فعلا في مؤامرة " شيعية ـ يهودية ـ أميركية " للقضاء على سنة سوريا، أم أنكم منافقون لا غاية لكم إلا إثارة الغرائز وتفجير المكبوتات الطائفية والمذهبية الحيوانية في لا وعي الناس الجماعي والفردي.. وفي وعيهم، على حد سواء!؟
لماذا لزمتم الصمت إزاء مئات الفلسطينيين القابعين في منطقة " رويشد " على الحدود العراقية ـ الأردنية منذ عامين، ولم تتذكروا إلا الفلسطينيين على الحدود السورية!؟ هل لأن المخابرات الأردنية ـ كما تقول الأنباء ـ شرعت في ترميم معسكراتكم القديمة في مرتفعات السلط وعجلون بهدف إعادة تأهيلكم ( جنبا إلى جنب مع ميليشيات جعجع وجنبلاط!) من أجل عودتكم إلى سيرتكم الدموية القديمة... سيرة السيارات المفخخة والاغتيالات على الهوية، بعد أن اكتشفتم أن جبهة خلاصكم ـ الخدامية لن توصلكم إلى إلا أحضان... أوري لوبراني!؟
نحن نعرف أن النظام السوري لم يستقبل مئات آلاف اللاجئين العراقيين بدافع أخوة الدم، ولا بأي دافع إنساني، بل للحصول على سلعة جديدة للمتاجرة الرخيصة في سوق سياساته الدولية والإقليمية، وبهدف الابتزاز السياسي والمالي. وهذا ما اتضح خلال الساعات القليلة الماضية حين بدأت غوندوليزا رايس والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين للأمم المتحدة بمغازلته. فرأس النظام و " مستر ابن الخال "، رامي مخلوف، لم ولن يدفعا شيئا من جيوبهما. بل سيكونا، مع مافياتهما، المستفيدين الوحيدين من الضغط على سوق السلع الاستهلاكية والعقارات لتكبير حجم المغانم والأسلاب التي يبتزونها من شعب سوريا المضياف. ونعرف أن هذا النظام لم ولن يفتح " تكية قومية " في حياته، وأن كل ما يقوم به في ميدان ممارساته " القومية " مجرد تظاهرات ديماغوجية رخيصة. لكننا نعرف، بالمقابل، أن ديماغوجيتكم أكثر رخصا.. وبلا حدود!
نابولي ـ إيطاليا
د. ناديا قصار دبج
Nadia.qassar@journalist.com
www.journalist.com
www.syriatruth.org
(*) ـ تدين الكاتبة بالكثير من المعلومات القديمة الواردة في المقال، فضلا عن المراجعة اللغوية، للزميل نزار نيوف. وغني عن البيان أنها وحدها من يتحمل مسؤولية ما ورد فيه.