أصداء

مفارقة تستحق الدعاية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كشف السيد رجب طيب اردوكان رئيس وزراء تركيا للتلفزيون الفرنسي قبل فترة، ان ابنتيه تدرسان في الولايات المتحدة الامريكية لانها تسمح بارتداء الحجاب في الجامعات بينما يمنع ذلك في تركيا.

هذه مفارقة كلما احاول تجاوزها لم استطع ( ربما لاني مثلا مفتون بهذا البلد او ذاك او ربما اكون مغزوا ثقافيا فالعلم عند الله )، وكلما امنّي نفسي بأن الوقوف عند هذه المفارقة يشكل دعاية لمصلحة الولايات المتحدة الامريكية وبالتالي فمن الافضل الابتعاد عن مزالق من هذا النوع، بيد ان ذلك التبرير لم يكن كافيا لكي يجعلني اقف صامتا امام هذه المفارقة الغريبة التي تختزل الكثير من الارتباك الديمقراطي الكبير الذي تعيشه البلدان الاسلامية، في حين تمنحه للمسلمين دول ليست اسلامية ولم تكن اساسا مطالبة بذلك.

يعكس ذلك ايضا اشكالية اخرى تعانيها الجماعات الاسلامية السلفية التي تعادي امريكا تحت رماح المصاحف كما فعلها ابن ابي سفيان في القرن الهجري الاول وخدع الكثيرين فيها والتي راهنت على اشراق الشرق المسلم وظلامية الافاق الاخرى.. في لحظة قد تنعكس الادوار ويبحث المسلم فيها عن مساحة عند الطرف الاخر ( غير المسلم ) حتى يقوم بطقوس تخصه وتخص دينه بعيدا عن الاخر الكافر الملحد كما صوره البعض.

اضافة الى ذلك جلعني ذلك الموقف استوقف على وهن ايضا وبمفارقة اخرى لا تقل غرابة عن سابقتها استوقف التيارات التنويرية القادمة من الاخر المشرق، تلك التي وضفت لافتات التنوير في تشكيل آيدلوجيات من نوع اخر لا يقل خطورة عن الايدلوجيا الموجودة المتاصلة في هذه المنطقة، بمعنى اخر انها لم تقم الا بعملية استبدال لايدلوجيا قديمة باخرى حديثة، والاكثر من ذلك انها اضحت في هذا الصعيد ملكية اكثر من الملك نفسه، وذلك لانها تحت لافتات التحرر والتقدم تمنع ارتداء الحجاب، فيما تمنحه العديد من البلدان الغربية للمرأة المسلمة!!

مشهد يضحك ويبكي في وقت واحد، هكذا اصبحنا ( للاسف الشديد ) لسنا قادرين على قراءة المعطى الديني الذي نتدين به ولا المنظومة الفكرية التي تؤرخ لوجودنا.. ولسنا ايضا على استعداد ان نستورد حلولا بمستوى الطموح تلوح فيها آفاق النضوج..

الجميع مطالب باعادة النظر فيما حوله.. فيما يقول.. كيف يفكر؟ الى اين يسير؟ وماذا فعل؟

ولم نعد بحاجة لا الى فتاوى التكفير ولا الى علمانية اتاتورك.

جمال الخرسان

كاتب عراقي

Mosawi_gamal@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف