أصداء

رَأيْتٌ صٌورةَ صدّام عَلى القَمَرْ

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الوهم هو توهم الشيء: ظنه وتمثله وتخيله. وهو مرض يصيب الانسان القلٍق، فتنتابه الكوابيس في الليل واحلام العصافير في النهار.


ولم أكذب المراة الفلسطينية العجوز التي التقيتها في الاردن اواخر عام 1996، وكيف روت لي بصدق انها رات صورة صدام في القمر، بعد ان عرفت باني عراقي، ذلك اني لم اتجشم عناء اقناعها ان هذا الامر ضرب من الخيال، فترك الامر على سجيته انفع مع بسطاء يخلدون ابطالهم بصور على القمر أو المريخ او زحل.


ثم مالبث ان تكرر ذات الموقف ليلة اعدا م صدام، فما انفك فلسطينيون واردنيون وسعوديون يرون صورة صدام في القمر. والسؤال الذي لامفر منه: لم لم ير العراقيون صورة رئيسهم في القمر. ولم لم ير غيرهم ( الفلسطينيون على سبيل المثال لا الحصر ) صورة عرفات على المريخ مثلا.

ومن المعروف أن الانفصام هو مرض يصيب الوظائف العقلية الأساسية، وهو يصيب الافراد، لكن يبدو ان هناك أنفصاما جمعيا يصيب الشعوب فيفقدها القدرة على الاحساس بشخصيتها الكلية، وينتزع منها ثقتها بزعمائها فتلجأ الى زعامات وهمية بعيدة عنها ارضاءا لهلوستها الجمعية، فتسمع أصوات المخلصين في البرية، وترسم خيالاتها صور الفاتحين على الكواكب، وكل ذلك ارضاءا لمشاعر الخوف والرعب التي تتملكها، وأرواءا لضمأ الحاجة لابطال خرافيين يحولون انكساراتها الى انتصارات وعقد نقصها الى كمال، ولو بالكلام.

ولست اشك في ان رؤية صدام على القمر يتزامن مع وسواس قهري جعل من تلك الشعوب المجاورة للعراق تمعن في ارسال ابنائها مفخخين بالاحزمة الناسفة ليتلحقوا بالجنة او بالقمر حيث صورة المخلص الذي يرونه هناك.

ولعل هذا حالة عدوانية مستعصية تؤدي الى هوس خطير، وكلنا على يقين من ان العالم يخلو من جراح ماهر يستطيع ان يجري جراحة كلية لدماغ هذه الشعوب التي ترزح تحت وطاة ورم مرضي معين.

أن وجود شخصية طبيعية عربية، مصحوب بازالة الاضطراب النفسي الذي تعاني منه شعوب العرب،
جراء الظلم الذي يلحق بها على يد حكامها، فتتخيل ذاتها الجمعية عقيمة عن انجاب الابطال الذين يشكلون رمزا لكبريائها، وكان العراق في كثير من الاحيان مصدرا لسلالات الابطال التي قادت هذه الشعوب الى المجد.


كان العربي الضعيف في الجاهلية يرسل زوجته للحمل من الاشخاص الشجعان المعروفين بشخصياتهم القوية وصفاتهم الحميدة، وكان هذا يعرف بالاستبضاع، وهي دلالة على حاجة الشعوب الى القوة والقوي. وذات الحالة تتكرر الان، لكن بصيغة رؤية البطل على القمر.

ماأحوج الشعوب لان تحفظ ماء وجهها بالنظر بواقعية الى مشاكلها وابتكار وسائل الحل على الارض بدلا من القمر او كواكب الاخرى، فالعرب لم يمتلكوا سفن الفضاء بعد.

عدنان ابو زيد

Adnanabuzeed@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف