أصداء

لماذا فشل الديمقراطيون فى معركتهم مع بوش؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

من المعروف ان احد الاسباب الهامة لاخفاق الحزب الجمهورى فى انتخابات نوفمبر التى انتجت الكونجرس رقم 110 فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية هو اخفاق الرئيس بوش فى العراق. وهو امر اضحى من الثوابت امريكيا. ومن هنا فقد تقدم الديمقراطيون بمشروع قرار ينص على أنه "ليس من مصلحة الولايات المتحدة القومية أن تعمق انخراطها العسكري في العراق، خاصة من خلال تصعيد (وجود) قوات الولايات المتحدة العسكرية في العراق." ويتعين، قبل صدور مشروع القرار كقرار تمت الموافقة عليه أن يصوت عليه مجلس الشيوخ بكامله. وهو الامر الذى فشل، وقد رفضت لجنة العلاقات الخارجية خطة بديلة كان من شأنها، لو تمت الموافقة عليها، أن تحدد عدد القوات الأميركية المسموح بوجودها في العراق بنفس عددها الحالي وتحول دون تجاوزه.


وبينما يهدد البعض منهم بمنع الموارد المالية لتمويل زيادة القوات الامريكية فى العراق بمقدار نحو 20 الف جندى. فانهم لن يستطيعوا ذلك وسوف يخفقون. لماذا؟


اولا: رغم ان الديمقراطيين أعضاء مجلس الشيوخ يؤكدون أنهم لا يبغون إحراج الرئيس أو إضعاف موقفه، وإنه محاولة لإنقاذ الرئيس من ارتكاب خطأ في ما يتعلق بسياسة الولايات المتحدة في العراق إلا أنهم يعتبرون أن من واجبهم، وفقاً للدستور الأميركي، عرض آرائهم عندما يختلفون مع الرئيس في الرأي حول سياساته. إلا أن بعض البرلمانيين نبهوا إلى أن الحكومة المنقسمة (على ذاتها) ربما تلحق الضرر بالسياسة الخارجية الأميركية. وكان الرئيس بوش قد حذر في خطابه السنوي عن حالة الاتحاد مساء 23 كانون الثاني/يناير من أن "عواقب الفشل (في العراق) ستكون خطيرة وبعيدة المدى. ورغم كل ذلك فالجميع يخشى اتخاذ خطوات والجنود فى ميدان حرب فى ارض بعيدة لا يستطيعون ذلك ولا يجرؤن عليه!


ثانيا: ينص الدستور الأميركي على أنه يتعين أن يوقع الرئيس الأميركي على التشريعات التي يصدرها الكونغرس أو أن توافق عليها أغلبية الثلثين في كل من مجلسي النواب والشيوخ كي تصبح قوانين نافذة.وحتى لو نجح الديمقراطيون فى مجلس النواب فى اصدار قرار غير ملزم بشأن معارضة ارسال قوات اضافية الى العراق فأن القرار غير الملزم لا يرقى إلى مرتبة القانون إلا أنه يحمل رسالة قوية من المشرعين. ولذا فان ادارة بوش لا تكترث به طالما انه غير مقرون بتعطيل الاعتمادات المالية اللازمة له.
ثالثا:يرى الكثيرون من اعضاء الكونجرس حتى غير المقتنعين بنجاح خطة بوش فى العراق، انه يجب اعطاء الفرصة لتلك الخطة لاختبارها خاصة ان الرئيس بوش كان واضحا فى تحذيره حين قال فى خطابه عن حالة الاتحاد يوم 23 يناير الماضى إنه لا تزال أمام الولايات المتحدة فرصة للمساعدة في صوغ نتيجة الصراع في العراق، مضيفاً أن السماح للمتطرفين بالسيطرة على تلك الدولة سيكون بمثابة تجاهل لعبر هجمات 11 ايلول/سبتمبر على نيويورك وواشنطن وإن "عواقب الفشل [في العراق] ستكون خطيرة وذات مدى بعيد."
رابعا يزداد الامر صعوبة لأن بوش ربط بين النصر فى العراق والنصر فى معركته ضد الارهاب حيث يرى بوش إن الولايات المتحدة تخوض "صراع أجيال" ضد الإرهاب، وهناك آخرون في العالم يراقبون هذا لرؤية ما إذا كان هذا الصراع سيساعد المعتدلين والمصلحين على بناء المجتمعات الحرة.و. "كل منا يتمنى لو أن هذه الحرب قد انتهت وأن نكون قد انتصرنا فيها. ولكنه لن يكون في شيء من طبيعتنا وشيمنا أن لا نفي بوعودنا أو أن نتخلى عن أصدقائنا وأن نعرض أمننا بالذات للأخطار."


خامسا: ان الدستور الامريكى الذى صمم على اساس التوازن والمراقبة للسلطات الثلاث والا تطغى اية سلطة على اخرى. فنظام الحكم الأميركي ليس نظاماً برلمانياً كالنظام الأوروبي حيث يقرر الحزب أو الائتلاف المتمتع بالأغلبية في المجلس التشريعي من هو الشخص الذي سيتولى رئاسة الوزارة. فالنظام الأميركي يخلق "سلطات حكومية متساوية مع بعضها بعضا."
كما ان الكونجرس سلطة مستقلة.


سادسا: ذكّر بوش الكونجرس بأن الصراع الذي تخوضه الولايات المتحدة ضد التطرف ليس صراعاً تخوضه لوحدها. وقال إن الولايات المتحدة، التي تعمل مع الأمم المتحدة وحلف الناتو ودول شريكة في الشرق الأوسط وحول العالم، إنما تتعاون مع دول العالم لتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين وتحويل شبه الجزيرة الكورية إلى دولة خالية من الأسلحة النووية ومواجهة تهديدات مثل التهديد الذي تمثله الجهود الإيرانية لحيازة أسلحة نووية وعودة ظهور قوات طالبان في أفغانستان.


لقد وضعهم الرئيس الذى قادهم الى حرب بمثابة كارثة تاريخية من الناحية الأخلاقية والاستراتيجية، فقد شنت تحت افتراضات كاذبة، وشككت في شرعية الولايات المتحدة عالمياً، وشملت انتهاكات لطخت المبادئ الأخلاقية التي تدعيها واشنطن بدافع ردود فعل وعجرفة امبريالية.وضعهم امام خيارات صعبة. وجنودهم لا يزالون هناك...فماذا يفعلون!


د. عبدالعظيم محمود حنفى

خبير الدراسات الاستراتيجية مدير مركز الكنانة للبحوث والدراسات القاهرة

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف