الحركات الاسلامية في الشرق الأوسط
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الحركات الاسلامية في الشرق الأوسط... ردود أفعال مفهومة!!
على طول البغاء السياسي الذي تمارسه الإدارة الأميركية عالميا، وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، وفي ظلّ غياب أيّ أفق لأيّ إصلاح سياسي حقيقي وأخواته، يبدو أنّ الحركات الإسلامية، على تنوّعها وتعدّدها، تسير تصاعديا نحو الهيمنة، مجتمعيا، لتسجّل أسهما إضافية في بورصة الأحداث والتطورات التي تلفّ المنطقة.
ولا يبدو حتى الآن، أو في المستقبل القريب المنظور أيّ منافس حقيقي لهذه الحركات.ومع هذا الواقع باتت "المجابهة" بأشكالها وألوانها، بين العالم الإسلامي- والإدارة الأميركية، ومن يلفّ لفّها، هي خارطة طريق تسير، وفقا لإحداثياتها، أحداث اليوم.
ومع أنّ بعض، وأشدّد على " بعض"، الحركات الإسلامية من صنع محلي، بتقانة عربية - إسلامية وبخبرة أميركية، فان هذه الحركات كانت وما تزال موضوعا خاضعا للتحليل والتركيب.
والحركات الإسلامية، وان كانت ظواهر دينية أساسا، بمعنى المرجعية، فانّ دوافعها سياسية.ولا يمكن أحيانا إحداث فرق أو تمييز وظيفي بينها وبين أيّ حركة أو اتجاه سياسي، سواء أكان يساريا أو قوميا.
وتكاد السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط أن تكون عاملا حيويا يوحّد، حتى التماهي، بين الحركات الدينية والدنيوية.
لا شك أنّ الإسلام يحمل رسائل مهمة "للمجتمع " و "السياسة". لكن الحركات الإسلامية تخضعها، أي الرسائل، لاصطفاء غير طبيعي، كما وتخضعها لعملية "فلْتَرَة " تختلط فيها المفاهيم، ويتعدّد بنتيجتها الفهم للمواقف والأحداث إلى درجة التضاد والخصومة أو الصراع.
هذا الاصطفاء وهذه "الفلترة " تغطّي طيفا واسعا من هذه الحركات: من تنظيم القاعدة الراديكالي،إلى الإخوان المسلمين الأكثر شيوعا وامتدادا، إلى الأحزاب المعتدلة كحزب العدالة والتنمية في تركيا.
واذا كانت الحركات الاسلامية تقبل "بنوع" من حكم ديمقراطي نظريا، لكن "بعض" الديمقراطية مرفوض لديهم.فبعضها متحرّر، والآخر تقليدي، وبعضها راديكالي والآخر محافظ. وإذا كانت تتوافق، أحيانا، على قضايا اجتماعية وسياسية، لكنها بالمقابل قد لا تتوافق على قضايا لاهوتية.
ومع أن هذه الحركات، ومن حيث المبدأ،توافقت على تبنّي الشريعة الاسلامية، إلا أنها اختلفت وتختلف فيما بينها حول الشريعة ذاتها،وما الذي يطبّق،وما الذي لا يطبّق،ومن يمتلك شرعية أن يطبق، ومن لا يمتلك شرعية التطبيق.لكنهم جميعا يتمترسون خلف جدار من التاريخ الإسلامي، والثقافة الاسلامية، والدين الإسلامي، لكنهم أيضا يسيرون إلى الأمام.
لا شك انه لأمة الإسلام مظالم تاريخية ضد الغرب.ويشعر أبناء المنطقة اليوم أنهم تحت وطأة حصار عندما تنصّب الإدارة الأميركية نفسها المدعي العام على الإرهاب.
وكثير من المسلمين والحركات الاسلامية يعتبر الحرب على الإرهاب حربا على الإسلام.وما يزيد من حجتهم ومن قوة اعتقادهم هو الأصوات التي تظهر من حين لآخر في الغرب عموما والتي تعبّر عن عدائها للإسلام تحت يافطة الديمقراطية وحرية التعبير.
ولكن الشيء الأقرب إلى الحقيقة هو أنّ التطرف الإسلامي والغرب وإسرائيل، كلاّ منهم يغذي الآخر بالخوف إلى درجة الاعتقاد بأنهم يعيشون "صراع حضارات".
صراع ضد الاحتلال الأميركي في أفغانستان والعراق، وضد الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وضد الحملة الأمريكية - الإسرائيلية للقضاء على حزب الله وحماس.
وهذا الصراع يجعل من بعض الحركات الاسلامية كحماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني مقبولة محليا في المجتمعات العربية، بل تكاد تصبح، في ظل غياب الأنظمة العربية، الأمل الوحيد لاسترجاع الأرض والحق المغتصب،كما وتمدّها بشرعية تحلم بها بعض هذه الأنظمة ولو سرا.
فالمخاوف المتبادلة، والإحباط السائد في المنطقة العربية، والغضب المعادي للغرب عموما ولأميركا خصوصا، كلها تساعد على تعزيز القناعة لدى أبناء المجتمع العربي بأنهم يعيشون "صراع حضارات ".
لا شك أننا نحن "امة العرب" و"أمة الإسلام" نعاني، ونئنّ تحت حمل ثقيل من الهموم والأمراض.فاقتصادياتنا تتطوّر بشكل مشوّه، ثم فساد سياسي واقتصادي،وأنظمة تعليم سيئة، وبطالة،... الخ.
ولا شك أيضا أنّ الغرب، وخلال حقبة الامبريالية التقليدية،ساهم في ولادة هذه المعاناة، وان كانت ليست كلها.والآن يواصل ذلك وبنسب وسرعات عالية، إلى درجة يعمّق الفجوة بين شرق-غرب وشمال -جنوب، أو فلنقل يعمّق الفجوة بين الاتجاهات الأربعة.
وطالما أن هذه الفجوة إلى عمق واتساع، وطالما أنّ المجتمعات الاسلامية بقيت محاصرة من الخارج،ومن الداخل، فانّ الإصلاحات الحقيقية ستكون معدومة، أو صغيرة ومحدودة في أحسن الأحوال.
وعليه، وفي ظل واقعنا الحالي، فانه لن يكتب تاريخ الولادة لحركات محلية مهمة في العالم العربي للحدّ من بعض الحركات الراديكالية أو العنيفة، أو حتى الحركات الإرهابية، طالما هنالك مَنْ يعتقد أنّ هذه الحركات تمثّل ردود أفعال مفهومة للظروف الراهنة.
أمجد نيّوف