أغتصاب صابرين.. أو.. أغتصاب الحكم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يبدو ان الامور في العراق فاقت كل تصور وكل معنى من المعاني التي يمكن الاحتكام اليها وقت الخلافات والمحن التي تحيط بالبلد. فدخل العراق على ايدي بعض المتمرسين هذه المرة بلعبة اقل وصف لها انها " مخزية ". وكانت هذه المرة ورقة المدعوة " صابرين " هي التي تم طرحها وتداولها في سوق أسهم المتضررين من العراق الجديد. فلم تعد تكفي انها رالدماء المستباحة كل يوم من ارواح العراقيين، ولم تعد يكفي هذا الدمار والخراب الذي يحيط بالعراق، ولم يعد يكفي التحريض والوعيد، وسحب عروبة ووطنية شيعة العراق. فجاءت المحاولة هذه المرة اكثر فجاجة واكثر سخف واكثر انحطاط. خاصة وخبر جبهة التوافق هذه المرة جاء واضحآ ( ثلاث ضباط من الشيعة اغتصبوا فتاة من السنة العرب ) !!
هل يوجد في الكون كله أبخس من هذه التجارة المعيبة، وهل يوجد في العرف العشائري العراقي اكثر عارآ من ذلك، وهل يوجد أتعس واسخف تحريض للقتال الطائفي من نوعية صياغة هذا الخبر، وهل يوجد انحطاط اكثر من هذا في سجل الصفحات السوداء. لو كان الخبر يقول " أغتصاب فتاة عراقية " لامكن لكل منصف ان يبحث عن حقيقة الخبر ويطالب بموقف انساني ووطني. لكن صياغة طائفية بهذا الشكل المعيب والمخجل. فانها تعطي صورة معتمه وصاخبة لمستقبل التعايش في العراق بين كل طوائفه وقومياته. ان توقيت طرح هذا الخبر تزامن بشكل واضح مع انطلاق عملية فرض القانون في بغداد. وايضآ هي حلقة اخرى مكملة لحملة اعلامية وسياسية منظمة ضد اكبر مكون عراقي يشكل اكثر من 65% من التعداد العام لسكان العراق.
وكل هذه العلامات وغيرها تثير الكثير من الاسئلة والشكوك حول صحة موضوع " الاغتصاب الشيعي ". مع العلم ولو اردنا من باب الجدل ان نصدق هذه الرواية، يبقى هناك سوال ظل ضائعآ وسط كثرة التعليقات وكثرة التفاصيل.. كيف عرفوا ان هولاء الذين اغتصبوا هم من الشيعة على وجه الخصوص ؟ هل هناك علامة مميزة تخبرنا بها صابرين او اعضاء قائمة التوافق !!؟ وثم ان عشيرة صابرين الجنابية.. هي حالها حال الكثير من عشائر العراق فيها الشيعة والسنة. فكيف تم التعرف الفوري من قبل البعض وهو يجلس في الدوحة وفنادق دبي ودهاليز عمان.. ان هذه صابرين من الجانب السني وليس الشيعي في العشيرة؟ ولو ان ذلك خبر لايتشرف به احدآ. لكن يبدو ان بعضهم مستعدآ لكل شيء مقابل الحصول على مكاسب سياسية!!
المشكلة الجوهرية بعض من يدعي انه يمثل السنة العرب في العراق، يصرح دائمآ ان الشيعة اغتصبوا الحكم في البلد!! وهو يعمل جاهدآ لاسقاط اي رئيس وزراء شيعي، مع العلم هو غير قادر على توفير بديل قانوني لذلك المنصب، الذي يعتبر من حصة قائمة الائتلاف الوطني الذي يملك حوالي اربعة اضعاف مقاعد قائمة التوافق. وثم ان هذه النتائج جاءت عن طريق صندوق الانتخابات وحتى اذا تم تبديل السيد المالكي، فلن ياتي شخص من خارج قائمة الائتلاف. واخر من يفكر بهذا المنصب الرئيسي في عراق اليوم يجب ان تكون قائمة التوافق. كما يجب ان يعرفوا جيدآ ان التاريخ لن يعود الى الوراء. واكثر من يعي هذا الواقع وهذه الحقيقة هم هيئة علماء السنة وطار ق الهاشمي ومحمود المشهداني وعدنان الدليمي. ومعهم ايضآ قناتي الجزيرة والمستقلة على وجه الخصوص. وايضآ يرافقهم بيان منظمة حكومة حماس الحماسي في الدفاع عن صابرين.!
الاغتصابات والتسليب الحقيقي كان يجري وخلال اربعة سنوات على طريق طربيل - بغداد وعلى طريق اللطيفية - النجف.
ولم نسمع صوت واحد من هولاء تهتز له الابدان والضمائر. ولقد تم اصدار فتاوى واضحة من القاعدة بسبي نساء الشيعة واغتصابهن وقتلهن وبشكل مسجل وموثق ومكرر. ولم نسمع مثل هذه الاصوات والحناجر ترعد وترتعد كذبآ وزورآ مثلما يفعلون مع صابرين. مع العلم القاعدة مقرها ليس في ميسان او البصرة او الكوت.. بل مكانها معروف اين بالضبط.
واضح ان السنة العرب يشعرون بالغبن في العراق الجديد. وذلك الشعور ليس لانهم بعيدين عن اجهزة الدولة، بل انهم حصلوا على مناصب رئيسية ووزارات هي اكبر بكثير من حجمهم الانتخابي وواقعهم السكاني في البلد وذلك تحت شعار بائس اسمه " حكومة وحدة وطنية ". لكن مصدر شعورهم هذا انهم كانوا يحكمون العراق منذ ان تاسس وبمعادلة فيها الكثير من الخلل الستراتجي والواقعي وليس هنا مجال الخوض فيها. لكن مشكلتهم ان طبقاتهم السياسية لاتريد ان تستوعب الحقائق الجديدة والثابتة في عراق اليوم بل وتريد ان تقفز عليها وهذا هو المستحيل بعينه لان عقارب الساعة لن تعود باي طريقة كانت الى الوراء. ومن يستمع الى الخطاب الشهير لعدنان الدليمي في مؤتمر اسطنبول الطائفي يجد هذا الواقع الذي نتكلم به الان خاصة وهو يقول نصآ " ماهو العراق.. ان السنة العرب هم كل العراق وهم بناته !! " وهذا كلام سطحي وايضآ الرد عليه لايستحق العناء.. فان العراق ليس السنة العرب بل هم جزء صغير منه مثلهم مثل الشيعة العرب والاكراد والتركمان والمسيحين والافلية و الصابئة، اما انهم بنات العراق فهذه تهمة لاينافس عليها احد لان العراق الان عبارة عن خراب ودمار اسمه بلد. وايضآ ممكن مراجعة محضر اجتماع طارق الهاشمي مع بوش وهو يقول له نصآ " اعطونا نحن السنة العرب مفاصل الحكم الرئيسية في العراق ومراكز قيادات الجيش، و سنحافظ على حياة جنودكم وسنكون معآ لمحاربة الشيعة في العراق وايران التي تدعم حماس وحزب الله !! " كلام غاية في الخطورة لكن لايخرج عن السطحية عندما يعتقد ان امريكا وغيرها من الدول لاتقرأ جيدآ حجوم الشارع العراقي وهي تعيش في وسطه!!
ان نفس هذه السطحية يرافقها الابتذال وعدم الخجل والحياء تم فيها تداول موضوع الساعة الجديد " صابرين ". وليس هنا بصدد تكذيب او تصديق هذه الرواية، فهناك تقرير طبي واجراء قامت بها الحكومة العراقية وهو معلن وبشكل يصل الى أدق التفاصيل والامور الخاصة بمثل هكذا مواضيع، لكني بصدد طريقة الاعلان الرخيصة عن هذا الموضوع خاصة، وقد وصلت الامور ان أحد المذيعين في قناة المستقلة فتح " بيت عزاء " لتقبل التعازي ( من الأحبة المشاهدين المتضامنين مع أختهم صابرين!! ) يالها من اقدار دنيئة تساق الى العراقيين باسم الشرف والعفه والنظام الاجتماعي والعشائري العراقي. فاخجلوا على انفسكم وكونوا رجالآ بحق وعبروا عن مطاليبكم بصدق ووضوح بعيدأ عن دهاليز السقوط الاخلاقي والارهابي.
وفي كل الاحوال صندوق الانتخابات هو الحكم الفاصل،، وعقارب الساعة لم ولن تعود الى الوراء. والحكم في العراق غير مغتصب، لكن الاخلاق العراقية الأصيلة أغتصبت باسم العراق من بعض المتضررين في العراق الجديد.
محمد الوادي