حروب كربلاء وصفين والجمل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لا بد من إكمال ما لم يكتمل... حروب كربلاء وصفين والجمل
bull; سوف نظل على ما نحن عليه وفي المكان الذي نقف فيه إذا كان هذا هو ما تخيلناه قبلاً.
قول مأثور
-1-
فضل زيارة قبر علي بن ابي طالب ( كرم الله وجهه ): عن المفضل بن عمر قال: دخلت على أبي عبدالله(عليه السلام) فقلت له:إني أشتاق إلى الغرّي (النجف) فقال: ما شوقك إليه فقلت له: إني احب أن أزور أمير المؤمنين فقال:هل تعرف فضل زيارته قلت :لا إلا أن تعرفني فقال: ( إذا زرت أمير المؤمنين(عليه السلام) فاعلم أنك زائر عظام آدم وبدن نوح وجسم علي بن أبي طالب (عليهم السلام)) فقلت يا ابن رسول الله (ص) إن آدم هبط ب( سرانديب ؟) في مطلع الشمس وزعموا أن عظامه في بيت الله الحرام فكيف صارت عظامه في الكوفة فقال: (إن الله أوحى إلى نوح(عليه السلام) وهو في السفينة أن يطوف بالبيت أسبوعا فطاف بالبيت كما أوحى الله إليه ثم نزل في الماء إلى ركبتيه فاستخرج تابوتا فيه عظام آدم حمله في جوف السفينة بسمه تعالى حتى طاف ما شاء الله ان يطوف ثم ورد إلى باب الكوفة في وسط مسجدها ففيها قال الله يا أرض ابلعي ماءك فبلعت ماءها من مسجد الكوفة كما بدأ الماء منه تفرق الجمع الذي كان مع نوح في السفينة فأخذ نوح(عليه السلام) التابوت فدفنه في الغري وهو قطعة من الجبل الذي كلم الله عليه موسى تكليما وقدس عليه عيسى تقديسا واتخذ عليه إبراهيم خليلا واتخذ محمداً(ص) حبيبا وجعله للنبيين سكنا والله ما سكن فيه بعد أبويه الطيبين آدم ونوح أكرم من أمير المؤمنين فإذا زرت جانب النجف فزر عظام آدم وبدن نوح وجسم علي بن ابي طالب فانك زائر الآباء الأولين ومحمداً خاتم النبيين وعلياً سيد الوصيين وإن زائره تُفتَّح له أبواب السماء عند دعوته فلا تكن عن الخير نوّاماً) .
عن الكافي للشيخ الكليني (وبدون تعليق)
-2-
في بيوتنا وشوارعنا ومدارسنا ووزاراتنا وبرلماناتنا ومقاهينا ، اناس معنا وليسوا معنا ، يدعون انهم عاملون لنا ، ناشطون من اجلنا ، داعون لخيرنا ، وما هم فاعلون...!
بيننا وليسوا بيننا ، بل في الغالب ولا بين بعضهم ولا مع بعضهم حتى...!
يحاوروننا ، يأكلون معنا ، يمسكون صولجانات التسلط علينا ، لكنهم ليسوا لنا .
خطابهم ليس لنا ، حوارهم ليس معنا ، ولا مع انفسهم ، لكنه مع الأشباح ، مع القبور والمقبورين..!
هؤلاء هم بعض مأساتنا ، أن لم نقل كلها...!
هؤلاء هم بعض مصيبتنا بعض علة خراب بيوتنا ، خراب علاقاتنا الإجتماعية ، ضياع اوطاننا وثرواتنا ومستقبل اجيالنا.
خراب ابناءنا، خراب تربيتنا لأبنائنا ، فشلنا في خلق اجيال نافعة لأنفسها وللعالم ، وبالنتيجة فشلنا في خلق حياة إجتماعية ذات معنى وقيمة.
لو تتابع الخطاب الشائع، خطابنا اليومي كعرب ومسلمين ، خطاب صحافتنا زعماءنا اشياخنا معلمينا آباءنا أمهاتنا شوارعنا ومقاهينا ومنتدياتنا الأدبية والثقافية، محاضرات مدرسّينا في الجامعات والمدارس والمساجد ، خطاب الأسرة اليومي ( إذا وُجد ) بين الزوج وزوجته وأبناءهما، بل وثرثرة ناسنا في المقاهي ، لتأكد لك أننا لسنا هنا.
لسنا في هذه الأرض في هذه الحياة.
ولعرفت السرّ وراء تخلّفنا وتعطل عجلة التنمية في بلداننا وفساد شبابنا وهجرة عقولنا وغياب فرص الإصلاح السياسي عندنا ثم توسع الثقوب في اجسادنا الوطنية وما يتبعه بالضرورة من ملأ للفراغ من قبل الخارج ، الغريب ، الوافد ، الطامع أو الخائف المتربص المبادر للهجوم قبل أن ينتقل طفح مستنقعنا إليه ليغرقه ويفسد حياة اهله.
في بيوتنا وحولنا وبيننا ، خطاب لا صلة له بالواقع ، تحمله السنة وعيون وقلوب وضمائر جامدة جاحدة عليلة تائهة.
في بيوتنا اشباح... اشباح تحكمنا من خلف كراريس صفراء متعفنة مغموسة بقيء تاريخ مشبوه مغلوط لم يتسنى لنا قراءته بعد لأننا اغرقناه بالقداسة حتى ضاعت فرصة القراءة المتروية المتأنية .
رفاقنا وزملاءنا وابناءنا وآباءنا وأمهاتنا واشياخنا واسيادنا ( وعبيدنا ) عيونهم لا ترنو لنا ، لأنها مشدودة على السماء.
قلوب لهم ليست لنا ولا لأنفسهم حتى ، لأنها موصولة بأكفان الأشياخ القدامى ، شامانات عصور الغابة .
-3-
في البدء كانت الفكرة...!
ارسطو وديكارت وكانت وهيغل وماركس وبرتراند رسل ومارتن لوثر كينغ جاءوا بأفكار ... افكار عظيمة خلاقة ، غيرت وجه التاريخ الإنساني كله ( إلا تاريخنا لأنه لا زال يستقي ماء حياته من قيء وبصاق إبن تيميه وأبي الدرداء والعباس وخالد والحسين وفاطمة وعائشة ) ... !
دافينشي ومايكل انجلو ونيوتن وآينشتين وأديسون ومئات غيرهم ، أحالوا الفكرة الجديدة إلى ممارسة جديدة ، إلى فعل جديد ، حراك جديد ، نظم تربوية جديدة ، عادات جديدة ، قيم جديدة ، قوانين عيش وتنظيم حياة جديدة ، نظم سياسية جديدة .
علماؤنا العاملون ، علماء فتنة وسوء وثأر وتخلف ، يرتشفون ليل نهار كلمات وترهات ونبؤات وأكاذيب الأشياخ الموتى الفاشلون المحبطون البائسون الذين كانوا يقتتلون في ايامهم على غنائم عرق وكد وكدح بناة الحضارات القديمة في العراق ومصر والشام وفارس .
اوروبا انتجت الفكر والممارسة ، أما نحن فأنتجنا الخرافة وتأصيل الخرافة وإعادة تفسيرها وتصحيحها وتنقيحها والنبش الأزلي الدائم فيها من منطلق صدقيتها الناجمة عن قداسة مفترضة لم يتسنى لأحد البحث في صدقيتها .
اوروبا انفصلت عن ماضيها ، عن الجانب المظلم السيء الغيبي البشع غير الواقعي وغير العملي وغير الإنساني من ماضيها .
اوروبا تحررت من اغلال ماضيها ...!
بفعل فكر المفكر وعمل المكتشف والمخترع والعامل المبدع أمكن لها أن تُحرر إرادتها ، إرادة ابناءها ، عقولهم ، ضمائرهم ، افكارهم ، اياديهم ، بهذا الإنعتاق من الماضي ، الشائع ، الزائف ، غير العياني وغير الواقعي وغير الضروري والسخيف غاية السخف، بهذا الإنعتاق تمكنت اوروبا وامريكا بل وحتى الهند والصين وامريكا اللاتينية وبعض افريقيا لاحقا ، تمكن هؤلاء جميعا من ان يقفوا على ارض الواقع المعاش بسيقان قوية صلبة العضل وقبضات مشدودة واثقة معافاة.
اين نحن من هؤلاء؟
ما هي لغة خطابنا اليومي في الصحف والإعلام والمدارس والجامعات والبرلمانات والبيوت والشوارع والمقاهي؟
ما هو معطانا الثقافي اليومي يا ترى؟
ماذا نتداول بيننا ، بمَ نفكر ، ما هي المصطلحات والعبارات التي تغلُب على مفردات خطابنا اليومي؟
قل لي بمَ تفكر ، اقول لك من انت...!
قُل لي بمَ تفكر ، اقول لك إلى اين انت ذاهب وما هو مصيرك غدا وبعد الغد وبعد الف عام....!
- 4-
عبر الف واربعمائة عام ونحن نبكي رجُلا من اجدادنا قتل في منازلة شريفة أختارها بنفسه ، بفكره ، بقناعته وبكامل حريته ولو شاء لأعتزلها وتفرغ لما هو اهم وأعظم وأنبل منها ، كما فعل اخيه قبله.
منذ الف واربعمائة عام ونحن نعيش وهج فترة لم تتجاوز الخمسة وعشرون عاما لا اكثر، اعني فترة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم جميعا.
ويعلم الله وحده حجم ومدى مصداقية احداث تلك الفترة وصدقية جمالها وعدلها ونبل رموزها....!
منذ الف واربعمائة عام ونحن نتقاتل على ( فدك ) وضلع فاطمة وقرآن فاطمة المزعوم وطول جلباب الرسول ونوع الجلد المصنوعة منه نعليه الشريفتين..!
منذ الف واربعمائة عام ونحن نعفّر وجوهنا بتراب كربلاء الذي بالتْ عليه عبر العصور ملايين الدواب ، ولم نسأل انفسنا يوما ، لو إن الحسين لم يقتل ، اكان يمكن أن يعيش حتى يومنا هذا ؟
ولو أن ما حدث لم يحدث ، وأن الرجل نال المُلك الذي كان يريده ، هل كان قدر هذه الأمة أن تصل إلى الصين والهند ونصف اوروبا؟
ثم ترتد لاحقا ، وحيث إرتدت ، أما كان يجب أن نستوعب التغيير ونعيش واقعنا كما كل امم الله ؟
الم يخسر الإنجليز والهولنديون والروس مستعمراتهم لينكفئوا إلى خيام اوطانهم فيعمرونها ويتابعون السيرورة التاريخية التي لا مناص من تقبلها بحب والإرتقاء بها مجددا إلى مستويات ارقى وأجمل واكثر امنا وعدلا وتسامحا...!
المسيحيون تجاوزوا صلب المسيح منذ ما يفوق الألفي عام ، بل منذ لحظة صلبه.
كانوا قوما عمليين واقعيين.
لم يضيعوا لحطة في البكاء على الدم المسكوب.
أما نحن فلم نفعل ، بل بقينا إلى يوم الله هذا نبكي على الزمن الضائع.
الأشياخ الضائعون ، الأمجاد الضائعة المزعومة ، الكلمات الرومانسية التي قيلت في لحظات موتٍ هو في الواقع حياة ، إذ هو مخاض ولادة امة قُدّر لها أن تنمو وتتشكل وتتطور وترقى وتسهم بقدرها المقدر من السيرورة الإنسانية للعالم في تلك الحُقب من فجر تاريخ البشرية .
لغاية يوم الله هذا ، ما أن يسقط لنا مولودا حتى نشرع بالصراخ في اذنه بدعوات الثأر والمظلومية والبكاء على الماضي الجميل الشفيف الذي أُغتُصب من اجدادنا فلم يتسنى لهم توريثه لنا ...!
منذ لحظة الولادة نحكم على اجيالنا في أن تلتفت صوب الماضي وحده ، وتعيش في الماضي وحده ، بوعي الماضي وأجندة الماضي واوهام الماضي وخرافات الماضي.
منذ لحظة الولادة نفصل حبل السرّة من رحم الأم لنوصله برحم الجدّة التي ماتت قبل الف عام .
او يمكن لرحم جدّة أو للحيةَ جدّ مات قبل الف واربعمائة عام أن تغذي وليدنا بحليب طازج شهي مشبع بالمعادن القادرة على بناء العقل والعظم والعضلات؟؟؟؟
-5-
اعتقد أن الأمريكان يفعلون الشيء الأوحد الصحيح في الزمن الأنسب الأصح.
اعتقد أنهم يفعلون الشيء الأوحد الذي يجب أن يُفعل حقا لتخليصنا من بؤس ما لدينا ، تخليصنا وتخليص انفسهم والحضارة الإنسانية كلها.
آخر الدواء الكيّ .... قالتْ العرب..!
آخر الدواء الصدمة الكهربائية القوية التي يمكن أن توقظ الوعي ثانية وتعيد رتْق الذاكرة المثقوبة ..!
أن يثيروا كل ما هو كامن تحت الرماد من بشاعات تاريخنا وفكرنا وعقيدتنا ومفردات إختلافنا.
أن يثيروه علنا ودفعة واحدة أو على دفعات..!
أن يثيروا هذا الكامن في القلوب والعقول والضمائر والكراريس الصفراء والمزابل والمدافن ...!
هذا ما لدينا فعلا وحقا فلمَ النفاق والكذب والحديث عن مصالحات وتفاهمات ...!
هذا ما في الجعبة البائسة فليخرج إلى العلن ، إلى النور ، ولنتقاتل بشأنه بحرب طويلة لا غالب فيها ولا مغلوب ، حرب منضبطة يملك الأمريكان وحدهم زنادها فيقدحونه هنا وهناك حسب الرغبة والحاجة والضرورة والأجندة ...!
وبالنتيجة ، النتيجة النهائية الأخيرة ، بعد أن ينتشر الموت والخراب والبؤس بين الناس ( كما هو حاصل في العراق الآن )، سينقلبون على اشياخهم وزعاماتهم ومعلميهم وآبائهم وانفسهم بنقلة نوعية في الوعي تخرجهم من أسِر الماضي لتضعهم ثانية على ارض الواقع ، الحاضر ، الزمن القائم الآن والملموس بكل مسؤولياته وتحدياته الحضارية .
هذا هو ما حصل في اوروبا وما مهّد للإنقلاب على الكنيسة والإقطاع وفرسان الصليب .
هذا هو الطبيعي الوحيد الذي لا نشك في أنه سيحصل، غدا أوبعد عام أو عشرة...!
-6-
المؤشرات الحاصلة في العراق تبشر اليوم بذلك ....!
قتال الشيعة والسنة في العراق على خلفية حرب الجمل وصفين التي جاء المالكي والحكيم والضاري والهاشمي والصدر وأحمدي نجاد لإكمالها ، يبشر بذلك.
قتال الشيعة والسنة اليوم على ميراث صدام حسين وقصور صدام حسين وثروات العراق التي لا بد من إنتزاعها بسيف وعباءة وراية الحسين والحجاج وعثمان ويزيد ، يبشر بذلك ...!
وهذا ذاته ما سيحصل في اكثر من بلد عربي في القريب ...!
وإذا كان العرب والمسلمون عامة ، ليسوا بذوي نفع للحضارة الإنسانية ( لأنهم يعيشون في زمن غير زمننا هذا ) فعلى الأقل سيكون نفعهم كبيرٌ إذ هم يكفون ايادي متطرفيهم عن الغرب العلماني المتحضر من خلال التفرغ لذبح بعضهم البعض في العراق واليمن والسودان ولبنان وفلسطين والجزائر ، وما ارسال الآلاف من التكفيريين للموت إنتحارا عند قبور اشياخ الشيعة في النجف وكربلاء وسامراء إلا جزءٌ من حرب المسلمين مع بعضهم على خلفية حروب الخوارج والحشاشيين والفاطميين والقرامطة والمرجئة والامويين والصفويين والعثمانيين وووو التي بشرنا بها محمد(صلعم) باكرا حين قال أن امتي ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة...!
وحيث تبتعد النار عن مركز التجارة العالمي وقطارات الأنفاق في اوروبا ومصانع السلاح ووكالات غزو الفضاء ومفاعلات الذرة ومختبرات البحوث العلمية الراقية العظيمة ، تتفرغ تلك المؤسسات لإستمرار برامجها معتمدة في ذلك على ما يردها من غذاء رخيص من البترول العربي والدولار البترولي العربي والإسلامي ، فيطّرد الخير والنعمة في الغرب بينما علي وعثمان يقتتلون ليل نهار ...!
وحيث حور العين والولدان متفرغون لإعداد الولائم لمواكب الشهداء التي تتوالى بلا انقطاع على جنة الرّب ...!
وحسبنا الله ونعم والوكيل ....!
كامل السعدون