زيارة الملك عبدالله الثاني لواشنطن تزعج مجاهدي الفضائيات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
زيارة الملك عبدالله الثاني لواشنطن تزعج مجاهدي الفضائيات ومناضلي الريموت كونترول
كلمات صريحة وواضحة قالها جلالة الملك عبدالله الثاني بوضوح تام أن على حماس قبول مطالب اللجنة الرباعية أي الاعتراف باسرائيل ونبذ العنف والاعتراف بالاتفاقات السابقة. هذا ما قاله أيضا العاهل السعودي والرئيس المصري حسني مبارك والاتحاد الأوروبي كشرط لرفع الحصار عن الفلسطنيين. حماس ترفض الانصياع لأن الأيديولوجية بالنسبة لحماس هي أهم من المجاعة في فلسطين. حماس ترفض وتتلاعب بالألفاظ لأن تعليمات دمشق وطهران هي أهم بالنسبة للحركة من احتياجات العائلات الفلسطينية الفقيرة.
حماس تستطيع الرفض حتى نهاية التاريخ ولكنها تتحمل عواقب الكارثة الانسانية التي ستحل بالشعب الفلسطيني.
ولكن على مستوى براغماتي دولي فان قبول حماس بالشروط سيحرج اسرائيل امام العالم بأنها هي الرافضة للسلام وهذا نحن نعرفه ونتوقعه ولكن لماذا تقديم مساعدة مجانية لايهود أولمرت لكي يتهرب من التزامات السلام. ووصفت صحيفة هآرتس الاسرائيلية حماس مؤخرا" بأفضل صديق منقذ للمستوطنين والمتطرفين اليهود".
التحركات الأردنية وزيارة الملك للولايات المتحدة:
من أسخف التعليقات التي سمعتها من مصدر اعلامي على محطة عربية ان زيارة الملك لواشنطن هي "شغلة علاقات عامة" لانقاذ ايهود أولمرت. هذا كلام سخيف لا يستند على حقائق بل هو نتاج فولكلور معتنقوا نظريات المؤامرة. نسأل هؤلاء هل اتفاق مكة الذي رحب به الاردن هو لانقاذ اولمرت ام لايقاف الاقتتال الفلسطيني.
أليست جهود الملك ترمي الى اعادة احياء السلام وتسويق المبادرة العربية. سيؤكد جلالته ان الفرصة المتاحة الآن لانقاذ عملية السلام يجب استغلالها لكي لا نفقدها للأبد.
قبيل الزيارة أجرى جلالة الملك محادثات ومشاورات مكثفة مع مصر والسعودية ومحمود عباس وحصل على مباركة عربية لأن ما سيقوله هو لخدمة القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية. فلماذا يحاول البعض الاصطياد في الماء العكر ووضع شبهات وتشكيكات حول هذه الزيارة التاريخية.
علينا أن نفتخر أن الملك عبدالله الثاني هو أول زعيم عربي يلقي خطابا في الكونغرس ومجلس الشيوخ. سيحاول اقناع المستمعين ان حل الصراع العربي الاسرائيلي هو المفتاح لعلاج الكثير من مشاكل المنطقة.
السؤال الذي يخطر بالبال هو ماذا استطاع محور الممانعة والرفض والصمود العمل من أجل فلسطين. هل استطاعوا تحرير قدم مربع واحد من الأرض المحتلة بمقالات وخطب الشعارات "الأحمد سعيدية". لماذا لم يباشروا بالعمل على التحرير الفعلي لفلسطين؟ أليست الفرصة متاحة لهذا المعسكر ان ينفذ الشعارات والفهلويات الكلامية فلماذا التقاعس والاعتماد على التحرير الشفهي على الفضائيات ومواقع الشبكة العنكبوتية.
اذا فشلت الزيارة بتحقيق اهدافها سوف لا يكون السبب أي تقصير اردني بل تحالف شر غير مقصود بين حماس واليمين الاسرائيلي. الأولى بالتعنت والاختباء خلف الالفاظ والثانية باستغلال اللوبيات اليهودية للضغط على بوش بالامتناع عن الضغط على اسرائيل. نستنتج من ذلك انه مهما فعل الأردن سوف لا يتلقى الشكر والتقدير من الجاحدين في العالم العربي وعلى رأسهم ابطال النضال الفضائي.
الحملة الاعلامية الشرسة ضد الأردن ليست جديدة:
بعد كل هذا الكلام لماذا نرى هذه الحملة الشرسة ضد كل من يقول كلمة حق. لماذا وضع اللوم على الأردن. هذا ما لا نفهمه.
المشكلة أن جوقة من الصحفيين والمعلقين يرفضوا التعامل مع الواقع وانجرفوا خلف تيار غوغائي شعبوي بتوجيه انتقادات للملك عبدالله الثاني لأنه قال كلماته الصريحة الواضحة بدون لف ودوران وبدون فهلوة شفهية في مقابلته مع قناة تلفزة اسرائيلية "يتعين على حماس قبول مطالب اللجنة الرباعية". ما هو العيب في ذلك أليست اللجنة الرباعية والدول التي خلفها لا سيما الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة في العالم القادرة على الضغط على اسرائيل؟
سؤال للعالم العربي والاسلامي وحماس:
وسؤال بديهي هل يستطيع العالم الاسلامي بملياراته البشرية والعالم العربي بملياراته الدولارية ان يزحزح اسرائيل شبرا واحدا من الأراضي المحتلة؟ الجواب طبعا بالنفي لأن العالمين العربي والاسلامي اثبتا فشلهما الذريع على مدى 40 عاما. ما الذي حدث الآن لكي يتغير الوضع. وهل تستطيع حماس الغير قادرة على ضبط رجال أمنها الفالتين والغير قادرة على دفع رواتبهم ان تجبر اسرائيل على ان تتزحزح ربع شبر؟ ألانسحاب من غزة لم يكن تحريرا بل انسحابا تكتيكيا لتقوية الوجود الاستيطاني في الضفة الغربية وتهويد القدس ولفرض حصارا على القطاع وباتت غزة سجنا كبيرا والمهزلة أن المساجين في الداخل يهددوا ويتوعدوا ويرفضوا المبادرات العربية لانقاذهم.
حملات الصيف الماضي
شهد الصيف الماضي حملتين:
حملة عسكرية اسرائيلية ضد لبنان يرافقها حملة اعلامية ضد الأردن ودول الاعتدال.
اسرائيل كدولة انتقامية حاقدة باشرت بتدمير لبنان تدميرا منهجيا كاملا. الولايات المتحدة وبريطانيا تواطئت مع اسرائيل ووقفت كعقبة أمام تحقيق وقف اطلاق نار سريع لاعطاء فرصة كافية لاسرائيل لكي تدمر حزب الله ووضع أسس جديدة للخارطة السياسية في المنطقة.
ولكن المفاجأة الأخرى هو اندلاع حرب اعلامية شرسة تستهدف الأردن والسعودية ومصر من خلال الفضائيات والتعليقات الصحفية وكيل الاتهامات ضد الدول المذكورة بالتقصير في دعم المقاومة بسبب علاقاتها الديبلوماسية مع الولايات المتحدة وبسبب اتفاقات سلام اردنية ومصرية مع اسرائيل. ما أراده مناضلون الانترنيت والريموت ان تنجر الأردن الى حرب مع اسرائيل تضامنا مع حزب الله الذي أشعل هذه الحرب.
المطالبة بقطع العلاقات الديبلوماسية مع اسرئيل
طالب فرسان الفضائيات ومناضلو الريموت كونترول وجهاديو المواقع الانترنيتية في وسائل الاعلام من مصر والاردن بقطع العلاقات مع اسرائيل. البعض الآخر طالب الدول العربية بدخول حرب ضد اسرائيل وهي غير مستعدة لتلك الحرب. أي يريدوا جر بعض الدول العربية الى مواجهة كارثية كما حدث عام 1967.
أما قطع العلاقات الديبلوماسية ليس أقل خطرا. ولكن السؤال الهام هل سيحقق قطع العلاقات الديبلوماسية والغاء الاتفاقات أي فائدة أو هل سيؤدي الى تحرير فلسطين والجولان وجنوب لبنان. هل تم دراسة العواقب والتبعيات لخطوة من هذا النوع.
لنفترض جدلا ان الاردن أغلق سفارته في تل ابيب وطلب من السفير الاسرائيلي مغادرة عمان حالا. فماذا سيحدث؟ ومن الخاسر.؟ ستسارع اسرائيل في أعمالها العدوانية وتعلن للعالم ان العرب يريدوا تدميرها ولا يحترموا اتفاقات السلام الخ من الاتهامات.
الشعب الأردني سيخسر والشعب الفلسطيني سيدفع ثمن هذا الغباء السياسي كما هو الآن يدفع ثمن اخطاء السلطة الفلسطينية وأخطاء حماس.
ويحق لنا ان نتساءل ماذا سيحدث في الاراضي المحتلة. اسرائيل قادرة على اغلاق المعابر والجسور التي تربط الضفة الغربية بالاردن التي هي بمثابة الرئة الحيوية التي يتنفس منها الشعب الفلسطيني الذي تربطه علاقات عائلية واجتماعية ونسب مع الشعب الاردني وسنجد انفسنا امام كارثة انسانية جديدة. وهل سيتدخل مرددوالشعارات والمعارك الشفهية عبر الفضائيات لانقاذ الشعب الفلسطيني. وأثبتت وقائع التاريخ أن وجود علاقات مع العدو أفضل من عدمه. على أدنى حد تستطيع ان تعطي رأيك او احتجاجك من خلال القنوات الديبلوماسية والتأثير على قرار خصمك.
واطرح سؤالا:
هل اسرائيل قادرة أم لا على طرد كل سكان غزة من القطاع وتشريدهم باتجاه مصر والتخلص منهم كليا.؟ من يستطيع ايقاف اسرائيل من اتخاذ خطوة كهذه؟ ولولا وجود علاقات ديبلوماسية واتفاقات مع مصر لقامت اسرائيل بذلك وتخلصت من غزة وحماس وصواريخ القسام. وماذا سيفعل العرب من المحيط الى الخليج؟ الجواب: عسكريا صفر. اعلاميا سنسمع صراخ على الفضائيات وتعليقات استنكارية على المواقع الانترنتية والصحف.
يتعين على الذين يطالبوا بقطع العلاقات الديبلوماسية مع اسرائيل وايضا مع الولايات المتحدة لانها الداعم الأول والأكبر لاسرائيل ان يفكروا قليلا بالعواقب. هل يعولوا على روسيا والصين ودول العالم الاسلامي لتساعدهم وتقف معهم.
أثبت التاريخ الحديث ان المصالح هي المعيار وليس العواطف.
اذا ليس صعبا ان نستنتج ان قطع العلاقات مع اسرائيل والولايات المتحدة لن يأتي بأي فائدة للأردن والعرب وسيأتي بالكارثة للشعب الفلسطيني.
ليس سرا ان اسرائيل تعتبر الأردن الوطن البديل للفلسطينيين وستنتهز اي فرصة ملائمة لطرد مليون فلسطيني من الضفة الغربية وغزة للأردن لفتح المجال امام المستوطنين ليحلوا محلهم. ولكن الاردن وقف لاسرائيل بالمرصاد وحذر من مغبة اي خطوات من هذا النوع واقنع الادارة الاميركية بخطورة خطوات من هذا القبيل. وهذا لم يكن ممكنا اذا لم يكن هناك علاقات وقنوات للحوار والتشاور.
الأردن يتحمل العبء الأكبر
الأردن بلد صغير ذو موارد محدودة ورغم صغر حجمه وقدراته استطاع استيعاب موجات ضخمة من النازحين نتيجة للعدوان الاسرائيلي في فلسطين وغزو صدام حسين للكويت ونتيجة لغزو العراق لاسقاط صدام حسين.
الرجاء أن لا تحملوا الاردن أكثر من طاقته ولا تضعوا وزر الصراعات الاقليمية على كاهل الاردن. الاردن أول من اخترق الحصار الجوي على لبنان واستقبل الطائرات اللبنانية وقدم ما يستطيع من المساعدة والاردن فتح ابوابه للعراقيين الهاربين من الحرب والارهاب.
ألأردن يبذل جهودا استثنائية لمساعدة الفلسطينيين ولاعادة احياء العملية السلمية ورغم ذلك لا يزال يتعرض لحملة تشويه من زمرة القومجيين والاخوانجيين وبائعوا الشعارات الجوفاء. ألأردن يتصدى لأعمال الحفر التخريبية في القدس. الأردن كان الدينامو خلف ادانة الجدار العازل الغير شرعي من قبل المحكمة الدولية.
ومهما قدّم الأردن من تضحيات من اجل الامة العربية سيبقى مستهدفا للمؤامرت الاقليمية بتواطؤ المتربصين في الداخل الذين يعملوا لحساب الغير تحت شعارات دينية وقومية ويستغلوا هامش الحرية الواسع للاساءة الى الاردن والتشكيك في دوره ووطنيته.
نهاد اسماعيل
لندن
Nehad ismail - London، UK