تهنئة الى العرب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
2.6 مليون معوق في العراق
خبر مروع ومحزن الذي تناقلته بعض وسائل الاعلام عن مصادر جمعيات المجتمع المدني، حول وجود مليونين وستمائة الف عراق معوق جراء الحروب التي خاضها العراق خلال ثلاثة العقود الاخيرة. طبعآ هذا الرقم في بلد تعداده السكاني يصل الى حوالي سبعة وعشرين مليون نسمة، يعتبر رقم فلكي وكارثي بكل معنى الكلمة، أما اذا أخذنا النتائج السلبية التي تنعكس على طريقة عيش هولاء الاشخاص والمصاعب المادية والنفسية والانسانية التي تحيط بهم ويتم أسقاطها بأرادتهم او بدونها على أنماط حياة عوائلهم. فأن استخدام مفردة و وصف مثل " الكارثة " سيكون متواضع جدآ أمام هكذا مجموعة كوارث لايمكن حصرها. ولن تمر دون أن تؤثر على الام والطفل والزوجة والاخت والاخ وحتى بالطفل الرضيع او الجنين الذي لم يولد بعد.
بلا شك أن من يتحمل هذه الكوارث أولآ النظام السابق الذي جعل من حياة العراقيين واجسادهم مختبرات حية ومتواصلة للموت والحروب والبطش وايضآ مختبرات لتجربة فعالية الاسلحة الكمياوية وايضآ لتجربة كل ادوات التعذيب الجسدي المصنعة محليآ او المستورده من بلدان اخرى تدعي الانسانية وحقوق الانسان. واضافة الى قوانين " بتر الاعضاء "التي اصدرها نظام الصنم والتي أدت الى قطع وبتر اعضاء أساسية من بعض أجسام العراقيين مثل قطع اللسان وقطع الاذن وبتر الايادي والسيقان تحت مبررات لاتتعدى كونها حيوانية حمقاء وجرائم أنسانية وأرهابية كبرى. ناهيك عن اعداد الذين قتلوا في الحروب العبثية او في زنازين الظلم التاريخي في العراق. او في جزر المقابر الجماعية التي أحاطت بالعراقيين.
أن موقف اخر تتحمله الحكومة العراقية الحالية والتي من المفروض أنها منبثقة من برلمان عراقي منتخب و تمثل كل ألأم العراقيين ومتطلبات حياتهم اليومية والملحة. فالاحرى بها ان تتحمل مسؤولياتها الاخلاقية والقانونية والدستورية في التخفيف هن هذه الشريحة الكبيرة من العراقيين، ولايتم ذلك عن طريق " المكارم والاكراميات " بل عن طريق قوانين تنص بشكل واضح على حقوق هذه الطبقة العراقية. بل اذا اقتضى الامر ان يتم وضع مادة نافذة في الدستور العراقي وبشكل ثابت. لاننا هنا لانتكلم عن استثناء طارئ بل عن مايعادل حوالي 10% من الشعب العراق هم نسبة المعوقين.
ولابد من الاشارة هنا الى موقف أممي ودولي ايضآ غائب عن هذه الكارثة العراقية المخفية بقصد او بدون قصد!!
ويبقى الموقف العربي هو الاكثر تميزآ لانه " الحاضر الغائب " الاول والاكبر في هذه المصائب العراقية. والسبب في ذلك ان الاغلبية الساحقة من البلدان العربية هي التي صفقت ودعمت النظام السابق في حروبه " القومجية " تارة وفي حروبه " الاسلامجية " تارة اخرى فعندما ذهب صدام يعيد تاريخ القادسية الجديدة انطلاقآ " من البوابة الشرقية " دعمته غالبية الدول العربية بالمال والسلاح وبدون حساب او كتاب بدأت تنزل المليارات على العراقيين ليس لأجل دعم اقتصادهم بل لاجل ادامة حربهم ونزيفهم البشري والدموي مع ايران. فدفع ابناء العراق خيرة شبابهم وايضآ تكونت طبقة كبيرة من معوقي الحرب. وبعد ذلك جرى غزو الكويت وماجرى فيها وبعدها من مواقف عربية متباينة بين دولة واخرى و حروب وحصار داخلي وعربي ودولي وكان الضحية الاولى في كل هذه الكوارث هم ابناء الشعب العراقي وليس غيرهم من العرب الذين تحولت دماء العراقيين عندهم الى طفرات اقتصادية في اسعار النفط او في فتح اكثر من ثلاثين الف شركة تورد الى العراق مختلف المواد فقط من الاردن فأنتعشت عمان والساحة الهاشمية ومدن عربية اخرى على حساب دماء العراقيين، وخربت بغداد وشوارعها ومراكزها التاريخية الشهيرة. أن موقف عربي اقتصادي او أنساني مميز ومشرف أتجاه العراقيين بعد سقوط نظام الصنم لايوجد على الاطلاق ولايمكن التفاخر بذلك." سوى تصريحات تتبرع بالاغلبية الساحقة من العراقيين الى امم اخرى!!"
العراق ودماء ابنائه لن تكون بعد اليوم لابوابة شرقية ولابوابة غربية ولاأي اتجاه اخر. ومن يزايد على بوابات الموت والدمار هذه، فهناك الكثير من الابواب والجبهات المقفولة حد الانبطاح امام اسرائيل ومن يريد عليه على الاقل ان يفتح له ثقبآ ويحارب منها وسنصفق له هذه المرة حتى اخر نفس نحن العراقيين. اما من يتجرأ وينزل اعلام اسرائيل في بعض العواصم العربية ويقف بوجه الزيارات العلنية والسرية ل " شيمون بيريز " واخوته الى بعض العواصم العربية. فسنقف له احترامآ وتقديرآ.
ان على العرب واجب اخلاقي وانساني وقانوني اتجاه العراقيين وهو بمثابة الالتزام وليس الصدقة والتفضل. لان بعض العرب شركاء أصيلين في التسبب لمعاناة العراقيين في زمن النظام السابق او حتى في وقتنا الحالي. لذلك سيكون من المضحك المبكي ان تطالب بعض الدول العربية بديونها المزعومة على العراق!! اعتقد جازمآ ان عليهم ديون للعراق من دماء ابنائه يجب ان يردوها بشكل اقل وطئة من خلال الغاء مزاعم الديون وصرف مبالغ كبيرة وواضحة لاعمار العراق. وثم الالتفات وبقوة الى شريحة المعوقين بسبب حروب العرب في العراق. وان يتم ذلك من خلال بناء دور وشقق سكنية ذات مواصفات عالمية خاصة لااصحاب الاحتياجات الخاصة من المعوقين ومااكثرهم وأوفرهم في بلاد الرافدين التي تكاد تكون بلاد المعوقين. وايضآ التعاقد لتزويدهم بسيارات شخصية تناسب نسبة ومكان العوق. اضافة الى توفير دوائر ومعامل عمل تناسب وضعهم الصحي والنفسي.
وفي كل هذا وغيره من المفترض ان تقدمه الدول العربية الغنية الى العراقيين فهم ليس متفضلين، بل هذه ديون انسانية واخلاقية وتاريخية قد استحقت عليهم. ثم ان حدائق الحيوان التي يتبرعون لها وبناء مساجد في دول الاتحاد السوفيتي السابق و مساجد القرن الافريقي والتي تعد بالمئات ليس افضل من العراقيين و لاحتى مشاكل الفلبين التي تحل باموال عربية وبشكل عبثي وصلت الى " الاخ " ابو سياف ولاجبال افغانستان سابقآ ولا لاحقآ ولاالبوسنة والهرسك ولاالشيشان أحق من العراقيين بهذه المواقف من بعض الدول العربية. أن العراق أحق بهذه المواقف وبكل جدارة وبلا تفضل او منة من احد.. ولن نقول شكرآ لكم بل سنقول مبروك لانكم ساعدتم على تحول العراق من بلاد الرافدين الى بلاد المعوقين.. فالف تهنئة والف مبروك لكم.
محمد الوادي