انتخابات البعثيين!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها لا تتوقع أن تكون الانتخابات النيابية التي ستجري في سورية في 22 أبريل/ نيسان حرة ونزيهة.
وقال شون ماكروماك الناطق باسم وزارة الخارجية إن الرئيس بشار الأسد لم يف بتعهده بالإصلاح السياسي عند تسلمه السلطة بعد وفاة والده الرئيس الراحل حافظ الأسد عام 2000، وهو ما يعني أن حزب البعث سيواصل الهيمنة على الحياة السياسية في سورية.
وقد صدر بيان فيما بعد عن الخارجية الأمريكية يعرب عن القلق من أن "النظام السوري سيخذل شعبه مرة أخرى". وواقع الحال أنه رغم ان بيان وزارة الخارجية يصدر من خلفية العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة وسوريا الا انه لم يخرج عن نطاق الحقيقة وهو-للأسف - تعبير صحيح لأن القاء خلفية على التطور السياسى السورى تؤكد ذلك.
فمنذ استقلال سوريا في إبريل عام 1946 شهدت العديد من الانقلابات العسكرية والتي وصلت إلى تسعة انقلابات كلها كانت من اجل الوصول للسلطة ودعم النظام السياسي لصالح طائفة من الطوائف والشرعية في النظام السياسي السوري هي بالأساس شرعية أيديولوجية تقوم على نظام الحزب الواحد حيث يسيطر حزب البعث على الحكم والحياة السياسية رغم وجود أحزاب أخرى ثم صارت الشرعية السياسية تعتمد على الزعامة الشخصية لحافظ الأسد مع استمرار الشرعية الأيديولوجية. في عام 1963 تولى حزب البعث الحكم في سوريا والعراق وشعار الحزب هي الوحدة والحرية والاشتراكية وهى أهدافه المعلنة الشرعية الأيديولوجية لحزب البعث مهتزة لفشل الحزب فى تحقيق اهدافه كما أنـه لم يستطع المحافظة على الوحدة التنظيمية والفكرية ولم يحولها الى تنظيم ديمقراطى بل حولها الى تنظيم حزبى عسكرى والأفكار البعثية كانت ذريعة للوصول الــى السلطة عبر الجيش ومنظر الحزب " ميشيل عفلق" كتب عدة مقالات كان كل هدفها هو " التنظيم" لكيفية الوصول الى السلطة.
تمثلت بداية حزب البعث في حلقة سياسية فكرية أطلق عليها الأحياء العربي أو البعث العربي بزعامة ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار في أواخر الثلاثينات وأوائل الأربعينات، وقد استولى الرئيس الراحل حافظ الأسد على السلطة في سوريا في 13/11/1970 وصار رئيساً للجمهورية عام 1971، ويلاحظ هنا أنه من أبرز المعالم المميزة للنظام السياسي السوري وأحد أبرز سمات هذا النظام منذ سيطرة حزب البعث على السلطة عام 1963 هو الترابط الاستثنائي في العالم بين حزب عقائدي قوى وزمرة عسكرية تطورت فيما بعد إلى تنظيم عسكري فعال وبينما أسس العسكريون النظام وصانوا وجوده، أمده الحزب بعقيدة تضفي الشرعية وبه مجموعة من العناصر الإدارية النشطة الموالية للحزب وبإطار من النشاط السياسي المتمتع بالمؤسسية، تمتع العسكريون بسيطرة تامة على الحزب وحولوه إلى أداة طيعة لهم، ولكن هذا لا يعنى أن حزب البعث العربي الاشتراكي هو أكثر التنظيمات السياسية العربية اهتماماً بالهيكل التنظيمي وبالمقومات التي يعمل التنظيم الحزبي على أساسها وإتقانها لأساليب التحايل وحدود وسائل القهر التي تمتلكها ومدى استعدادها لاستخدام تلك الوسائل للحصول على - ثم حماية - مراكزها النخبوية الحاكمة في المجتمع السياسي بالإضافة إلى أن النخبة العسكرية تتميز بالتماسك العضوي الشديد لأفرادها بحكم انتمائهم للأقلية العلوية وسط أغلبية سنية كبيرة محكومة، حيث يشكل المسلمون السنة 68% من مجموع السكان ويأتي بعدهم المسيحيون بطوائفهم المختلفة ثم العلويون بنسبة 12% وتتقاطع مع تلك الخريطة الدينية أخرى عرقية حيث 5ر8% من السكان أكراد و4% تركمان و3% شراكسة وإذا ما أضفنا عامل اللغة، فإن الذين يتحدثون العربية يشكلون في سوريا أغلبية لا تتجاوز 4ر57%.
لم يجد العلويون وسيلة للحراك الاجتماعي لتحسين أوضاعهم - كأقلية - سوى التعليم والقوات المسلحة وتنظيم أنفسهم مؤسسيا وأتاح لهم حصول البلاد على الاستقلال في عام 1946 والتوسع الكبيرة في فرص التعليم العام، فأقبلوا عليه ثم جاءتهم فرصة أخرى بعد هزيمة 1948 التي دفعت الحكومة السورية إلى زيادة أعداد المقبولين في الكلية العسكرية سعيا لزيادة عدد أفراد الجيش السوري ليتيح لهم ذلك وسيلة للحراك الاجتماعي ثم جاءت التحركات التجتيدية للرواد الأوائل لحزب البعث لتتيح لهم مكانة متميزة داخل المؤسستين البعثية والعسكرية وسرعان ما تخلص العلويين من أغلب أبناء الطوائف الأخرى في تلك المؤسستين عبر عمليات التطهير التي سادت بعد الانقلاب العسكري عام 1963، الأمر الذي أتاح لشخص علوي أن يحكم سوريا للمرة الأولى في تاريخها ولأطول فترة في القرن العشرين وساعد على ذلك أن العلويين المنتشرون في مراكز السلطة الحساسة في سوريا وكثيراً ما أظهروا قدراً من التعاضد الطائفي وإعطائه الأولوية على حساب الولاء الوطني ككل رغم ما يعلنه القادة البعثيون من أنهم يعتبرون أنفسهم فوق الطائفية والانقسامات المذهبية والدينية، وبرهن على ذلك خبرة الصراعات على السلطة حيث حرص العلويون باستمرار على التحكم في مصادر المعلومات وموارد التنظيم من أجل القيام بانقلاب ضد نظام الحكم الذين يختلفون معه أو يعارضونه
وبعد وفاة الأسد اخذ الحزب فى الاهتراء اكثر واكثرنتيجة ضغط الظروف الداخلية وعجز النظام عن تحرير باقى التراب الوطنى أى الجولان بل تكالبه لعقد صفقات مشبوهة مع الاسرائيلى المحتل بل وصل الاهتراء الى حد عرض التنازل عن بحيرة طبرية لأجل البقاء فى الحكم بل وراح يلعب لعبة خطيرة تعرض استقال البلد للمجهول بموافقته على انشاء قاعدة روسية فى ميناء طرطوس السورى وراح الرئيس الابن الوارث للحكم الغير مجرب فى بعثرة الاوراق الاقليمية الرابحة التى جهد والده فى جمعها وساءت علاقات سوريا مع الجميع بعد تورط النظام على ما يبدو بقوة فى اغتيال الحريرى واضحى النظام جزءا من المشاكل فى المنطقة بدلا من ان يكون جزءا من الحل.وخالف الرئيس المفتقد الخبرة كل ما وعد به من حريات لأن لا قوته الداخلية ولا اوراقه الاقليمية تتيحان له الاطمئنان الى اتخاذ قرارات شجاعة لصالح شعبه لانعدام الثقة بين الجانبين وفى سياق كهذا علينا ان نستنتج نوعية الانتخابات التشريعية القادمة والقطع بأنها انتخابات غير شفافة وغير نزيهة.
د. عبدالعظيم محمود حنفى
خبير الدراسات الاستراتيجية مدير مركز الكنانة للبحوث والدراسات القاهرة