مافيا دولة طالبان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لك ان تدين الجماعات الارهابية المجرمة التي استباحت الدم العراقي دون تمييز، وانت محق في ذلك، فمن يفجر نفسه، اويفجر مركبة بين المدنيين، معتقدا ان الله يبارك فعلته فهو ظال ويستحق لعنة الله والناس.
ولك ان تدين فقهاء الارهاب وعرّابيه، ففقهم غريب عن تعاليم الاسلام وروح القران
ولك ان تتهم الصداميين بهذه الجرائم البشعة، فطبيعة العمليات الارهابية اقرب لطبيعة الصداميين كما خبرناهم
ولك ان تتهم الحكومة المختبئة بين حصون المنطقة الخضراء بكل التهم بما فيها تهمة التقصير في حماية امن وارواح الناس، فهي حكومة المنازلة الطائفية البغيضة، ولك ان تقول لها: فيك الخصام وانت الخصم والحكم.
ولكن ماذا تقول للذين يدفعون الناس الى التحشد في اماكن يصعب حمايتها ويسهل اختراقها من قبل الارهابيين وهم يعلمون علم اليقين ان في العراق ارهاب، وان فيه فكر تكفيري، وان فيه مجرمون عتاة يتلذذون بمنظر الدماء ويعتبرون ضحاياهم الابرياء قرابين تعبّد طريقهم الى الجنه...؟
ماذا عن عبد العزيز الحكيم، وعمار الحكيم، ومقتدى الصدر، والحسني الصرخي، واليعقوبي...ماذا عن كل اؤلائك السياسيين المعممين الذين زجوا بكل امكانياتهم المالية ( مجهولة المصدر ) من اجل ان تتضخم ( تظاهرات) الاربعين الحسينية لتكون مصداقا لادعاءاتهم باحتكار تمثيل الشيعة.... رغم علمهم المسبق بان ثمة من ينتظر مثل هذه الفرصة لسفك المزيد من دماء الابرياء؟
لا لا..لاتزج باسم السيد السيستاني. فلولا توصيته ( التي جاءت على الضد من رغبة وتخطيط العمائم المتحزبة) للزوار المبكرين بالقدوم الى كربلاء، باتمام طقوس الزيارة الاربعينية قبل موعدها والعودة للديار لافساح المجال امام القادمين الجدد، لكان الحشد الأربعيني لاتستوعبه ارض كربلاء.. نعم ان هذه الشعائر الشيعية ليست اختراعا حكيميا او صدريا او صرخيا او يعقوبيا.. انها( مخترع) قديم له قدسيته عند الملايين من ابناء المذهب الشيعي ويجب احترامها مثلما يجب احترام كل الشعائر الدينية لكل الاديان والطوائف والمذاهب بغض النظر عن راي أي احد فيها، وليس لاحد ان يحاربها او يمنعها او يسبب أي اذا لمن يمارسها.
وليس في نية كاتب السطور انتقاد المسيرات الأربعينية او انتقاد ممارسيها، بل انتقاد من يحاول استغلالها لمصالحة السياسية الانانية الدنيوية، وانتقاد من ينسى مهمة السياسي، الذي اصبح رجل دوله مسؤلا عن حياة الناس وامنهم، فيساهم في تضخيم اعداد الزوار وهو يعلم ان امكانيات حكومته اضعف من أن تحمي ملايين تم حشرهم في يوم واحد في مساحة لاتستوعب 1% منهم في ظرف يشتد فيه الاحتقان الطائفي... ولماذا لم يفكر هذا السياسي المعمم بمصلحة الوطن ليقول لنفسه ان الخائفين من( الهيمنة الشيعيه) بحاجة الى من يطمئن خوفهم لا الى من يزيد قلقهم بعملية استعراض للقوة معروفة اهدافها السياسية.
لست انا من يقول ذلك،عمار الحكيم من اعترف بان هذا الاستعراض له اهدافا سياسية حيث قال امام الحشود المتوجه لكربلاء سيرا على الاقدام:
(( ان من يسعى لان يجرد هذه المسيرة من مداليلها السياسية فهو مخطئ لانها مسيرة ظلت على مر التاريخ تحمل دلالات سياسية واسعة ومهمة اذ انها كانت تعبر عن الرفض للظلم والعدوان والهوان والتأثر بالضغوط الخارجية وبالهيمنة من الآخرين ولذلك كانت مثار قلق للطغاة والعتاة على مر التاريخ.. ان العراقيين يخرجون بهذه المسيرة الان ليتحدوا الارهاب الاعمى ( 1 ) )). غير ان أي مبتديء في علم السياسة يدرك ان الاهداف السياسية الحقيقية التي يخفيها الحكيم ( تقية ) هي استغلال هذه المسيرات لاغراض حزبية من خلال تصوير نفسه بانه الوكيل الحصري لكل المشاعر الحسينية سواء مايفيض منها عفويا كلما حلت مناسبة الاربعين او ماتم حشده هذا العام بوسائل مختلفة بعضها مفبرك او مستورد( تم توزيع فلم فيديو قصير من خلال الهواتف النقالة يظهر اشتعال طباخ غازي، في احدى المواكب الحسينية، بدون قنينة غاز!!!)، كما ( وانه السياسي النجم ) يدرك، او يفترض انه يدرك، ان الارهاب الاعمى اتسعت مدياته بسبب الشحن الطائفي، الذي لاتبرأ اطراف (الأئتلاف) من تهمة المساهمة في تسعيره، وان مصلحة الوطن تستوجب، في اقل مستويات المسؤلية الوطنية، عدم الظهور بمظهر الناطق الرسمي باسم زوار الحسين او بلعب دور الراعي لتلك المسيرات كي تبقى تراثا لكل العراقيين لاملكا صرفا لآل فلان وفلان، وحتى لايفهم منها انها استعراض سياسي لقوة طائفة بمواجهة طوائف اخرى...
سأستعير قول الكاتب المتنور المعروف برهان غليون (( أن الطائفية لا ترتبط بمشاعر التضامن الطبيعي بين البشر المنتمين إلى عقيدة واحدة او رابطة قرابة طبيعية، وليست حتمية، أي أمر نابع مباشرة من الاعتقاد والانتماء والقرابة لمجرد وجودها. إنها استراتيجية سياسية، أي خطة للاستفادة من التضامن الآلي الذي تنشؤه علاقات القرابة المادية أو المعنوية والعقيدية بين الأفراد من أجل تحقيق أهداف ليس لها علاقة بأسباب القرابة ولا بغاياتها، من دون أن يعني ذلك أن تحقيق الاهداف الجديدة لا يمكن أن يؤثر على بنية هذه القرابة وحدود نفوذ الجماعة النابعة منها ومركزها. فالطائفية هي النموذج الأوضح لاستخدام الدين والعصبية القرابية في السياسة، والنظر إلى الجماعة الدينية من حيث هي جماعة مصالح خاصة، لا من حيث هي أفراد يبحثون عن نشر رسالتهم الدينية. وهي تقود إلى إفساد السياسة التي تختلط بالقرابة وتفقد طابعها المدني الشامل الذي يجعلها إطارا مفتوحا على جميع أصحاب العقائد الدينية، كما هو الحال في الأحزاب السياسية. كما تقود إلى إفساد الدين الذي تحول جماعته إلى مجموعة محاربة من أجل مصالح دنيوية وتضطر إلى إعادة تفسير العقيدة نفسها بما يبرر السيطرة والعدوان والسطو على مصالح الجماعات الأخرى. (2) )) لأوضح ان المشكلة ليست في مسيرات الناس الى كربلاء بل في ستراتيجية الأحزاب الاسلاموية للأستفادة من هذه المسيرات لتحقيق اهداف ليس لها علاقة بمشاعر السائرين باقدامهم مئات الكيلومترات من اجل زيارة الحسين.. ان هذه الاحزاب تسعى، ضمن ماتسعى الية، استغلال هذه المسيرات( وعدم الاكتراث باي اذا سيلحق بالزائرين كما حدث في مأساة جسر الأئمة) في عملية الشحن الطائفي التي يرون فيها سر ديمومتهم وركيزتهم في تنفيذ مشاريع الانفراد بالمناطق الشيعية ( فدرالية الوسط والجنوب)..
نعم،ان هذه المسيرات بحد ذاتها لاتشكل أي خطر على امن وسلامة العراق، بل يمكن ان تقوي لحمته الاجتماعية، ووجود الشيعة كطائفه وكطقوس وممارسات دينية يساهم في اضافة جمال ورونق على لوحة الموزائيك العراقية، غير ان الخطر كل الخطر في هذه النخب الطائفية ( سنية وشيعية) والتي تحاول تاجيج المشاعر الطائفية، وكما يقول برهان غليون فأن (( الطائفية استراتيجية مرتبطة بالنخب الاجتماعية المتنافسة في حقل السياسة ومن أجل السيطرة واكتساب المواقع، سواء أكان ذلك داخل الدولة أو على صعيد توزيع السلطة الاجتماعية، بالدرجة الأولى. ولا يمكن لأي ديناميكية طائفية، ومن باب أولى حرب طائفية، أن تنشأ أو تندلع من دون وجود نخب طائفية، أي من دون تبني النخب الاجتماعية، كلها أو بعضها، لاستراتيجية طائفية والتعبئة على أساسها (3) )). وحين يقف رجال السياسة المعممون خطباء امام حشود الزائرين، كما فعل عمار الحكيم، فان هدفهم ليس نيل الثواب الاخروي، بل نيل ثوابا اخر هو دنيويا صرفا، انهم يشحنون بضاعتهم في المركب الطائفي، وهي ببضاعة ضاهرها الحرص على مصالح اهل ( الوسط والجنوب ) وباطنها تحقيق مصالح حزبية ضيقة ومشبوهه... ان عمار الحكيم ورهطة يحاولون ايهام الرأي العام بان هذه الحشود ماجاءت الا لتجدد البيعة لهم، او انهم الناطقون( الألاهيون) باسم كل هذه الحشود والممثلون لمصالحها.. ان وقوف عمار الحكيم ( وليس السيد السيستاني او من يمثله ) خطيبا بحشود الزائرين اساء لأهداف الزائرين الدينية... انه يمثل تطفل الشره السياسي على مائدة النقاء الديني.
( 1 ) ايلاف - العدد2117
(2) الحوار المتمدن - العدد 1840
(3) نفس المصدر السابق
خالد الناصري