أصداء

السوريون أثبتوا أن الحرية ليست شرطا ً للإبداع

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

دائماً تتردد مقولة ان توفر الحرية شرط للابداع وتؤخذ هذه المقولة بأحتفاء كبير وتقبل كبديهية لاتقبل النقاش، ولكن نجاح الدراما السورية الرائع أثبت بطلان هذه القاعدة وقدم لنا برهانا قويا على تعايش الدكتاتورية والقمع والابداع!

فمنذ عقد التسعينات والمسلسلات السورية تضخ انتاجها الى شاشات التلفزيونات العربية بمستويات فنية ابداعية متقدمة جدا لم يشهده تاريخ الفن العربي من قبل مطلقاً رغم انعدام الحرية وقمع السلطة الدكتاتورية وتخلفها وهمجيتها.

ترى ماالذي جعل الفنان السوري يبدع كل هذا الابداع وهو يعيش في بلد يرزح تحت هيمنة سلطة وحشية كنظام البعث السوري؟

بشكل عام الانسان يتعامل مع الحرية بصورة شاعرية رومانسية فيها الكثير من الخيال والأوهام وخداع الذات من ان الحرية لديها كافة الحلول السحرية الاعجازية التي تخلق الانسان السوبرمان الخارق، فنحن نحمل الحرية أمنياتنا وأحلامنا الكبيرة وهذا ناتج عن حالة القمع والحرمان الذي نعيشه والذي يضخم من حجم الأشياء المفقودة ومنها الحرية.

فالحرية ليست كل شيء، والدليل على هذا توفر الحرية في مصر ولبنان والامارات العربية .. ومع هذا لم نشهد أبداعاً فنياً بمستوى الابداع السوري وتألقه.

بالنسبة للفنان السوري نجده قد وظف موهبته و تعامل مع الفن انطلاقا من موروث العقل التجاري السوري الذكي الذي يجيد أبرام الصفقات بماهرة ممتازة .. اذ تعامل الفنان السوري مع الفن كصنعة وتجارة اذا اراد لها النجاح في سوق العرض فيجب عليه أتقان صنعتها وتقديمها للمشاهد بأروع ما يكون، وبهذه النظرة الواقعية البعيدة عن الشعارات الطنانة نجح المنتج والمخرج والمصور والممثل في كسب قلوب المشاهدين العرب وجذب الكثير من الطلبات على انتاج الدراما السورية.

لقد أحتال الفنان السوري أولا الامر على الرقابة بالتوجه نحو الاعمال التاريخية وكان يمارس عملية أسقاط تاريخي على الحاضر، ثم بعد أن احرزت الدراما السورية نجاحات هائلة أجبرت السلطة على تخفيف قبضة الرقابة على انتاج مسلسلات اجتماعية من الواقع السوري اليومي، واصبحت عملية انتاج الدراما جزء من النشاط الاقتصادي السوري المربح.

من الصور الرائعة التي تقدمها لنا الدراما السورية .. هي تواضع الفنان السوري، اذ نشاهد مجموعة من كبار النجوم والنجمات يشتركون في عمل واحد مهما كانت أدوارهم صغيرة، وهذه الميزة تنفرد بها المسلسلات السورية التي ترفض الوقوع في فخ النجم الاوحد.

ختاماً لولا مرارة تجربتنا الدامية كشعب عراقي مع أوهام الديمقراطية .. لما أستطعتُ النظر الى الدراما السورية بهذا المنظور الواقعي المتجرد من الرومانسيات والشعارات ... وأرجو ألا يفسر كلام على أنه لصالح الدكتاتورية وانما تظل الحرية حلم انساني جميل وضروري لكافة لشعوب.

خضير طاهر

kodhayer@netzero.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف