وجهة نظر اميركية حول الصراع العربي الاسرائيلي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
منذ زمن ليس بقصير كلفنا دكتور الأدب الإنجليزي في إحدى جامعات منطقة واشنطن بقراءة قصيدة روبرت فروست "الطريق غير المسلوك" لمناقشتها. مفاد القصيدة أنك إذا أخذت الطريق المسلوك فإنك ستصل إلى المكان المعهود ، ولا عتب من الإقدام على استكشاف طريق جديد فربما يجلب لسالكه الخير الكثير. كان العصر غير العصر ولكن هذه الحكمة صمدت أمام تحديات الزمن وخير شاهد على ذلك الشعب الأمريكي الذي لا يثنيه عن الاختراع والاستكشاف والتقدم رتابة العادة ولا ملل المعهود. ربما أمكن لإخوتنا في فلسطين الاستفادة من نفس الدرس الذي تعلمناه من فروست.
لم تستطع الإستراتيجية الفلسطينية على مر العقوق الماضية تحسين أوضاع الشعب الفلسطيني ولا تأسيس الدولة الفلسطينية بل على العكس كلما ازداد نشاطها المسلح ضراوة كلما ازداد حال الشعب الفلسطيني سوءا. ذلك يدعونا إلى النظر مرة أخرى إلى قصيدة فروست لنرى أن اختيار الطريق ذاته يؤدي إلى المكان المعهود (معاناة الشعب الفلسطيني). ولكن فروست يدعونا إلى النظر إلى الخيار الآخر ،،، الخيار غير المعهود ،،، الخيار الجديد ،،، الخيار الذي قد يخيفنا أو يقلقنا قليلا ،،، الخيار الذي نتجنب التفكير فيه ،،، خيار السياسية والدبلوماسية.
للشعب الفلسطيني حق العمل على تأسيس دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ولكن للإستراتيجية المستخدمة للوصول إلى ذلك تأثير كبير على قصر أو طول زمن تحقيق ذلك الهدف. الولايات المتحدة والمجتمع الدولي يساندون تأسيس الوطن الفلسطيني من خلال حل الدولتين. نحن لا نعتقد أن الوضع الحالي يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني ولا الإسرائيلي. تبعات الاضطراب الأمني بين الفلسطينيين والإسرائيليين تتسبب في أعراض سلبية تتخطى الحدود الجغرافية للمنطقة. هذه الآثار السلبية لا تفيدنا بل تعارض مصلحة الولايات المتحدة. نرغب في استتباب الأمن والاستقرار بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، والمستفيد الأول هم أبناء الشعبين ومن ثم المجتمع الدولي من خلال تحسن البيئة الأمنية لمنطقة الشرق الأوسط.
حماس أصبحت تقود الشعب الفلسطيني من خلال انتخابات ديمقراطية خاضتها بوعود محاربة الفساد وهو وعد نبيل. نحن ندعم الديمقراطية كنظام سياسي ولكن ذلك لا يعني أننا سنساند كل قرار يصدر عن أي حكومة منتخبة ديمقراطيا. وللتنويه لدينا خلافات مع حكومات أوروبية انتخبت ديمقراطيا حول بعض القرارات السياسية والاقتصادية على سبيل الذكر. بالنسبة لحماس فقد أعلنت صراحة أنها لن تلتزم بالمعاهدات والاتفاقيات التي وقعتها الحكومة الفلسطينية السابقة. نحن نعتقد أن ذلك خطأ كبير ونرى ذلك الرفض على أنه فشل في الالتزام بالمسؤوليات المناطة بالحزب القائد للحكومة الفلسطينية. فأي حكومة فلسطينية تنقض العهد الذي قطعته على نفسها ستلقى ذات ردة الفعل من الإدارة الأمريكية.
نحن لا نطالب بشيئ جديد ولا بتقديم تنازلات من الطرف الفلسطيني ، ما نريده هو تفعيل محادثات السلام من نقطة الاتفاق الأخيرة. تعنت حماس يشير إلى عدم جديتها في العمل من أجل السلام أو التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية. حماس لم تعد حزب معارضة ، ففي دورها القيادي الحالي أصبحت مسؤولة عن مصير الشعب الفلسطيني بأكمله. سياسة المعارضة ربما تنجح على المستوى المحلي ولكن الاكتفاء بالمعارضة لن يحقق أي تقدم لصالح القضية الفلسطينية على مسرح السياسة الدولية. يجب أن تعي حماس أن الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي لن يدعما قيام دولة فلسطينية مبنية على أساس إبادة إسرائيل.
حال عودتنا إلى نقطة البداية - أي نقطة الاتفاق الأخيرة بين الفلسطينين والإسرائيليين - حينها يمكننا التقدم باتجاه سلام عادل وشامل. لن نخفيكم سرا ، فاهتمامنا بشمولية السلام وعدالته مبني على أسس عملية ، الغاية منه طي صفحة الصراع كي لا يعود الطرفان إلى النزاع. هدفنا يتركز في مساعدة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على تحقيق اتفاق سلام حقيقي وليس هدنة مؤقتة. ذلك المبدأ هو أساس تعاملنا مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. نحن نتعامل مع المتغيرات على أرض الواقع في لحظة ما في تاريخ هذا الصراع ولكن طبيعته الديناميكية المتغيرة تقودنا إلى الوقوع في فخ التجاوب مع المستجدات المتتابعة والمواقف المتغيرة لأطراف الصراع بشكل دائم ومستمر. يجب علينا أن نتحرر من التجاوب مع الحدث ومن قيود البقاء في دوامة "رد الفعل" إلى أخذ زمام المبادرة من أجل تفعيل محادثات السلام.
ولكن من جهة أخرى تبقى مبادراتنا عقيمة إلا إذا تماشى معنا أصحاب القرار ، أي الفلسطينيون والإسرائيليون. أنا على علم بأن السواد الأعظم من القراء الكرام يعتقد بأن لدينا المقدرة على حل القضية الفلسطينية متى شئنا ، لكن مع الأسف ذلك ليس صحيحا وليس لدينا عصا سحرية لحل الصراع. السبب وراء ذلك أن الولايات المتحدة ليست طرفا متنازعا في هذا الصراع ، نحن طرف خارجي لا يملك صلاحية فرض قرارات مصيرية على أي من الطرفين المتصارعين. فقط الفلسطينيون والإسرائيليون يملكون صلاحية البت في القرارات النهائية. أما عن مسؤوليتنا تجاه حل الصراع فهي مسؤولية أخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني لمساعدته في الحصول على حقوقه من خلال تأسيس دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وقابلة للحياة تعيش على أراضيها بجانب إسرائيل في أمان وسلام كي تصبح دولة مزدهرة اقتصاديا وقادرة على الوفاء بمسؤولياتها لأبناء شعبها وملتزمة بتعهداتها المقطوعة أمام المجتمع الدولي.
وبما أننا جميعا نسعى من أجل مستقبل أفضل يجب على الفلسطينيين أن يدركوا أن كل يوم يمر دون إحراز أي تقدم باتجاه اتفاق سلام يسلب منهم فرصة للمساومة والمقايضة على طاولة النقاش. وإذا انعدمت ثقتهم في الطرف الإسرائيلي فبإمكان الفلسطينيين إرغامهم على المجيء إلى طاولة النقاش بإبدائهم حسن النية. لقد شهدنا فوات الفرص مرات عدة ولكن ليس هناك عذر الآن فرسالة فروست مازالت صادقة تحث الفلسطينيين على الإقدام على حل الدولتين والسلام العادل والشامل ،،، طريق السياسية والدبلوماسية ،،، طريق الأمل ،،، طريق الدولة الفلسطينية.
وليد جواد
فريق التواصل الالكتروني في وزارة الخارجية الاميركية