أين فلوس العراقيين!؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بعيدآ عن الثروات التي بددت وسرقت في عهد صنم العراق السابق خلال عقود طويلة.. وايضآ بعيدآ عن المليارات التي سرقت في عهد الحاكم الامريكي المدني بريمر فهذه كلها معروفة وليس حاجة لنا بها الان في موضوعنا هذا. سوال عراقي محلي وشعبي يطرح نفسه بشكل عفوي بعيدآ عن المفردات والمصطلحات الاعلامية والرسمية او الاكاديمية. السؤال يقول " اين فلوس العراقيين!؟ " منذ تاريخ سقوط النظام السابق في نيسان 2003 وحتى يومنا هذا ونحن في النصف الاول من عام 2007.. لقد بيع فقط من نفط العراقيين خلال هذه الفترة مايعادل حوالي ثمانين مليار دولار عدآ ونقدآ. ناهيك عن الموارد المالية الاخرى التي لانريد ان ندخل في تشعباتها في هذه الاسطر حتى لايضيع " الخيط والعصفور " كما يقول المثل العراقي.
لكن هذه المليارات ليس لها اي بصمة ايجابية على حياة العراقيين لامن بعيد ولامن قريب. بل لاابالغ اذا قلت ان لها بصمات سلبية جدآ في بعض جوانب الحياة الاجتماعية والسياسة العراقية. ان مليارات العراقيين لم يشعر ابن العراق ولم يستفاد منها بشكل ملموس. فاذا اصابته شظية من احدى قنابل الارهاب الدموي اليومي فان افضل مكان مخصص له في اي مستشفى هو افتراش الارض ودمائه تنزف. وابن العراق لايستلم حصة غذائية كاملة منذ اشهر، بل ويستلم اسؤ المواد الغذائية ومن اردء المصادر. وابناء العراق مازالت وجوههم صفراء كالحة يحيط بها التعب والعوز الواضح والصارخ من طريقة المأكل ونوعيته المتواضعة وحتى نوعية الهندام والملابس التي يرتديها. وابن العراق على ابواب ان ينسى شيء اسمه كهرباء وهو يعيش في الالفية الثالثة. ونفس الشيء ينطبق على الماء والنفط والوقود وكل متطلبات الحياة الاخرى. وابن العراق ليس عنده مدرسة ولاكلية او جامعة مثل الاخرين وغيرها الكثير من مفردات الحياة اليومية المفقودة والنادرة في بلاد الرافدين وبلاد احتياط النفط الاول في كل الكرة الارضية!!
الغريب ان كل نقاشات السياسين والبرلمان العراقي لاتصل الى هذه النقاط التي تخص حياة الناس لامن بعيد ولامن قريب!! وايضآ لاتدخل بها مسائل ساخنة مثل تقسيمات الشيعة والسنة!! وهذه النقطة الاخيرة جدآ ايجابية، لكن سلبيتها تكمن في معرفة الاسباب الحقيقة لان مثل هذا التوافق الاستثنائي هو دليل شر وبلية لاتغتفر. فهو بالعربي الفصيح توافق بالسكوت على هذا الهدر بثروا ت العراقيين. وطبعآ وبالتاكيد ثمن هذا السكوت الشيطاني والتوافق المشبوه ان كل الذين يسهمون به هم شركاء اصلاء في السرقات والاختلاسات. ومن الادلة الاخرى هذا السكوت المريب في البرلمان على الذين اختلسوا المليارات وثبتت عليهم التهم بشكل قانوني مثل حازم الشعلان وزير الدفاع الاسبق وايضآ مثل ايهم السامرائي وزير الكهرباء الاسبق الذي هرب من السجن ويطل علينا بين فترة واخرى بلقاء تلفزيوني واخرهم مشعان الجبوري الذي كان اقصى اجراء بحقة هو رفع الحصانة عنه ليس الا.. اما راتبه البرلماني فما زال يصل اليه مع التحية كل نهاية شهر. وايضآ مازال يحتفظ هو وابنه بعدة افواج من الذين يطلق عليهم حماية المنشاءات. ولابد من الاشارة ان في كل الحكومات الثلاثة التي تشكلت بعد عام 2003
" علاوي والجعفري والمالكي " يوجد مختلسين كبار من النوع الذي أعاث فساد وخراب ودمار بكل مقدرات البلد وطموحات العراقيين وهولاء هم اما وزراء او اعضاء برلمان!! وغيرهم الكثير من الحاشيات والدرجات الوظيفة البارزة في دوائر الحكومة والبرلمان و التي اصبحت لاتعد ولاتحصى من " حرامية " المال العراقي.
أن العراقيين اليوم مثلما كانوا في عهد الصنم السابق. وبعد حوالي اربعة سنوات مازالت اسواق الملابس المستعملة " البالات " هي الطريق الامثل والاسهل الى أجساد غالبية ابنائهم. كما أن شوارع العراقيين تغص اليوم بكل سكراب وخردة السيارات المستعملة والقديمة في كل الكرة الارضية حيث اصبحت مدن العراق حاضنات كبيرة لهذه السيارات المستهلكة. لكن بنفس الوقت ليس من العسير اثبات بعض علامات السرقة والاختلاس من " فلوس " العراقيين والتي تحولت الى بيوت فخمة او عمارات شاهقة وسط أرقى العواصم الاوربية او في عمان ودبي والدوحة والشام!! ولصالح اشخاص نعرف أدق تفاصيل امورهم المادية والاقتصادية قبل السقوط وهي كانت حالة مادية متواضعة قد تلامس حدود الفقر والعوز، فكيف تحول هولاء خلال اشهر من فئة سمك " السليمون " الى فئة حيتان المال. الجواب بالتاكيد انهم دخلوا الى خانة " حرامية بغداد الجدد ". الذين ملئوا امكنة وفراغات حرامية بغداد السابقين من أزلام عهد الصنم الساقط. الفرق فقط في الشعارات فالحرامية القدماء كانوا يسرقون بمركب " القومية العربية " والحرامية الحالين الجدد يسرقون بمركب " الديمقراطية "!! لكن الضحية هم العراقيين الذين شغلهم النظام السابق بالحروب والقادسيات وغزو الكويت و شغلهم الحرامية الجدد بطرق الطائفية المقيته.
فمن هو هذا الغائب البعيد في عراق اليوم والذي يسمى " الشريف المخلص الوطني الانسان " الذي يشن حملة على الفساد المالي. ويقدم الجميع الى المحاكم. ويقوم بتاسيس موقع الكتروني متاح امام الجميع لمراقبة الوارد والصادر من ثروات العراقيين وطرق وأليات الصرف، وهذا حق قانوني ودستوري للعراقيين تكفله كل شرائع السماء. ومن هذا الذي يقوم بحملة لمنع وحرق كل بالات الملابس المستعملة ورفع السيارات القديمة من الشوارع ولاينام الليل دون ان يوفر الأمن و الماء والكهرباء والطعام والملبس الذي يليق بالعراقيين وبالشخصية العراقية المميزة وبتاريخ هذا البلد العظيم الذي يذرف دموعآ من دم ومن اجساد ابنائه كل يوم. بل وكل ساعة. انها معضلة كبيرة ومعقدة ومتشابكة وفي زمن صعب على العراقيين الكرام.
محمد الوادي