أصداء

الجزيرة غير عميلة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كتاب هام يبريء الجزيرة من العمالة رغم الأجندات

عرض ومراجعة مختصرة لكتاب "الجزيرة كيف تحدت المحطة العربية الاخبارية العالم" تأليف الاعلامي والباحث البريطاني "هيو مايلز".

كتاب: Al-Jazeera تأليف الاعلامي والصحفي والباحث البريطاني: Hugh Miles الذي يوضح ويقوّم ويعدل الصورة المشوهة الخاطئة.

منذ تأسيسها كانت الجزيرة موضع شك واتهامات واشاعات ومبالغات وأعترف انني كنت من الذين لهم تحفظ على بعض المواقف وبعض الممارسات الاعلامية.

صدر كتاب "هيو مايلز" في لندن باللغة الانجليزية اواخر عام 2005 ولكن الطبعة الأخيرة التي قرأتها لم تصل الاسواق حتى نهاية عام 2006. الكتاب يتألف من 452 صفحة وهو كنز من المعلومات والتفاصيل التي لا يمكن الحصول عليها من قراءة المقالات او مشاهدة البرامج التلفزيونية.

وبعد قراءته بعناية ونهم شديدين كتبت مقالين باللغة الانجليزية لموقعين اخباريين بعنوان "وأخيرا حصلت الجزيرة على فرصة عادلة لطرح قضيتها من خلال الكتاب".

العلاقات المشبوهة

يوضح الكتاب علاقات الجزيرة مع عناصر غير مرغوبة مثل نظام صدام حسين وبن لادن والقاعدة والتي وصفها الصحفيون والمحللون الغربيون "بالعلاقات المشبوهة".

قبل عملية ثعلب الصحراء قليلون في الغرب سمعوا في الجزيرة او اهتموا بها. قبل ذلك سطع نجم بن لادن على شاشة الجزيرة في ديسمبر كانون الأول عام 1998، وفي حزيران عام 1999 أعلنت الجزيرة عن تسجيل مقابلة حصرية معه. للكثيرين في العالم العربي يعتبر بن لادن بطلا وللغربيين الجزيرة هي بوق بن لادن الاعلامي.

في المقابلات التي أجراها "هيو مايلز"مع عدد كبير من المختصين والمعلقين والمسؤولين والصحفيين ليبحث عن معلومات لكتابه سمع مرار وتكرارا من العرب ان المحطة مشبوهة وتستهدف الانظمة العربية، ولكن في نظرالعالم الغربي الجزيرة تنفذ أجندة لنشر الكره والحقد ضد اسرائيل وأميركا.

وتصر الجزيرة انها لا تنشر الكره وليس لها أجندة ولكنها لا تتقيد أو تتعامل بالخطوط الحمراء. ومن المعروف أن تقاريرها الجريئة والمثيرة للجدل أغضبت الانظمة العربية والادارة الأميركية واسرائيل في نفس الوقت.

خصص المؤلف هيو مايلز عشرات الصفحات ليثبت ان الجزيرة بريئة من الاتهامات الموجهة للمحطة وفّند بدقة وتفصيل ما سماه بالأساطير والأكاذيب التي يتم تداولها حول الجزيرة. والأمثلة التالية تلخص ما جاء في الكتاب باختصار شديد.

تعرية الأكاذيب
طرح الكتاب عددا من الاكاذيب والخرافات الشائعة وقام بتفكيكها وتحليلها وتعريتها ليثبت عدم صحتها:

الكذبة الأولى: المحطة لا تنتقد قطر.
يقول هيو مايلز:
أستضافت المحطة معارضين قطريين في أحد البرامج واتهموا الحكومة القطرية بالتعذيب. وفي برامج أخرى انتقدت الجزيرة المسؤولين والوزراء وانتقدت بعض السياسات الخارجية لحكومة قطر.

في نوفمبر تشرين الثاني 1997 انتقدت المحطة في أحد برامجها مشاركة اسرائيل في مؤتمر قمة اقتصادي عقد في الدوحة وتم تفسير ذلك بأنه انتقاد غير مباشر لحكومة قطر. تفاصيل هذا الموضوع في صفحة 61.

وفي أحد حلقات الاتجاه المعاكس (التفاصيل على صفحة 357) ناقش البرنامج موضوع القاعدة العسكرية الأميركية في العوديد وهذا موضوع حساس في قطر. وانهال الضيوف في الاستوديو والمشاركون بالهاتف على حكومة قطر بالمسبّات والاهانات. وتتعرض حكومة قطر للانتقادات من حين لآخر في برامج الجزيرة.

الكذبة رقم 2 ان الجزيرة هي عميلة لاسرائيل

تغطية الجزيرة للانتفاضة الثانية ازعج اسرائيل. حتى ان المراقبين الاسرائيليين اعترفوا ان سيطرة اسرائيل على الاعلام قد انتهت بعد قدوم الجزيرة. (هذا قبل وصول الجزيرة الدولية الناطقة باللغة الانجليزية بعدة سنوات) وتقارير الجزيرة أيضا أغضبت المرحوم ياسر عرفات الذي أمر باغلاق مكاتبها رغم التراجع عن هذا القرار الغير حكيم. تقارير الجزيرة عن الانتفاضة ساهمت في تعبئة الشعوب العربية خلف النضال الفلسطيني. وبنفس الوقت تعرضت المحطة لاتهامات بالتخريب وانها اداة بيد الموساد ولكن شارون نسف هذه الكذبة عندما وصف الجزيرة بالبوق الرسمي للارهابيين واتهم المحطة بنشر دعاية الارهاب.


الكذبة رقم 3 الجزيرة اداة في يد السي آي ايه CIA

في شباط فبراير عام 2000 وجه نظام الطالبان دعوة لمحطة سي ن ن CNN والجزيرة لفتح مكاتب في افغانستان. الأولى اعتذرت والجزيرة قبلت. القرار بالقبول كان خطوة جريئة اثبتت أنها بعيدة النظر لا سيما بعد حوادث 11 ايلول 2001 وغزو افغانستان. لا حاجة للقول ان السي ن ن لا تزال نادمة على القرار الجبان برفض الدعوة. ورأينا كيف كانت تقارير الجزيرة من أفغانستان تأتي بنقل حي ومباشر ومتواصل وأول بأول وتكتسح الاعلام العالمي بينما جلست مندوبة السي ن ن كريستان أمانبورالمبالغ في قدراتها في الباكستان تنتظر اخبار من مصادر ثانوية.


بن لادن يضع المحطة على مقياس ريختر الاعلامي
حوادث 11 ايلول 2001 أعطت الجزيرة فرصة اعلامية نادرة.

يوم الأحد 16 ايلول اي 5 أيام بعد اعمال 11 ايلول الارهابية ارسل بن لادن بيانا لمحطة الجزيرة وهذا البيان أحدث زلزالا على مقياس ريختر الاعلامي وأعطى المحطة دفشة كبيرة للأمام وجعل المحطة مركز اهتمام عالمي. تبع ذلك اشرطة من استوديوهات بن لادن في كهوف افغانستان. حتى ان صحيفة الديلي تلغراف البريطانية وصفت المحطة "بمحطة بن لادن".

في العاشر من اكتوبر تشرين اول 2001 أعلن البيت الابيض عن طلبه للمحطات التلفزيونية الأميركية الكبرى بالامتناع عن نشر اي صور تتعلق بالقاعدة لا سيما التي تصدر من الجزيرة.


ضغوط أميركية
كولن باول حاول الضغط على أمير قطر باستعمال نفوذه لقص اجنحة المحطة لتغيير سياستها ولكن المحاولات باءت بالفشل. واقترحت صحيفة "نيويورك ديلي نيوز" الأميركية ذات التوجه اليميني المتصهين ان يتم استعمال القوة العسكرية لاغلاق الجزيرة (صفحة 151).

مكتب الجزيرة في كابول وضع القناة في مرتبة المحطات العالمية المهنية. الحملات العدائية المستمرة الاميركية ضد الجزيرة اثبتت عدم صحة الشائعة ان المحطة هي عميلة لوكالة السي آي ايهCIA. وتم تدمير هذا المكتب بقصف جوي أميركي اثناء الحرب ضد الطالبان.

الجزيرة لا تحتاج لأموال من الخارج لكي تكون عميلة. ربما أن افراد قلائل لهم مصلحة هنا وهناك وأجندة معينة ولكن كمؤسسة من الظلم وصفها بعميلة لأي طرف.

الكذبة رقم 4
طرح الكتاب التساؤل التالي هل يمكن لفرد او مؤسسة ان يكون عميلا لصدام وبن لادن وشارون وبوش في آن واحد. وأضيف: وهل تستطيع الجزيرة أن تكون عميلة للأصولية الاسلامية والاصولية المسيحية والصهيونية العالمية والماسونية في آن واحد؟

مهمة مستحيلة ان تكون عميلا لعدة اطراف في آن واحد

وتعليقي هو انها حقا مهمة صعبة للغاية حتى لو تم تجنيد وتعبئة جيمس بوند ورامبو وعباقرة "السي آي ايه الأميركية" و"الكي جي بي الروسية" "والموساد الاسرائيلية" مجتمعين لا يستطيعوا القيام بهذه المهمة المتعددة الاطراف بنجاح.

اتهامات متناقضة:
الجزيرة تتعاطف مع المتمردين في العراق ومع الاميركان بنفس الوقت. الجزيرة اداة صهيونية وانها تربط النضال الفلسطيني بارهاب القاعدة. وفي الوقت ذاته تتعرض الجزيرة لانتقادات لاذعة من قبل اسرائيل وأميركا.

عقدت الجزيرة صفقات تعاون مع البي بي سي والسي ان ان وغيرها من المحطات لتزويد صور من مسارح العنف في البصرة وبغداد والموصل. اذا فعلا كانت المحطة سيئة فهل توقع هذه المؤسسات صفقات مع الجزيرة.
الجزيرة اول محطة في العالم العربي تعطي فرصة لاسرائيليين ان يتحدثوا بحرية تطبيقا لشعار "الرأي والرأي الآخر".

غزو العراق:
فشلت كل المحطات ووسائل الاعلام الاميركية بمساءلة المسؤولين الأميركيين في الشهور التي سبقت اندلاع الحرب. وأيدت غزو العراق وابتلعت مزاعم كولن باول ان العراق له علاقات مع القاعدة. وقبلت كذبة اسلحة الدمار الشامل بدون سؤال او استفسار.

لم تكن الولايات المتحدة سعيدة من تغطية الجزيرة للحرب وبدأت حملة من المضايقات والاعتداءات على طواقم الجزيرة العاملة في الميدان واستهدفت مصورين ومراسلين وقتلت عددا منهم ومن الذين سقطوا على أيدي القوات ألأميركية مراسل الجزيرة الأردني طارق ايوب.
ازدادت الشكوك في الجزيرة عندما استلمت المحطة رسائل من فصائل متمردة ومن صدام وارهابيين وقاطعوا الرؤوس. تفاصيل أكثر على (صفحة 298)

تعرضت الجزيرة لعقوبات ومطاردات أميركية بسبب تغطية الاخبار الميدانية وعلى سبيل المثال قتل الجيش الاميركي "راشد حامد والي" احد صحفيين الجزيرة في ايار 21 عام 2004 وتم تعذيب المصور "صلاح حسن" في سجن ابو غريب. (صفحة 326).

اتهامات كاذبة ضد العربية:
ومن جهة أخرى رحب كولن باول بمحطة العربية ووصفها بالعقلانية والتوازن ومثال أعلى في نقل الصورة بدون مبالغة وبمسؤولية ولكنه غيّر رأيه خلال اسابيع.
حيث وجه كولن باول ودونالد رامسفيلد اتهامات لا اساس لها ضد محطةالعربية مفادها أنها بثت صور لملثمين يهددوا بقتل اعضاء مجلس الحكم العراقي واتهم دونالد رامسفيلد العربية والجزيرة بالتواصل مع ارهابيين وأن لديهم قنوات اتصال للحصول على معلومات مسبوقة عن عمليات ارهابية ضد الاميركان. ولكن باول ورامسفيلد فشلا في تقديم اي ادلة وأي اثباتات لتأييد هذه المزاعم (صفحة 325).

تطرق المؤلف لحقيقة بديهية رغم ان البعض يحاول النفي:

"لا يوجد قناة عربية واحدة بما فيها الجزيرة تستطيع البقاء بدون دعم مالي وسياسي من حكومات او افراد اثرياء". واضيف لا يوجد محطة او وسيلة اعلام سواء كانت صحيفة او مجلة أو موقع اليكتروني بدون أهداف سياسية وتوجه معين وأجندة تخدم الجهة الممولة.

حقائق اخرى وردت في الكتاب دفاعا عن الجزيرة:

الجزيرة لم تؤيد العنف ضد الأميركيين (صفحة 365)

في عام 2000 تجاهلت وسائل الاعلام الدولية والاميركية تحديدا تقرير منظمة العفو الدولية الذي فضح وادان الانتهاكات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة ولكن الجزيرة اعطت التقرير اهتماما واسعا مما اغضب اسرائيل واصدقاء اسرائيل في واشنطن.

هل هناك أجندة خفية؟

وفي هذا الخصوص واثناء البحوث من اجل الكتاب سأل المؤلف الكاتبة والأديبة المصرية أهداف سويف عن الجزيرة وقالت في اجابتها "لقد طرحت السؤال ذاته على د جون ألترمان John Alterman مدير برنامج الشرق الأوسط التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في لندن وأجاب قائلا "نعم هناك أجندة، ولم لا؟" مضيفا ولكن هذا ليس بالضرورة سيئا."


مواقف من أنظمة عربية:
المتابع بدقة للقناة يلاحظ ويعرف ان هناك مواقف سياسية ضد أنظمة عربية معينة مثل السعودية والأردن ومصر والتي يمكن وصفها جماعيا بمعسكر الاعتدال. المعنيون في المحطة ينفوا ذلك. وللمحطة أيضا مواقف مؤيدة لما يسمى جبهة الرفض والممانعة والعداء لكل ما هو أميركي ومن يمكن وصفهم بحلفاء او اصدقاء لأميركا. المعنيون في المحطة ينفوا ذلك أيضا. ومن يتابع البرامج بانتظام يلاحظ أن اختيار الضيوف يعطي اشارة واضحة لتوجه المحطة وتعاطفها مع ما يسمى الاطراف المتزمتة الممانعة والقومجية والاخوانية ومن ذوي الشعارات الأحمد سعيدية. ولكن في النهاية المشاهد يصل الى الاستنتاج الذي يراه مناسبا.

الكتاب لم يبحث موضوع تواجد اجندة افراد معينين لهم مواقف قد تكون اسلامية اخوانية او قومجية بعثية صدامية او مناوئة لليبرالية وهؤلاء يتواجدوا في جميع المحطات ويتواجدوا بغزارة في محطة البي بي سي العربية The BBC Arabic Service في لندن.

ورغم كل هذه الشكوك يقول الكاتب ان المحطة تبقى نموذجا للمهنية والاحتراف وما عليك الا ان تقارنها ببعض المحطات الفضائية الهزيلة في الشرق الأوسط ولندن ومحطة الحرة الجديدة نسبيا لتقتنع ان الجزيرة هي في قمة الهرم من المهنية والاحتراف والأداء الرفيع المستوى. (صفحة 388).

الجزيرة الدولية االناطقة باللغة الانجليزية
يتطرق الكتاب لمشروع هذه المحطة حيث لم تكن في حيز الوجود عندما صدر الكتاب. وأشار المؤلف في هذا السياق للتنبؤات بفشل المحطة من قبل معلقين عرب وأميركيين. وعلى سبيل المثال قالت مولي ماكيو من مركز الدراسات الاميركي المعروف باسم معهد "اميركان انتربرايز" : "الجزيرة الدولية الناطقة باللغة الانجليزية ستسطع ثم تختفي مثل لهيب النار في المقلاية وستفشل". وأثبت الواقع ان هذا التنبؤ كان خاطئا.
وأكتفي بالاشارة الى تقرير حديث في شهر فبراير شباط هذا العام جاء في صحيفة الغارديان البريطانية تحت العنوان التالي: "قلق في السي ن ن CNN والبي بي سي BBC لخسارة مشاهدين للجزيرة الدولية التي تبث بالانجليزية."


نهاد اسماعيل

اعلامي عربي - لندن
nehad ismail - London

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف