أصداء

أمة أبطالها في الحفر.!!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تمر علينا هذا الأيام ذكرى سقوط الصنم في بغداد. وبغض النظر عن قرارات مجلس الأمن او النوايا الحقيقية لقوات التحالف في العراق. فان العراقيين على وجه الخصوص أختلفت وجهات نظرهم وتعريفهم لهذا الحدث التاريخي الكبير، فاأنقسموا بين التعريف " بالتحرير " او " الاحتلال " وكلآ له اسبابه الخاصة وايضآ دوافعه الخاصة التي اختلط وتقاطع فيها التاريخي مع الوطني والقومي مع الأنساني حتى وصلنا الى مفصل الخطورة الحقيقي حينما تحولت الامور الى المذهبي والطائفي والقومي داخل البلد الواحد. ولهذه التحولات ايضآ اسبابها الكبيرة بين فاقد لمركز وكرسي حكم تاريخي طويل وبين مذبوح تاريخي ايضآ طويل أمعنت السيوف والخناجر والحرمان بجراحه، وايضآ بين رافض لواقع نتائج صناديق الانتخابات وبين مصرآ على نتائج الصندوق التي تثبت الحقوق بشكل دستوري وقانوني. هذا هو بشكل مختصر سبب مأسي العراق اليومية في وقتنا الحالي بعيدآ عن مهاترات وأكاذيب مايسمى " المقاومة أو الارهاب او المليشيات " وغيرها من التسميات الاخرى والكثيرة. لان الذي يجري في العراق هو مسالة تثبيت الحجوم والحدود الجديدة لكل طائفة أو قومية، وبدلآ أن يتم ذلك بشكل دستوري وقانوني ويكتب بحبر القلم. يتم كتابته بدماء العراقيين المستباحة يوميآ وهي تصبغ أرصفة الشوارع ترافقها شعارات وضجيج وتصفيق في اقل وصف له " حيواني مفترس ودنيء ".

الغريب والشاذ في الموضوع هو رغم هذه الدماء البريئة ورغم الهزيمة النكراء التاريخية للامة العربية والاسلامية وحتى الانسانية في بغداد. فأن البعض في العراق وعلى مستوى الامة العربية مازال مصرآ على تمجيد بطل هذه الهزيمة الكبرى والمهزوم الاول بلا منافس صنم العر اق السابق صدام. هذا الشخص الذي ترك بغداد التاريخ وبغداد الأرث الانساني الهائل، وانهزم وجلس في حفرة هي الأقرب الى قرية العوجة التي جاء منها ليحكم هذا البلد التاريخي. ورغم اعترافه العلني في الجلسة 32 من محكمة الدجيل بانه كان يجلس في الحفرة عندما ألقي القبض عليه من قبل الامريكان دون أدنى مقاومة منه. كما فعلها سابقآ حينما ترك كل العراق و أنهزم من بغداد دون أن يطلق طلقة واحدة ضد القوات الامريكية. لكن مع ذلك يصر هذا البعض على تمجيد بطله المهزوم حد النخاع هذا. ويعتقد ان قصيدة شعر مدفوعة الثمن الى شخص في سوق النخاسة المخجل ممكن ان تغير من الواقع المعيب شيئآ، بل ان احدهم وهو يسمى غدرآ رجل دين ومن احدى الفضائيات العربية قال نصآ وهو يعدد أيجابيات الصنم " أنه كان رجل بطلا حيث قتل شيعة العراق بشيعة ايران واراح الامة من شرورالاثنين لثماني سنوت!! " لكنه لم يشر مثلا لماذا صدام لم يفعل بالامريكان مقابر جماعية كما فعل بالعراقيين!! واين يضع جرائم صدام بحق اكراد العراق. وايضآ جرائمه بحق بعض السنة العرب. وجريمته الكبرى بغزو الكويت!! هذا نموذج " قومجي " جاء بهزيمة تاريخة كبرى الى الامة ودخل حفرته، لكن جزء كبير من هذه الامة مازال يصر على قوميته وبطولاته ويتغنى بها!!

ويوجد نموذج اخر من أصحاب الحفر المخجلة والمظلمة هذه كانت ايضآ الامة تصفق لهم من " فطاحل - تورو بورو " في افغانستان الذين ورطوا الامة في مواجهة وهزيمة اخرى بعد ان أرتكبوا اعظم الجرائم، وسلموا افغانستان الى نفس القوات الامريكية والأجنبية ولاذوا هم بالحفر. يصدرون البيانات والهتافات و الكلمات والجمل العربية الحماسية " الرنانة " ومااكثرها في لغتنا وعالمنا العربي. وكانت المفارقة ان صنم العراق في احدى الفترات وقبل القاء القبض عليه، بدأ يزاحم هولاء بارسال خطبه الرنانة من حفرته. فكانت الامة تستمع الى الفضائيات وفي وقت واحد الى " أبطالها - القومجية والاسلامجية " وهم يتنافسون على ارسال خطبهم الجهادية الى الامة العربية والاسلامية وكان الجامع بين الاثنين الأجرام والهزيمة والحفرة التي يستوطنها هولاء النماذج القومجية والاسلامجية التي اختارتهم اكثر جماهير الامة كنماذج للبطولة والفداء دفاعآ عن العروبة والاسلام. لكن مع تغير بسيط حيث كانت نفس هذه الجماهير المغلوبة على أمرها تغني وتنشد سابقآ لابطالهم الوهمين وهم يرددون " حنا للسيف حنا للخيل!!" لكن هذه المرة ممكن سماع أنفاسهم وهي تنشد " حنا أبطال الحفر!! ".

كم هي عظيمة حاجة أمتنا الى طواقم كبيرة ومتعددة من علماء العلوم الأجتماعية والى اطباء نفسيين والى محللين نفسيين.

يمارسون عملهم من المراحل الابتدائية في المدارس وحتى المعامل والمصانع " اذا وجدت " وحتى اخر شبر من الارض يقف عليه الفلاح العربي وحتى ارصفة الشوارع التي يتسكع بها بعض الشباب العربي وغيرها من اماكن التواجد الانساني العربي.

ليشرحوا لهم في محاولة للبدء بحملة لتعريف معنى البطولة ومعنى الفروسية ومعنى النبل ومعنى الكرامة ومن هو البطل الحقيقي!! هل هو الذي يذبح الابرياء و يدمرالطائرات المدنية بركابها ويؤسس مئات المقابر الجماعية ويستخدم الكمياوي ضد المدنيين. وفي اول مواجهة يركض الى حفرته التي أعدت مسبقآ. أو أن البطل الحقيقي الذي يحترم الانسان أولآ ويكون رمزآ من رموز البناء والتعمير والتشيد ويؤسس اقتصاد قوي ومتين يجبر الاخرين على احترامه والتعامل معه كند وطرف يحسب له الف حساب. خاصة بعد ان ثبتت كل تجارب ابطال الكارتون العربي " القومجي والاسلامجي " خلال اكثر من ثمانية عقود أنهم ليس سوى رموز للهزيمة والذل والعار التاريخي. ورموز مقيته للدكتاتورية المزمنة. مع مفارقة بسيطة أنهم جميعهم ماركة " صنع أمريكي ".. من صدام وجماعته الذين اعترفوا انهم جاؤا بقطار امريكي والى راتب الصنم الشهري الذي كان يستلمه من السفارة الامريكية في القاهرة ايام لجوءه هناك وتحت نظر المخابرات الناصرية في وقتها. الى ابن لادن ومكتب المخابرات الامريكية في مدينة " بيشاور " الباكستانية ايام الاحتلال السوفيتي لافغانستان. فمتى تصحى هذه الامة على حالها واحوالها.

لأن أمة تتخذ ابطالها ورموزها من الحفر لايمكن ان تتقدم، أو تساوي الامم الاخرى.

محمد الوادي

al-wadi@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف