المؤتمرات بين العربة والحصان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يرى بعض النشطاء أن الإفراط في عقد المؤتمرات قللت من أهميتها وفاعليتها، وكما هو معروف فإن الأعمال بالنتائج، والأخطر في الإلحاح على المؤتمرات وتكرارها، أنها قد تترك إيحاء خاطئا بأن الهدف أصبح المؤتمرات في ذاتها وليست القضية .
ولعله أصبح معلوما للجميع أن القضية القبطية بالغة الأهمية والخطورة، لأنها قضية شعب يعاني منذ مئات السنين من ظلم وغبن القمع العربي، الذي أمتد وأستفحل في الخمسين عام الأخيرة منذ حكم العسكر .
وفي تقديري فإن الأقباط ليسوا مجرد أقلية نشأت في دولة ما، أو تكونت بين ليلة وضحاها مثلما حدث في بعض دول المنطقة، أو وجدوا بسبب تقسيم استعماري في القرون الوسطي، كما في معظم الأحوال في الدول العربية الأخرى بالمنطقة وحتى إسرائيل. وفي العصر الحديث أصبح الأقباط في حكم ألأقلية حسب تعريف منظمة الأمم المتحدة، وبسبب التصرفات العنصرية المباشرة تجاههم من الدولة بعد ثورة 23 يوليو والذي من أول أعمالها أنها أجهضت الدستور المصري كأول وسيلة للسيطرة الوهابية علي مصر، وتسببت في مشكلة زادها تعقيدا تلوث الضمير المصري الوطني بالتطرف الديني .
الفجوة بين الأقباط وبقية الشعب في مصر أصبحت فجوة ملحوظة جدا ولا تخفي علي أحد. فالأقباط يختلفون كليا وجزئياً عن الشعب العربي ويختلفون عن بقية الأقليات في الشرق الأوسط إن لم يكن عن أقليات العالم، فالأقباط شعب مصر الأصليين لا يدعم الدستور وجودهم او ثقافتهم أو عادتهم أو لغتهم الأصلية. الدستور المصري حكر على الإسلاميين بما أنهم الأغلبية ولأنهم لا يعرفون شيئا عن الديموقراطية وأسس المواطنة يتصور لهم أن قمع الأقلية لان هذا هو رأي الأغلبية . بل اضطهادهم في وطنهم بسبب عقيدتهم هو أمر طبيعي لان هذا ما يسمى رأي الأغلبية. فعلي الرغم من أن الأقباط مختلفون في كل شيء عن بقية الشعب المصري ألا أنهم سايروا وقبلوا التغيير الخارجي من لغة إلي عادات ظاهرية ولكنهم لم يتغيروا من داخلهم ولن يتغيروا. القبطي مسالم ومحب لموطنة وأرضة ويحافظ علي السلام الاجتماعي بتقديم تضحيات متواصلة ومن جيل إلي جيل. ولهذا الأقباط أقلية لا مثيل لها ولا تتشابه في أي شيء مع أي أقلية أخرى.
للتأكيد علي كلامي لا يوجد أقباط أغلبية حاكمه في أي مكان في العالم . ولكن معظم الأقليات الأخرى توجد منهم أغلبيات حاكمة لدول كثيرة وحكمهم حكم قمعي عنصري . أذن لا يمكن أن يتفق الأقباط كأقلية مع الأقلية الشيعية والسُنية.
لان هاتين الفئتين من الأقليات يوجد منهم اغلبيات ظالمة وبصورة بشعة في كل الدول العربية والإسلامية.
فهل يعني هذا أن الأقلية السنية في العراق والتي تذبح وتفجر الشيعة أو الشيعة الذين يذبحون السُنة هم بالفعل أقلية مماثلة للأقباط أضمهم معي في مؤتمر لحقوق الأقليات ؟، في تقديري لا اعتقد أنهم أقلية تتماثل مع الشعب القبطي بأي صورة من الصور.
تشتيت الهدف عن القضية القبطية وحشرها في مؤتمر للأقليات التي تتمتع بدعم دولي منظم يجعلني أتسال لماذا يضيع الأقباط مصادرهم المحدودة أمام دولة مصادرها غير محدودة ومعارضة سياسية داخل مصر مصادرها أيضا غير محدودة مدعومة بدول أجنبية. في حين أن من يطلق عليهم أقليات والتي جمعهم الأقباط في مدينة زيورخ الشهر الماضي أضاعوا فرصة أخري جديدة في التركيز علي القضية القبطية بل شتتوا مجهود أكبر منظمة قبطية تتبني الدفاع عن حقوق الأقباط.
الفكرة مبدعة ولكن التنفيذ سيء. كأننا أحضرنا بائع البطاطا ليبني لنا جسرا.
لم أسمع متى أقامت الأقلية السنية مؤتمر دعت الأقباط يشرحون فيه قضيتهم او أي من الأقليات التي دعيت إلي مؤتمر زيورخ ؟ البهائيين وعددهم لا يتجاوز واحد في العشرة الإلف من تعداد الأقباط في مصر كانوا ممثلين أمام الكونجرس الأمريكي تمثيل يفوق تمثيل الأقباط. البهائيين يتكلم عنهم العالم كفئة مضطهدة في كل مجال أكثر مما يتكلم الأعلام العالمي عن الأقباط ؟ ومن الواضح أنها أقلية قادرة مادية ؟ متي دعي البهائيين السياسيين الأقباط للمشاركة في مؤتمر يقدم مشكلة الأقباط؟
إننا لسنا مختلفين مع الأقباط متحدون زيورخ أو المهندس عدلي ابادير يوسف في الهدف أنما في الحقيقة إنني متفق معهم ومعه في الهدف ولا خلاف بيننا. ولكن أجد نفسي غير متفق معهم في تنفيذ مؤتمر الأقليات أو منظمة الأقليات ومع من يقود هذه الوسيلة. مع احترامي لهم فالقضية القبطية قضيتنا كأقباط لن ولم يدافع عنها غير الأقباط لأننا نحب مصر وقبطيتنا هي عقيدتنا ومصر وقبطيتنا واحد.
أنا لا اتفق مع أي عمل يذيب التركيز عن القضية القبطية. فليس بمنطق أن نذيب قضية الأقباط في قضية الشرق الأوسط التي لا حل لها لا في القريب ولا في المستقبل البعيد او مع أي مشكلة أخري مع أي أقلية في أي مكان في العالم.
نحن نشترك فقط مع مسيحي الشرق الأوسط في نفس المصير. بعض من يطلق عليهم أقليات يكنون نفس شعور العداء ضد مسيحي الشرق الأوسط .. ولا يفوتني أن أؤكد أن البعض منهم يعاني بسبب دموية عقائدهم.
الأقباط شعب قتل ويقتل ويدهس بالأقدام منذ 1400 عام . من مثل الأقباط كأقلية مسالمة لم ترفع السلاح ولو مرة واحدة في وجه أشقائهم في الوطن . عقيدتهم تقول أنه بالحب نذيب الشر ونتغلب عليه مهما طالت الأيام .
ولكن سامحوني أسفا مؤتمرات تتكلم عن غير مشكلة الأقباط ومع أقباط مضيعة للوقت ومضيعة للقضية. هذا رأي الشخصي واعتقد أن هناك العديد يشاركوني هذا الرأي.
أنا لا أتخيل أن أري مؤتمر منظم بمجهود الأقباط لا يستطيع رئيس الأقباط متحدون أن يتكلم فيه بحرية عن قضية الأقباط. مرحبا بالأقليات لتشاركنا ولكن لا وألف لا كي يأخذوا الأضواء بعيدا عن قضيتنا. أنا قبطي وقضيتي هي قضية مصر ومع مصريين وسأحلها معهم مهما طالت الأيام لان سلاحي في حل قضيتي هو العطاء والحب والكلمة معا متوجين بالصلاة والصوم من أجل مصر وشعب مصر وسلامة مصر. مشكلتي سأحلها مع مصريين في مصر سواء رضي النظام أم لم يرض، ويمهل ولا يهمل.
شريف منصور
* ناشط مصري يقيم في كندا