عن مؤتمر زيورخ للاقليات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
قضية الدفاع عن حقوق الإنسان و الاقليات و التي أؤمن بعدالتها وأعمل جاهدا ً في إيصال صوت معاناتها وخصوصا ً في منطقتنا الملتهبة بصراعاتها والجائرة بقوانينها ودساتيرها، تبلور ت اكثر ونضجت خصوصا ً بعد مشاركتي الأخيرة بمؤتمر زيورخ الذي دعت إليه مشكورة منظمة مناضلة جريئة المسمات ( أقباط متحدون ) وبرعاية المهندس الأستاذ عدلي ابادير، للفترة من 24 ـ 29 من مارت / أذار الماضي.
لقد احتضنت منظمة ( أقباط متحدون ) شخصيات فكر وسياسة وباحثين وعدد من ممثلي أقليات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمؤتمر تأسيسي يعد الأول من نوعه في منطقة البحر المتوسط وشمال أفريقيا لتوحيد جهود هذه الأقليات من أجل وقف استلاب حقوقها والدفاع متحدين يداً بيد من أجل المساواة والعدالة والحرية في الحقوق وتكافؤ الفرص وبالنضال من اجل إجبار حكومات المنطقة بتثبيت ذلك في دساتيرها ومناهجها التعليمية والإعلامية وإلزامها باحترام مواثيق ومعاهدات حقوق الإنسان الدولية وحقوق الأقليات والمرأة التي أقرها المجتمع الدولي.
لقد كان دور اللجنة التحضيرية واللجنة الأستشارية للمؤتمر دورا ً فعالاً وكبيراً في توجيه الدعوات ومتابعة المدعوين رغم قلة الفترة وأتساع المنطقة وكثرة عدد الأقليات وتنوعها التي تزخر بها منطقتنا. تألفت اللجنة الاستشارية من السادة الأفاضل ( برئاسة الأستاذ المهندس عدلي أبادير يوسف، و الدكتور شاكر النابلسي والأستاذ مجدي خليل والدكتور أحمد أبو مطر والأستاذ مدحت قلادة والمهندس عزت بولس ).
أنها مبادرة جريئة وكبيرة من أجل لملمة صفوف الأقليات ورص جهودها من أجل العمل الجماعي المستقبلي وسماع الشهادات من أهل القضية وفضح الانتهاكات والمظالم المستمرة التي تنالها ومن أجل نشر أهدافها ومطاليبها وخططها ولفت أنظار العالم أجمع لحجم المعاناة والاضطهاد والتهميش الذي يلفها..... فألف شكر لمنظمة ( أقباط متحدون ) ولراعي المؤتمر الأستاذ عدلي
أبادير ولجنته التحضيرية وسيسجل لهم تاريخ نضال الأقليات هذه المبادرة بحروف من ذهب بصفحاته المناضلة وألف شكر لكل المناضلين الأبطال من مختلف القوميات والأديان من الأغلبية والأقلية الذين أدلوا بدلوهم وببحوثهم ومداخلاتهم القيمة ذات الأهداف الإنسانية المناهضة للاضطهاد والتهميش والإقصاء والتمييز و المساندة لحقوق الإنسان وكرامته والمدافعة عن حقوق المرأة والأقليات.
لقد كان لحضور أساتذة أجلاّء ورجال فكر مشهود لهم بالعطاء الثر أثراُ في إغناء مداخلات المؤتمر و إعطائه الزخم والدعم الذي يستحق فهؤلاءِ الرجال الكبار لهم باع طويل في النضال الجماهيري مما زاد في نجاح المؤتمر والذي أتمنى أن تلحقه مؤتمرات مماثلة من أجل أن تنال الاقليات الدينية والعرقية ما تستحق مما يعزز مكانتها بين شعوب المنطقة.
لقد كانت لمشاركة هذه الصفوة المناضلة من الأساتذة الباحثين والصحفيين والإعلاميين والكتاب والساسة و النشطاء في منظمات حقوق الإنسان ببحوثهم ودراساتهم وما طرح و دار من نقاشات حامية وجادة الأثر الكبير في بلورة وإيضاح الصورة المأساوية والقاتمة التي تعيشها إلى يومنا هذا المرأة والأقليات في هذه المجتمعات والتي تسمي نفسها بالمجتمعات الديمقراطية.. لقد أصغيت بكل انتباه للطروحات والمناقشات القيمة التي دارت في أيام المؤتمر واستمعت بحزن وألم إلى مآسي وانتهاكات لا تقل بؤس وظلم وجور عن مأساة أقليات العراق ومعاناتها، وشاركت في لقاءات جانبية كثيرة لتعريف العديد من المؤتمرين بحجم مأساة الصابئة المندائيين وتأريخهم ومعتقدهم.
لقد كانت رئاسة المؤتمر من قبل الأستاذ المفكر الدكتور شاكر النابلسي وهو أردني الجنسية مقيم في أمريكا، والذي قرأ مداخلة الأستاذ المفكر العفيف الأخضر نيابة عنه لعدم حضوره المؤتمر وكذلك قدم مداخلة قيمة خاصة به وقد شارك بفعالية كبيرة في الحوارات والنقاشات خلال أيام المؤتمر.
للمرأة في المؤتمر كانت مساهمات متعددة فعالة وحضور كبير واضح إذ قدمت العديد من البحوث والدراسات والمشاركات المتنوعة من قبل المشاركات في المؤتمر ومنهن الدكتورة وفاء سلطان وأمال قرامي وماري تيريز كرياكي وكاثرين بورتر ونادية عيلبوني ونادية غالي وإلهام مانع وصحفية من جريدة الأهالي وغيرهن من السيدات.
لقد شرفني أن أتلقى دعوتهم الكريمة وأسعدني أن اقف في ذلك المنبر وأقدم مداخلتي على مدى 15 دقيقة المخصصة لكل متحدث وفيها شيء عن معاناة الاقليات في مجتمعنا وعن مأساة شعبي ووطني العراق العزيز وهو يئن مثخن في جراحاته النازفة.... ومعاناة الصابئة المندائيين المسالمين ذوي التاريخ الضارب بعراقته وارثه الثر الغزير وكذلك عن قسوة الأزمة التي تمر بنا ونحن لم نزل دون رعاية واهتمام جدي من منظمات المجتمع الدولي ذات العلاقة.
وكانت سعادتي أكثر كون بحثي المقدم و الموسوم {{ الصابئة المندائيون.. مصير مجهول يلفه الضياع والتشرد والتشرذم والاندثار }} * اعتبر أحد وثائق المؤتمر، أنها شهادة ندونها بأمانة للتأريخ والأجيال القادمة عن ثقل المعاناة والحيف والظلم والمآسي التي لحقت بنا.
لقد صرح لي العديد من السادة المؤتمرين خلال لقاءاتي الجانبية بهم، بعدم معرفتهم أو سماعهم بالصابئة المندائيين في بلدانهم ولم يتطرق لهم دارسون أو باحثون أو محطات إعلامية أو مناهج دراسية في بلدانهم ولم يفاجئني ما سمعت نعم لم يفاجئني ما سمعت، نحن نتوقع هذا ؛ فمناهجنا الدراسية والإعلامية أيضا ً لم تسلط الضوء بالتعريف بتأريخ العديد من أقليات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لأن ذلك هو أول علامات الإقصاء والتهميش واستلاب الحقوق
مثلا ً عن أقليات العراق وطوائفه الدينية و أقباط مصر والنوبيين أو الأمازيغيين في شمال أفريقيا، الصحراويين، و مسيحيي السودان، و مسيحيي شمال أفريقيا، قبائل الدار فور، معاناة المسيحيين في فلسطين أكراد سوريا وأقلياتها الدينة والقومية الأخرى، مآسي أقليات شعب لبنان، الشيعة في دول الخليج والسعودية واليمن، السنة في إيران والعديد من الأقليات الدينية والقومية التي تنتشر في هذه الرقعة الجغرافية الكبيرة والتي تعاني مأساة مزدوجة مأساة سياسة الحكومات التي تحكمها وسياسة الاضطهاد والتهميش والإقصاء التي تعانيها الأقلية من جانب حكم ( الأغلبية ) لها. لقد كانت ثلاثة أيام حافلة بالنشاطات والطروحاتالمتعلقة بالمواضيع التي عقد من أجلها المؤتمر.
لقد غادرت قاعة المؤتمر مضطرا ً قبل انتهاء الجلسة الأخيرة للمؤتمر أنا وبعض أخوتي المؤتمرين بسبب قرب موعد طائرة ( عودتي ) وكذلك فعل بعض زملائي لنفس السبب، لذا أوكلت أحد زملائي في التوقيع على البيان الختامي نيابة عني، عدت بعد انتهاء المؤتمر بحصيلة كبيرة وجديدة من الأفاق والمعلومات الجديدة ولم أزل أتابع بشغف كبير كل الكتابات والتعليقات والتعقيبات التي تصدر بخصوص مؤتمر زيورخ.... وقد نويت أكتب عن العديد من المواضيع التي تخص حقوق الأقليات ومؤتمر زيورخ كلما سنحت لي الفرصة بذلك.
يحيى غازي الأميري
أحد أبناء الصابئة المندائيين من بلاد الرافدين
نيسان 2007